IMLebanon

أسبوع حبس الأنفاس..!

إنه أسبوع «حبس الأنفاس» بامتياز، وعلى مختلف الأصعدة: الأمنية والمالية والسياسية!

لا نبالغ إذا قلنا أن البلد يواجه هذا الأسبوع، عدّة تحدّيات، دقيقة ومعقدة، وتمثل كل واحدة منها «قطوعاً» محفوفاً بالمخاطر، نظراً لهشاشة الوضع الداخلي، الذي لم يُفلح العهد الحالي بتصليبه بعد، من جهة، وقياساً على حجم الأحداث والتطورات المرتقبة، بدءاً من معركة الجرود بين القلمون وعرسال، ومروراً بالنقاشات الدائرة حول سلسلة الرتب والرواتب، وصولاً إلى الزيارة المرتقبة للرئيس سعد الحريري إلى واشنطن، ومحادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكبار المسؤولين في واشنطن، وما يمكن أن ينتج عنها من تداعيات ومضاعفات، من جهة أخرى!

ليس خافياً حالة القلق المتزايدة التي تسود الأوساط الرسمية والسياسية والشعبية، مع اقتراب ساعة الصفر المحددة من قبل حزب الله وحلفائه، لإطلاق معركة الجرود ضد بقايا مسلحي «داعش» و«النصرة»، الذين تقطعت بهم السبل، بعد انهيار القيادة الداعشية في الموصل، ومقتل أبو بكر البغدادي وكبار معاونيه، فضلاً عن حالة التقهقر التي تعاني منها «النصرة» في الأشهر الأخيرة.

من الناحية العسكرية، قد تكون الفرصة المتاحة حالياً هي الأنسب للانقضاض على قواعد التنظيمين الإرهابيين، ولكن قلق الأوساط اللبنانية المعنية يعود بالدرجة الأولى إلى احتمالات تمدد نيران المواجهة نحو عرسال واستغلال الحساسيات الحزبية والمذهبية المحيطة بهذه البلدة، التي تحملت الكثير من أعباء النزوح السوري ومشاكله، وإقدام جهات متهوّرة، على نقل المعركة إلى الداخل العرسالي والمخاطرة بتفجير فتنة سنية – شيعية لا تُبقي ولا تذر!

لا شك أن وجود الجيش اللبناني على تخوم عرسال، وفي داخلها يُشكّل عنصر أمان واطمئنان للعرساليين، بل ولكل اللبنانيين، خاصة، وأن البلد غير قادر على تحمّل زلزال فتنوي جديد يطيح بكل أسباب الأمن الحالي، وما أنتجه من توافقات سياسية جمعت خصوم الأمس على طاولة العهد الجديد!

* * *

أما قضية السلسلة، والتي تحوّلت إلى مسلسل سياسي مُملّ، فما زالت مقارباتها التي يطغى عليها طابع المزايدات والتنافسات بين الأطراف السياسية، وبشكل يثير هلع الخبراء الماليين، بل وكل اللبنانيين، من أن تتحوّل الزيادات المتوقعة على الرواتب من نعمة على الموظفين والمعلمين والمتقاعدين، إلى نقمة على كل اللبنانيين، في حال تمّ التمويل من ضرائب جديدة، وإطلاق العنان لموجة أخرى من التضخم، عوض وقف الهدر والسرقات والصفقات، القادرة على تمويل عدّة سلاسل، وليس سلسلة عرجاء واحدة!

* * *

في ظل هذه الظروف بالغة الحساسية، تأتي زيارة الرئيس الحريري إلى واشنطن نهاية الأسبوع الحالي، وسط تطورات المواجهة في القلمون، والتي قد ترمي بظلالها على الزيارة الحريرية، خاصة في حال انتقال نيران المعركة الى عرسال.

لا جدال بأن الموقف اللبناني سيكون أقوى في المحادثات مع الجانب الأميركي، فيما لو حسمت معركة القلمون بسرعة، أو على الأقل بقيت في جرود الأراضي السورية، ولم تنتقل إلى الداخل اللبناني، حاملة معها شرارة الفتنة المذهبية المدمرة.

وقد يكون الوضع أكثر إحراجاً للجانب اللبناني، عند طرح ملف المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، في وقت يخوض فيه حزب الله معركة الجرود بالتنسيق مع قيادة الجيش.

كيف سيتعامل الجانب الأميركي مع هذه المفارقة، وهل سيتمكن الوفد اللبناني من الحصول على النتائج المتوخاة عند طرح موضوع العقوبات الأميركية المتوقعة على الحزب؟

* * *

أسبوع حبس الأنفاس يتطلّب الكثير من الصبر ورباطة الجأش والحكمة، لعل الله يستجيب دعوات المؤمنين، بتمرير هذه الأيام الصعبة بالتي هي أحسن، وبأقل قدر ممكن من التداعيات والمصائب!