IMLebanon

لا انتخابات نيابية قبل الربيع… ماذا عن الانتخابات الرئاسية ؟

مسلحو «داعش» بين المقايضة والالتحاق بـ«النصرة»

هذا ما يقوله المشككون في مبادرة بري

لا انتخابات نيابية قبل الربيع… ماذا عن الانتخابات الرئاسية ؟

اذاً، رياح ساخنة هذا الصيف، وماذا تترك وراءها في لبنان. الأمين العام لــ«حزب الله» السيد حسن نصرالله تحدث عن ذلك، وسفراء دول كبرى يؤكدون ان الصراعات الدموية في المنطقة الى تصاعد، لا شيء هناك سوى الدخان الأسود…

علناً بدأ الحديث عن الفيديرالية الذي من المرجح ان يخفي وراءه حديث التجزئة. الذي حدث على امتداد السنوات الخمس المنصرمة لا يمكنه ان يلتئم على طاولة المفاوضات في جنيف.

البعض يفاوض بأسنانه، والبعض الآخر لا يرى في المفاوضات اكثر من ملهاة ديبلوماسية لاتاحة الوقت امام القوى الكبرى وبلورة قواعد النظام العالمي الجديد، دائماً من بوابة الشرق الأوسط…

حتى موسكو تتحدث عن الفديرالية، والكل يرى في معركة الرقة مدخلاً الى التجزئة. وفي باريس التي طالما كانت ضحية الارهاب، اسئلة عما وراء «داعش» وعمن وراء «داعش». واذا كان الاميركيون قد بدأوا يصفونها بالخرافة التي يسدل الستار عليها عما قريب، ودون التوقف عند من اخترعها أو وظفها لاغراض تكتيكية او استراتيجية، لا أحد يعلم ما بعد «داعش».

غير أن أكثر من مصدر ديبلوماسي يؤكد ان قيادة التنظيم في حالة من الهياج، أين تضرب وكيف؟

كل اجهزة الاستخبارات في المنطقة او في مناطق مختلفة من العالم في حال من الاستنفار.

في هذه الحال، ماذا عن لبنان؟ شبح «داعش» لم يغادر، وحديث وراء الستار عن ان مراجع لبنانية تلقت تطمينات بأنه لن يسمح لمقاتلي التنظيم بقطع مئات الكيلومترات واللجوء الى جرود القلمون السورية وبالتالي الى سفوح السلسلة الشرقية في لبنان.

واللافت ان هناك جهات لبنانية بدأت تطرح اسئلة جدية حول وضع المئات من مسلحي «داعش» الموجودين في جرود بلدات عرسال ورأس بعلبك والقاع، وما اذا كانوا سيسلمون انفسهم الى الجيش اللبناني او يتسللون الى مخيمات النازحين.

ولعل السؤال الأخطر هو ما اذا كان هؤلاء المسلحون سينقلون «البارودة» من كتف الى كتف، أي الالتحاق بـ«جبهة النصرة»، حتى ان هناك معلومات تتردد في بعض مخيمات عرسال عن استئناف التواصل بين مسلحي «داعش» وامير «النصرة» في منطقة القلمون ابو مالك التلي…

وفي هذا الصدد، قال مصدر وزاري لـ«الديار» انه لا يستبعد ابداً ان تبادر قيادة التنظيم التي اقفلت الباب امام اي محاولة للتفاوض حول وضع العسكريين الثمانية المختطفين لديها (التاسع قاتل الى جانبها وسقط)، كما حجبت اي معلومات حول اوضاعهم، يمكن ان تعرض المقايضة، هذه المرة، وهي تواجه اياماً حرجة جداً، وان بثمن اعلى بكثير من الثمن الذي حصلت عليه «جبهة النصرة».

والمشكلة تبقى في معرفة ما اذا كان العسكريون ما زالوا في الجرود أم أنهم نقلوا الى الرقة، وهو ما قد تظهره الأشهر وحتى الأسابيع المقبلة.

وكان المسؤولون اللبنانيون قد أعدوا سلسلة من الاسئلة يطرحونها على وزير الخارجية الفرنسية جان – مارك ايرولت الذي كان مفترضاً ان يصل مساء اليوم الى بيروت، الكي دورسيه أعلن ارجاء الزيارة الى 10 و11 تموز، اي الى ما بعد عيد الفطر.

لا مبادرة فرنسية، اذاً، ولا مجرد افكار يمكن ان تطرح على القيادات اللبنانية في محاولة للخروج من عنق الزجاجة، ولم يكن ذلك بحاجة الى دليل لأن أكثر من مصدر ديبلوماسي غربي أكد ان الطريق الى قصر بعبدا لا يزال مقفلاً، والى حد التشديد على ان وضع الرئاسة في لبنان يرتبط بوضع الرئاسة في سوريا.

وقد لا تكون المشكلة محصورة في الرئاسة. المرجعيات اللبنانية تدرك مدى التداخل التاريخي، وحتى السيكولوجي، بين الموزاييك اللبناني والموزاييك السوري، رئيس المجلس النيابي اطلق مبادرته لكي يقطع الطريق (إن امكن) على رياح الفديرالية التي تهب على سوريا واقتحام الأبواب اللبنانية.

وما يزيد في تعقيد الاحتمالات ان هناك جهات مؤثرة في واشنطن تعتبر ان حل الازمات في سوريا والعراق ولبنان (وفي وقت لاحق الاردن والملف الفلسطيني) يجب ان ينطلق من كون الخارطة واحدة بين الدول الثلاث، والى حد الكلام عن تداخل بين الكانتونات السورية (المذهبية بوجه خاص) والكانتونات اللبنانية.

وهذا ما يستدعي، بطبيعة الحال، عملية قيصرية معقدة، وربما تمتد لسنوات، فيما تشكل الكتلة النازحة في لبنان (وغيره) جزءاً من هذه العملية…

اذاً، لا داعي لزيارة ايرولت وابلاغ المراجع اللبنانية بأن عليها ان تنتظر ما يقوله الروس والاميركيون في أزمات المنطقة وآليات حلها، في حين ترى جهات سياسية ان مبادرة بري التي قال فيها الرئيس تمام سلام انها «من اجل رفع العصا» ضاعت بين الآراء المتباينة.

لا بل ان هناك من يشيع بأن المبادرة سرعان ما تحولت الى اشكالية سياسية ودستورية لأن نقطة ضعفها الأساسية هي اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية…

بطبيعة الحال، هناك من يقول ان رئيس المجلس الذي لاحظ ان المناخ الشعبي يحاصر ساحة النجمة بعدما اسقطت الانتخابات البلدية الحيثيات التي افضت الى التمديد للمجلس مرتين، انما أراد، بعصاه السحرية، الهاء الجمهور بمبادرة تنطوي على بعض الحلقات المفقودة، في حين ان كل المؤشرات تدل على ان تقصير ولاية المجلس غير واردة، وان الانتخابات النيابية لن تجري قبل ربيع عام 2017.

وبالرغم من كل البيانات والتصريحات التي خرجت بها القوى السياسية لتؤكد فاعليتها على الارض، وثبات تحالفاتها، فان جهات خبيرة في المسارات الانتخابية تعتبر ان كل القوى في ازمة، ازمة داخلية بالدرجة الاولى.

وهذه الجهات تلاحظ انه بالرغم من كل جهود التعبئة، وعلى كل المستويات، تشكلت، من خلال الانتخابات البلدية، كتلة ضخمة من المعارضين والمعترضين الذين يمكن ان يتحركوا بصورة أفضل في الانتخابات النيابية، والى حد التساؤل ما اذا كان بامكان الاحزاب او التيارات او الثنائيات اعتماد اسلوب «المحادل» في فرض من يشاؤون على الناخبين».

والجهات الخبيرة إياها تشير الى ان الرأي العام داخل الطوائف كافة يعتبر ان القوى السياسية غالباً ما تعتمد مواصفات تعود الى القرون الوسطى، وربما الى ما هو أبعد من ذلك بكثير، في اختيار غالبية النواب الذين هم الاساس في الطبقة السياسية، فيما عاد رئيس الحكومة الى استخدام وصف «النفايات السياسية» ما يعني ان الدولة اللبنانية تعاني من ازمة بنيوية لا من ازمة طارئة.

اوساط سياسية تعترف بأن القوى التي تمارس الديكتاتورية المقنعة في فرض النواب والوزراء تخشى الانتخابات النيابية، لهذا تحاول تحويل قانون الانتخاب الى صفقة بين هذه القوى، وبالتالي الخروج بقانون قد يكون اسوأ بكثير من قانون الستين الذي وصفه الرئيس فؤاد شهاب نفسه، في رسالته التي اعلن فيها رفضه التجديد، بأنه مصنع للأزمات ان لم يكن مصنعاً للمصائب.

هذا ليس مستبعداً ابداً، فالمحاصصة، وسواء اخدت شكل الترويكا او اي شكل آخر، هي في الأساس الفلسفي للنظام في لبنان. وعليه، فان هناك باحثين وخبراء احصاء يعتبرون ان النظام المختلط سيأتي بنتائج كارثية، وحيث التركيبة العجيبة، والى حد وصف هذا القانون بـ«القاتل للديموقراطية» لان طبيعة النقاشات التي جرت امس داخل اللجان المشتركة لا تدع مجالاً للشك في ان الصيغة التي ستتوصل اليها الكتل النيابية لا تمت الى التحديث السياسي بصلة، بل ستكون عبارة عن محاولة لتهريب المحاصصة بقانون غامض ولا بد ان يثير الكثير من الجدل.

الانشغال حالياً بالانتخابات البلدية في الشمال. الثابت ان زعامة طرابلس معقودة اللواء للرئيس نجيب ميقاتي. نواب تيار المستقبل في المدينة يخشون ان يفرض رئيس تيار العزم في الانتخابات النيابية الآلية نفسها التي اعتمدت في الانتخابات البلدية.

وبمعنى اوضح لن يكون باستطاعة تيار المستقبل اختيار 5 نواب من اصل 8 نواب. ما يتردد الآن يؤكد على قلب المعادلة، ومع اعتبار ان ميقاتي يفضل دوماً التسويات التي تجنب المدينة التوترات والعصبيات.

من خلال الانتخابات البلدية تستعيد الفيحاء دورها السياسي. وبالرغم من اللغة الهادئة والتصالحية التي يلجأ اليها فريق ميقاتي، فان اوساطاً طرابلسية على معرفة دقيقة باحوال المدينة وانجاحاتها، تقول ان شيئاً ما تغير في عاصمة الشمال ولا بد ان تكون له انعكاساته على «المسار الى رئاسة الحكومة».

اما الوزير المستقيل اشرف ريفي فقد رفع من لهجته من خلال الترويج للائحة التي يدعمها برئاسة احمد قمر الدين. هذه المرة تغيير التركيبة السياسية بالكامل. من خلال معركة طرابلس، وبطبيعة الحال التأكيد على «اننا لن نسمح بعودة النظام السوري (اي نظام سوري؟) واتباعه الى المدينة».

المقصود واضح تماماً. معركة «الجهاد» بدأت، اين الشيخ داعي الاسلام الشهال والشيخ سالم الرافعي؟ ومن اسكتها؟!