IMLebanon

سلام : هل تريدون لحكومتي ان تسقط؟

«اذا كانت ازالة «حزب الله» تستدعي ازالة لبنان، فليذهب لبنان الى… جهنم».

هذا ما سمعته شخصية سنية بارزة من مسؤول عربي كبير يعتبر ان النازحين السوريين يجب ان يتحولوا الى جزء من المعادلة الداخلية. المعادلة التي يفترض ان تتغير جذرياً بفعل التغير الديموغرافي.

الشخصية سمعت كلاماً مهيناً حين سألت «وما هو مصير السنّة اللبنانيين في حال امسك النازحون السوريون واللاجئون الفلسطينيون بزمام السلطة في لبنان؟». هذا سؤال ينبغي الا يطرح. الآن، هناك استراتيجية جديدة وينبغي ان تنفذ…

الساسة اللبنانيون يلعبون في قعر الزجاجة. قبل القمة العربية في نواكشوط، وخلالها، وبعدها، اتصالات بالغة الخطورة تجري الآن لتنتهي باحداث تغييرات دراماتيكية في خارطة الدول.

هذه المرة تعقد القمة العربية بغياب احمد داود اوغلو الذي كاد يجلس على المقعد السوري. رئيس الوزراء التركي ازيح، رجب طيب اردوغان يخوض حرباً داخلية لا نهاية لها، وقد يتحول الى حليف لموسكو التي يتردد انه كان لها دور في حماية الرئيس التركي من الاغتيال.

البديل من اردوغان بنيامين نتنياهو، الشراكة العربية – الاسرائيلية في مواجهة الخط الايراني، وكذلك من اجل دحر «حزب الله»، هذه المرة سيكون للوبي اليهودي في الولايات المتحدة الذي يرعى تلك الشراكة دور اكثر تأثيراً في انتخاب الرئيس الذي يفترض ان يكون النقيض عن باراك اوباما.

لا رئيس جمهورية في لبنان، ولا نفط ولا غاز. كل هذا ينتظر ما ستؤول اليه الامور. لم يقل جان – مارك ايرولت لمسيحيي لبنان «اهلاً بكم في ديارنا»، لكن الاتصالات التي تجري وراء الستار تشير الى مشروع دولة للمسيحيين تكون على غرار امارة موناكو…

الاسرائيليون لا يستسيغون مسيحيي لبنان، اعترفوا اكثر من مرة بان تجربتهم معهم مريرة. لم يعد الاسرائيليون بحاجة الى استثارة الاقليات والتعامل معها. الآن وقت الاكثريات. بانتظار القمة المقبلة ستحدث مفاجآت كثيرة وكبيرة، حتى ان ديبلوماسياً عربياً مخضرماً عولج لبعض الوقت في لبنان راهن الطبيب البارز الذي اشرف على علاجه بان تعقد القمة المقبلة في …. اورشليم.

وعشية القمة كان هناك معلقون عرب يجزمون بان اجهزة استخبارات عديدة قد انشأت غرفة عمليات مشتركة لاحداث تفجيرات متلاحقة ومنسقة داخل ايران في الطريق الى الانفجار الكبير…

الحرب ضد ايران في عقر دارها. تحريك الاقليات الاتنية والطائفية التي تأثرت كثيراً بالعقوبات الدولية، كما تعيش مناخات نفسية ضاغطة بسبب اضفاء بعد مذهبي محدد على فلسفة الدولة كما على آليات عملها وفي كل المجالات.

وحديث عن ان واشنطن، بالتنسيق مع شركاء، ستضع خططاً اكثر دقة واكثر فاعلية لزعزعة الاوضاع في الجمهورية الاسلامية، هذا يعني ان التطورات في المنطقة لا تتجه نحو الاستقرار بل نحو الفوضى.

اي شرق اوسط اذا تفاعلت الامور على ذلك النحو الخطير داخل تركيا كما داخل ايران؟ الذين يتولون ادارة القمة العربية ليسوا مستعدين قط لسماع صيحات التحذير من ان استمرار الصراع الراهن وبكل الوسائل المعقولة وغير المعقولة، لا بد ان يقود الى الخراب…

العرب اكتشفوا ان اسرائيل هي التي تضبط الايقاع الاستراتيجي، وحتى الايقاع الايديولوجي، في المنطقة، مهزلة ان يحكى عن المبادرة الديبلوماسية العربية. لعبة المصالح تجاوزتها بكثير. والآن عودة الى مشروع ييغال آلون مكان الفلسطينيين في شرق الاردن الذي لا بد ان يتوسع اما في اتجاه الداخل السوري او في اتجاه الداخل العراقي ليس من اجل تأمين الموارد، وانما من اجل انهاء الظاهرة الفلسطينية…

 هاجس الاسرائيليين

كيف؟ الملك عبدالله الثاني باق على العرش. على مدى السنوات الخمس المنصرمة اظهر انه يستطيع ان يضطلع بالدور (او بالادوار) على افضل وجه. الفلسطينيون يصبحون جزءاً من دولة مترامية نسبياً وتضم اردنيين وسوريين وعراقيين..

لا سوريا ستبقى سوريا، ولا العراق سيبقى العراق، هاجس الاسرائيليين تشتيت الفلسطينيين، ماذا عن عرب عام 1948، اليمين الاسرائيلي الذي يزداد تصلباً يقف مع افيغدور ليبرمان (لكأن نتنياهو بعيد عن افكار وزير خارجيته). لن يبقوا في اماكنهم، ولكن الى أين؟

اثناء تواجده في بيروت، صارح وزير الخارجية الفرنسي بعض المراجع اللبنانية بأن المنطقة مقبلة على فوضى جيو سياسية، وجيوستراتيجية، هائلة، لن تبقى الحرائق في سوريا والعراق. وحين تتزعزع تركيا، وهي الدولة التي تقوم على ثوابت سياسية واقتصادية وعسكرية حديدية، كيف لدول عربية تقوم على بنى قبلية، وتعتمد اساليب القرون الوسطى في ادارة السلطة، ان تبقى بمنأى عن الحرائق؟

القمة العربية لن تكون اكثر من كرنفال باهت. بالدرجة الاولى تصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية.

هذه مسألة لا تقدم ولا تؤخر، ماذا عن محاربة الارهاب؟

 ارهاب معتدل وارهاب متطرف

المثير ان ديبلوماسيي احدى الدول العربية الفاعلة يتحدثون عن «ارهاب معتدل» و«ارهاب متطرف». هذا يظهر بجلاء في سوريا روبرت فيسك قال «لا مكان هناك سوى للايدي الملطخة». الايدي التي تناصر «النصرة» بالصواريخ المتطورة وبالمال، كما لو انها ليست فرعاً لتنظيم «القاعدة» الذي يحارب «التحالف العربي» في اليمن.

ريتشارد هاسن، المسؤول السابق عن الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي في الولايات المتحدة، اذ يلاحظ ان الخرائط التي انتجتها اتفاقية سايكس – بيكو استهلكت كلياً وهي في الطريق الى التداعي، يرى ان ثمة دولاً عربية تمارس الان سياسات انتحارية…

هاسن يلاحظ ان الصراع انهك الجميع واستنزف الجميع، وبالرغم من ذلك هناك اصرار على استمراره، ليشير الى ان اللعبة ستطيح اللاعبين، مثلما حدث للاتراك سيحدث للايرانيين وسيحدث للسعوديين.

الاميركيون لا يقدمون النصائح، بل يدعمون السياسات المجنونة. هم منذ التسعينات بدأوا في الحديث عن تغيير الوجوه، قبل ان يدعوا الى تغيير الانظمة. الان استقرت الاستراتيجية الاميركية على تغيير الخرائط.

 دولة خالد ضاهر

من سيصغي الى الرئيس تمام سلام وهو يدعو «الاشقاء العرب» الاشقاء الاجلاء، بالايفاء بتعهداتهم حول دعم لبنان في مواجهة اعباء النزوح؟ هناك في لبنان من يرى ان قرار الرياض بالغاء هبة الـ3 مليارات دولار الى الجيش اللبناني بعيد جداً عن الاسباب التي ذكرت في حينه…

كلام خطير يتردد في المحافل السياسية، قد يحدث الدعم في موضوع النازحين، ولكن على اساس مختلف، اللافت ان يقول مرجع لبناني كبير انه يخشى ان تكون دولة الجنرال هنري غورو في طريق الزوال لتحل محلها دولة خالد ضاهر، وربما دولة داعي الاسلام الشهال، ربما اكثر دولة… ابي مالك التلي…

وفي الكواليس الديبلوماسية ان الامور متروكة في  لبنان كي تستهلك بعضها البعض. اللاعبون اللبنانيون على الشاشات لا مكان لهم في اللعبة الكبرى. كل شيء مبرمج بدقة ليبقى الفراغ، ولتنحدر الدولة على المستويات كافة من السيء الى الاسوأ الى الاكثر سوءاً.

هل الوضع سوداوي الى هذا الحد، بائس الى هذا الحد؟

ما تؤكده «الديار» ان ثمة خطة وبوشر بتنفيذها لتحويل النازحين واللاجئين الى احتياطي استراتيجي لاستعماله في الخارطة المقبلة للبنان. لا احد يعرف الى اين تتجه الامور؟

 جرذان موريتانيا وجرذان لبنان

حتى جرذان موريتانيا تتحول الى عبء سياسي وديبلوماسي على لبنان. الصحف الموريتانية ذكرت اللبنانيين بالنفايات التي غطت شوارع بيروت والمناطق. التراشق بالجرذان، لا مشكلة في البلدين العربيين الشقيقين. مثلما كانت الجرذان ترقص التانغو مع الناس في شوارع بيروت، الجرذان ترقص التانغو مع الناس في فنادق نواكشوط، للتذكير فقط، فان رئيس بلدية نيويورك وهي اعظم مدينة في التاريخ يشكو من «طوفان الجرذان» حتى في فندق ولدورف استوريا يمكن للنزلاء ان يعثروا على الصراصير في احذيتهم…

سلام ليس بحاجة الى الاعتذار. سيشيد بموريتانيا وبالشعب الموريتاني الذي ترى جهات سياسية ان احتجاجه كان يفترض ان يتركز على الاهمال العربي لهذه الدولة التي تضم سياسيين ومثقفين من الدرجة الاولى والتي تعاني من ازمة اقتصادية ومالية هائلة، ومع ذلك تمكنت من الصمود في وجه من حاولوا اشعال الحرب بين المتحدرين من «تغريبة بني هلال» والزنوج فيها…

 كيف يتصرف سلام؟

قد يتنبه احمد ابو الغيط الى ان لبنان من دون رئيس جمهورية، ويضع ملاحظة حول تضمين مقررات او توصيات القمة نصاً في هذا الخصوص. عملياً. ليس هناك ما يشغل اهل القمة، بحلتها الراهنة، في المسألة اللبنانية سوى «حزب الله» كيف سيتصرف الرئيس سلام؟

الرجل له حججه. اتصالات جرت وراء الستار، وسؤال «هل تريدون لحكومتي ان تسقط؟». وتسقط معها الدولة فوراً او على مراحل (الفرنسيون يستخدمون تعبير «اضمحلال الدولة») رئيس الحكومة يستطيع ان يتفلت من الحصار بموقف ينقذه من الملاحقة، على ما جرى في القاهرة، وبعد القاهرة، لوزير الخارجية جبران باسيل.

قبل مغادرته بيروت، صرح بانه «اذا طرح موضوع «حزب الله» في القمة سنرد بانه مكوّن رئيسي من مكوّنات البلد وعضو في الحكومة»، مؤكداً الحرص على علاقات لبنان مع اشقائه العرب الذين لم يقصروا يوماً بدعمه ومساعدته مالياً واقتصادياً. وقال «ان لبنان بلد مضياف للاجئين لكننا لسنا بلد توطين، ونحن مع توضيح كل نقطة خلاف او تباين مع الدول العربية».

عشية القمة الذي بدا ان لبنان ليس على اجندة العرب الا كونه جزءاً من الصراع الاقليمي (على ضفتي الصراع) الداخل يتخبط، ثلاثية الحوار في الاسبوع الاول من آب لن تأتي برئيس للجمهورية، قد تأتي بازمة من نوع آخر.

هذا الكلام، وصل الى من ينبغي ان يصله. مثلما المنطقة متروكة للقضاء والقدر، لبنان متروك للقضاء والقدر.