IMLebanon

باسيل لـ «الديار»: هذه قصة ورقتي.. ولا نطمع بصلاحيات احد

هكذا سيتصرف الحريري إذا عُقدت جلسة التمديد في 15 أيار

باسيل لـ «الديار»: هذه قصة ورقتي.. ولا نطمع بصلاحيات احد

عماد مرمل

اليوم هو الاول من ايار، الذي يصادف عيد العمل. انه عيد الكادحين والمكافحين لتحصيل قوتهم اليومي، وسط ظروف اقتصادية صعبة تحوّل العامل الى «مناضل»، فألف تحية لهؤلاء الجنود المجهولين الذين لا يهمهم على الارجح كل هذا العبث السياسي المتمادي الا بقدر ما ينعكس سلبا ووبالا على مصالحهم ويومياتهم.

اما «المياومون» في ملف قانون للانتخاب، فلا تزال حركتهم من دون بركة، بعدما اصطدمت الاقتراحات المتبادلة بـ «الاجندات السرية»، فيما اكتفى النائب وليد جنبلاط بالقول لـ «الديار»: غدا (اليوم) هو عيد العمال… خلينا ساكتين، ولنترك فسحة لاصحاب العيد…

ومع الدخول في شهر ايار، تضيق أكثر فأكثر مساحة «المنطقة الخضراء» على المستويين الوطني والدستوري، لتقترب في المقابل كماشة الخيارات الصعبة من الإطباق على عنق لبنان.

ورغم ان جميع الاطراف الداخلية، تؤكد في الظاهر رفضها التمديد والستين والفراغ، إلا ان هذه الـ «لا» العلنية ليست مصحوبة حتى الآن بـ«نعم» مشتركة لصيغة انتخابية محددة تحقق العدالة، ما يطرح علامات استفهام حول حقيقة الرهانات الضمنية والنيات المضمرة لدى المفاوضين او بعضهم، على الاقل.

والمفارقة في هذا السياق، ان المشاريع المتكاثرة تحرق بعضها البعض، بدل ان تتفاعل في اتجاه واحد، وكأن وظيفة الافكار المطروحة هي تبادل «الثأر السياسي»، وصولا الى تعميق المأزق لا إنضاج المخرج.

وواقع الامر ان ما يجري منذ مدة، ليس حوارا حقيقيا حول قانون الانتخاب الافضل، وإن بدا كذلك في الشكل. ما نحن بصدده اقرب الى معركة عض اصابع، يراهن فيها كل فريق على ان يصرخ الآخر اولا. والارجح، ان هذه المعركة ستتصاعد في الوقت الفاصل عن 20 حزيران، موعد نهاية ولاية المجلس الحالي، حيث يُتوقع ان يستخدم الجميع ما لديهم من «اسنان» و«انياب» في المواجهة المحتدمة على حافة الهاوية، سعيا الى تخفيض فاتورة التنازلات قبل إتمام التسوية، او سعيا الى تحسين المواقع قبل الخوض في مغامرة المجهول.

وتعبيرا عن استعصاء التسوية حتى الآن، أكد مصدر سياسي مُشارك في المفاوضات ان الامور عادت تقريبا الى المربع الاول، لافتا الانتباه الى ان الاجتماع الاخير بين ممثلي القوى الاساسية كان سيئا جداً.

ويوضح المصدر انه لا يوجد في هذه اللحظة مشروع متقدم ويحظى بأسبقية على غيره، مشيرا الى ان «التأهيلي» سقط بالضربة السياسية القاضية بعدما ابلغ حزب الله المعنيين انه لا يستطيع ان يمشي بمشروع يرفضه كل من الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، وإن يكن قد أبدى موافقته عليه في السابق.

اما الصيغة المركبة المقترحة من بري والتي تجمع بين انشاء مجلس الشيوخ وفق «الارثوذكسي» وانتخاب مجاس النواب على قاعدة النسبية الكاملة، فلا تزال تواجه عقبات مستعصية بعدما تكفل «شيطان التفاصيل» المتمثل في الخلاف حول صلاحيات مجلس الشيوخ وطائفة رئيسه في تكبيل هذا «الارنب» وكبح اندفاعته.

باسيل يوضح

وفيما اعتبرت «عين التينة» ان رد الوزير جبران باسيل على صيغة بري عطل اندفاعتها بسبب ما طرحه في شأن صلاحيات مجلس الشيوخ، قال باسيل لـ «الديار» : نحن نكاد نستطيع تحصيل حقوقنا في التمثيل الصحيح على مستوى قانون الانتخاب، وبالتالي ليس واردا لدينا ان ننتقص من حقوق او صلاحيات اي فئة، سواء بالنسبة الى قانون الانتخاب او مجلس الشيوخ، ونحن لا نطمع بأي شيىء من هذا القبيل، بل أنا أؤكد انه لا يوجد سجال حقيقي حول الصلاحيات، لان أصل الموضوع ليس هنا، والامر ليس مطروحا على هذا النحو بتاتا… فليطمئن القلقون.

ويلفت باسيل الانتباه الى انه عندما جرى طرح مشروع الرئيس بري علينا، كان رأينا ان الوقت لا يسمح بالدخول في نقاش تفصيلي حول صلاحيات مجلس الشيوخ وطائفة رئيسه، واقترحنا ان نقر بداية مبدأ انشاء المجلس ثم نبحث في الباقي لاحقا. ويضيف: لكن، قبل ايام جرى تسليمنا ورقة من الرئيس بري حول عمل المجلس المقترح وألحوا علينا ان نجيب بسرعة، فاقترحت ورقة لا تبتعد كثيرا عن تلك التي وضعوها، واعتبرنا ان ما قدمناه يشكل طلائع افكار وبداية نقاش، الا انهم لم يحتملوا مجرد الاخذ والرد.

ويوضح باسيل انه سلم نسخة عن ورقته الى جميع الاطراف المعنية التي كان رد فعل معظمها ايجابيا.

ويبدي رئيس التيار الحر خشيته من الا تكون هناك جدية كافية في الطروحات التي يتقدم بها البعض، لان طريقة التعامل مع مواقفنا لا توحي بالتفاؤل.

ويصر باسيل على ان مشروع التأهيل لم يسقط بعد، لافتا الانتباه الى ان كلا من حزب الله وتيار المستقبل وافق عليه، والقوات اللبنانية ابدت استعدادا لمناقشته ولم تستبعده، وحتى الرئيس بري كان موافقا عليه في البداية. ويتابع: الغريب ان التأهيلي كان فكرتهم في الاساس، «وطبقونا» لنوافق عليه، فلما أخذنا به صاروا يهاجموننا..

 حسابات الحريري

وإذا كان الرئيس سعد الحريري قد وافق لاحقا على «التأهيلي» وأعلن عن رفضه القاطع لخيار التمديد، فإن السؤال المطروح والذي لم يقدم عليه رئيس «المستقبل» إجابة واضحة بعد هو: هل سيشارك في جلسة 15 ايار النيابية، ما لم يتم التفاهم حتى ذلك الحين على مشروع انتخابي؟

صحيح، ان الحريري تعمد إحاطة موقفه من الجلسة بشيىء من الغموض، مراهنا على ايجاد مخرج يعفيه من الاحراج، لكن اوساطا سياسية واسعة الاطلاع توقعت ان يحضر الحريري الجلسة، إذا بقيت في موعدها، إنما من دون ان يصوّت مع التمديد للمجلس النيابي، فيكون بذلك قد ارضى بري من خلال تأمين النصاب القانوني والميثاقي، وساير في الوقت ذاته الرئيس ميشال عون عبر رفضه التصويت الى جانب التمديد.

وفي حين يصوّر بعض خصوم عين التينة بان التمديد هو الخيار المفضل لدى بري، يجزم المقربون من رئيس المجلس انه من اشد الكارهين له، لكن الفارق بينه وبين المزايدين انه يتعاطى مع فرضية حدوثه بواقعية، على قاعدة انه اقل مرارة وضررا من الفراغ، مشددين على ان بري ليس متمسكا بإنجاز التمديد في جلسة 15 ايار، وإذا لم تتوافر شروطه فلن يكون مستاء وعلى الجميع ان يتحمل مسؤوليته حينها.

وينبه هؤلاء الى ان خطورة الفراغ النيابي تكمن في انه سيعطل المؤسسات الدستورية الاخرى، كون النظام المعتمد في لبنان هو نظاماً برلمانياً، الامر الذي سيقود تلقائيا الى البحث في كيفية إعادة تأسيس السلطة، بمعزل عن حساسية هذا او ذاك من «المؤتمر التاسيسي»، متسائلين عما إذا كان من مصلحة المسيحيين الدفع في هذا الاتجاه المفتوح على كل الاحتمالات.

ويؤكد المقربون من عين التينة انه إذا كان البعض  اللعب على حافة الهاوية، فنحن لها والرئيس بري من محترفي هذا النوع من المبارزات.

 مروحة الاحتمالات

ولكن.. ما هي السيناريوهات المحتملة، في ربع الساعة الاخير، قبل وقوع المحظور؟

اوساط سياسية واسعة الاطلاع قالت لـ «الديار» ان السيناريوهات المفترضة تنحصر في اربعة، وهي:

-السيناريو الاول: ان يقبل التيار الوطني الحر ما كان قد طرحه بري على مستوى صيغة التأهيل، وهو توسيع هامش التأهل الى مرحلة الانتخاب وفق النسبية، من مرشحيْن الى ثلاثة، ما من شأنه ان يريح مكونات فريق 8 آذار، وعندئذ قد يعيد بري النظر في موقفه المعترض على التأهيلي، وبالتالي يكتسب مسعى التسوية زخما جديدا.

-السيناريو الثاني: ان يتم التوافق على اجراء الانتخابات وفق النسبية الشاملة على اساس 15 دائرة، لارضاء الجانب المسيحي، لا سيما التيار الحر.

-السيناريو الثالت: ان تستمر إضاعة الوقت الى ما قبل ايام قليلة من 20 حزيران، وعندئذ يكون «الاخراج» جاهزا للعودة الى قانون الستين، بموافقة من الجميع، بذريعة انه القانون الوحيد النافذ حاليا وان اجراء الانتخابات على اساسه يبقى اقل سوءا من الفراغ. ثم يحصل تمديد تقني محدود من اجل تأمين التحضيرات اللوجستية والادارية لانجاز الانتخابات.

-السيناريو الرابع: ان يتعذر التوافق على «الستين» او التمديد، ويبقى كل طرف متمترساً خلف طروحاته، الى ما بعد 15 ايار و20 حزيران، مع ما يعنيه ذلك من تدحرج نحو الفوضى السياسية والدستورية.

 الفراغ

ويكاد يكون الثابت الوحيد وسط الاحتمالات المتحركة، هو ان الفراغ ممنوع وليس واردا، لان احدا لا يحتمل التداعيات التي سيتركها على التوازنات الداخلية المرهفة والسريعة العطب.

ولئن كان الثنائي الشيعي يشدد على ان الفراغ ليس خطرا يهدد هذا الثنائي ومكتسباته حصرا بل هو يعني كل المكونات اللبنانية وكل حريص على الانتظام المؤسساتي، إلا ان الاكيد ايضا ان حزب الله الذي بات رقما صعبا في المعادلة الاقليمية لا المحلية فقط، وان حركة امل التي استطاعت ان تشكل رقما صعبا في معادلة النظام والسلطة، لا يمكن لهما ان يقبلا او يحتملا ان يخسرا الموقع الثاني في هرمية الدولة وان يصبحا خارج اسوارها بين ليلة وضحاها، وهذا ما يفسر اصرار بري وحزب الله على منع الفراغ، بأي ثمن.

ويبقى السؤال : هل تتحمل الاطراف السياسية مسؤوليتها التاريخية قبل فوات الاوان وتتعلم من دروس الماضي ام ان التاريخ سيظل يكرر نفسه في هذا الوطن الفريد