IMLebanon

ما بعد جلسة  مجلس الوزراء

… وفي النهاية انعقد مجلس الوزراء بمن حضر، ومن حضر تعدّى نصاب الثلثين، أو بالأحرى، اقتصر عدد المقاطعين على ثلاثة، وزيرا التيار الحر ووزير الطاشناق، والغياب على وزير الداخلية نهاد المشنوق.

وصحيح ان الجلسة كانت قليلة الدسم نتيجة ضآلة وروتينية المواضيع التي تطرّقت اليها، عدا النقاش الطويل حول الميثاقية وأصولها ومعاييرها، لكن مما لا شك فيه ان بانعقادها أثبت الرئيس سلام ومن دعم اصراره على عقدها، للمقاطعين، بأن القاطرة الحكومية تستطيع الاقلاع بدونهم عند الضرورة.

بعض المشاركين في الجلسة كانوا يتمنون تأجيلها افساحاً للمزيد من المشاورات كالوزير ميشال فرعون، الذي مارس نصف حضور ونصف غياب، كي يحفظ خطوط التواصل مع الفريقين، وبعض الذين حاضروا وناقشوا وصوّتوا على المقررات المتواضعة التي طرحت، تمنوا لو ان المقاطعين تجنّبوا هذا الاحراج، بابعاد مجلس الوزراء عن حلبة المصارعة الرئاسية.

لكن الذي حصل حصل، فلا رئيس الحكومة كان في وارد الانكسار، من خلال تأجيل الجلسة، بلا مبرر مقنع أو حالة ضرورة قاهرة، ولا التيار كان مستعداً للتراجع والحضور، لقناعته بأن في جعبته خيارات كثيرة تسمح له بردّ الصاع صاعين، عند الضرورة.

حدود المواقف هذه قطعت طريق الوسطاء بين الطرفين، لسبب بسيط وهو ان بين حلفاء التيار، من يغرّد حكومياً خارج سربه، فحزب الله مع المحافظة على حيوية مجلس الوزراء، لأنه كتيار المستقبل وحركة أمل والتقدمي الاشتراكي يرون تأجيل تسريح العماد جان قهوجي، من ضرورات المرحلة، بالنسبة الى المؤسسة العسكرية، ما يوجب المرور آلياً بمجلس الوزراء، من خلال الزامية محاولة تعيين قائد بديل، ومع فشل التعيين، وهذا مقدّر ومحتوم، تصبح مسألة تأجيل التسريح في عهدة وزير الدفاع سمير مقبل الحاضر ناضر…

هذه الخلفية، خلفية تأجيل تسريح القائد، هي الدافع الأساس وربما الوحيد، لمقاطعة وزراء التيار لمجلس الوزراء، ومن هنا كان وضع حزب الله قدما في البور، واخرى في الفلاحة، تعهّد لرئيس الحكومة بالمشاركة في الجلسة، ووعد الحليف العوني، بعدم مقاربة البنود الأساسية خلال هذه الجلسة…

وقد حاول الوزير السابق وئام وهاب تعديل قواعد اللعبة الحكومية بمناشدة السيد حسن نصرالله التدخل لوقف ظلم الحلفاء لنا… وواضح ان رئاسة الجمهورية هي بيت القصيد.

وترى أوساط مستقبلية، ان حصيلة الماتش الحكومي، تخطت ظاهرها المتمثل بتسجيل الرئيس سلام، هدفاً في شباك التيار الوطني الحر، ليتلقى جام غضب وسائل الاعلام البرتقالية المرير، الى ما هو أشدّ مضاضة، الى المسّ بموقع العماد عون كمرشح لرئاسة الجمهورية… فمقاطعة جلسة مجلس الوزراء، شكّلت اختباراً كان بالامكان تجنّبه، احتساباً للنتائج التي كان على المعنيين توقعها، وبالتالي تفادي الوصول اليها، بتمرير الموجة، بدل التصدّي لها، تحت ذريعة اختبار تضامن الحلفاء، فبعض الحلفاء، خصوصاً الأقوياء منهم، يتوقعون منك التضامن معهم، وليس العكس، والدليل في النتيجة المحققة: ثلاثة وزراء فقط من أصل ١٢ وزيراً مسيحياً و٢٢ وزيراً في الحكومة، شاركوا في المقاطعة، بينما ذهب الحلفاء وحلفاء الحلفاء في الاتجاه الآخر…

ولتبريد الأجواء الحامية قرّر سلام تأجيل الجلسة الوزارية التالية الى ما بعد عودته من نيويورك، ويؤكد المتابعون ان هذه الجلسة ستعقد قبل بلوغ العماد جان قهوجي حدود نهاية الخدمة أواخر أيلول، تجنباً لفراغ قيادي محتمل، في حين يتولى حلفاء التيار الذين تحولوا في المسألة المطروحة الى وسطاء، اقناع العماد عون بما لم يقتنع به بعض أركان التيار بعد، وهو ان السيف لا يقطع غمده، فضلاً عن ان خياراته المعاكسة لم تعد تقلق أحداً…

ويبدو ان ما بعد هذه الجلسة لمجلس الوزراء لن يكون كما قبلها…