IMLebanon

بيان السرايا : مرحلة جديدة اكثر شراسة مع الارهاب

بيان السرايا : مرحلة جديدة اكثر شراسة مع الارهاب

«داعش» يفتح الجبهة اللبنانية اذا تعرض لصدمة عسكرية

جنبلاط للحريري : اشرب الكأس المرّة وانتخب عون

السؤال الكبير الآن: هل اخرجت مأساة القاع المرجعيات السياسية من قاع القرن؟ والمرجعيات الروحية من قاع الغيب، والمرجعيات الثقافية من قاع اللامبالاة؟

مراسلون اجانب كانوا يتابعون المشهد من فجر الاثنين وحتى آخر الليل. قالوا لكأنه مقتطع من احدى التراجيديات القديمة، وحيث كائنات من كوكب آخر تهبط على قرية وادعة، وراحت تتفجر في احيائها، تقتل من تقتل وتجرح من تجرح.

سياسيون حاولوا تبرير مجزرة الفجر، والى حد تغطية برابرة تنظيم الدولة الاسلامية. قالوا ان القاع لم تكن مقصودة، بل ان الانتحاريين حاولوا الاختباء فيها بانتظار ان يتأمن لهم الوضع اللوجستي الذي يمكنهم من الانتقال بامان الى حيث اللبنانيون الآخرون، اللبنانيون السود او ما شابه ذلك…

هذا بالرغم من ان العماد جان قهوجي الذي لا يمكن الا ان يقول الحقيقة المجردة افهمهم مرات عديدة بان «داعش» خطط ويخطط لاختراق شمال البقاع وصولاً الى شمال لبنان، وحيث شواطئ البحر الابيض المتوسط، وهو الحلم الاستراتيجي والايديولوجي لابي بكر البغدادي.

القاع بلدة كاثوليكية، منذ قرون وهي تستظل السفوح التي لطالما كانت تستضيف خيال اهل البلدة والى ان هبط فيها ذلك الطراز من البرابرة الذين لا حدود لهمجيتهم. صدمة اهل القاع صدمتان، متى كانوا ضد «المستوطنات» التي انتشرت في مشاريع القاع؟ ومتى لم يحسنوا وفادة النازحين بالرغم من علامات الاستفهام الكثيرة حول البعض منهم؟

حتى وليد جنبلاط الذي طالما قيل انه يراقص الجميع على حافة الهاوية رأى انه «آن الاوان للخروج من النقاش السياسي الحالي ومن تبادل الاتهامات لانه لن يؤخر ولن يقدم، فلتكن المهمة بتحصين الجيش والاجهزة الامنية، ووضع سياسة تقشف، وقد تجاوزنا الخطوط الحمراء، وليكن انتخاب رئيس باي ثمن كي لا نصل الى حزيران 2017 لانتخابات نيابية على قانون الستين.

ولاحظ انه «في غياب رئيس تبقى هذه الحكومة وتصبح في حالة تصريف اعمال. يا لها من كارثة ليضيف ان اهم شيء في السياسة قبول مبدأ التسوية ولو تبدو مرة للوهلة الاولى.

اوساط سياسية فسرت كلام جنبلاط على انه دعوة الى الرئيس سعد الحريري لكي يشرب الكأس المرة ويعلن تأييده للعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي قال ان التسوية (الكأس) تبدو مرة للوهلة الاولى.

وللوهلة الثانية تبدو الكأس العذبة ما دامت تعيد رئيس تيار المستقبل الى السرايا الحكومية وان كانت مؤشرات كثيرة تدل على ان اختيار رئيس الحكومة، هذه المرة، قد يكون اكثر تعقيداً، من اختيار رئيس الجمهورية.

اجواء تيار المستقبل تعتبر ان انتخاب الجنرال رابع (او سابع) المستحيلات. هل لان المزاج داخل التيار لا يستسيغ شخصية الجنرال او اسلوبه، او لان الرياض دفعت به الى خارج اللائحة الذهبية منذ وقت بعيد؟ الامير سعود الفيصل لم يكن يتصور حتى مجرد ذكر اسمه، ومنذ اتفاق الطائف، حتى اذا ما ابرم ورقة التفاهم مع «حزب الله» في 6 شباط 2006 سقطت ورقة العماد عون كلياً من الذاكرة السعودية…

الحريري قال ان قراره ذاتي، ولا يتأثر باي جهة عربية او غير عربية. اذا كان هذا صحيحاً فهو حالياً في طور اعادة «تشغيل» قاعدته الشعبية واعادة استقطابها لو تفوه باسم الجنرال لعادت القاعدة الى التبصر..

جهة سياسية ترى ان المسألة تحتاج الى زيارة يقوم بها جنبلاط شخصياً الى جدة، غير ان معلومات كثيرة، وشائعات كثيرة، تقول ان ثمة مدرسة جديدة في الاداء السياسي في المملكة. لم يعد باستطاعة اي كان ان يتوجه الى البلاط او الى من حول البلاط في اي وقت. اذا كان هناك من عليه ان يذهب فهو «الشيخ سعد» بالتحديد…

غير ان الامير محمد بن سلمان عائد من واشنطن وباريس، وفي رأسه اشياء قد يقتضي تحقيقها المائة عام. غرفة عملياته من المستشارين المتعددي الجنسيات، والمتعددي الاختصاصات يعملون على مدار الساعة. اي لبناني قد يطلب موعداً لا يعلم سوى الله متى يجاب طلبه.

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي قال ان اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وهذا ما تلحظه مبادرة الرئيس نبيه بري، قد يجعل من المستحيل انتخاب رئيس جمهورية، وبالتالي تشكيل الحكومة (يا للكارثة)، رئيس الجمهورية قبل اي شيء، وبعد ذلك جولات الصراع الاخرى على قانون الانتخاب، ورئاسة الحكومة والحكومة…

 القاع وناقوس الخطر

جنبلاط قال هذا لان المبادرة قد تظل تدور في الحلقة المفرغة، اما وقد قرعت مأساة القاع ناقوس الخطر، واظهرت ان الساحة اللبنانية على «اجندة» الخليفة، فلا بد من الخروج من المراوحة باي ثمن.

وفي هذا السياق، يتوقف مسؤولون لبنانيون عند ما سمعوه من مصادر ديبلوماسية من ان ما حدث في القاع انما هو «خطوة اختبارية» لما سيأتي لاحقاً اذا ما تطورت العمليات الميدانية في سوريا. واضطر تنظيم الدولة الاسلامية الى فتح جبهة جديدة وحساسة للضغط اقليمياً ودولياً….

هكذا اختيار بلدة مسيحية، وكاثوليكية بالتحديد، ليس بالعملية العشوائية بل والمدروسة بدقة. وقرار«داعش» في اللحظة المناسبة هو اختراق «خط ماجينو» الذي اقامه الجيش اللبناني حتى ولو كلف ذلك مئات القتلى من التنظيم.

احداث فجر الاثنين وليل الاثنين اظهرت ان من المستحيل السيطرة على كل المعابر، كما من المستحيل، الكشف عن الخلايا المرتبطة بـ «جبهة النصرة» او بتنظيم «داعش» في منطقة مشاريع القاع التي هي: بشكل او بآخر، امارة غير معلنة بالرغم من وجود طبقة عاملة لا علاقة بها بالسياسة من قريب او بعيد.

المصادر الوزارية المعنية تعتبر انه عندما يبعث «داعش» بـ8 انتحاريين لتفجير انفسهم بتلك الطريقة الجنونية، فهو لا بد سرّب او يحاول تسريب انتحاريين آخرين الى مناطق اخرى، وهو ما استدعى استنفاراً في سائر انحاء البلاد والى حد الغاء احياء ليالي القدر في المساجد اضافة الى الافطارات الرمضانية.

حتى ان قيادات مسيحية دأبت على مهاجمة «حزب الله» توصلت الى قناعة بان احداث القاع لا يمكن ان تكون احداثاً عشوائىة وطارئة، ولا بد ان تكون جزءاً من مخطط خطير ما دامت المنطقة تمر في مرحلة من الصراعات والتصفيات المتشابكة على نحو يتجاوز المعقول…

اسئلة كثيرة تحيط بالفريق الارهابي، من اين اتى؟وكيف تمكن من التسلل؟ وهل حقاً ان بعض الارهابيين وصل الى لبنان عبر نقاط شرعية مع اعتبار ان هناك شروطاً امام السوريين للدخول الى الاراضي اللبنانية؟ ولماذا لم يعلن تنظيم «داعش» حتى الآن ان الثمانية ينتمون اليه؟

 غرفة عمليات داعشية

غير ان ما يتجاوز ذلك لجهة حساسية هو ما يتبين من تقارير استخباراتية حول وجود «غرفة عمليات لبنانية» قد يكون مركزها في الرقة، وهذه تعلم بالتأكيد نقاط الضعف اللبنانية، من هنا كان الاعداد الدقيق من اجل تنفيذ عمليات اغتيال خطيرة جداً في لبنان وقد تفضي الى انهيارات امنية وسياسية تهدد وضع الدولة ككل…

استطراداً، قيادة «داعش» تراهن على الفوضى في لبنان، حتى اذا ما تقاطعت الفوضى الامنية مع الفوضى السياسية بان وضع الدولة اللبنانية على حافة الهاوية.

حديث عن اسبوع او اسبوعين حاسمين امنياً، الاجهزة تطارد «الاشباح» على امتداد الجمهورية، وكلام عن مفاجآت يفترض قطع الطريق عليها بشتى الوسائل.

 بيان السرايا

بيان الاجتماع في السرايا برئاسة الرئيس تمام سلام اختزل المداولات، وكتب بمنتهى الدقة ليشير الى ان كل الاحتمالات واردة ما دامت الازمة اللبنانية مفتوحة على الازمة السورية وما دامت الازمة السورية مفتوحة على الازمة اللبنانية.

البيان قال ان الاعتداء «يشكل تحولاً نوعياً في الحرب التي تشنها تنظيمات الارهاب الظلامي على لبنان دولة وشعباً، وقد يكون مؤشراً الى مرحلة جديدة اكثر شراسة في المواجهة مع الارهاب الظلامي الذي يعمل حثيثاً لالحاق الاذى بلبنان وجره الى اتون الفوضى والخراب».

ان المسؤولية الوطنية تقتضي تنبيه اللبنانيين من المخاطر المحتملة، وعدم استبعاد ان تكون هذه الجريمة الارهابية، في ظل معلومات تتولى الجهات الامنية متابعتها واتخاذ ما يلزم من شأنها».

وما يلفت هو قول البيان «ان هذه الوقائع تستدعي التحلي باقصى درجات الوعي واليقظة، وتتطلب من جميع اللبنانيين تأكيد ايمانهم المطلق بوطنهم وثقتهم الكاملة بجيشهم وقواتهم واجهزتهم الامنية التي تعمل بجهوزية كاملة، والتي صنعت في الاعوام الماضية بكفاءتها وتفانيها. سجلاً مشرفا من الانجازات في مجال مكافحة الارهاب يضاهي الانجازات الامنية في اكثر الدول تطوراً.

 انفصال السلطة السياسية

الاجتماع حضره قائد الجيش وقادة المؤسسات والاجهزة الامنية. لا اشارة واحدة الى الحكومة التي فقد اللبنانيون ثقتهم بها، فيما جاءت تجربة القاع لتؤكد ان ثمة انفصالاً كاملاً بين السلطة السياسية والناس، فهل كان بيان السرايا انذاراً للسياسيين وبمباركة من سلام؟

ولكن يبدو ان البلاد في واد والطبقة السياسية في واد آخر. عودة الى التراشق بالبيانات الاسبوعية او اليومية دون اي اعتبار للواقع القائم والذي يؤكد على ان الخطر الاكبر الذي يواجهه لبنان في الوقت الحاضر هو التنظيمات المجنونة.

قبل ان تجف دماء ابطال القاع، عاد الساسة وعادت الكتلة السياسية، الى المواقف اياها.

الرهان الان على المؤسسة العسكرية وعلى المؤسسات الامنية. القوى السياسية تعيش اللحظة البيزنطية بكل ابعادها كما لو ان لبنان، بكل مكوناته، لا يتزلج على النيران.

الشعارات اياها، كتلة المستقبل تدعو الى مطالبة الامم المتحدة، عبر مجلس الامن، بدعم قوات اليونيفيل للجيش على كل الحدود اللبنانية، وتكتل الاصلاح والتغيير، الشريك في الحكومة، يرى ان واجب الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها في موضوع النزوح السوري.

لا شيء يتغير…