IMLebanon

عبدالله الثاني يستحضر اسلوب والده الحسين

ليس أمراً عادياً أن يقوم الملك عبد الله الثاني بزيارتيْن إلى واشنطن للتحادث مع الرئيس دونالد ترامب خلال شهر واحد وتفصل الثانية عن الأُولى ثلاثة أسابيع. فقد زار الملك عبدالله واشنطن وإلتقى الرئيس ترامب يوم الخميس 2 شباط 2017. ثم هاهو الملك سيلتقي الرئيس الأميركي نهاية الشهر نفسه.

قد يجوز الإفتراض أن زيارة الملك الأُولى كانت إستطلاعية وأنها لتهنئة الرئيس الأميركي والتعرف على الذين إختارهم للمناصب الأساسية مثل الدفاع والأمن القومي والمخابرات والخارجية وسائر عليِّة العهد من المستشارين. وإرتأى إسباغ لفتة نوعية بمعنى أن تتم التهنئة شخصياً وليس من خلال وسائل الإتصال وأن تكون الأُولى بهذه النوعية يتلقاها الرئيس ترامب الذي بدوره رأى ما يفيد من إنطباعات زائره عن لقائه الذي جرى بينه وبين الرئيس فلاديمير بوتين في موسكو يوم الأربعاء 25 كانون الثاني 2017.

بيت القصيد في الزيارة الثانية يتصل مباشرة بما إنتهت إليه المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع الرئيس ترامب، وتنوعت في مضامينها الإستنتاجات. وحيث أن الملك عبدالله الثاني سيستضيف القمة العربية الدورية يوم 28 آذار المقبل ويترأس بطبيعة الحال الدورة التي لن تكون مثل السابقة التي إستَضافتْها نواكشوط وكانت نسبة المشاركين من القادة هي الأقل في تاريخ القمم العربية، فإن هذه فرصة له لكي تندرج القمة التي سيترأسها في قائمة القمم العربية النوعية. ونقول ذلك على أساس أن هنالك ضرورة لإتخاذ موقف عربي موحَّد إزاء الموقف الأميركي المتأرجح بين إسترضاء إسرائيل وإرجاء الإصغاء إلى المطالب العربية. ومِن هنا فإن الملك عبدالله سينقل إلى الرئيس ترمب مشاعرالرأي العام العربي من الموضوع المقلق الذي يتصل بتوجيه إدارة ترامب نقْل السفارة الأميركية إلى القدس وما إستجد من رؤية ضبابية نشأت بعد لقاء ترامب برئيس وزراء إسرائيل نتنياهو. فهو حتى الآن سمع من معظم القادة العرب كلاماً يتضمن التنبيه والنصح والتحذير لكنه لم يسمع الكلام الذي تجيش به الصدور بمَن في ذلك صدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي هو في نظر أبناء الأمة من الأكثر إنسجاماً مع إدارة الرئيس ترامب. وبصرف النظر عن الدواعي التي في طليعتها تلميحات هذه الإدارة بأنها ستتخذ من الإجراءات في حق قيادات إخوانية ما من شأنه دعْم موقف الرئيس السيسي من حركة « الإخوان المسلمين»، فإن جوهر المشاعر المصرية والعربية عموماً إزاء مسألة إحتمال نقْل السفارة لخصها الرئيس السيسي قبل أسبوعين من لقاء ترامب- نتنياهو بعبارة «لا نريد أن يزداد ملف السلام في الشرق الأوسط تعقيداً. وفي ما يتعلق بمحاولة نقْل السفارة هناك كلام يمكن أن نقوله وكلام لا نستطيع قوله».وما لا يستطيع الرئيس السيسي قوله على الملأ سيقوله الملك عبدالله الثاني للرئيس ترامب وجهاً لوجه عسى ولعل ليس فقط يُبقي مقر السفارة حيث هو في تل أبيب، وإنما لا يذهب الرئيس ترامب بعيداً في ما إنتهت إليه محادثات نتنياهو وما قيل أيضاً حول رؤية أميركية ملتبسة لموضوع التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية.

ومرة أُخرى نقول: زيارتان في شهر واحد للملك عبدالله الثاني إلى واشنطن للتحادت مع الرئيس ترامب!

هذا التحرك يجعلنا نستحضر أسلوب والده الحسين رحمة الله عليه في التعامل مع الأزمات المستديمة أو الطارئة.

… وللحديث بقية.