IMLebanon

دولة عربية : تريثوا…. الغاز لعبة خطيرة

لماذا غضب الرئيس نبيه بري والى حد الحديث عن «اياد خبيثة  تعمل لمصلحة اسرائيل»، مبدياً خشيته من «ان يكون هناك لبنانيون يتعاطون مع هذا التطعيل»؟

مقربون من عين التينة يقولون ان بري ماض في ملف النفط والغاز الى  نهايته ولو اقتضى الامر النزول الى الشارع، فهذا هو السبيل الوحيد لتفكيك الدين العام الذي لامس الخطوط الحمراء. التفكيك التدريجي بطبيعة الحال والذي يحول دون لبنان والانهيار المالي، وبالتالي الانهيارالسياسي.

ربما وصلت الى رئيس المجلس تلك المعلومات التي تقول ان جهات لبنانية رفعت شعار «لا نفط ولا غاز قبل رئاسة الجمهورية»، دون ان يفهم احد ما هي العلاقة بين حقول الغاز والقصر الجمهوري.

ودون ان يبقى  سراً ان هناك شخصيات لبنانية اتصلت بعاصمة عربية معنية بالغاز لاستشارتها في الموضوع، فكان نصيحة العاصمة بان يتريث لبنان لحين اقفال الازمة السورية، وباعتبار ان موضوع الغاز سيكون جزءاً من ترتيب استراتيجي عام في المنطقة، ومن الخليج الى المتوسط، ليزيد الوضع في تركيا التي هي المصب الرئيسي او محطة الثقل الاساسية في تعقيد الملف. مصادر موثوقة اكدت ان العاصمة اياها وصلت الى حد التحذير من ان الغاز لعبة خطيرة في الظروف الراهنة.

مصادر رئيس الحكومة تمام سلام قالت لـ«الديار» ان حماسته لاطلاق عملية التنقيب عن الغاز لا تقل، في اي حال، عن حماسة بري، لكن المشكلة هي في سيناريو الاتفاق، اذ بدا كما لو انه اتفاق ثنائي بين بري والعماد ميشال عون (عبر الوزير جبران باسيل)، ودون ان تكون للمراجع الاخرى بما في ذلك رئاسة الحكومة اي دخل في الموضوع.

المصادر تضيف «صحيح ان الخلاف بين بري وعون هو الذي جهز الملف على مدى سنوات ثلاث، لكن اعادة اطلاقه لا تتم هكذا، وبتلك الطريقة الدرامية، مع انتشار تكهنات حول صفقة وراء الستار تربط الاتفاق حول الغاز بالاتفاق حول رئاسة الجمهورية».

سلام لا يعتقد بوجود هذه الصفقة التي ابتدعها  «خيال بيغائي»، وكما ردت مصادر عين التينة في حينه، لكنه لن يدعو الى عقد اجتماع للجنة الوزارية المكلفة ملف النفط والغاز للبحث في المرسومين التطبيقيين «قبل تحقيق بعض الامور».

ما  هي هذه الامور؟ اكثر من جهة تسأل عن سبب الغموض الذي يحيط بالملف، وما اذا كانت هناك قوى لبنانية طلبت التريث في اطلاق المسار بناء على طلب عواصم في المنطقة.

وكان قد نقل عن رئيس حكومة سابق قوله «اننا لسنا في صدد تقديم هدايا بهذا الحجم لـبري وعون»، معتبراً «ان المسألة تتعلق باستخراج الغاز، لا البطيخ، من قاع البحر».

استطراداً، الموضوع ذو ابعاد استراتيجية، وثمة جانب منه مفتوح على الاحتمالات الاسرائيلية، ولا يمكن  تهريبه بتلك الطريقة ما دام يتعلق بالامن الاستراتيجي للبنان بشقيه الاقتصادي والعسكري.

رئيس الحكومة السابق الذي استغرب اتهام المعترضين   بخدمة اسرائيل، سأل «وهل كان لمصلحة لبنان ابقاء الملف في الادراج لمدة تتعدى الثلاث سنوات بسبب الخلاف بين فريقين لبنانيين؟».

كما ينقل عنه انه «في نهاية المطاف يبدو اننا جميعا نعمل لخدمة اسرائيل» التي تستفيد من الوقت لاستنزاف حقول على تداخل جيولوجي مع «المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة».

اللافت في هذا السياق ان قوى تؤكد ان العوائق امام ملف النفط والغاز شكلية وسيتم تذليلها، وربما طرح الموضوع على ثلاثية الحوار في الاسبوع الاول من شهر آب لتكريس الشفافية في مقاربة المسألة من كل وجوهها، وهناك قوى سياسية تشير الى يد خارجية. هل هي اميركية ام اسرائيلية ام عربية تدخلت لوقف العملية التي لا يمكن الا الاقرار باهميتها في ظل الصراع العلني او الخفي على خارطة الغاز.

سفير عربي في بيروت، وبلاده ذات باع طويل في الصناعة النفطية قال لـ«الديار» عجيبون انتم في لبنان، تتعاملون تلفزيونيا مع قضية على هذا المستوى من الاهمية، وببعديها الداخلي والخارجي، كما لو انكم تتعاملون مع انتخاب ملكة جمال لبنان».

في رأيه انه كان يقتضي تشكيل مجلس اعلى للنفط والغاز (هناك في لبنان هيئة النفط) وهذا المجلس الذي يضم خبراء ومستشارين يتمتعون بكفاءات مالية ويعرفون الكثير من خفايا العمليات النفطية من لحظة التلزيم للتنقيب وحتى لحظة التلزيم للاستخراج.

ـ اوقفوا التعامل التلفزيوني ـ

السفير اكد على ان المجلس (او الهيئة) يفترض ان يعطي صلاحيات واسعة، مع ربطه بطبيعة الحال بسلطة اعلى هي سلطة مجلس الوزراء، لكي يتمكن من القيام بتلك الاعباء المتعددة الابعاد والتي الكثير منها يقتضي السرية.

نصيحة السفير الخليجي: اوقفوا التعامل التلفزيوني مع ملف النفط والغاز، دون ان يعني ذلك، بطبيعة الحال، انتفاء الشفافية المطلقة في العملية من الفها الى يائها.

عائدات النفط والغاز، ان وضع الملف على السكة الان، لن تدخل الى خزينة الدولة قبل عقد من الزمان. حتى ذلك الحين، تجمع الاوساط الدولية على «الادارة السيئة  للازمة السياسية»، فهل من مجال لـ«الادارة الحسنة للازمة المالية»؟

احد الوزراء قال لـ «الديار» ان اصحاب المعالي استخدموا ادمغتهم اكثر مما استخدموا السنتهم. الجميع استشعروا دقة المرحلة، ووجوب المعالجة العقلانية والسريعة، بمجرد ما دقت المؤسسات الدولية للتصنيف الائتماني جرس الانذار.

اتفاق في مجلس الوزراء على اعداد موازنة عام 2017، موازنة استثنائية او بالاحرى موازنة طوارئ على ان يوضع جانباً شرط تقارير قطع الحساب التي تظهر بالتفصيل مالية الدولة، بل واين تقف الدولة الآن. لكن وضع هذه التقارير عملية معقدة ان لم تكن مستحيلة. لا بد من وقف اعتماد القاعدة الاثني عشرية من عام الى عام، دون اي اعتبار للقواعد المالية الكلاسيكية، وبالتالي دون اي اعتبار للمخاطر التي يمكن ان يسببها استمرار الحالة الملتبسة للوضع المالي.

ـ كسر الحلقة المفرغة ـ

وزير الداخلية نهاد المشنوق تحدث عن «كسر الحلقة المفرغة» ووزير المال علي حسن خليل همس لاكثر من جهة انه لا يستطيع ان يقدم صورة سوداوية للحالة المالية كي لا ينشر الهلع في صفوف الناس، مع ما لذلك من تداعيات خطيرة.

اختيار الكلمات كان دقيقا للغاية، وخليل واثق من وضع موازنة متكاملة امام مجلس الوزراء، تلحظ بطبيعة الحال اصلاحات هيكلية تلقى صدى جيداً لدى المؤسسات الدولية بعدما ارسلت هذه اشارات تحذيرية على مدى اكثر من عام.

«الديار» استخرجت آراء بعض الوزراء حول ما اذا كان باستطاعة الموازنة ان تمر ضمن المهلة الدستورية اذا ما تضمنت نصوصاً ضريبية، فكان الرد بان الضرائب ستكون «نوعية» ولن تزيد في حدة الازمة المعيشية التي يواجهها معظم اللبنانيين، المثير هنا ان احد الوزراء تساءل عن كيفية اعداد موازنة لاربعة ملايين لبناني فيما عدد النازحين يناهز المليونين، وهؤلاء يستهلكون الكهرباء والماء والبنى التحتية، والى حد اقتراح موازنة ملحقة خاصة بالنازحين واللاجئين…

ـ مجلس اعلى لادارة الدولة ـ

الاصلاحات ايضا قد تكون بحاجة الى طاولة الحوار، وحين قال احد الوزراء بذلك لان المسألة تقتضي تغطية سياسية واسعة النطاق، لا سيما في ما يتعلق بخطط التقشف، كما بالفئات التي تطاولها الضرائب وبعضها ينطوي على حساسية كبيرة، كان على وزير آخر ان يسأل ما اذا كانت طاولة الحوار ستتحول الى «مجلس اعلى لادارة الدولة». ولان العامل المذهبي او الطائفي يضغط حتى على مثل هذه الطروحات، كان هناك اقتراح بأن تتم المداورة في ادارة الجلسات واذ لا مجال لترؤس وزير او نائب جلسة يحضرها رئيس المجلس النيابي او رئيس الحكومة، تعالج هذه المسألة بان يتمثل كل منهما بشخص معين.

الآن تترك الامور على ما هي عليه، وجلسة 2 و3 و 4آب التي كانت مخضصة للبحث في السلة المتكاملة، او في مسائل بـ«المفرق» من رئاسة الجمهورية الى قانون الانتخاب، قد تبحث في مسائل اخرى، وان كان ثابتاً ان التجاذبات الداخلية الشديدة التأثر بتطورات الاقليم، ومن حلب الى اسطنبول، قد تجعل التوصل الى حلول شبه مستحيل.

ـ جنبلاط: التسوية ـ

وهنا تتوقف الاوساط السياسية عند الكلام الذي صدر عن النائب وليد جنبلاط في بكركي «التسوية قبل التسمية». اذاً، لا رئيس جمهورية قبل تسوية تتعلق بازمات اساسية تعصف بالبلاد، ومنها قانون  الانتخاب الذي قد يتحول في لحظة ما من خانة التجاذبات الى خانة الصراع.

وهنا يشير عضو في الكتلة الجنبلاطية الى ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ينظر بقلق شديد الى ما آل اليه الاشتباك السياسي، وغالبا بخلفية مذهبية مع تداعياته الاقتصادية واحتمالاته الامنية.

وكان جنبلاط يأمل بلقاء يجمع الرئيس سعد الحريري والامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، لكن التعقيدات الخارجية والداخلية تجعل من المستحيل عقد مثل هذا اللقاء الذي كان من شأنه المساعدة على حل المشاكل الاساسية، وبعدما لاحظت شخصية صيداوية على علاقة وثيقة بالحريري انه نادم على خوض المجال السياسي اثر اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري. ولكن ما هي حدود الندم، الذي تقول الشخصية الصيداوية انه اخذ منحى دراماتيكياً مع ما يمكن ان يسمى بـ«النكبة المالية» التي المت به ولاسباب سياسية بالدرجة الاولى.

الشخصية اياها تقول ان الحريري غرق في السياسة، ولم يعد باستطاعته الخروج منها، لا بل ان السياسة قد تكون الباب الوحيد لتجاوز ازمته المالية ان عاد الى السرايا الحكومية او ان بدا «حاجة سعودية ملحة» ليكون في موقع رئيس مجلس الوزراء.

ـ السفير السعودي ـ

هذه مسألة تبدو مستبعدة في الوقت الحاضر وما دام الصراع السعودي – الايراني على اشده، وما دامت قيادات «حزب الله» تنتقد المملكة وسياساتها يومياً، لترد عليها الاصوات اللبنانية المرتبطة بالمملكة، فيما كان هناك موقف امس للسفير السعودي علي عواض عسيري قال فيه «لا يمكنني ان اتجاهل مواقف «حزب الله» الاخيرة تجاه السعودية واتهامه لنا بعرقلة الملف الرئاسي في لبنان». وتوجه الى الحزب بالقول «بربكم الم يعد هناك احترام لعقول الشعب اللبناني، كفوا عن اعتماد اسلوب التعمية والتعتيم، فالمثل اللبناني يقول الشمس طالعة والناس قاشعة»