IMLebanon

في 29 نيسان 2009 أفرج عن الضباط الأربعة دون اتهام واشتباه بهم

من ينسى 14 شباط الكارثة التي حلّت بلبنان من خلال استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري عبر انفجار شاحنة مليئة بالمتفجرات امام فندق السان جورج.

ومن وقتها بدأ الاقتصاد اللبناني بالتدهور والحياة السياسية في لبنان بالتأزم، وانقسم لبنان بين 14 اذار و8 اذار، وما زالت الخلافات السياسية ظاهرة للعيّان، والافرقاء السياسيين منقسمين، وتم تنفيذ القرار 1559، بخروج الجيش السوري من لبنان، وبدء مرحلة جديدة من التأزم الاقتصادي والسياسي في لبنان بغياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

في 14 شباط 2005 اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وسارت مظاهرات كبيرة وكثيرة، مطالبة باستقالة ضباط الامن في لبنان، وكان الطلب سياسياً اكثر منه قضائي او جزائي، او مبني على أدلّة لان الضباط الأربعة وهم: اللواء جميل السيد، اللواء علي الحاج، والعميد ريمون عازار والعميد مصطفى حمدان، كانوا مسؤولين امنيين في عهد الرئيس اميل لحود، واعتبرتهم مظاهرات 14 اذار انهم المسؤولون عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

عقد اللواء جميل السيد مدير عام الامن العام والذي كان اقوى المسؤولين الأمنيين في البلاد، مؤتمرا صحافيا وقال: جئنا بقرار سياسي، ولا نستقيل الا بقرار سياسي. لكن تحت الضغط، استقال اللواء جميل السيد من منصبه، وفي شهر آب، سنة 2005، اتصل المحقق الدولي دتليف ميليس بوزير العدل شارل رزق وبالمدعي العام التمييزي سعيد ميرزا طالبا اجتماعا عند الصباح في السابعة والنصف من شهر آب 2005، وانعقد الاجتماع، وطلب دتليف ميليس توقيف الضباط الأربعة وهم : اللواء جميل السيد مدير عام الامن العام، الذي كان استقال، والعميد ريمون عازار مدير المخابرات العسكرية، والعميد علي الحاج مدير عام قوى الامن الداخلي، والعميد مصطفى حمدان قائد الحرس الجمهوري. ووافق وزير العدل شارل رزق على التوقيف، ووافق المدعي العام سعيد ميرزا على توقيف الضباط الأربعة.

وتم ارسال قوى الى منازلهم لتوقيفهم، منهم من قاد سيارته، ومنهم من قاد جنديّ سيارته الى سجن التوقيف، بناء على طلب رئيس لجنة التحقيق الدولية دتليف ميليس، لان هنالك ادلة وشبه كبيرة حول اشتراك الضباط الأربعة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

كان المطلوب من الرئيس اميل لحود ان يتدخل مع وزير العدل والمدعي العام التمييزي للطلب لاعطائه الأدلة على سبب توقيف الضباط الأربعة الذين هم فريقه الأمني والسياسي، لكنه لم يفعل، كما فعل الرئيس بشار الأسد، عندما ارسل ضباطه الى فيينا في النمسا، واشترط ان يتم التحقيق معهم وتنتظرهم طائرة لتعود بهم الى دمشق في ذات اليوم، بعد إعطاء افاداتهم امام اللجنة الدولية للتحقيق باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

لكن ما سبب طلب دتليف ميليس توقيف الضباط الأربعة، وكيف يطلب دتليف ميليس توقيف الضباط الأربعة، وبعد 4 سنوات، يجلس دتليف ميليس في مجلس الامن ويعلن ان لا ادلة ولا شبهة على الضباط الأربعة خاصة وان قاضي الإجراءات الدولية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال فرانسين أمر بالافراج فورا عن الضباط الأربعة الموقوفين من دون توجيه أي اتهام لهم، ولدى وصول اللواء جميل السيد الى منزله بعد الافراج عنه، صرّح لدى وصوله الى منزله في غرب بيروت، قائلا: «اليوم أصدرت المحكمة الدولية حكمها ببراءة ضباط لم يكونوا متهمين ولم يكونوا مشتبه بهم».

ما الذي أدى الى توقيف الضباط الأربعة، والافراج عنهم بعد 4 سنوات، خاصة وان اللواء جميل السيد وجه عدة رسائل الى القضاء اللبناني، طالبا منه ان يتخذ القضاء اللبناني القرار بالافراج عن الضباط الأربعة قبل قرار المحكمة الدولية، كي لا يسقط القضاء اللبناني معنوياً. ومع ذلك صمت القضاء اللبناني ولم يتخذ قرارا بالافراج فورا عن الضباط الأربعة. وقال اللواء جميل السيد ان هذا اليوم يدل على سقوط القضاء اللبناني معنوياً وعلى ان العدالة ستأتي من المحكمة الدولية لاحقا.

ولكن ما سبب الضجة التي حصلت حتى تم توقيف الضباط الأربعة، من قبل دتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية والمدعي العام التمييزي سعيد ميرزا، ووزير العدل الأستاذ شارل رزق، وسكوت الرئيس اميل لحود عن الموضوع.

انها كومبارس شهود الزور، والشاهد الملك الذي استندت عليه لجنة التحقيق الدولية، شاهد اثبت نفسه بجدارة واعتلى مسرح النجومية من الباب الواسع، واعتبر في منطق بعض الشذاذ شاهدا ملكا، فمن هو؟ انه محمد زهير الصديق، الصديق الذي تعلم جيدا سر الاعلام واسرار الامن والسياسة، انه سر استودعه احدهم لدى لجنة التحقيق الدولية، ولا يختلف اثنان انه تدرب جيدا، ربما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري على ان يكون اللغز الذي يتحدث عن نفسه ويبقى لغزا، فمن هو؟

محمد زهير الصديق سوري الجنسية من بلدة صافيتا تحديدا وفيها يقول انه برتبة ضابط سوري فقد تبين انه ينتحل هذه الصفة، وقيل تفاصيل كثيرة تشي بأن الرجل له باع طويل، وهو تحدث عن تورط النظام الأمني اللبناني ـ  السوري وعن اجتماع ضباط الأمن اللبنانيين مع الضباط السوريين في حي معوض حيث تم التخطيط لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقامت لجنة التحقيق الدولية بفحص الـ دي. ان. أي في شقة في حي معوض ولم تجد أي اثر للاجتماع، الذي ادعى محمد زهير الصديق انه حصل.

ثم ظهر شاهد زور اخر، هو حسام حسام، متهم لبنانيا بأنه شاهد زور، انه الشاهد المقنع الذي اعترف امام دتليف ميليس ولجنة التحقيق بضلوع سوريا وضباط لبنانيين وسوريين في الجريمة وما لبث ان عاد عن افادته ليس امام دتليف ميليس ولجنة التحقيق بل امام الاعلام ولجنة التلفزة وقال انتزعوا افادتي بالتهديد وبالترهيب، وعرضوا اخراجي من لبنان مقابل الادلاء بشهادة زور ضد سوريا في اطار صفقة احصل فيها على جنسية في دولة أوروبية اذا اعترفت امام لجنة التحقيق بضلوع ضباط لبنانيين وسوريين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

اما شاهد الزور اللاعب الذي يفقه أصول الانتقال من شبكة الى شبكة، وهو ذكر أسماء كبيرة من عيار الوزراء السابقين، مروان حمادة وحسن السبع في سياق شهادة سجلت على ذمته. ثم ظهر شاهد زور اخر إبراهيم ميشال جرجورة، بشهادة كاذبة، امام شقيقة الشهيد بهية الحريري ولجنة التحقيق الدولية لتوريط سوريا وبعض الضباط اللبنانيين، ثم ظهر اكرم شكيب مراد، وهو شاهد زور اخر، سوري من السويداء اعترف بضلوع ضباط لبنانيين في الجريمة، وعاد عبر الشريط المسجل مدته 5 دقائق و50 ثانية عن افادته، متهما من اتهمهم حسام حسام على تقديم شهادة مزورة.

كما استمعت لجنة التحقيق الى إفادة المتهم عبد الباسط في دولة أوروبية، وهو فلسطيني، وله على ما قيل علاقة بالموساد ودخل لبنان في حزيران عام 2001 آتياً من الأراضي المحتلة عبر الحدود البرية وحين أوقفته استخبارات الجيش اللبناني اعترف بأنه فرّ من هناك بعدما اكتشفت اسرائيل ارتباطه بجهاز استخبارات السلطة الفلسطينية. أحيل الى المحكمة العسكرية وصدر فيه حكم بالسجن مدة 18 شهراً. وبما أنه أجنبي حصلت له مفوضية اللاجئين على قبول إعادة توطينه في السويد فأُبعد عن لبنان… وهو اعترف من هناك أن ضباطاً لبنانيين طلبوا منه عام 2004 إلصاق عبوات ناسفة بسيارة الشهيد. تحدّث أيضاً عن ضغوط نفسية تعرّض لها على يدي الاستخبارات اللبنانية والسورية لتجنيده من دون تحديد مهمة واضحة. كلام كثير اعترف به عبد الباسط، قد يكون زوراً وقد يكون حقيقة، فيه أنه طُلب منه اغتيال البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير.

من هم هؤلاء… من فبركهم ؟ لماذا؟ هل هم صنيعة اجهزة المخابرات العالمية ؟ هل هم اركان في مشروع ضخم يستهدف دول الممانعة والمقاومة؟… صدر القرار الظني معتمدا على تحقيقات اولية تأسست بدورها على شهادات هؤلاء، وربما غيرهم…. «العدالة الدولية» ضحية التزوير – إذا كنا نحملها على محمل حسن ـ وقرارتها الدولية لا اساساً قضائياً لها… فمن نافل القول ان ما بني على باطل فهو باطل…

واصبح شهود الزور كومبارساً ووُعدوا بان يصبحوا ابطالا ثم تبخروا واختفوا وميّعوا التحقيق وميّعوا قضية كل لبنان العادلة، حتى ان ابن الشهيد الرئيس رفيق الحريري ونجله سعد الدين الحريري قال في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط ان شهود الزور ضللوا التحقيق باغتيال والده، وسيسوا الاغتيال. فكيف اعتمدت عليهم لجنة التحقيق برئاسة دتليف ميليس بشهود الزور، وكيف اختفى شهود الزور ومن يحميهم؟ ومن فبركهم؟ وهل يتعاملون مع الجن؟

اهم خلاصة في الموضوع ان القضاء اللبناني الذي كان يجب ان يوفر العدالة لكل المواطنين، ويحقق في قضية عادلة، ذهب ضحيتها الرئيس الشهيد رفيق الحريري سقط معنويا عندما استند الى طلب دتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية التي اعتمدت شهود الزور في افاداتهم، واقوالهم الكاذبة، والمختلطة. وسجل القضاء اللبناني في تاريخه نقطة سوداء في سجله عندما اعتقل أربعة ضباط دون شبهة ودون اتهام بل ارتكازا على شهود الزور، اين هم اليوم فلا احد يعرف، لقد ذهبوا وأصبحت المحكمة الدولية في لاهاي في هولندا تحقق باتجاه اخر مختلف كليا، عن إفادات شهود الزور الذين اتهموا الضباط اللبنانيين الأربعة، واتهموا ضباطاً سوريين.

والاهم ان القضاء اللبناني لم يهتم بتوقيف أربعة من كبار الضباط المسؤولين في لبنان من دون ادلة واضحة وراسخة، بل على طلب من القاضي دتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية، حيث كان مساعدوه يحاولون اغراء الضباط الأربعة بالادلاء بافادة بأنهم اجتمعوا مع اللواء المرحوم رستم غزالي ومسؤولين سوريين، فيتم الافراج عنهم وتتوجه التهمة فقط الى سوريا.

ولان الضباط الأربعة لم يغرقوا في رشوة واغراءات المحققين الدوليين واعتبروا هذه الاغراءات كاذبة، لانها مستندة الى شهود زور، وطلب الضباط الاربعة وعلى رأسهم اللواء جميل السيد مواجهة الشاهد الملك، فلم يقبل القاضي دتليف ميليس بذلك ولم تحصل المواجهة. وعندما حصلت وجاء الشاهد الملك وقال ان اللواء جميل السيد كان في اجتماع في حي معوض في الشقة التي تم التحقيق فيها باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، طلب اللواء جميل السيد من مكتبه المفكرة لمواعيده، فتبين انه في ذلك التاريخ كان يستقبل السفيرة البريطانية مع بعثة بريطانية وكان في مكتبه في الامن العام.

خلاصات كثيرة يمكن استنتاجها من موعد 29 نيسان، موعد الافراج عن الضباط الأربعة بقرار من دانيال فرانسين، قاضي الإجراءات الدولية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وان اللجنة الدولية للتحقيق برئاسة دتليف ميليس التي ارادت وحققت فعليا في سجن الضباط الأربعة ليمثلوا امام المحكمة الدولية أفرجت عنهم المحكمة الدولية قبل ان تبدأ جلساتها للمحاكمة، وان القضاء اللبناني تقاعس عن عمله مع وزارة العدل، في وقت كان يجب ان يكون القضاء اللبناني حاميا لكل مواطن لبناني ويعطيه حقه والعدالة.

ثانيا، ان توقيف الضباط الأربعة جاء توقيفا سياسيا بحتا، وتبين ذلك، من خلال عدم توجيه أي تهمة لهم، او توجيه شبهة لهم أيضا، وسواء مارس الضباط الأربعة السياسة بقيادة الرئيس اميل لحود، شكلت لهم غضب سياسيين في صفوف 14 اذار، فان ذلك ليس مستندا لتوقيفهم، او استقالتهم، وخاصة سجنهم 4 سنوات استنادا الى شهود زور.

والسؤال يبقى اين هم شهود الزور؟ وأين اصبحوا؟ ومن يحاكمهم على تمييعهم والاضرار بالقضية العادلة لمعرفة من اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بدل تضليل التحقيق وتمييعه وأخذه في اتجاه آخر، حتى ان وزير الداخلية سليمان فرنجية تم التحقيق معه، لانه كان على خلاف مع قاضي الإجراءات الدولية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومع وزير الداخلية لكن الأمور عادت وجرت بشكل أوقفت لجنة التحقيق الدولية تحقيقاتها مع وزير الداخلية سليمان فرنجية.

كذلك استدعت شخصيات كثيرة منهم رؤساء تحرير وطلبت كشف السرية المصرفية عن حساباتهم، وادت الى الاضرار بسمعتهم، والى صدمة نفسية لاولادهم، ما زالوا يعانون منها، نتيجة التحقيق لمدة 9 ساعات كل مرة في المونتيفردي. وتحولت احدى محطات التلفزة الى هيئة محكمة وتحاكم من تستدعيهم لجنة التحقيق الدولية الى المونتيفردي، وكل ذلك على قاعدة شهود الزور، الذين يجب محاكمتهم بعد اضرارهم الضرر الكبير بالتحقيق بالقضية العادلة، وفي ذات الوقت بعدما تسببوا بضرر كبير منها توقيف الضباط الأربعة من دون تهمة او شبهة، ومنها الاضرار بسمعة وعائلات شخصيات سياسية ورؤساء تحرير صحف من دون أي وجه حق بل استنادا الى كذابين هم شهود الزور، وأين هم شهود الزور اليوم، ولماذا تم ختم هذا الموضوع. وقد تم ختمه لاسباب سياسية لبنانية كي يعود الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، وبعدما بدأت جلسات المحكمة الدولية في لاهاي، لكنها لم تحاسب شهود الزور بأي شيء، ولم تطلب اعتقالهم مع الانتربول الدولي لانهم أدلوا بافادات كاذبة وضارة جدا لمصلحة لبنان العليا، والعلاقة بين لبنان وسوريا، اكثر مما كانت العلاقة سيئة بألف مرة.

سقط التحقيق الدولي برئاسة دتليف ميليس نتيجة شهود الزور، وسقط القضاء اللبناني نتيجة قبوله باعتماد طلب دتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية باعتقال الضباط الأربعة والتحقيق معهم ورفع السرية عن شخصيات هامة في لبنان، وسقطت الدولة اللبنانية كلها، ولم تستطع 14 اذار السير قدما في التحقيق خاصة بعد استنادها الى شهود الزور. سقطت 14 اذار ليس سياسيا بل سقطت لانها اعتمدت شهود الزور في قضية عادلة واكثر من اضر بقضية العدالة باغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري هم شهود الزور.