IMLebanon

خريطة ميثاقية اقتصادية اصلاحية ولقاءات تغسل القلوب

وثيـقـة بعـبـدا 2017: خـريـطة طريق للمرحلة المقبلة ميثاقيا واقتصاديا وإصلاحيا

الـعبـرة فـي التنـفيـذ.. الحـريـري على جهوزية.. وغزل «دستوري» بين بري وباسيل

لبنان الرسالة يقتضي استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني

رفض التوطين ومواجهة محاولات لتثبيت أي جماعة غير لبنانية

بعبدا – تيريز القسيس صعب

بعنوان «وثيقة بعبدا» ٢٠١٧، اتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة على وضع «خريطة طريق» جديدة للمرحلة المقبلة بعهدة السلطتين التنفيذية والتشريعية حملت عناوين ثلاثة مقسمة الى شق ميثاقي واخر اقتصادي، واخر اصلاحي.

وقالت مصادر سياسية ان هذا اللقاء ليس بديلا عن الحكومة ومجلس النواب خصوصا وان الرئيس عون اراد من هذا الاجتماع في حضور رؤساء الاحزاب وضع اطار للعمل على المرحلة المقبلة.

وقالت ان الرئيس قدم وثيقة متكاملة شكلت مضمون البيان الذي صدر في نهاية الاجتماع، وتم تبنيها بعد اضافة بعض العبارات اليها.

واوضحت المصادر ذاتها ان الشق  الميثاقي الوارد في ورقة العمل هو ترجمة لما ورد في وثيقة الوفاق الوطني وخطاب القسم، وبالتالي فان النقاط التي طرحت كلها معروفة ومتفاهم عليها.

وافادت المصادر ان الشق التنفيذي  نال حيزا كبيرا من النقاش والتداول حول بعض الامور التفصيلية حيث كان ظهر اجماع على ايلاء هذا الشأن اهمية قصوى بعد تصاعد المطالب الحياتية والمعيشية عند المواطنين،

وفي هذا الاطار تم التأكيد على ضرورة ان تتفعل وتتابع في المؤسسات التنفيذية والتشريعية لايجاد الحلول المناسبة لتنفيذها ووضعها على السكة الصحيحة. وكشفت المصادر ان توافقا حصل بين المجتمعين على اعطاء العمل الحكومي اولوية في تنشيط وتنفيذ الخطوط والمشاريع واحالتها الى مجلس النواب اذا اقتضى الامر لاجراء اللازم ان عبر اقرار مشاريع قوانين واقتراحات متوقفة منذ فترة في ادراج المؤسسات الدستورية.

وختمت المصادر بالقول ان النيات طيبة لدى الجميع وان الرئيس عون الذي لوحظ ارتياحه لهذا اللقاء بعد تجاوز المطبات والصعوبات اعتبر ان ما حصل امس في قصر بعبدا «بورقة عمل حقيقة» لانطلاق العمل داخل المؤسسات الحكومية، وان الرهان يكمن في التنفيذ بعد النجاح في الشكل.

اذا النقاشات انقسمت الى شقين، السياسي والذي حمل عنوان الغاء الطائفية السياسية ومخاطر التوطين اما الاقتصادي فتناول هموم المواطن واهمية تفعيل وتنشيط العجلة الاقتصادية وانعاش الاقتصاد اللبناني.

عون: لتطبيق البرنامج

ورحب الرئيس عون بالمجتمعين، وقال إنه بعدما تم اقرار قانون الانتخاب، والذي يتضمن تمديدا تقنيا للمجلس النيابي لمدة تقارب السنة، وهي فترة ليست بقليلة، هناك خلال هذه الفترة برنامج على الحكومة ان تطبقه، ويجب بالتالي ان نمل عملنا فعليا لأننا لا نعيش مرحلة انتظار. وهناك ايضا اضافة الى العمل اليومي للحكومة، خطط تم تناولها في خطاب القسم والبيان الوزاري.

واضاف رئيس الجمهورية: لذلك ارتأيت ان نضع ورقة عمل لتكمل الحكومة عملها، فهناك مواضيع ميثاقية استناداً الى وثيقة الوفاق الوطني، وأخرى انمائية مبرمجة تحتاج الى عمل، وخطة اقتصادية. هذا التصور وضعته أمامكم من أجل ان نبحثه خلال لقائنا اليوم.

بري: الدستور واضح

بدوره الرئيس نبيه بري أيد الدكتور جعجع في طرحه مسألة التعددية واعطاء الشق الاقتصادي الأفضلية. وقال: انا لست مع الشق السياسي ولا أؤيد التطرق اليه، والا اذا اردنا البحث فيه فلنفعل تبعاً للتسلسل المدرج في الدستور، فلننتخب مجلساً على أساس غير طائفي بعدها مجلس الشيوخ ومن ثم الغاء الطائفية السياسية. واعتبر «ان الدستور واضح لجهة تأليف هيئة الغاء الطائفية السياسية بعد انتخاب أول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي.

الحريري: جاهزون

الرئيس سعد الحريري ركز في مداخلته على الورقة التي قدمها الرئيس، وأيدها جاء فيها، وشدد «اننا كحكومة جاهزون لمتابعة برامجنا الاقتصادية والاصلاحية التي كنا بدأنا فيها.

آراء ومواقف: هموم الناس

وتحدث الوزير طلال ارسلان نطرح مشكلة النظام بالأساس وقال نريد ان تعرف هل نحن أمام نظام طائفي او مدني.

ثم تحدث الوزير مروان حمادة وقال فلنبدأ مما حدده الدستور انطلاقاً من الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية. ولكن في رأيي فالتبرد الأجواء السياسية ولننتقل للحديث عن أمور الناس.

الوزير فرنجية: طلب الانصراف الى حل الأمور الاقتصادية والمعيشية ودعا الى عدم البقاء في العناوين السياسية الكبرى (علماً أنه لم يتم أي عتب شخصي بين عون وفرنجية).

قانصو: ركز في مداخلته على أنه لم نشهد منذ الاستقلال على محاولات جدية لقيام دولة فعلية لأن قاعدة العمل السياسي مبنية حتى الان على الطائفية وتطرق الى أزمة النازحين السوريين داعياً الحكومة الى التفاوض مع الحكومة السورية حول هذا الموضوع.

ثم تحدث النائب اغوب بقرادونيان معتبراً ان الطائفة الأرمنية مغبونة في التركيبة لحالية، ولا وظائف لهم وترتيبهم في مجلس الخدمة المدنية يأتي مع الأقليات، مطالباً بتصحيح هذا الأمر.

جعجع ضد التفاوض مع الحكومة السورية

ووجه جعجع كلامه في البداية الى قانصو قائلاً: «نحن ضد التفاوض مع الحكومة السورية في مسألة النازحين لأننا لا نعتبر ان هناك حكومة في سوريا وقال: ليش في حكومة في سوريا، الموجود في سوريا هي روسيا، ايران، تركيا، اميركا، والاردن.

وقدم جعجع عرضاً حول قاعدة العمل الطائفي سأل فيه لماذا في رأيكم وسط هذا البركان الموجود حولنا بامكاننا الصمود وحماية أنفسنا، فهذا دليل أنه يمكننا ذلك انطلاقاً من العمل الطائفي الموجود، وذلك لأن كل المجموعات السياسية في لبنان مطمئنة لحاضرها ومستقبلها في لبنان.

وقال أنا ضد المسّ في قاعدة العمل القائمة على التعددية الطائفية، معتبراً ان النظريات شيء والواقع على الارض شيء آخر.

واقترح جعجع اسقاط الشق السياسي في الورقة خصوصاً وأن الناس ملّت من السياسية والقرارات السياسية، وتريد انماء وطرقات وكهرباء ومياه، فضلاً اعطاء موضوع الكهرباء الأولوية والأفضلية بعد الطرقات. الوزير جبران باسيل أيد طروحات بري حول التركيبة التي تحدث عنها عن الدستور.

وعلم ان المناقشات كانت هادئة وموضوعية بين مختلف الاطراف حيث تم التوافق على البيان الختامي مع ادخال بعض التعديلات اللغوية واللفظية عليه كاضافة كلمة مناصفة سحب فقرة انشاء مجلس للشيوخ.

النائب محمد رعد شدد على ضرورة التركيز على الملفات الحيوية التي تهم الناس مثل الكهرباء والمياه والتنقيب عن النفط.

بدوره الوزير علي قانصو ركز على تطبيق الدستور لأن ما تم تطبيقه حتى الان هي البنود الطائفية، أما البنود الاصلاحية فتم وضعها بالادراج. ومن أهم البنود الاصلاحية المادة 22 من الدستور، وانتخاب مجلس نيابي غير طائفي، والمادة 95 التي تقول بضرورة تشكيل هيئة وطنية لالغاء الطائفية السياسية.

وقال ان أخطر مرض في لبنان هو المرض الطائفي، لذلك لا يمكن تحقيق مشروع الدولة في ظل استمرار هذه الطائفية، ولو اننا طبقنا البنود الاصلاحية منذ الطائف الى الآن، لكنا تجاوزنا الطائفية بنسبة كبيرة، لذلك لا نرى أنه يمكن حصول أي اصلاح اقتصادي او اداري اذا لم نقم باصلاح سياسي بوابتيه وقانون الانتخابات يعتمد لبنان دائرة واحدة مع النسبية، مؤيداً الوثيقة او الورقة التي طرحت أفكاراً اصلاحية واقتصادية خاصة وأنه جعلت الاقتصاد يقوم على الانتاج.

البيان الختامي لـ وثيقة بعبدا

وبعد انتهاء الاجتماع، تلا المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، نص وثيقة بعبدا 2017 وفيها:

«مع استعادة لبنان عافيته السياسية عبر مسار وطني ميثاقي واستقلالي ادى الى اننتخاب رئيس بإرادة اللبنانيين وتأليف حكومة وحدة وطنية من صنعهم واقرار قانون انتخابات نسبي جديد بارادتهم من شأنه ارساء قواعد متقدمة لصحة تمثيل الشعب اللبناني وفعاليته، ترأس فخامة رئيس الجمهورية الساعة الحادية عشرة والربع قبل ظهر يوم الخميس 22 حزيران 2017 اجتماعا لرؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة بغية البحث في مواضيع أساسية في الدستور تتطلب الاقرار والاستكمال والتطوير كي تدخل حيز التنفيذ، ومواضيع اقتصادية وإصلاحية ملحة تعود بالنفع الكبير على الدولة والشعب والاقتصاد.

وقد حضر الاجتماع: دولة رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري، ودولة رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري، والسادة: الوزير مروان حماده، ممثل رئيس حزب التقدمي الاشتراكي الاستاذ وليد جنبلاط الموجود خارج لبنان، ورئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان، ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الاستاذ علي قانصوه، ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، وممثل سماحة الامين العام لحزب الله النائب محمد رعد، الامين العام لحزب الطاشناق النائب اغوب بقرادونيان، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.

وبعد التداول،أقر المجتمعون ورقة العمل التي عرضها فخامة الرئيس، وتضمنت الآتي:

في الشق الميثاقي: إن لبنان الرسالة يقتضي منا الاتفاق على استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، خصوصا في القضايا التالية:

1 – المواءمة بين الحفاظ على نظامنا الديموقراطي التعددي، وتصور واضح ومحدد زمنيا، لانتقال كامل نحو الدولة المدنية الشاملة، بما في ذلك كيفية التدرج من تثبيت التساوي والمناصفة بحسب الدستور بين عائلاتنا الروحية في حياتنا العامة، وصولا الى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية.

2 – الحفاظ على مقومات الوطن اللبناني البنيوية، خصوصا في ديمغرافيته وجغرافيته، من ضمن وحدته ونهائيته بما يقتضيه ذلك من تسليم جامع بعدم السماح بأي تلاعب بالهوية الديموغرافية للبنان، وضرورة صونها تشريعيا، إقامة وانتشارا. والأهم التمسك بالنسيج المجتمعي اللبناني كاملا، بين إنسانه وأرضه. فكما نرفض التوطين المعلن أو المقنع، نواجه أي محاولة لتثبيت أي جماعة غير لبنانية، على أرض لبنان. وكما نكافح الهجرة الخارجية القسرية لأبنائنا، نعمل على وقف الهجرات الداخلية، إن بالنزوح من الريف، أو بنقل سجلات القيد، بما يخلق غيتوات نفسية أو واقعية، تؤدي إلى «كنتنة» لبنان وقوقعة اللبنانيين.

3 – ضرورة إقرار اللامركزية الادارية في أقرب وقت ممكن، بهدف تثبيت اللبناني في مواطنه الأصلية، وتأمين حقه الكامل في الإنماء المتوازن على مساحة وطنه. وذلك عبر بناء الدولة العصرية العادلة القوية المساوية بين اللبنانيين في حقوقهم وواجباتهم، وتكريس السعي الفعلي إلى اقتصاد غير ريعي لا بل منتج، يؤمن تجذير اللبناني في أرضه.

في الشق الاقتصادي

ان لبنان المعافى اقتصاديا يفرض علينا اطلاق ورشة اقتصادية وطنية تقوم على:

أ – وضع وتنفيذ خطة اقتصادية شاملة تنبثق منها الخطط القطاعية، وموازنة الدولة التي يقتضي اقرارها اولا تأمينا للانتظام المالي للدولة وتصحيحا تدريجيا لما اعترى هذا الانتظام من شوائب،على ان تؤدي المحصلة الى تأمين النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتحقيق الإنماء المتوازن، والاقتصاد المنتج، وتوفير الأسواق الخارجية تصحيحا للخلل في الميزان التجاري وحماية الاسواق الداخلية والإنتاج، ومنع الاحتكارات، والاستثمار في القطاعات الاقتصادية العصرية، والتي يمتلك اللبناني فيها قيمة مضافة، مثل المعرفة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتؤدي هذه الخطة الى اشراك القطاع الخاص عبر اقرار القانون المعد لذلك وتشجيع المبادرة الفردية، واعتماد سياسة تسليفية تشجيعية للقطاعات المنتجة يكون المصرف المركزي عمادها، وترتكز هذه الخطة على الافادة من ثروة لبنان الكبرى التي هي عنصره الانساني بمبدعيه ومثقفيه ومجتمعه المدني الناشط، وهي علامة لبنان الفارقة في محيطه. وفي هذا السياق يتوجب إحياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي في أقرب وقت ممكن كإطار للحوار المستدام والتوازن بين قطاعات اقتصادنا الوطني.

ب – ان الحكومة مدعوة الى وضع هذه الخطة وتنفيذها ومواكبتها عبر لجنة اقتصادية وزارية دائمة من خلال برنامج زمني، تنفيذي وممول، لتأمين البنى التحتية اللازمة لنهضة الاقتصاد الوطني، وخصوصا:

1 – تأمين الكهرباء 24/24 من خلال تنفيذ كامل للخطة الحكومية التي تؤدي الى ازالة أي عجز عن الدولة وخفض الكلفة الاجمالية عن المواطن.

2 – الحفاظ على المياه كثروة استراتيجية للبنان وتأمينها عبر كل الخطط الوطنية المقرة وتنفيذ برنامج انشاء السدود، وحمايتها والحفاظ عليها وتنظيف مجاري الانهر.

3 – استثمار الثروة البترولية البحرية حسب البرنامج الموضوع لها هذه السنة، واستكمال أطرها القانونية كافة، بحرا وبرا، والاسراع بإنجاز خط الغاز الساحلي والموانئ الغازية تكريسا لاعتماد لبنان على الغاز وكذلك تكثيف الاستثمار المجدي في الطاقات المتجددة.

4- الاسراع في تأمين الاتصالات السريعة بأعلى جودة وبأرخص الأسعار.

5- تأمين كل أنواع المواصلات ووضع خطة للنقل المشترك وتنفيذها على مراحل وانشاء الاوتوستراد الدائري وسكة الحديد والمرفأ السياحي والمطار المطور والمعابر البرية الحديثة.

6- تأمين الاعتمادات اللازمة لانهاء ملف المهجرين.

في الشق الاصلاحي

ان بناء الدولة في لبنان يتطلب منا اصلاحا في السياسة والمؤسسات والقضاء والاعلام والتربية بالارتكاز على:

1 – اعتماد الشفافية كمعيار عمل اول في حياتنا المؤسساتية العامة.

2 – تفعيل الإدارة من خلال إعادة هيكلتها بدءا بإجراء التعيينات وفق المعايير الدستورية التي هي الاستحقاق والكفاءة والجدارة والاختصاص.

3 – مساعدة القضاء في أداءه تحصينا لاستقلاليته وفاعليته.

4 – تفعيل عمل الهيئات الرقابية وجهاز أمن الدولة بتحفيزها على العمل المكافح للفساد.

5 – الإفادة القصوى من موارد الدولة ومقدراتها ومرافقها وثرواتها للمصلحة العامة.

6 – تنفيذ القوانين المقرة وتحديثها، لاسيما تلك المتعلقة بالقضاء والاستثمار والتجارة، وأيضا تلك المعنية بتسهيل أمور ومعاملات المواطن.

وكما أن الدولة لا تستقيم مع فساد، فكذلك لن يستقيم إصلاحها من دون مواكبته بإعلام مسؤول، بجميع وسائله، حر بالمطلق والحقيقة حدود حريته، وتطبيق القوانين هو الضامن للحقيقة.

إن هذه النقاط تشكل مجموعة أهداف وطنية جامعة لكل اللبنانيين، ونجاحها نجاح للوطن، وليس لأي مسؤول أو فريق فيه، من هنا ضرورة مواكبتها وتنفيذها بإرادة وطنية جامعة وصادقة ضمانا للنجاح».