IMLebanon

نعيم قاسم: النسبية هي الأمثل والأعدل لكل الطوائف والقوى والأحزاب

■ قبلنا أفكاراً في القانون التأهيلي وموافقتنا نعطيها بعد تسلّم صيغته النهائية

■ عندما نصبح أمام ضرورة الاختيار بين الخيارات المرّة لن نقبل بالفراغ

■ بقاء الرئيس الاسد في السلطة محسوم وهو أساس في الحل وسيحمي أي حل

وفيق قانصوه

أكد نائب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن «النسبية هي القانون الأمثل والأعدل والأكثر تمثيلاً والذي يرضي كل الاطراف ويعبر عن شعبيتهم، سواء وطنياً او حزبياً او طائفياً او عائلياً». وقال قاسم، في مقابلة لـ«الأخبار»، أن حزب الله «وافق على أفكار في القانون التأهيلي… لكن الاجابات النهائية تكون بعد أن نعرف الصيغة النهائية للقانون والتي لم تُحسم بعد». وإذ أكّد «أننا أعلنّا بوضوح أننا لسنا مع ثلاثي التمديد والفراغ والستين، وأننا مع قانون جديد… لكن الواضح والمؤكد أننا عندما نصبح أمام ضرورة الاختيار بين هذه الخيارات المرّة لن نقبل بالفراغ». وفي ما يأتي نص الحوار

■ هل هناك قانون انتخاب قبل 15 أيار؟

ــــ نحن نعمل على ذلك مع الجميع، وننتظر مواقف الأطراف المختلفة من القوانين المطروحة لحسم الجدل حول القانون المقبول. لدينا أمل بذلك، ويجب أن يكون الأمل موجوداً كي نستكمل هذه الفرصة.

لكن أكرّر ما أكده حزب الله مراراً، ومنذ سنوات، بأنَّ النسبية هي القانون الأمثل والأعدل والأكثر تمثيلاً والذي يرضي كل الأطراف ويحقق التعبير الصحيح عن مدى شعبيتهم، سواء وطنياً أو حزبياً أو طائفياً أو عائلياً. برأينا، القانون الأفضل هو القائم على النسبية في لبنان دائرة واحدة. ولكن، تحت هذا العنوان تندرج مجموعة من الأفكار التي يمكن تعديلها والتعاطي معها بما ينصف أوسع شريحة ممكنة، سواء لجهة عدد الدوائر أو لجهة الصوت التفضيلي. على العموم، صحة التمثيل في حدّه الأفضل موجودة في النسبية بأشكالها ومراتبها المختلفة. لكننا منفتحون على نقاش أي فكرة تقرّبنا من النسبية وتحقق سعة التمثيل وشموليته وعدالته.

■ هل سعة التمثيل وشموليته وعدالته موجودة في القانون التأهيلي الذي يتردّد أن حزب الله أعطى موافقته عليه؟

– قبل أن نحسم الموقف النهائي من أي قانون، لا بد من أن نعرف صيغته النهائية التي يوافق عليها مختلف الأطراف. الإجابات اليوم على القانون المطروح هي إجابات مجتزأة لها علاقة بأفكار فيه، ولم نصل إلى صيغته النهائية وحسم الأطراف المختلفة مواقفها منه حتى يكون قابلاً للتطبيق. توجد أفكار في القانون التأهيلي وافقنا عليها، لكن ما هي الصيغة النهائية؟ هذا ليس محسوماً بعد لوجود ملاحظات متعددة قد تغيّر القانون وتقلبه رأساً على عقب.

■ هل أعطيتم موافقة عليه بصيغته التي طُرحت عليكم؟

– لا أفضل مقاربة الموضوع بهذه الطريقة. الموافقة النهائية عندما ينتهي الهيكل النهائي للقانون. عندها نستطيع أن نقول إننا نوافق عليه بهذه الصيغة وبهذه التفاصيل.

إلى الآن، المهم أن يجيب الأطراف الآخرون أيضاً، وحتى الآن لا يبدو أن هناك توافقاً على قواعد واحدة عند الجميع. الجلسات التي تعقد لنقاش القوانين تطرح فيها ملاحظات كثيرة، وبين يوم وآخر نكون أمام مقترحات جديدة. لذا لسنا اليوم أمام قانون جاهز وواضح يتطلب الإجابة بنعم أو لا. نحن أمام قانون لا يزال يُطبخ وتوجد حوله أسئلة وملاحظات من أطراف متعددة، ونفضّل أن يكون ردنا النهائي على الشكل النهائي للقانون كي لا نؤخذ بملاحظات جزئية ثم يتغيّر الموقف.

■ هل قدّمتم ملاحظات على «التأهيلي»؟

– بالتأكيد قدّمنا ملاحظات.

■ المهل تضيق. هل تخشون الفراغ؟

– أعلنّا بوضوح أننا لسنا مع ثلاثي التمديد والفراغ والستين، وأننا مع قانون جديد نأمل أن ينجز في خلال هذه الفترة. لكن الواضح والمؤكد أننا عندما نصبح أمام ضرورة الاختيار بين هذه الخيارات المرّة لن نقبل بالفراغ. لذا يجب أن نبحث عن حلول تجنّبنا الفراغ، سواء أكانت حلولاً موقتة أم قانوناً جديداً يقرّ إن شاء الله إذا توافقنا في خلال الفترة الباقية.

■ هل يعني هذا أنكم قد تقبلون بالتمديد أو بالستين؟

– نحن نقول إننا لا نقبل بالفراغ، وعلينا التفتيش عن حلول. الحلول تتطلب مناقشة مع الأطراف الموجودة على الساحة. وبما أن الوقت متاح لإنجاز القانون الجديد، دعنا لا نضع عقبة أمامه بحلول مرفوضة. وعندما نصل إلى الطريق المسدود، لا سمح الله، سنعلن بالتأكيد موقفنا من الخيار الذي سنختاره، لكنه لن يكون الفراغ.

■ هناك قلق لدى المسيحيين مما يدور في الإقليم، وفي الوقت نفسه شعور بأن هناك فرصة اليوم، في ظل وجود رئيس قوي، لاسترجاع حقهم في التمثيل الصحيح، طالما أن البلد قائم على التحاصص الطائفي. لكن هناك، في المقابل، من يريد تضييع هذه الفرصة عليهم.

– نحن نعتبر أن كل قانون وطني هو لمصلحة المسلمين والمسيحيين وليس حكراً على أحد. قانون الانتخاب هو مفردة من المفردات، وهو آلية لإعادة إنتاج السلطة. وكلما كان عادلاً وتمثيلياً واسعاً، كان منصفاً في نتيجته. هناك قضايا أخرى تحتاج إلى إنصاف وعدالة، لكن لها وسائلها وآلياتها القانونية والموضوعية الأخرى التي يفترض سلوكها. لا يمكن من خلال قانون الانتخاب أن نحصل على كل الحلول لكل القضايا. قانون الانتخاب يعطي حلاً محدوداً، والقوانين الأخرى تعطي حلولاً أخرى. نحن مع أن يُراعى في القانون ما تشعر به الطوائف المختلفة بضرورة إنجاز تمثيلها الصحيح. وبالتالي، هذا القانون عندما ينتج سلطة متوازنة متكافئة فيها قدر واسع من التمثيل نكون قد قطعنا خطوة. الخطوات الأخرى تحتاج إلى قوانين وأدوات ووسائل أخرى يمكن أن يناقش بها بحسب الواقع القائم.

■ هل تتخوفون من مؤتمر تأسيسي في حال وصولنا إلى الفراغ؟

– الظروف ليست متاحة لمؤتمر تأسيسي، ولا أعتقد أن أحداً يدعو إليه في هذه المرحلة. لدينا آليات واضحة لإنجاز قانون انتخاب، فلماذا نربطه بتغييرات تطاول كل البلد في وقت لا تسمح الظروف بمثل هذا النوع من الأداء.

المؤشرات تفيد بأن إسرائيل مردوعة وليس لديها قرار بعدوان جديد في هذه المرحلة

■ واضح أن السجال الانتخابي الأخير أظهر وكأن هناك حالاً من التباعد بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟

– نقاش الحزب مع التيار حول قانون الانتخابات واضح وصريح وبين حليفين. من الطبيعي أن نتفق على أمور ونختلف على أخرى. وهذا لا يضر بالتحالف ولا يؤثر عليه. بعض التعليقات الإعلامية أو في وسائل التواصل الاجتماعي حول هذه العلاقة ليست في محلها. ولاحظنا، في الأسبوع الأخير، تراجع هذه الحملة ما يشير إلى وجود أوركسترا تحرك الموضوع لتبرز خلافاً جوهرياً غير موجود. تفاهمنا مع التيار الوطني الحر مظلة مهمة للطرفين وللبنان، وهي قائمة وموجودة، والمصطادون في الماء العكر لن يحققوا شيئاً. هناك آليات لمناقشة قانون الانتخاب بكل حرية وموضوعية، وأياً كانت النتيجة فلن تؤثر على هذا التحالف.

اعتداء الشعيرات محدود

■ بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وقصف مطار الشعيرات أخيراً، بدا وكأن المحور المقابل التقط أنفاسه في المنطقة؟

– أميركا لم تحسم بعد خياراتها التفصيلية في المسألة السورية، وهي لا تزال تعمل على قاعدة أفكار عامة مشتتة ومن دون برنامج متكامل تحت مظلة سياسية واضحة. لذلك، أعتقد أنه في الفترة المقبلة، على الأقل في الشهور المقبلة، ستكون هناك مراوحة وانتظار للتطورات بعدما اتضح للأميركيين أنهم في حاجة إلى إنجازات مباشرة على الأرض، وليس عبر وسيط تركي أو سعودي أو قطري. وهذا ما بدأوا ترجمته من خلال فكرة تحرير الرقة من «داعش». وإلى أن يحصل تحرير الرقة الذي سيتزامن في نتيجته مع الانتهاء من تحرير الموصل، عندها يمكن الحديث عن إمكانية جلوس الأطراف، بمن فيهم الأميركيون، إلى الطاولة للبحث في أفكار حول الحقوق السياسية. ما عدا ذلك، فإن كل ما نراه ونسمعه اليوم هو في سياق تحسين مختلف الأطراف لواقعها الميداني من دون أفق سياسي واضح. لا يمكن أن يكون الحل السياسي موجوداً إذا لم تشارك الأطراف الأساسية، أميركا وروسيا والسعودية وإيران وتركيا وسوريا والمعارضة. عدم مشاركة أميركا والتعطيل الخليجي لكل الخطوات يعني أننا لسنا أمام خيارات سياسية واضحة. أما الاعتداء على مطار الشعيرات، فهو حادث محدود أدّى هدفه وانتهى. كانت واشنطن تريد أن تقول إنها موجودة بقوة في الساحة عبر ضربة يكون صداها السياسي مضخماً بالمقارنة مع أثرها الميداني. وقد ظهر ذلك بوضوح من خلال إعطاء علم مسبق للروس بالضربة والإحباط الذي أصاب الإسرائيليين بعد تهليلهم الأولي واستئناف القوات السورية عملياتها سريعاً عبر المطار. كل هذا يؤشر إلى أن الاعتداء كانت له أهداف وآثار محدودة ولا يمكن أن تبنى عليه الخطوات الأميركية المستقبلية.

■ لكن هناك عودة إلى نَفَس المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد، خصوصاً في تركيا والأردن؟

– مسألة بقاء الرئيس الأسد في السلطة محسوم. لم نعد اليوم أمام نقاش أن يبقى أو لا يبقى، لا بل كل الخطوات التي ترسم أو يمكن أن تُرسم، تأخذ في الاعتبار أن الرئيس الأسد هو المحاور الأساسي. هذه مسألة انتهت وتخطاها الزمن. الرئيس الأسد هو أساس في الحل، وهو الذي سيحمي أي حل.

■ لكن الحديث تجدّد أخيراً عن عودة النشاط المسلح على الحدود الأردنية وعن تحضيرات لتصعيد في منطقة درعا في الجنوب السوري؟

– في الموضوع الأردني، يجب أن ننتبه إلى أن الوجود التكفيري في هذا البلد بدأ ينمو، وهناك خشية من أن تنتقل الأزمة السورية إلى أرضه من خلال حركة التكفيريين. لذا كل الإجراءات المرتبطة بالأردن هي إجراءات حمائية ودفاعية واستباقية. أما ما يجري في درعا، فهو جزء لا يتجزأ من معركة تحسين الشروط ومواقع النفوذ بين الدولة السورية والمعارضة المسلحة. أي تصعيد في أي مكان في سوريا سيكون جزءاً من هذه المعركة. لكن لن يكون له انعكاس سياسي مباشر لأنه لم تعد هناك قابلية لتغيير المعادلة. موازين القوى اليوم لمصلحة محور المقاومة بعدما صمدت الدولة السورية واستعادت الكثير من المواقع التي خسرتها.

■ حزب الله متهم بالمساهمة في إحداث تغيير ديموغرافي عبر اتفاق المدن الأربع (كفريا والفوعة والزبداني ومضايا).

– منذ أكثر من سنتين، ترزح الفوعة وكفريا اللتان تضمان 16 ألف مدني غالبيتهم من الكهول والنساء والأطفال تحت حصار شديد، ويواجهون اعتداءات الجماعات الإرهابية المحيطة بهما. لم يعد بالإمكان بعد هذه الفترة إيجاد حل منطقي إلا بالمغادرة وفق القاعدة التي حصلت. بين بقاء أبناء الفوعة وكفريا على قيد الحياة في أمان وبين استمرار الحصار الذي يستنزفهم، كان الخيار الأول هو الأسلم. ومن عدم الإنصاف الحديث عن تغيير ديموغرافي، لأن المسألة لها علاقة بأناس يتعرضون للموت البطيء. أما معالجة التغيير الديموغرافي فهي تأتي كجزء من الحل السياسي لاحقاً وإعادة الناس إلى بلداتهم في كل سوريا.

إسرائيل لن تحارب

■ هل تخشون حرباً هذا الصيف؟

– كل المؤشرات تدل على أن إسرائيل مردوعة وليس لديها قرار بعدوان جديد على لبنان في هذه المرحلة. بالطبع، ليس هذا نابعاً من كرم أخلاق، بل من إدراك أن أي حرب على لبنان ستكون مضمونة الخسائر بالنسبة إلى إسرائيل ولا مؤشرات إيجابية عليها ميدانياً أو سياسياً. أضف إلى ذلك الإرباك الإسرائيلي حول ضعف الجبهة الداخلية في مواجهة أي حرب، والتريث لمعرفة مآل الأمور في سوريا. فإسرائيل تراهن حتى الآن على أن الحلول التي ستطرح إذا أخذت مصالحها في الاعتبار، فقد يغنيها ذلك عن أمور كثيرة. إذاً هناك اعتبارات سياسية وميدانية تمنع إمكانية الحرب الإسرائيلية على لبنان. لكن بالنسبة إلينا هناك لازمة دائمة لا ننفك نكررها وهي أن المقاومة على أتمّ الاستعداد. وإذا فاجأ الإسرائيليون كل التحليلات السياسية وأقدموا على خطوة حمقاء أو متهورة في وقت ما، فإن مستوى جهوزية حزب الله يهيئه لمواجهة أي حرب محتملة عدداً وعدّةً وأهدافاً. والمسألة السورية لم تشغل المقاومة عن إبقاء خصوصية الواقع اللبناني حاضرة في الأذهان.

■ ألم تكن احتمالات الحرب عالية قبل خطاب السيد حسن نصرالله عن ديمونا والأمونيا قبل شهرين؟

– في الحقيقة، قبل خطاب الأمين العام، كانت التصريحات الإسرائيلية تحمل طابع العنتريات لاعتبارات لها علاقة بالداخل الإسرائيلي وليس بقرار الحرب. وجاء هذا الخطاب ليضعهم أمام مسألة حساسة، وهي أن هذا النوع من الإثارة الإعلامية السياسية قد يؤدي إلى الحرب التي لم يستعدوا لها بعد ولا يريدونها في هذه المرحلة. سكوتهم بعد الخطاب يدل على أن تصريحاتهم كانت ذات طابع سياسي داخلي ولم تكن مقدمة لحرب.

العقوبات الأميركية

■ كيف ستواجهون القانون الجديد الذي تعمل عليه واشنطن لتشديد العقوبات على حزب الله وتوسيعها؟

– نحن نعتبر أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن متابعة ملف العقوبات الأميركية بطريقة فعالة ومسؤولة. لن يكون مقبولاً أن يُعتدى على كل اللبنانيين بحجج واهية، وليس مقبولاً أن تصبح الدولة اللبنانية أداة تنفيذية لقرارات أميركية تطاول مواطنيها. هذا أمر سنتابعه مع الحكومة، وهي تتحمل مسؤولية تحذير الأميركيين وإعلامهم بالأخطار التي تترتب على أدائهم الذي يطاول اللبنانيين عموماً. فنحن هنا لسنا، كما تسرب، أمام عقوبات لأفراد من حزب الله، بل أمام قانون يريد معاقبة شرائح كبيرة في المجتمع اللبناني. هذا أمر مرفوض كلياً وعلى الحكومة أن تتابع الأمر كي لا نصل إلى المحذور.