IMLebanon

لبنان: تكثيف الاتصالات لاحتواء أزمة الحكومة.. وجلسة اليوم مفصلية

لبنان: تكثيف الاتصالات لاحتواء أزمة الحكومة.. وجلسة اليوم مفصلية

التحركات تنتقل إلى الشمال تحت شعار «عكّار ليست مزبلة»

تتكثّف الاتصالات السياسية في لبنان لإيجاد مخرج لتعطيل عمل مجلس الوزراء نتيجة الخلاف على الصلاحيات بين رئيس الحكومة وفريق 8 آذار، فيما تتصاعد الحركات الاحتجاجية في وجه الحكومة التي انطلقت على خلفية «أزمة النفايات» وبدأت تتوسع دائرتها مناطقيا، وأعلن يوم أمس عن اعتقال القوى الأمنية عددا من المتظاهرين خلال مظاهرة أول من أمس إثر مواجهات بين الطرفين.

ووصفت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام الوضع بـ«أنّه لا يدعو إلى التفاؤل أبدا في ظل كل ما يحدث في لبنان سياسيا وأمنيا» مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «سلام لا يزال عند موقفه الذي أعلنه الأحد الماضي لجهة تقديم استقالته إذا لم تكن جلسة اليوم منتجة». وأشارت المصادر إلى اتصالات يقوم بها وزير العمل علي حسن خليل، بطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري قد تؤدي إلى تهدئة الأمور في ما يتعلّق بجلسة الحكومة اليوم، لافتة إلى أن إرجاء رئيس «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون مؤتمره الصحافي الذي كان محددا أمس للإعلان عن تحركات شعبية، يوحي بأن هناك مؤشرات إيجابية»، وأوضحت أنّه من بين الأفكار المطروحة، إعادة عرض المراسيم التي وقعت بالأكثرية في الحكومة على مجلس الوزراء (قوى 8 آذار) للتوقيع عليها.

وأعلن بري في لقاء الأربعاء النيابي أنه يقوم بمبادرة لمعالجة أزمة المراسيم الـ70 وأنه اتصل بسلام لهذه الغاية. وكان وزراء فريق 8 آذار قد انسحبوا من جلسة أول من أمس معترضين على ما وصفوه بـ«عدم المشاركة في القرار» وتجاوزهم في توقيع المراسيم باعتماد صيغة الأكثرية بدل الإجماع، رغم الاتفاق المسبق على آلية عمل تتطلب توقيع كل الوزراء.

وفي هذا الإطار، قال عضو «التغيير والإصلاح» الوزير السابق سليم جريصاتي لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «جلسة الغد (اليوم) مفصلية وندعو رئيس الحكومة إلى العودة من جديد للميثاق والدستور والنهج الذي أرساه بنفسه؛ لذلك، موقف (التكتل) والحليف (المقاوم) سيظهر بقوّة خلال الجلسة، وسيتأسس على نتائج هذه الجلسة موقف (التكتل) والعمود الفقري فيه أي (التيار الوطني الحر)». ولفت إلى أن «حضورنا الجلسة قرار مبدئي، يمكن أن تطويه الساعات المقبلة إذا تبدّى لنا أن المطلوب من الفريق الانقلابي الصدام بهدف الانفصام». وأوضح أنه «إذا لم يتم تصحيح الخلل، فقرار العودة إلى الشارع متاح وممكن وملحّ»، معتبرا أنه «لا يمكن لحملة (طلعت ريحتكم) أن تربح المعركة، إن لم تتبنَّها تيارات سياسية لا غبار على مسيرتها النضالية، علما أن شعاراتنا واحدة». إلا أنه لفت إلى أنع «لا ضرورة لاقتران مكاني وزماني بين تحركنا العتيد وتحرك الحملة السبت المقبل».

من جهته، اعتبر وزير الصناعة حسين الحاج حسن، أنه «بعد انتظار عشرين عاما تلغى المناقصات في لبنان لأن رائحة المحاصصة والفساد تفوح ليس من المناقصات فقط، بل من كل هذا الملف ومعظم الملفات في هذا البلد»، في إشارة إلى «مناقصات النفايات» التي كان قد أعلن عنها وزير البيئة وعاد مجلس الوزراء وألغاها.

وخلال احتفال في النبطية، قال الحاج حسن: «نتحدث منذ أسابيع عن الشراكة وتفعيل الحكومة من خلال تلبية مطالب التيار (الوطني الحر) الذي نحن متضامنون ومتحالفون وشركاء معه إلى النهاية»، مضيفا: «لذلك واحتجاجا على عدم التزام الحكومة بمقتضيات الشراكة وعدم التزام زملائنا بما ينبغي الالتزام به من مقتضيات دستورية وميثاقية وسياسية، انسحبنا من هذه الجلسة وسجلنا موقفا اعتراضيا على هذا المنحى الإقصائي والإلغائي».

وأمل الحاج حسن أن «يكون الجميع قد استوعب أبعاد خطوتنا في الانسحاب الذي قمنا به في الجلسة، آملين أن يبادر المخلصون والمعنيون بالاستقرار الداخلي في البلد إلى معالجة هذه الخطوات والدعسات الناقصة والخاطئة والظالمة بحق مكونات أساسية في البلد وفي طلعتها التيار الوطني الحر».

ويوم أمس، أكدت حملة «بدنا نحاسب»، إحدى المجموعات المشاركة في «حراك طلعت ريحتكم»، الاستمرار في المظاهرات من أجل تحقيق مطالبها، معلنة أن هناك نحو 90 شخصا تم اعتقالهم أول من أمس لم يفرج عن معظمهم لغاية الآن.

ودعا المتحدث باسم الحملة، أيمن مروة، وهو أحد الشباب الذين تعرضوا للاعتقال وقال إنه تعرض للضرب في مظاهرات أول من أمس، للإفراج عن المعتقلين، مؤكدا أنهم سيرفعون دعوى قضائية على كل من اعتدى عليهم من قوى الأمن الداخلي، مشيرًا إلى «توثيق الكاميرات لكل الّذين اعتدوا»، وقال: «النظام وضعنا أمام معادلتين، إما المطالب والحقوق، أو الاستقرار والأمن»، مؤكدًا أنّ «معركتنا ليست مع قوى الأمن بل مع هذا النظام»، ومشددًا على أنّ «هذا النظام أثبت أنه يخشى أي حراك شعبي، سلمي أو تصعيدي».

وأعلنت الحملة أنّ «هناك 18 موقوفًا لا يزالون في المخافر، بالإضافة إلى خمسة مفقودين تبيّن لاحقًا أنهم لدى الاستخبارات». وحمّلت حملة «بدنا نحاسب» خلال وقفتها الاحتجاجية أمام «ثكنة الحلو»، «القضاء اللبناني مسؤولية استمرار توقيف بعض المتظاهرين»، لافتة إلى أن «هناك معاملات قضائية يجب أن تنفذ قبل التوقيف»، ومطالبة بتسمية الموقوفين كافة.

وبشأن توقيف هؤلاء الشباب، أوضح النائب العام التمييزي في لبنان القاضي سمير حمود لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «التحقيقات الأولية مستمرة مع عدد من الأشخاص الذين لا يزالون محتجزين على ذمة التحقيق في قضية إثارة الشغب ومهاجمة رجال الأمن». وأكد «أنّ التحقيقات تحتاج لبعض الوقت إلى حين جلاء كل الملابسات والاطلاع على أشرطة الفيديو التي التقطت حالات الشغب، بغية تحديد المسؤوليات واتخاذ المقتضى القانوني بحق المتورطين وإطلاق سراح من ليس لهم علاقة بها».

وكشفت «المركزية» نقلا عن مصادر أمنية مطلعة، أن القوى الأمنية عطلت يوم الأحد الماضي انتقال مجموعة من الفلسطينيين الذين كانوا يستعدون للانتقال من شمال لبنان باتجاه وسط بيروت للمشاركة في الاعتصام المقرر في المنطقة على خلفية التشويش على الدعوة التي أطلقت من أجل اعتصام سلمي.

ويوم أمس، قال بري: «من حق الناس في ظل الأوضاع التي نحن فيها وواقع عمل المؤسسات الدستورية أن ترفع صوتها للتظاهر»، مؤكدا أن «حرية التظاهر والتعبير حق يكفله الدستور». ورفض الاتهامات لعناصر من حركة «أمل» التي يرأسها بشأن ما حصل من أعمال شغب رافقت المظاهرات، مضيفا «أن الوقائع والمجريات أثبتت أن هذه الاتهامات والادعاءات هي تزوير للحقيقة، ففي اليوم الأول اتهمونا بإطلاق النار على المتظاهرين، وفي اليوم الثاني على رجال الأمن، كل ذلك دون أن يتورعوا عن الإعلان واتهام حركة أمل، وذلك في إطار المخطط الذي يستهدف الحركة».

يذكر أنّ التحركات الشعبية المستمرة منذ الأسبوع الماضي، لم تقتصر على ساحة رياض الصلح في محيط مقر الحكومة بوسط بيروت، بل انتقلت إلى الشمال وتحديدا عكار، حيث هناك توجه لنقل النفايات إليها، وهو الأمر الذي لم يقبل به أهل المنطقة ودعوا بدورهم إلى تحركات حملت عنوان «عكّار ليست مزبلة». وكانت الحكومة قد اتخذت أول من أمس قرارا بإلغاء مناقصات النفايات التي وصفت بـ«الصفقة» لارتفاع أسعارها وكرّست المحاصصة الطائفية والسياسية، إضافة إلى منح عكار مبلغ 100 مليون ليرة لبنانية لإنشاء مشاريع إنمائية، على أن تنقل النفايات إليها، وهو ما أشار إليه سلام في الجلسة، قائلا: «إذا اتخذنا قرارا بتقديم هذا الدعم الضروري وباشرنا فورا اعتماد المشاريع التنموية، نستطيع في ظل ذلك أن نتواصل مع أهل عكار لمساعدتنا على إيجاد حل سريع لموضوع النفايات».