IMLebanon

عرسال ( 2).. هل يتخطى الجيش القرار السياسي وينخرط مع المقاومة لمواجهة الإرهاب؟

منال الربيعي

بعد إنتهاء المرحلة الأولى من معركة القلمون التي لم يعلن السيد نصرالله عن إنطلاقها بشكل مباشر بل ترك المعركة على الأرض تتحدث عن نفسها، ها هي المرحلة الثانية منها -وهي الأخطر- تلوح في الأفق وتنذر بعواقب أكثر خطورة كون إمتداداتها ستكون داخليا وتحديدا في مدينة عرسال -بكل خصوصياتها الطائفية ووجود مخيمات النازحين المتعاطفين مع المسلحين فيها ـ حيث قام حزب الله بتضييق الخناق على جبهة النصرة والفصائل الأخرى المقاتلة معها في منطقة القلمون الغربي، ما دفع بحوالى 1000 مسلح منهم إلى الفرار نحو جرود عرسال والتمركز فيها وإنشاء التحصينات المدفعية هناك ترقبا للمرحلة الثانية من معركة القلمون أو التي أصبح يطلق عليها إسم (عرسال 2) بعد المعركة الأولى التي حصلت فيها في آب الماضي والتي كانت نتائجها كارثية على الجيش، وعلى قضية خطف العسكريين لغاية اليوم.

تقول مصادر عسكرية مواكبة لما يجري في عرسال، إن هذه المعركة سوف تُخاض على جبهتين: الأولى من جهة الحدود السورية، والثانية على جرود البلدة وهو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة نظرا لتواجد مخيمات النازحين والتي تحوي الكثير من المسلحين والسلاح، إضافة إلى بعض السكان المتعاطفين معهم وهو ما يجعل خيار المواجهة الداخلية سواء من الجيش اللبناني أو حتى من المقاومة أمرا كثير الدقة والخطورة، حيث تفيد المصادر إلى وجود حوالى 3000 مسلح سوف يقعون بين «فكّي كماشة» أولا من الجهة السورية حيث يستمر حزب الله بمؤازرة الجيش السوري بالتقدم نحو جرود عرسال، وتفيد المعلومات إلى انه خلال أيام فقط سوف يكون على مشارف البلدة من الجهة السورية في حال استمر تقدمه على الوتيرة الحالية، في المقابل يحصّن الجيش اللبناني مراكزه جيداً من القاع مرورا برأس بعلبك وصولا الى عرسال وجرودها تحضيرا للمعركة التي أصبحت أمرا واقعاً، إلا إذا حصلت مفاجأة أو تحقق أحد السيناريوات التي يجري الحديث فيها عن إمكانية تأمين ممر آمن للمسلحين إلى داخل سوريا او الإستسلام، ولو ان الخيار الثاني قد يكون صعب التحقيق لأنه قد يدلّ على نهاية هذه الجماعات وهو أمر غير مطروح حاليا وخاصة من قبل الدولة التي تموّلها وتدعمها، هذا من الجانب السوري أما على الجبهة اللبنانية فإن معضلة هذه المعركة الجديدة تكمن في إمكانية إنخراط الجيش اللبناني بهذه المعركة كونها سوف تكون داخل الأراضي اللبنانية ومن الطبيعي أن يكون من مهمات الجيوش الدفاع عن الحدود مقابل أي إعتداء أو تهديد خارجي، والجيش اللبناني يبدو اليوم مستعدا لوجيستيا ومنذ فترة لهذه المعركة حيث أفادت مصادر عسكرية مطلعة ان الجيش اللبناني إستكمل تحضيراته وعزّز مواقعه ونقل كميات كبيرة من ذخيرة المدفعية الثقيلة والمتوسطة، ووضع كل وحداته المنتشرة بحالٍ من التأهب، لمواجهة أي محاولة تسلل أو هجوم قد يشنه المسلحون في اي لحظة، وفي حال إستمر تقدم حزب الله في خطته التي ينفذها على الارض في القلمون فإن معركة جرود عرسال ستشتعل من الجهتين السورية واللبنانية في نفس الوقت، لأن المسلحين لن يجدوا مفرًا سوى الدخول إلى عرسال، وهذا أمر مستحيل بالنسبة إلى الجيش الذي لن يسمح بتكرار ما حصل من قبل، غير أن المخاوف تكمن في إمكانية تحرك عرسال من خلال المسلحين الموجودين في المخيمات وبالتالي يصبح الجيش في مواجهة أمامية في الجرود، وخلفية في عرسال، ولكن السؤال المطروح بعد إتمام الإستعدادات اللوجيستية للجيش، هل يُتخذ القرار السياسي بمشاركة الجيش في هذه المعركة في حال وقوعها وخاصة في ظل تصاعد أصوات بعض الفرقاء في 14 آذار بأن حزب الله هو من «يورّط» لبنان والجيش في معركته الخاصة ويسمى هؤلاء المسلحين «بالثوار»؟ بالنسبة إلى حزب الله فإن موقف السيد نصرالله كان حاسماً في خطابه الأخير عندما قال إن أهل البقاع سيتولون المهمة في حال «تقاعست» الدولة اللبنانية، ما يعني عملياً إستعداد الحزب لإستكمال العملية العسكرية، في حال لم يتخذ القرار السياسي بتكليف الجيش اللبناني بالمهمة، وأنه سيأتي اليوم الذي لا يكون فيه في الجرود اللبنانية لا «داعش» ولا «النصرة» و«لا قاطعو الرؤوس»، مؤكداً أنه لا خطوط حمر أمام هذا الهدف المشروع، وأن الشعب اللبناني والبقاعيين قادرون على إلحاق الهزيمة بالجماعات الإرهابية التكفيرية مهما كان دعمها، وأيا يكـن من يقف وراءها.

وتقول مصادر قريبة من المقاومة إن قرار المواجهة قد إتُخذ وخاصة بعد الإنتصارات التي تحققت في المرحلة الأولى من المعركة التي شهدت إنهيارات كبيرة للمسلحين مقابل تقدم سريع للمقاومة والجيش السوري ولكن عاملا مقلقا يؤرّق المقاومة في معركتها الحالية هو التخوف من إستعمال ورقة العسكريين المخطوفين في الضغط على الحزب وتأليب الرأي العام ضده وخاصة بعد تردد معلومات عن وجود العسكريين المخطوفين داخل عرسال وتحديدا المختطفين لدى جبهة النصرة، وأن التعثر الذي حصل في المفاوضات الأخيرة له علاقة بما يجري على أرض المعركة لصالح الحزب الذي لن يوفر جهدا بتحرير الرهائن العسكريين حتى ولو أضطر للقيام بذلك بنفسه إذا ما قرر الخوض في معركة جرود عرسال التي تبدو المرحلة الاخيرة والأهم في معركة القلمون الكبرى، كما أن الجيش اللبناني سوف يتحمل مسؤولية صد أي هجوم يقوم به المسلحون من داخل عرسال أو من الحدود على قاعدة الدفاع عن النفس وعن الأهالي من دون الإنغماس الكامل في المعركة التي يختلف الفرقاء السياسيين على توصيفها بين معركة كل الوطن ضد «الإرهاب»، وآخرون يسمونها معركة حزب الله وإيران ضد «الثوار السوريين»!!