IMLebanon

جعجع: الفراغ الرئاسي لا قعر له

كتبت ميرفت سيوفي:

في معراب التقينا «الحكيم»، الفراغ الرئاسي عنوان واحد على جدول الحوار مع الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانيّة، في التاسع عشر من الشهر الماضي التقيناه وعلى عكس ظهر الأمس كان اللقاء يومها حافلاً بعناوين كثيرة، حلقة من الصحافيين ، بادرنا الحكيم «الدّني عم تخرب بكلّ ما للكلمة من معنى»، قالها بعدما اختصر المشهديْن الإقليمي والعالمي ورسم صورة عن الوضع ككلّ عن الأوضاع الصعبة في هذيْن المشهديْن، حبسنا أنفاسنا، بدأ من الخارج إلى الداخل، شبّه الوضع في الخارج بصخرة تتدحرج ولا أحد يعلم «وين واصلة»…

بعد جولته هذه، تفرّغ الـ»الحكيم» لتشريح الوضع في لبنان، «بعدو الوضع بلبنان بحدود المقبول» برغم أن الأمور تذهب باتجاه الإحباط وتثبيط العزائم وصبّ الزيت على النّار، وفتح «الحكيم» هنا هلاليْـن ليقول «الهيكل» عندنا ما زال واقفاً فيما «الهياكل» تهتز من حولنا في العالم، المواطن ما زال صامداً على الرغم من المصاعب الاقتصادية والمعيشيّة، الصعوبات الأمنيّة مقبولة قياساً على ما يحدث في الشرق أو الغرب وضعنا مستقر ولكن «بدل ما تشدّ الناس بالطّالع عم تشدّ فيهن بالنازل»، وأقفل الهلالين ليصل إلى الوضع الدّاخلي المتوقف على الموضوع الرئاسي فرأى أنّ مؤسسات الدولة موجودة لكن لا يوجد قرار سياسي، كلّ الفرقاء متفقين بأنّ الوضع الأمني يجب أن يكون مستقراً، وضرب مثلاً القوى الأمنيّة الفرنسيّة التي لم تحقّق إنجازاً أمنياً يستبق الإرهاب، فيما حقّقت القوى الأمنيّة اللبنانيّة إنجازات لأنّ هناك قراراً سياسياً.

»حزب الله وإيران ما بدهن إنتخابات رئاسيّة وما بدهن ميشال عون» هذه وجهة نظر، لقد مرّت ستة أشهر منذ رشّحنا الجنرال عون ولكن «ما بدهن حدا»، حتى ولو افترضنا إننا لا نريد أن نفعل شيئاً لانتخاب رئيس، كان من الممكن أن ننتظر لو أننا نعرف أنّه بعد بضعة أشهر «بتنحل»، هنا نحن ندخل في دائرة الخطر، نوعٌ من التعب يبلغ حدّ الانحلال، فهل يتحمل البلد عاماً إضافياً من الفراغ؟!

والشهادة لله وللتّاريخ، لقد أشبعنا الدكتور سمير جعجع أسئلة وفرضيات بعضها كان تعجيزيّاً خصوصاً حول المرشح الرئاسي للقوات اللبنانيّة الجنرال ميشال عون، بعض هذه الفرضيات كان عبثيّاً إلى حدّ الضحك، وبعضها يسأله عن ضمانته لميشال عون في حال وصل للرئاسة، وبعضها أبدى مخاوفه فيما لو تراجعت القوات عن ترشيح ميشال عون، وبعضها وصّف الوضع بفشل مزدوج أصاب ترشيح الرئيس سعد الحريري لسليمان فرنجيّة وأصاب ترشيح «الحكيم» للجنرال ميشال عون فطالب بالعودة خطوتيْـن إلى الوراء وإحياء «14 آذار»، وبعضها وجد الفراغ أفضل من وصول عون أو فرنجية للرئاسة، فيما انخرط البعض الآخر في إطلاق العنان لمداخلة جاء ليقولها لا ليحاور سمير جعجع في عنوانه الوحيد حول كيفيّة الدفع بحزب الله لانتخاب رئيس للجمهوريّة للحظة انزلقنا نحن في أسئلتنا في الحلقة المفرغة التي يدور فيها لبنان، إلى حدّ تحدّث فيه بعضنا عن التركيبة السنيّة في مواجهة التركيبة الشيعيّة ومصلحة التركيبتين في استمرار الفراغ الرئاسي إلى حين اتضاح الصورة الإقليميّة!

دافع عن حليفه الرئيس الحريري فوجد أنه ليس مضطراً للسعي لإيصال مرشح حزب الله للرئاسة فيما الحزب يتولّى تعطيل وصول مرشحه عون للرئاسة، هي دوامة من التساؤل خلصت بإنذار دقّ جرسه الحكيم «لست مطمئناً لتسلسل الأحداث، ولنفترض أن الجنرال عون قال «لم أعد مرشّحاً»، هنا سنصل إلى وضع أسوأ بكثير..

بدا لي حديث «الحكيم» أشبه بالقول «اللهمّ اشهد إني قد بلّغت»، ووسط هذه الدوّامة تحدّث جعجع عن «المرشّح الفعلي» وأسماه «المرشّح الأصيل»  مؤكداً أنّه لا يخوض معركة تسويق ميشال عون رئيساً، بل يخوض معركة «رئيس الجمهوريّة» وإذا أردنا أن نحقّق اختراقاً بموضوع رئيس الجمهوريّة، فإنّ دعمنا لترشيح الجنرال عون هو الحلّ الواضح لهذه الأزمة، وإلا فإنّنا سنكون مش عارفين ماذا ينتظرنا مع كلّ إشراقة شمس وسنصبح امام أزمة فراع لا قعر لها.