IMLebanon

البابا: للبنان مكانة خاصة بقلبي… عون: وطننا مؤهل ليكون مركزا لحوار الحضارات

اكد قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس خلال استقباله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر امس في حاضرة الفاتيكان، ان للبنان مكانة خاصة لدى الكرسي الرسولي، وانه سعيد لاستعادته عافيته وانتظام المؤسسات الدستورية فيه، منذ انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، مشددا على ان هذه المكانة سببها الاساس ان لبنان، بجميع ابنائه، عاش قيم الاصالة القائمة على الاحترام المتبادل والسعي الى تحقيق السلام بين الشعوب والطوائف والمذاهب. وابلغ البابا الوفد المرافق للرئيس عون انه يصلي دائما من اجل لبنان ويعمل من اجل دوام استقراراه وانه سيزوره ويلتقي جميع ابنائه.

من جهته، شكر الرئيس عون البابا على استقباله وعلى محبته الكبيرة للبنان، وعلى الاهتمام الذي يوليه دائما لقضاياه ولمتابعة الكرسي الرسولي كل ما يساعد على تعزيز الاستقرار فيه، وتمكينه من مواصلة لعب دوره في محيطه والعالم.

اوضاع المنطقة

وعرض الرئيس عون مع الاب الاقدس الوضع في الشرق الاوسط عموما واوضاع المسيحيين خصوصا في سوريا وفلسطين والعراق، كما تطرق البحث الى العمل الذي يقوم به لبنان لمواجهة الارهاب، لافتا الى ان اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين موحدون في التعاطي مع هذا الخطر، ومؤكدا ان ما يحصل احيانا من تباين في وجهات النظر يعكس خلافا سياسيا وليس خلافا دينيا كما يعتقد البعض، ويتم التعاطي معه من خلال المؤسسات الدستورية والتشريعية. وقال: «لقد خبرنا في لبنان طوال قرون عيشا واحدا بين المسيحية والاسلام ساهمنا خلاله في بناء حضارة واحدة جعلت المسيحي يدرك ان المسلم هو شريكه واخيه والعكس بالعكس، وكونت لدينا القناعة ان احترام حق الاختلاف والتنوع هو ابهى صورة يمكن ان نقدمها للعالم».

واكد رئيس الجمهورية ان لبنان غدا من خلال ما تكوّن فيه من تراكم حضاري مسيحي – اسلامي نموذجا يصلح لدول وانظمة عدة اضافة الى ان التعاون الاسلامي – المسيحي يؤهل لبنان ليكون مركزا لحوار الحضارات والاديان.

واكد الرئيس عون على ان لبنان شارك في المؤتمر الذي عقد في الازهر الشريف للمساهمة في تغليب لغة الاعتدال التي يمثلها هذا المقام، والذي يواجه بقوة لغة التطرف وتشويه صورة الاسلام الحقيقي.

وطلب رئيس الجمهورية من البابا الاستمرار في دعم لبنان ومساندته في المحافل الدولية والاقليمية فوعده البابا بذلك، مستذكرا معارفه من اللبنانيين في الارجنتين يوم كان رئيسا لأساقفة بيونس ايرس.

الوصول

وكان عون وصل واللبنانية الاولى والوفد المرافق الى حاضرة الفاتيكان عند العاشرة قبل ظهر امس بتوقيت روما. وفي لفتة خاصة، جال رئيس الجمهورية وافراد العائلة والوفد المرافق في موكبه الخاص داخل حدائق الفاتيكان مستطلعا معالمها، ثم عاد الى الباحة الرئيسية حيث استقبل وفق المراسم المتبعة في الكرسي الرسولي، فقدمت له ثلة من الحرس البابوي السويسري التحية قبل ان يستقبله عميد البيت البابوي المونسنيور جورج غانسفاين الذي قدّم له نبلاء الكرسي الرسولي الذين حيوّه، ودخل بصحبته الى الجناح البابوي في القصر الحبري.

ولدى وصول عون الى مكتب الحبر الاعظم، خرج البابا فرنسيس لاستقباله، ودخلا معاً الى المكتب حيث عقدت خلوة بينهما دامت نصف ساعة.

بعد ذلك، انضمت اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون ومن ثم افراد العائلة: السيدة ميراي عون الهاشم وزوجها السيد روي الهاشم، السيدة كلودين عون روكز وزوجها العميد المتقاعد شامل روكز، والسيدة شانتال عون باسيل وزوجها وزير الخارجية والمغتربين الوزير جبران باسيل، الى الرئيس عون والبابا فرنسيس الذي صافحهم فردا فردا، قبل ان يلتقي قداسته اعضاء الوفد الرسمي والقائم باعمال السفارة اللبنانية في الفاتيكان البير سماحه وقرينته محييا اياهم.

ثم تم تبادل الهدايا بين الرئيس عون والبابا فرنسيس، فقدّم رئيس الجمهورية للحبر الأعظم تمثالا للطفل يسوع مرتديا زيا حبريا بلون العلم اللبناني، ومرسوما عليه من جهة صورة سيدة لبنان ومن الجهة الثانية شعار حبرية البابا فرنسيس، وهو يحمل في يديه الكرة الارضية التي ترمز الى العالم يظللها الصليب البابوي. والهدية هي نتاج تنفيذ مشترك لراهبات الكرمل في حريصا وكفرمسحون.

غصن الزيتون

من جهته، قدّم الحبر الاعظم الى الرئيس عون واللبنانية الاولى مجسّما لغصن زيتون رمز السلام، قائلا لهما انه يصلي كي يحفظ الرب هذا الغصن في لبنان وينميّه، ومجموعة الكتب الثلاث التي اصدرها وهو على رأس الكنيسة، وهي تشمل الرسالتين العامتين اللتين وجّههما الى العالم، وكتاب الحوار حول «يوبيل الرحمة» الذي اجراه مع احد الاعلاميين المعتمدين لدى الكرسي الرسولي.

ثم التقطت الصور التذكارية وقدم الاب الاقدس للرئيس وقرينته وافراد عائلته واعضاء الوفد هدايا تذكارية، قبل ان يودع البابا الرئيس عون واللبنانية الاولى عند باب مكتبه.

بعد ذلك، التقى عون أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، وبحث معه في الاوضاع في لبنان والمنطقة، وسبل تطوير العلاقات الثنائية بين لبنان والكرسي الرسولي في مختلف مجالات التعاون المشترك. وحضر اللقاء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ونظيره البابوي المونسنيور بول غالاغير والقائم بأعمال سفارة لبنان في الفاتيكان البير سماحه، والمستشار الاعلامي لرئيس الجمهورية جان عزيز، ومدير مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.

في ختام اللقاء، ودع رئيس الجمهورية واللبنانية الاولى وافراد العائلة والوفد المرافق بمثل ما استقبلوا به من مراسم حفاوة.

الكرسي الرسولي: المحادثات مع عون

اكدت عمق العلاقات الممتازة مع لبنان

أصدرت دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي في الفاتيكان، بعد ظهر امس  بيانا، حول لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الحبر الاعظم البابا فرنسيس في القصر الرسولي، جاء فيه: «استقبل قداسة البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم (امس) في لقاء خاص، فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، الذي التقى لاحقا نيافة الكاردينال بييترو بارولين امين سر الدولة، وصاحب السعادة امين سر العلاقات مع الدول المونسنيور بول غلاغير.

وتم التأكيد خلال المحادثات على عمق العلاقات الممتازة بين الكرسي الرسولي ولبنان، واهمية الدور التاريخي والمؤسساتي الذي تلعبه الكنيسة في حياة هذا الوطن. كما تم التعبير عن الارتياح لالتزام مختلف القوى السياسية وضع حد للفراغ الرئاسي، ما يعزز الأمل بتعاون مستقبلي متزايد ومثمر بين مختلف المجموعات الاتنية والدينية، في سبيل تحقيق المصلحة العامة وتطور البلد.

وخلال المحادثات، تم التطرق الى الوضع في سوريا، مع اهتمام خاص بالجهود الدولية المبذولة من اجل التوصل الى حل سياسي للازمة. ومن جهة اخرى كان هناك تقدير لإستقبال لبنان لأعداد من النازحين السوريين. وفي الختام، تم تبادل وجهات النظر حول الوضع الاقليمي والتطرق الى صراعات اخرى دائرة حاليا، والى وضع المسيحيين في منطقة الشرق الاوسط».