IMLebanon

و«القوات» تشيد بالإداء الحكومي لحزب الله !

و«القوات» تشيد بالإداء الحكومي لحزب الله !

جنبلاط مُستاء من الحريري لهذه الأسباب

عماد مرمل

مرة بعد أخرى، يثبت ان اللعبة السياسية في لبنان هي كناية عن رمال متحركة ومتموجة، تتقلب معها الاحوال من حين الى آخر، حتى باتت أعمار التحالفات والخصومات تطول وتقصر تبعا للاقدار… والقدرات.

بعد سنوات من انتشار «موضة» 8 و 14 آذار، اختلطت الاوراق وتبعثرت المواقع في خضم المعركة الرئاسية التي افرزت اصطفافا جديدا، اتخذ احد اشكاله الصارخة بدعم سعد الحريري ترشيح سليمان فرنجية ودعم سمير جعجع ترشيح ميشال عون، قبل ان يكتمل المشهد السوريالي مع قرار رئيس «المستقبل» بانتخاب الجنرال رئيسا للجمهورية.

بعد انتخاب عون وتشكيل الحكومة برئاسة الحريري، راج في بعض الدوائر السياسية ان صفقة حصلت بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، عبر جبران باسيل ونادر الحريري، وأفضت الى توزيع السلطة بالطريقة التي تمت، إنما بقي هذا الاستنتاج في اطار «الشبهة» و«الظن» ، في ظل غياب الدليل القاطع والحسي.

لاحقا، ومع بروز الانسجام الواضح بين عون والحريري في العديد من المحطات المفصلية، تحول الارتياب الى ما يشبه اليقين لدى المتوجسين من «الصفقة». من قانون الانتخاب الى ملفي الكهرباء والغاز مرورا برفض التمديد وغيرها من المؤشرات المتراكمة، بدا واضحا ان «عزف» رئيسي الجمهورية والحكومة يرتكز على «نوتة» واحدة.

في ظل هذا المناخ، راحت بواخر الكهرباء المفترضة تتخبط في أمواج الظنون والهواجس المتبادلة التي لاحت من خلفها معالم اصطفاف معدّل، ولو كان في المبدأ «موضعيا».

هكذا، انتقلت عدوى «التقنين» الى «تفاهم معراب» على وقع التباينات الكهربائية بين طرفيه والتي يرى فيها البعض بُعدا سياسيا، بينما ارتفعت في المقابل «ساعات التغذية» للعلاقة بين القوات اللبنانية وحزب الله، على قاعدة التقاطع في مقاربة الملف الكهربائي وغيره من القضايا الانمائية والخدماتية التي تبين للطرفين انها يمكن ان تكون مساحة للتعاون، من دون ان يعني ذلك الذهاب بعيدا في التوقعات، اقله الآن.

علامة فارقة اخرى سُجلت في مرحلة ما بعد وصول عون الى الرئاسة، وتمثلت في التباعد بين الحريري والنائب وليد جنبلاط الذي لم يتردد في التأكيد اكثر من مرة مؤخرا ان حليفه الوحيد هو الرئيس نبيه بري، غامزا بذلك من قناة رئيس الحكومة.

يشعر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي باستياء شديد من الانحياز الحريري الكامل الى جانب رئيس الجمهورية، من دون ان يحسب حسابا لمصالح «الحلفاء القدامى» وهواجسهم. ويمكن القول ان كيل جنبلاط قد طفح حين ذهب الحريري في تناغمه مع عون والتيار الحر الى حد تبنيه مقاربة باسيل لمجلس الشيوخ وطائفة رئيسه، ومن ثم تأييده مشروع «التأهيل الطائفي» الذي يشكل كارثة حقيقية بالنسبة الى المختارة، من دون ان يراعي رئيس «المستقبل» حساسية جنبلاط وحساباته، خلافا لما فعله بري وحتى حزب الله.

ولا يخفي المقربون من جنبلاط الازمة القائمة بين بيت الوسط والمختارة، مشيرين الى ان جنبلاط يشعر بأن الحريري يحاول التصرف مع عون كما تصرف رياض الصلح مع بشارة الخوري، اي على قاعدة السعي الى اعادة احياء الثنائية السنية- المارونية، وما تعنيه من تهميش للمكونات الاخرى.

ويعتبر جنبلاط – وفق اوساطه – ان محاولة استحضار هذه المعادلة الطائفية مجددا تشكل خطرا على لبنان، تماما كما ان اي ثنائية اخرى تنطوي على تهديد للتوازنات الداخلية الدقيقة، وبالتالي فان الواقع اللبناني محكوم بالتوافق الذي يشمل الجميع ولا يستبعد احدا.

ويلفت المحيطون بجنبلاط الانتباه الى ان سلوك عون والحريري يعكس وجود تفاهمات ضمنية ومصالح مشتركة بينهما، يجري التعبير عنها تباعا عند كل محطة.

ويستغرب هؤلاء اصرار باسيل على إناطة رئاسة مجلس الشيوخ بمسيحي، باسم المحافظة على التوازن الطائفي، في حين ان المفاصل الاساسية في الدولة هي من حصة المسيحيين، ومن بينها قيادة الجيش والمجلس الدستوري ومجلس القضاء الاعلى ومصرف لبنان.

وحتى القوات اللبنانية التي بذلت جهدا في الماضي لمد جسور سياسية بين الرابية وبيت الوسط، تشعر بأن السحر يكاد ينقلب عليها، خصوصا على مستوى خطة الكهرباء التي وضعت «المستقبل» و» التيار الحر» ، في قارب مشترك بل في باخرة واحدة.

مصادر قيادية في القوات اللبنانية اكدت ان معراب ستستكمل معركة تصويب مسار المعالجة لملف الكهرباء حتى النهاية، وهذه معركة جدية لا مزاح فيها، لافتة الانتباه الى انه سيتم توظيف الحضور القواتي داخل الحكومة في اتجاه تصحيح مكامن الخلل في ادارة الشأن العام.

وتشدد المصادر على ان معراب تفصل بين تحالفها مع «التيار الحر» وبين اصرارها على احترام القواعد القانونية والاجرائية في مقاربة الشأن العام، ومن ضمنه قطاع الكهرباء، مشيرة الى ان التحالف السياسي على اهميته لا يمكن ان يبرر غض الطرف عن اخطاء في التعامل مع ملفات حيوية تتصل بمصالح الدولة والناس.

وترى المصادر ان تفاهم «التيار» و«القوات» حقق العديد من الانجازات السياسية، ولا تصح العودة الى مرحلة ما قبله، لكن في الوقت ذاته لا يجوز استخدام زخمه لتطبيق سياسة «مرقلي تمرقلك» ومن غيرالمقبول ان نصمت، باسم هذا التفاهم، عما نعتقد انه خلل في مكان ما، وإذا كانت التسويات والمساومات مقبولة في المسائل السياسية فانها مرفوضة وممنوعة عندما يصبح الامر متعلقا بالشأن العام.

وتدعو المصادر القواتية الى ان تلحظ خطة الكهرباء آليات النزاهة والشفافية التي من شأنها ان تدحض الشبهات المحتملة وبالتالي تشكل حماية وحصانة لحقوق الدولة وكذلك للمولجين بتنفيذ الخطة، لافتة الانتباه الى ان تلك الضمانات المطلوبة تساهم في تحصين عهد الرئيس ميشال عون الذي راهن عليه الكثيرون لاحداث تغيير في نمط التعاطي مع القضايا الحساسة.

وتوضح المصادر ان «القوات» لم تقتنع بمنطق التيار «الكهربائي»، معتبرة انه من الضروري توسيع دفتر الشروط المرتبط ببواخر الطاقة لافساح المجال امام تنوع الخيارات، واللجوء الى ادارة المناقصات لتأمين الشفافية، بدل ان يضع البعض انفسهم في زاوية ضيقة.

وتلفت المصادر الانتباه الى ان معراب تحاول حصر الخلاف بينها وبين الرابية في الاطار التقني، كاشفة عن انه قد يكون من الافضل الاستعانة بهيئة القضايا والتشريع في وزارة العدل لحسم النقاش حول مسار خطة الكهرباء، إذا تعذر الاتفاق.

وتشدد المصادر على ان «القوات» تعتمد معايير موحدة ومقاييس ثابتة في مقاربتها للشأن العام، بمعزل عن هوية الحليف او الخصم، لافتة الانتباه الى ان الدكتور سمير جعجع كان مرتاحا، على سبيل المثال، لنجاح الوزير يوسف فنيانوس في تحسين مردود الدولة من المنطقة الحرة في المطار، وهو طلب من وزراء «القوات» ان يشيدوا بهذا الانجاز، برغم الخصومة السياسية مع تيار المردة.

ابعد من ذلك، تشيد المصادر بأداء حزب الله في الحكومة وبسلوكه على مستوى الشأن العام، مشيرة الى ان تجربة وزراء «القوات» اظهرت حتى الآن ان حزب الله هو الطرف الاكثر جدية في مجلس الوزراء، بالمقارنة مع مكوناته الاخرى.

وتوضح المصادر ان «القوات» تتقاطع مع الحزب حول العديد من الامور المتصلة بشؤون الدولة ومصالح الناس، برغم الخلاف المرتبط بالخيارات الاستراتيجية، ومعراب مهتمة بالمحافظة على هذا التقاطع والبناء عليه، انطلاقا من ان المعركة الاصلاحية قد تقود الى اصطفاف مختلف عن الاصطفاف السياسي.

 مخاض «القانون»

اما على صعيد مخاض قانون الانتخاب، فيبدو ان النسبية صارت ممرا الزاميا الى صناديق الاقتراع، سواء وحدها او من خلال المشروع المركب للرئيس بري والذي يجمع بين انشاء مجلس للشيوخ على اساس طائفي وانتخاب مجلس النواب وفق النسبية الشاملة.

وتعرب مصادر ناشطة على خط المشاورات، عن اعتقادها بأ

ن القوى السياسية المعنية محكومة بالتسوية الانتخابية في نهاية المطاف ولن تتجرأ في لحظة الحقيقة على الخوض في المجهول، ولذلك من الافضل ان تختصر هذه القوى الوقت الضائع وان تبادر الآن الى انجاز التوافق الالزامي، بدل الانتظار على حافة الهاوية.

وتشير المصادر الى ان كفة النسبية الكاملة على اساس دوائر متوسطة باتت هي الراجحة، موضحة ان هناك حاجة الى التفاهم حول عدد تلك الدوائر وكيفية احتساب الصوت التفضيلي، فيما افادت اوساط مسيحية ان «التيار» و«القوات» باتا يميلان الى الانفتاح على هذا الخيار انما ضمن ضوابط، من بينها توزيع الدوائر الى 15 وربط الصوت التفضيلي بالقضاء.

ويكشف احد المطلعين على كواليس النقاشات عن ان احد الطروحات المواكبة لخيار النسبية هو نقل بعض المقاعد من دائرة الى اخرى، لطمأنة المسيحيين