IMLebanon

مؤتمر فيينا لوقف اطلاق النار ولمحادثات بين النظام والمعارضة

ناقش ممثلو 17 دولة بينها الولايات المتحدة وروسيا وايران والسعودية في فيينا، امس، إمكانات التوصل الى حل سياسي للنزاع الذي يمزق سوريا منذ نحو خمس سنوات، وانتهوا الى تحديد موعد للقاء جديد بعد إسبوعين. وظهر ان الخلاف الرئيسي كان حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، في حين اجمعت كافة الاطراف على ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية.

وفي بيان مشترك عقب المحادثات، قال المشاركون إن «خلافات كبيرة لا تزال قائمة» رغم اتفاقهم على ضرورة «تسريع كل الجهود الديبلوماسية لإنهاء الحرب».

وجاء في البيان أن المشاركين في المحادثات يطلبون من الأمم المتحدة ان تجمع معاً ممثلي الحكومة السورية والمعارضة لتدشين عملية سياسية تؤدي إلى «تشكيل حكومة جديرة بالثقة وغير طائفية ولا تقصي أحدا يعقبها وضع دستور جديد وإجراء الانتخابات».

وقال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إن الاجتماع لم يتوصل الى اتفاق حول مصير الرئيس السوري، معتبراً أن على على السوريين تحديد مصيره.

وأمل الوزير الروسي، في ختام الاجتماع، «أن تكون لدى دول الشرق الأوسط ثقة أكبر بعضها في بعض بعد محادثات اليوم وأن يكون هناك توافق أكبر في شأن سوريا».

بدوره، اعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، استمرار الخلافات بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا وايران من جهة ثانية حول مستقبل الرئيس السوري، رغم ان كل الاطراف المشاركة في لقاء فيينا اتفقت على العمل من أجل حل سياسي للنزاع. وقال كيري خلال مؤتمر صحافي في ختام اللقاء الدولي في فيينا، إن الدول الثلاث، الأطراف الرئيسية في الجهود الديبلوماسية لحل النزاع، «اتفقت على الا تتفق» حول مصير الأسد.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، مساء امس، انتهاء اجتماع فيينا الذي لم يرشح بعد الكثير عن مضمونه.

وقال فابيوس: «تطرقنا الى كل المواضيع حتى الأكثر صعوبة منها. هناك نقاط خلاف، لكننا تقدمنا بشكل كاف يتيح لنا الاجتماع مجددا بالصيغة نفسها خلال اسبوعين».

وأضاف فابيوس أن «هناك نقاطاً لا نزال مختلفين حيالها، وأبرز نقطة خلاف هي الدور المستقبلي لبشار الأسد».

وقال الوزير الفرنسي أيضاً: «الا اننا اتفقنا على عدد معين من النقاط، خصوصاً حول الآلية الانتقالية واجراء انتخابات وطريقة تنظيم كل ذلك ودور الامم المتحدة».

وكان فابيوس قال لدى وصوله الى مقر الاجتماع: «يجب أن تكون الأولوية لمكافحة أكثر فعالية للارهابيين» في تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة»، مشيراً الى أنه «لا بد من تنظيم عملية الانتقال السياسي.. لا يمكن للأسد، المسؤول عن جزء كبير من المأساة السورية، أن يكون مستقبل سوريا».

ونقلت وسائل الإعلام النمسوية عن مشاركين في الاجتماعات أن البحث ركز خصوصاً على دور الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية الممهدة للحل.

وغابت سوريا، حكومة ومعارضة، عن المحادثات التي تشارك فيها أيضاً تركيا والعراق والأردن ومصر ولبنان والإمارات والأردن وايطاليا والمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين، بالاضافة الى الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة.

وهو الاجتماع الجدي الأول على هذا المستوى سعياً الى تسوية سياسية للنزاع الذي أودى بحياة اكثر من 250 الف شخص وشرد الملايين.

وجلس في اجتماع امس وزير الخارجية الأميركي جون كيري على رأس الطاولة التي جمعت ابرز الاطراف المعنية بالنزاع، والتي تنقسم بين داعمة للحكومة وأخرى داعمة للمعارضة، بالاضافة الى دول تحاول أن تبقى على مسافة من النزاع وان كانت تتأثر به.

وتمثلت غالبية الدول بوزراء الخارجية باستثناء الصين التي أوفدت نائب وزير الخارجية لي باودونغ، في حين مثل الامم المتحدة مبعوثها الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.

واتخذ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مكاناً بعيداً عن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، في قاعة الاجتماعات في فندق امبريال. الا ان خبراء اعتبروا ان مجرد جلوس ايران والسعودية الى طاولة واحدة يعد تقدماً.

وقد اكد وزير الخارجية السعودي، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، ان الرياض تتمسك برأيها بأن الأسد يجب أن يتنحى عن منصبه بسرعة، مضيفاً: «سيغادر أما من خلال عملية سياسية او سيتم خلعه بالقوة».

وأعرب مسؤولون أميركيون عن أملهم في أن يتفق المشاركون على الخطوط العريضة لعملية انتقالية من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف الى تنحي الأسد. الا ان كيري استبعد التوصل الى حل فوري، مشيراً في الوقت نفسه الى وجود أمل.

وقال قبيل الاجتماع: «لدي آمال لا أصفها بالتفاؤل. آمل في ان نتمكن من التوصل الى طريقة للمضي قدما. إنه أمر صعب». وخفف المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف من جهته ،من احتمالات التوصل الى حل سريع، وقال إن «التوصل الى تسوية سياسية سيكون أمراً صعبًا طالما لم يتم توجيه ضربات مؤلمة للجماعات المتطرفة والارهابية».

ووأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن «رباعي فيينا» (روسيا والولايات المتحدة وتركيا والسعودية) تبادل الخميس قوائم ممثلي المعارضة السورية الذين يُمكن أن يشاركوا في لقاءات التسوية المقبلة، مشيراً إلى أن موسكو تؤيد مشاركة الأكراد و»الجيش السوري الحر» في المحادثات «لكنها لا تعرف من يمكن أن يمثله (الجيش الحر)». ورأى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، من جهته، أن المحادثات « مؤشر مُشجّع» لسوريا والمنطقة لأن السعودية وإيران الخصمين اللدودين سيجلسان إلى المائدة مع أطراف أخرى للمرة الأولى.

وقال شتاينماير إن المناقشات قد تُحقّق نجاحاً «إذا حضرنا جميعاً وتفاوضنا ونحن على استعداد للمساهمة بشكل حقيقي في نزع فتيل الصراع السوري».

وتُرجّح الأمم المتحدة أن تمهّد محادثات فيينا الطريق أمام مفاوضات «أكثر شمولية بين هذين البلدين» في نزاعات أخرى مثل اليمن والعراق.

ومن جهته، أكد دي ميستورا، أن تواجد إيران في اجتماع يهدف لإيجاد حل للحرب في سوريا يعتبر مهماً، باعتبار أنها منخرطة إلى حد كبير في مجريات الأحداث هناك.

وقال دي ميستورا في مقابلة مع شبكة «سي أن أن» الأميركية، إن وجود طهران في المحادثات يحدث فرقاً كبيراً، «فإيران، منخرطة بصورة كبيرة في سوريا ومؤيدة للحكومة الحالية بشكل كبير، ونحن نعلم أنهم يعلمون أنه لا يوجد حل عسكري في سوريا»، لافتاً الإنتباه إلى أنه في الغرفة نفسها ستتواجد «إيران والسعودية إلى جانب الدول الأخرى ممن لديهم نفوذ، وقدرة على إيجاد حل، وهو أمر مهم لبحث وجهات النظر مباشرة».

وأضاف أن «الاجتماع بحد ذاته يعتبر إنجازاً كبيرًا، فقط فكروا كيف كان الوضع قبل أسابيع قليلة، إن اجتماع الولايات المتحدة وروسيا إلى جانب لاعبَين مهمين في المنطقة (إيران والسعودية)، أمر كانت تدعو له الأمم المتحدة منذ مدة طويلة».

وتابع: «لا يجب أن يكون الاجتماع بروتوكوليًا أو شكلياً فقط، ولابد من مناقشة المسألة الحقيقية والمسألة الجدية، والمتمثلة بأن الحل العسكري لن يؤدي إلى أي مكان، نحن بحاجة إلى حل سياسي متوازٍ مبني على تغيير حقيقي في سوريا، وهو الأمر الذي يمكن التوصل إليه إذا وافق عليه الجميع».

ورداً على سؤال عن السبب الذي يقف خلف عدم دعوة أي من الممثلين عن سوريا إلى الإجتماع، قال دي ميستورا: «السبب بسيط وهو أن الأطراف السورية أخبرتنا بأنه لا يمكنهم التوصل إلى أرض مشتركة من دون توصل الذين يقدمون الدعم والمساعدة إلى تفاهم مشترك».

ومن جهة ثانية، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد: «لدي اعتقاد قوي أنه في وقت ما يجب أن يكون هناك حوار مباشر بين دول الخليج، وخصوصاً السعودية، وإيران. فهم جيران ولديهم كل الاسباب للتوافق»، مشدّداً على «الفرصة التي يُشكّلها الاتفاق النووي مع إيران التي ستنفتح اقتصادياً وتحتاج إلى سوق كبيرة مثل الخليج».

وأبدى قناعته بأن السعودية «صادقة» بقولها إن المرحلة العسكرية للعملية في اليمن شارفت على النهاية، وكذلك الأمر بالنسبة للإمارات التي ترى أن الحلّ يأتي «عن طريق التفاوض»، مرجّحاً أن تبدأ المحادثات بحلول 15 تشرين الثاني في جنيف.

وأكد أنه على اتصال «منتظم» مع طهران التي تؤكد دائماً دعمها التوصّل إلى حلّ (في اليمن)، «فهم (الايرانيون) عارضوا الحرب بشكل دائم من دون أي لبس».

ولمحت إيران امس إلى أنها تفضل فترة انتقالية في سوريا مدتها ستة أشهر تعقبها انتخابات لتحديد مصير الرئيس بشار الأسد في تنازل فيما يبدو قبل أول مؤتمر للسلام يسمح لطهران بالمشاركة فيه. ورغم أن مصادر وصفت الاقتراح بأنه يرقى إلى حد تنازل طهران عن التمسك ببقاء الأسد في السلطة فإنه ليس من الواضح على الفور إن كان المقترح سيتضمن فعليا تحركات لإبعاده. ونسبت وسائل إعلام إيرانية إلى أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني وعضو الوفد الإيراني في المحادثات بشأن سوريا قوله امس «إيران لا تصر على بقاء الأسد في السلطة للأبد.»

وقال مسؤول كبير من الشرق الأوسط مطلع على الموقف الإيراني إن الأمر قد يصل إلى حد الكف عن دعم الأسد بعد المرحلة الانتقالية.

وقال المسؤول لرويترز «المحادثات تدور كلها عن الحلول الوسط وإيران مستعدة للتوصل لحل وسط بقبول بقاء الأسد ستة أشهر.. بالطبع سيرجع تحديد مصير البلاد للشعب السوري.»