IMLebanon

عكار: مواجهات سياسية وعائلية

يبدو المشهد الانتخابي في محافظة عكار متشابكا ومتنوعا في تفاصيله الإنتخابية. تضم المحافظة التي استحدثت قبل نحو عشر سنوات من اليوم 128 بلدية موزعة على ست مناطق مترامية الأطراف تفصل بينها مسافات طويلة وهي: ساحل وجرد القيطع، حلبا والشفت، الجومة، الدريب، نهر الأسطوان والسهل. يكرس هذا الواقع معارك تنافسية حادة في البلدات المسيحية تحديدا، فرضتها التحالفات السياسية التي دفعت العديد من القوى السياسية والحزبية الى إنجاز تحالفات فريدة من نوعها بهدف الوصول الى الغاية المرجوة.

ففي القبيات، التي تخطف جزءاً كبيرا من أضواء الإستحقاق، يستمر الكباش الانتخابي على وقع تسارع التحضيرات ليوم غد مع ترقب المجريات والتفاصيل اليومية لهذه المعركة.

رفعت القبيات الشعارات الحزبية والأعلام واللافتات، وفتحت المكاتب الانتخابية، وارتدت البلدة باكرا زي المواجهة، فغابت صور المرشحين لتحل مكانها أعلام «التيار الوطني الحر» التي رفعت جنبا الى جنب مع أعلام «القوات اللبنانية»، في حين رفعت أعلام «الكتائب» الى جانب صور نائب المستقبل هادي حبيش، في دلالة واضحة على التحالفات الجديدة، التي ولدت بوجه التحالف الثنائي المسيحي المستجد في لبنان.

في القبيات يصعب التغاضي عن المعنى السياسي للبلدة التي شهدت تحالفات جديدة يجعلها غير قابلة للمقارنة بمعارك انتخابية في بلدات أخرى، نظرا للطابع الحزبي. هنا يتكرس توازن الرعب بين القوى الحزبية (تيار، قوات) التي تجتمع في لائحة «أهل القبيات» من جهة، وبين الأقطاب العائلية (ضاهر، حبيش بعد إجراء المصالحة التاريخية بينهما، يضاف اليهما حزب الكتائب اللبنانية، وحيثية آل عبدو) والتي رفعت شعار «القبيات بتقرر».

ولهذا فان المعركة في كبرى البلدات المسيحية في عكار، لها نكهتها المميزة، والتي لا تشبه غيرها، وهي تشكل امتحانا لمختلف قواها السياسية، التي ستخرج من الاستحقاق، اما مثبتة حضورها واما بانحسار نفوذها.

بعد القبيات، تخطف بلدة منيارة لواء التنافس العوني ـ العوني حيث المعركة السياسية الأشد التباساً في المحافظة بسبب الانقسام الحاد داخل التيار الوطني الحر، الذي يتوزع على اللائحتين المتنافستين، الأولى برئاسة الرئيس الحالي أنطون عبود والثانية برئاسة سليم الزهوري.

وستكون بلدة رحبة على موعد يوم الاحد المقبل مع معركة شرسة بدأت ملامحها منذ أشهر على الارض من خلال الحملات الاعلامية والاعلانية، وما يرافقها من بيانات في محاولات لخلق اصطفافات عائلية وسياسية خلف اللائحتين المتنافستين، اللتين سيتحدد مصيرهما في صناديق الاقتراع، فإما بالتجديد للرئيس الحالي، مدير أعمال عصام فارس سجيع عطية، او بنجاح المرشح فادي بربر. وذلك وسط توزع الأحزاب بشكل متقارب جدا بين اللائحتين.

وتستسلم البلدات السنية للانقسامات العائلية الحادة، ولن تكون حلبا بمنأى عن معركة حامية الوطيس جراء خلط الأوراق بين عائلات وقوى البلدة مما يرفع من حدة الانقسام العائلي بين القطبين الأساسيين في العائلة سعيد الحلبي وعبد الحميد الحلبي. ويتحكم التعصب العائلي بكل مفاصل المدينة التي يتكون مجلسها البلدي من 18 عضواً، في حين تبرز لائحة ثالثة غير مكتملة برئاسة محمد الزعبي في محاولة لكسر الجليد القائم.

وتستعد البيرة التي تضم 5 الاف ناخب غالبيتهم من السنة باستثناء 200 علوي مدرجة أسماؤهم على لوائح الشطب، لخوض المعركة الانتخابية بخلطات حزبية ـ عائلية موزعة على ثلاث لوائح.

وتشهد البيرة معركة حامية خصوصاً مع كثرة اللاعبين على الساحة والتي يشكل رموز عائلة آل مرعب وعلى رأسها الجامعة المرعبية، وتيار المستقبل رأس حربة فيها إنتخابياً، إذ تملك العائلة 30 في المئة من الأصوات الناخبة. لكن هذا لا يعني أنها قادرة على تجاوز تكتل العائلات، اذ أن التجربة أثبتت أن أي مجلس بلدي لا يمكن ان يضمن إستمراره من دون السواد الأعظم من عائلات البلدة والتي تخوض تاريخيا المعركة الانتخابية برئاسة الحاج محمد وهبي. وبناء عليه تستعد البيرة لخوض معركة قاسية بين ثلاث لوائح: الأولى برئاسة رئيس البلدية السابق محمد وهبة، اللائحة الثانية برئاسة علاء عبد الواحد ورئيس بلدية البيرة سابقا إبراهيم مرعب، ولائحة ثالثة غير مكتملة من عائلة مرعب.

وفي منطقة ساحل وجرد القيطع تسود تفاهمات وتحالفات غلب عليها حضور العائلات، حيث عجزت الأحزاب عن تحديد دور وازن فيها، فقررت أن تلتحف رداء العائلات، ما أنتج لوائح من نسيج سياسي عائلي يصعب توصيفه، كما هو الحال في بلدات: برقايل، مجدلا، عيون الغزلان، جديدة القيطع، قبعيت، حرار، مشمش..

ويبدو أن نسبة الاستنفار هي الأعلى في ببنين حيث تنتشر الصور العملاقة للمرشحين في الشوارع والأحياء بكثافة، ومن المرجح أن تشهد ببنين معركة حامية تتداخل فيها العائلية والسياسة، حيث تتنافس العائلات الثلاث الكبرى في بلدة ببنين (الكسار، الرفاعي، والمصري )، لانتخاب 21 عضوا للمجلس البلدي المرتقب.

وتتوجه ببنين لخوض المعركة عبر ثلاث لوائح مكتملة: الأولى برئاسة رئيس البلدية الحالي الدكتور كفاح الكسار مرشح الجماعة الاسلامية، والثانية برئاسة محمد خير الدين الرفاعي المقرب من القاضي اسامة الرفاعي، والثالثة برئاسة المحامي مأمون المصري شقيق رئيس البلدية السابق هيثم المصري.

أما في جرد القيطع فنجح الوفاق الذي أنجز من قبل فاعليات المنطقة والنائب خالد زهرمان والنائب السابق وجيه البعريني في فنيدق على تقاسم رئاسة المجلس مداورة بين سميح عبد الحي، وأحمد عبدو البعريني، على أن تستمر عضوية عبد الاله زكريا في المجلس والابقاء عليه رئيسا للاتحاد.

في قرى وبلدات سهل عكار، يبدو التعصب العائلي على أشده حيث تتظلل كل البلدات بالعائلية اولا لتتوسع الى الأحزاب ثانيا، في المقابل يرفض المرشحون التحدث عن لوائح حزبية بالرغم من إقرارهم بأن الفوز سيهدى إما «للحزب العربي الديمقراطي» في البلدات العلوية الحيصة، المسعودية، تلبيرة، ضهر القمبر، واما لـ «تيار المستقبل» في البلدات ذات الغالبية السنية القليعات، تلمعيان، تلحياة..

ويبدو ان الانماء والتوافق قد حرّما على بلديات نهر الأسطوان، فيما حلل الشرخ العائلي، وهو ما ينسحب على بلدات: كوشا، خريبة الجندي، الكويخات، بيت الحج، مزرعة بلدة، السويسة.. والحال نفسه في البلدات الحدودية في منطقة جبل أكروم ووادي خالد، واللتين ستشهدان معارك داخل البيت الواحد، لذلك آثر تيار المستقبل الوقوف على الحياد.