IMLebanon

مخاوف من موجة نزوح جديدة من سوريا إلى لبنان ودعوات لاتخاذ إجراءات استباقية

مخاوف من موجة نزوح جديدة من سوريا إلى لبنان ودعوات لاتخاذ إجراءات استباقية

مفوضية اللاجئين تتحدث عن «خطط بديلة» لمواجهة أي سيناريو من هذا النوع

بيروت: بولا أسطيح

تبدو لافتة التحذيرات المتتالية التي يطلقها وزراء لبنانيون مقربون من قوى 14 آذار عن موجة نزوح جديدة من سوريا إلى لبنان بالتزامن مع ما يقولون إنها معارك دائرة في حمص وقرب العاصمة دمشق.

وقد تراجعت أعداد الوافدين من سوريا إلى لبنان نتيجة القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بإيقاف استقبال اللاجئين بعدما فاق عددهم المليون ونصف المليون، وقد فرضت بداية العام الحالي شروطا جديدة لتنظيم توافد السوريين وإقامتهم وفق معايير قسمت دخولهم إلى فئات تتطلب كل منها مستندات معينة.

ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين السوريين المسجلين حاليا لدى مفوضية الأمم المتحدة مليون و174 ألفا، 90 في المائة منهم دخلوا بطرق غير شرعية، بحسب وزير الداخلية اللبنانية نهاد المشنوق الذي أشار في وقت سابق إلى أن 150 ألفا فقط دخلوا بطريقة شرعية.

وحذّر وزير السياحة ميشال فرعون من موجة نزوح جديدة من سوريا في ظل المعارك الدائرة في حمص وقرب الشام، مشددا في تصريح له في وقت سابق على وجوب وضع خطة طوارئ من قبل المجتمع الدولي تعالج الأزمة باعتبار أن لبنان لم يعد قادرا على تحمل المزيد من اللاجئين.

وتتلاقى تحذيرات فرعون مع مواقف سابقة أطلقها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أشار فيها إلى أن لبنان يتحسب لموجة نزوح جديدة من سوريا، بسبب التطورات الميدانية في منطقة الساحل، داعيًا إلى إقامة مناطق آمنة داخل سوريا لمواجهة أزمة النازحين. وقال درباس إن الحكومة ستعمل على أن تكون إقامة اللاجئين الجدد مؤقتة قبيل انتقالهم إلى بلدان أخرى.

وأشار وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج إلى أن هناك «مخاوف كبيرة من وصول آلاف المدنيين السوريين إلى الحدود اللبنانية مع اندلاع المعارك في حمص وخاصة في دمشق»، لافتا في الوقت عينه إلى أن «ذلك قد لا يحصل خلال فترة قصيرة لكن في مرحلة لاحقة، إلا أن ذلك لا يعني الجلوس وانتظار حصول هذه الكارثة بل الانصراف لوضع خطط عملية لمواجهة هكذا سيناريو». وقال دو فريج لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن القول لأي مدني هارب من المعركة في دمشق لا يمكنك الدخول فإما تموت في منزلك أو على الحدود.. المطلوب تحرك إقليمي – دولي لاستيعاب النازحين السوريين الموجودين في لبنان الذين باتوا يشكلون نصف عدد سكان لبنان والتحضر لاستقبال نازحين في بلدانهم التي تتوافر فيها إمكانات أكثر من تلك المتوافرة في لبنان المنهك»، مستغربا «خروج وزير الخارجية جبران باسيل دوريا بمواقف حادة لمواجهة تداعيات النزوح من دون طرح أي خطة للمعالجة».

وأوضحت الناطقة باسم المفوضة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في بيروت دانا سليمان أنّهم وشركاءهم والحكومة اللبنانية وضعوا «خططا بديلة» لمواجهة سيناريو مماثل لتوجه أعداد كبيرة من اللاجئين خلال وقت قصير من سوريا إلى لبنان كي يكونوا على جهوزية تامة للتعامل مع الوضع، لكنّها لم تتطرق لتفاصيل هذه الخطط.

وأشارت سليمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «وبعد الخطة التي أقرتها الحكومة اللبنانية للحد من تدفق النازحين إلى لبنان تراجعت أعدادهم بشكل كبير باعتبار أنّه لم يعد يتم السماح بدخول السوريين كلاجئين إلا بحالات استثنائية وإنسانية، كالأطفال الذين يصلون من دون أهلهم أو مع أقاربهم كما الأشخاص المصابين بإعاقة أو أولئك الذين ينزحون إلى لبنان للطبابة». وأضافت: «عملية تسجيل اللاجئين في مراكزنا متوقفة حاليا بناء على طلب الحكومة».

ولا يبدو أن الطرف السوري يشارك بعض الأطراف اللبنانيين مخاوفهم من «موجة نزوح جديدة». إذ ينفي رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، وجود أي مؤشرات لموجة مماثلة، لافتا إلى أن «عشرات الآلاف الذين نزحوا من تدمر بعد سيطرة تنظيم داعش عليها يعيشون حاليا في مناطق يسيطر عليها النظام ولا نعتقد أنّهم قد يتركونها في الوقت الراهن». وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نترقب أي حركة نزوح جديدة إلى لبنان فهي لا شك ستكون محدودة نتيجة معركة الزبداني ووادي بردة، أما إذا بقيت حدة المعركة على ما هي عليه فالأهالي قد لا يغادرون مناطقهم».

واعتبر عبد الرحمن أنّه «من المبكر الحديث عن وصول داعش إلى حمص، ما سيؤدي إلى تدهور الأوضاع دراماتيكيا وإلى توافد عشرات الآلاف من السوريين إلى لبنان». وأضاف: «لا تزال هناك عشرات القرى والبلدات المؤيدة للنظام التي تفصل بين تدمر ومدينة حمص التي لا يستطيع التنظيم المتطرف حاليا إلا اختراقها عبر عمليات تسلل، أما الحديث عن تقدم عسكري تجاهها فمبكر جدا».

وقد عرض لبنان أكثر من مرة إنشاء تجمعات سكنية داخل سوريا أو في المناطق العازلة بين الحدود اللبنانية – السورية تكون آمنة وتحت إشراف الأمم المتحدة تستقبل أي نازح جديد ويتم إرسال عدد كبير من اللاجئين الموجودين في الداخل اللبناني إليها، إلا أن الطرح لم يحظ بحماسة إقليمية دولية ولا بترحيب النظام السوري الذي أشرف قبل نحو عام على عودة 350 لاجئا سوريا كانوا موجودين في بلدة عرسال الحدودية شرق لبنان إلى بلداتهم في منطقة القلمون بريف دمشق بعد أن بسط الجيش السوري سيطرته عليها. واهتم حزب «البعث العربي الاشتراكي» في لبنان بتنظيم رحلات العودة وتسوية أوضاع بعض النازحين المطلوبين للسلطات السورية.