IMLebanon

نصرالله: مصير المشرق يُحسَم في حلب

المعركة في حلب ستحدّد مصير المشرق برمته. فسقوط المدينة بيد التكفيريين، سيضع سوريا ولبنان والعراق والأردن في دائرة الخطر. هذا هو فحوى «التقدير الاستراتيجي» الذي قدّمه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، في خطابه بذكرى استشهاد السيد مصطفى بدرالدين

خمس قضايا بالغة الأهمية تناولها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في خطابه أمس، في ذكرى أربعين الشهيد مصطفى بدر الدين. اولاً، تحدّث عن الدور القيادي والرؤيوي للشهيد بدر الدين، سواء في المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، أو ضد المشروع التكفيري في سوريا والعراق. لفت إلى ان المقاومة، قبل سنتين، لبّت النداء لمساندة العراقيين على قتال «داعش»، بعد اجتياحه الموصل، في غضون ساعات، وساهمت في منع سقوط بغداد بيد التنظيم الإرهابي.

ثانياً، رسم نصرالله معالم المعركة في سوريا، واضعاً حلب في مصافّ أم المعارك السورية. أراد أن يقول إن من يخسر معركة حلب يكون قد قفز في حفرة خسارة الحرب برمّتها. كشف عن مشاركة قوات كبيرة من حزب الله فيها، داعياً الحلفاء إلى تركيز الجهود القتالية على هذه المعركة الاستراتيجية، وتحويل الجبهات الأخرى إلى الوضعية الدفاعية. وعن المعركة الأخيرة في ريف حلب الجنوبي، اعلن ان الحزب خسر منذ بداية الشهر الجاري 26 شهيداً وأسيراً واحداً ومفقوداً واحداً، في مقابل أكثر من 617 قتيلاً للجماعات المسلحة في الفترة ذاتها والجبهة عينها، بينهم قادة. ولفت إلى أن مقياس الربح والخسارة ليس الانسحاب من قرية هناك او التقدم في قرية هناك، بل إحباط خطط العدو.

ثالثاً، أفرد حيزاً لمعركة قانون العقوبات الأميركي، الذي يستغله بعض المصارف للاعتداء على جمهور المقاومة، التي لن تتأثر بالعقوبات لأن كل أموالها تأتي من إيران «كما تأتي الصواريخ»، لا عبر النظام المصرفي. وفي هذا المجال، أطلق السيد رسالة من المتوقع أن يفهمها كل من يعنيهم الأمر. فهو وصف إجراءات بعض المصارف بالعدوان على جمهور المقاومة. ومن يعرف حزب الله، ولو من خلال المتابعة العلنية، يُدرك خطورة هذا التوصيف. وخاصة إذا ما اقترن برسالة ثانية، من العيار الثقيل، وجهها نصر الله أمس، من خلال عدم تطرّقه إلى التفجير الذي استهدف المركز الرئيس لبنك لبنان والمهجر قبل أسبوعين. فهو لم يأتِ على تلك الحادثة، لا تصريحاً، ولا تلميحاً، ولا إدانةً، ولا رداً للتهمة السياسية التي وجهها بعض السياسيين اللبنانيين سراً وعلانية للحزب بالوقوف خلف التفجير. بدا وكأن الامين العام لحزب الله لا يريد أن يطمئن «المعتدين على جمهور المقاومة».

رابعاً، تحدّث عن البحرين، وما يقوم به النظام هناك، متهماً آل خليفة بالعمالة للبريطانيين ولصغار أمراء آل سعود. وحذّر من ان إجراءات سجن وطرد وسحب جنسية القادة الضامنين للحراك السلمي، سيجعل الجميع «في حلّ من هذا الموقف»، أي من خيار الحوار الذي ترفضه السلطة منذ أكثر من 5 سنوات، لأنها لا تريد اي تغيير في البحرين، خشية انتقال الانتفاضة إلى السعودية.

خامساً، أعلن نصرالله، بوضوح، ان أي عنصر من حزب الله يُطلق النار في المناسبات، ابتهاجاً او حداداً، سيُطرَد من صفوف الحزب، «ولو كان قد قاتل إسرائيل 30 عاماً».

في بداية خطابه، رأى الامين العام لحزب الله أن استشهاد بدرالدين أفقد الحزب قائدا كبيرا من قادة المقاومة، وركنا أساسيا من أركانها. ونوّه بدور الشهيد في اطلاق الاسرى من السجون الاسرائيلية، حيث كان رئيس فريق التفاوض في كل المفاوضات التي حصلت منذ آواخر التسعينيات، حتى ما بعد حرب تموز 2006، إضافة إلى مسؤوليته عن ملفي المقاومة في العراق وسوريا، مؤكداً استحالة تفكيك مستقبل ومصير لبنان عما يحصل في سوريا والعراق. «ومقابل اعتقاد غالبية دول العالم ان الحرب في سوريا، قبل أربعة أعوام، كانت تحتاج إلى أسابيع لتُحسَم، نتيجة الحرب النفسية وحجم التحريض واعطاء الموضوع بعدا طائفيا وتطورات الميدان السريعة، كان بدر الدين يثق بقدرتنا على المواجهة، وتطوع لحمل المسؤولية في سوريا، وأكد انه جاهز لأن يقود هذه المعركة، ولأن يُقتَل في هذه المعركة لثقته بانه في هذه المعركة يحفظ سلامة لبنان». وبانتقاله إلى الملف السوري، قال نصرالله إن الدول الداعمة للمعارضة استقدمت آلاف المقاتلين من جنسيات مختلفة لاسقاط ما تبقى من مدينة حلب التي تشهد موجة جديدة لا اشتباكاً هامشياً: «نحن أمام مرحلة جديدة من مشاريع الحرب على سوريا، فالقتال دفاعا عن حلب هو دفاع عن بقية سوريا، هو دفاع عن دمشق ولبنان والعراق والاردن». وفي سياق مواجهة المشروع الأميركي ــ السعودي ــ التكفيري، «وجب ان نكون في حلب، وكنا في حلب، وسنبقى في حلب». ووصف ما تشهده حلب بأنه «معركة طاحنة» يواكبها التكفيريون إعلامياً بشائعات عن «انهيار حزب الله في حلب» و»تلقيه ضربات قاسية» وغيره من «أكاذيب يخترعونها ويصدقونها».

وبوضوح قال نصرالله: «26 شهيدا وأسير واحد ومفقود واحد، هذه هي الحصيلة الصحيحة لخسائر حزب الله في سوريا، وكل كلام غير ذلك غير صحيح». وعدد في المقابل خسائر التكفيريين، مؤكداً توثيق 617 قتيلا من الجماعات المسلحة، من بينهم عشرات القادة الميدانيين وأكثر من 800 جريح، وتدمير أكثر من 80 دبابة وملالة وآلية عسكرية من 1/6/2016 إلى 24/6/2016. وأكّد أن «المعركة الاستراتيجية الكبرى هي في حلب، التي لا يجوز ان نضعف فيها أو نستسلم للاشاعات والاخبار الكاذبة، والمعارك الأخرى قد تكون ذات طابع دفاعي محدود». ولفت إلى أن بيئة الحزب تزداد ثقة بأهمية هذه المعركة، وتوجه للمقاتلين في حزب الله بالقول: «أنتم السابقون في وعدكم لله والامناء على المصير والكرامة والمقاومة. وان غدا لناظره قريب، فلن نترك الميادين ولا الساحات، فالنصر يليق بإخوة الشهيد بدر الدين، ومن الشهادة يأتي النصر ويأتي معه الفرج القريب». وبالانتقال إلى الحرب الثالثة التي تشن على حزب الله هذه الأيام، تجاهل السيد بالكامل تفجير بنك لبنان والمهجر والاتهامات التي طاولت الحزب. وحسم بأن «القانون لا يضرنا ولا يؤثر على البيئتين التنظيمية والجهادية في حزب الله، وليس له أي أثر مادي على حزب الله، الذي تتأمن موازنته ومصاريفه من الجمهورية الاسلامية في إيران. وكما تصل إلينا صواريخنا التي نهدد بها اسرائيل، تصل إلينا أموالنا». وأوضح نصرالله أن «سبب الضغط الذي يعانيه الحزب هو زيادة المصاريف لا العقوبات الأميركية، ولا يمكن لأي مصرف في الدنيا ان يعيق وصول الاموال إلينا». ولفت في المقابل إلى خشية الحزب من «استهداف الناس وبيئة حزب الله وجمهوره» بواسطة هذه العقوبات، بعدما حذفت حسابات مؤسسات خيرية لم يرد اسمها في القائمة الاميركية. ووصف ما حصل بأنه «اعتداء لن نقبله» فـ»نحن لا نقبل أي تصرف عدواني تجاه جمهورنا، ومنفتحون على أي حوار لحل هذا الملف». وفي قضية إطلاق النار في المناسبات، دعا السيد إلى «معالجة وطنية شاملة لهذه الظاهرة اللبنانية القديمة التي تسبق ولادة حزب الله طبعاً». وأبلغ السيد شباب حزب الله: «نحن نرفض هذا الامر على نحو قاطع وسنواجهه، والقيادة أجمعت على انه من الآن فصاعدا من يطلق النار في الهواء من أفراد حزبنا ويرتكب هذا العمل الشائن والمهين سيفصل من تشكيلاتنا». ودعا الأحزاب الأخرى إلى اتخاذ خطوات مشابهة لإنهاء الظاهرة.

بالانتقال إلى البحرين، وصف السيد ما قامت به سلطات البحرين بأنه عمل بالغ الخطورة، مؤكداً استحقاق الشيخ عيسى قاسم جائزة نوبل للسلام في العالم بسبب مساعيه للتهدئة في بلاده، مؤكداً أن «المنهجية التي تعتمدها السعودية هي منهجية الاخضاع لفرض الاستسلام على اليمنيين والبحرينيين واللبنانيين، لكننا لن نرضخ ولن نخضع ولن نركع»، لافتاً إلى أن علماء البحرين هم «يحددون التكليف وأي خطوة سيقومون بها، ولا يتلقون أوامرهم من أحد».