IMLebanon

«إنجازات» المئة يوم تهتزّ بقوة

هل بدأت الرياح المعاكسة تهب على لبنان، وما كسبناه في الجولة الاولى في مطلع العهد (أول مئة يوم)، قد نخسره في الجولة الثانية، قبل «صياح الديك»؟ ام انها معمودية النار، التي لا بد من اجتيازها في الطريق الى ضفة الأمان؟

منذ عودة الحرارة الى العلاقات اللبنانية الخليجية، تحولت الهيئات الاقتصادية ومجالس الاعمال والجمعيات التي ترتبط بعلاقات عمل مع دول الخليج، الى خلية نحل، تعمل كلها على خط استكمال ما بدأته السلطة السياسية. زيارات، مواقف، اتصالات معلنة وغير معلنة، تخطيط ومشاريع تصبّ كلها في خانة تجيير التطوّر الايجابي في العلاقات، لترجمته في الاقتصاد.

هذه الترجمة تشمل فيما تشمل، استرجاع السياح الخليجيين، توسيع اعمال المستثمرين اللبنانيين وشراكاتهم مع مستثمرين خليجيين، بدء جس نبض المستثمرين الخليجيين للعودة الى الاستثمار في لبنان، تكثيف الاتصالات لادخال تسهيلات اضافية امام تصدير المنتجات اللبنانية الى الاسواق الخليجية التي تحتل المرتبة الاولى في الاستيراد من لبنان…

هذا المناخ الايجابي الذي كان يحتاج الى عمل حثيث للافادة منه الى أقصى الحدود، كان يتماهى مع اجواء سياسية مستجدة، جعلت البعض يعتقد بوجود قناعة اقليمية بضرورة تحييد لبنان، وجعله أرضا للتلاقي في اطار تنظيم الخلافات والصراعات المحتدمة، والتي يتخذ بعضها شكل الحروب المباشرة، كما هي الحال في اليمن.

كذلك، كان يُفترض ان تعكس مواقف الاطراف في الداخل هذه القناعة، لوضع حد لمخاوف أمنية سبق أن استفحلت في السابق، وأدّت الى اتخاذ قرارات بحظر سفر رعايا بعض الدول الخليجية الى لبنان.

هذه المخاوف لا تبددها اجراءات أمنية، بقدر ما تحتاج الى قرارات سياسية بدا لوهلة أنها مُتخذة. وهذا ما يفسّر الاندفاعة السعودية في اتجاه القيام بخطوات من شأنها اعطاء اشارة الى السعوديين والخليجيين مفادها ان أرض لبنان لم تعد منطقة خطر بالنسبة اليهم.

في موازاة ذلك، بدا ان ملف الخطر الاسرائيلي على الحدود تراجع الى مستويات مقبولة، سواء لأن الاطراف المعنية تنفذ القرارات الدولية والاوضاع هادئة تماما على الحدود، او لأن توازن الرعب قائم، أو لأن اسرائيل «راضية» عن اندلاع حروب اقليمية تستنزف كل الأطراف، وتجعل الحرب معها خارج لائحة اولويات أي طرف معادٍ لها.

هذا المشهد العام على المستوى السياسي والأمني في الداخل وعلى الحدود، شكّل الحافز الرئيسي للتفاؤل الاقتصادي، ودفع أصحاب القرار في مجال المال والاعمال الى البدء في التخطيط لمرحلة استعادة الانفاس، وبدء مسيرة تعويض الخسائر والأضرار التي تراكمت طوال السنوات الخمس الأخيرة.

اليوم، وبعد التطورات الأخيرة، سواء على مستوى كسر حاجز التهدئة الاقليمية على ارض لبنان، او لجهة كسر الحاجز النفسي للاستقرار الطويل على الحدود، تقلصت الطموحات، وربما الأوهام، في امكانية تحقيق نقلة نوعية على الصعيد الاقتصادي.

هل تعني التطورات الجديدة ان الحلم في الخروج من الهوة الاقتصادية تبدّد نهائيا؟

من المبكر الحديث عن انهيار ما تمّ تشييده، على تواضعه، في الاشهر الثلاثة الماضية. لكن المعضلة، انه وبصرف النظر عن العنوان الرئيسي المرتبط بالأمن الداخلي والحدودي، وبالعلاقات اللبنانية-الخليجية، فان المناخات الداخلية، والتي لا يُفترض أن تكون على تماس مع هذا الملف، تدور هي الأخرى في حلقة مفرغة، خصوصا على صعيد إقرار خطة اقتصادية شاملة تسمح باعادة رسم الاولويات لكي يتم على أساسها رسم السياسة الضريبية الملائمة، أو على مستوى وجود قرار جدي بمكافحة الفساد وإغلاق مزاريب الهدر.

وبالتالي، فان الانطباع العام، يوحي بأن لا شيء أساسيا تغيّر بين الامس واليوم، وان ما ينتظر الوضعين المالي والاقتصادي، هو المزيد من الضغوطات التي سيتحمّل تبعاتها الناس، في حياتهم اليومية. وأي حديثٍ عن انجازات، لا يعدو كونه في هذا الوضع، مجرد تمنيات وأحلام.