IMLebanon

أردوغان يتوسّط لدى طهران لتخلّي «حزب الله» عن الجنرال

 

سؤال برسم المشهد السياسي: سعد الحريري السعودي ام سعد الحريري التركي؟

امس شارك الشيخ سعد في افتتاح جسر السلطان سليم الاول في اسطنبول. لا ندري اذا كان يعلم انه جرى توقيت موعد الافتتاح ليتزامن مع مرور 500 عام على غزو السلطان لسوريا ومنها الى ارجاء المنطقة العربية.

وحين كان الحريري يبتهج بالمناسبة كانت الدبابات التركية تتوغل اكثر فأكثر في الاراضي السورية التي ليست ملكا لنظام بشار الاسد، ولا لأي نظام اخر.

لا بأس، الآن الفوضى تضرب كل شيء. كل ما هو عربي ان في الهاوية او على حافة الهاوية…

ما دام سعد الحريري نجل رفيق الحريري فلا بد انه كان سيرفض طلب رجب طيب اردوغان تعيينه واليا عثمانيا على بيروت الأن خلع الرئيس التركي ملابس السلطان مشكلاته اكثر من ان تحصى.

رئيس تيار المستقبل اعلن وقوفه الى جانب اردوغان ضد الانقلابيين ويقال انه عرض تحريك «اللوبي الحريري» في الكونغرس وخارج الكونغرس من اجل حث السلطات الاميركية على تسليم فتح الله غولن الى انقرة.

هل المهم ان يقف الحريري الى جانب اردوغان ام المهم ان يقف اردوغان الى جانب الحريري من اجل الوصول الى ذلك المبنى العثماني الذي رممه ابوه في وسط بيروت؟

ما يتردد الآن ان الحريري الذي يعاني من الانشغال السعودي في ملفات اخرى والذي يعرف مدى العلاقة التي ربطت والده الرئيس رفيق الحريري بالرئيس التركي عندما كان هذا الاخير قبلة انظار العرب يريد من اردوغان وقنواته مفتوحة على مصراعيها مع طهران ان يقوم بمسعى لدى المسؤولين الايرانيين لحمل «حزب الله»، على اعادة النظر في خياره الرئاسي، وبالتالي فك التزامه بالعماد ميشال عون.

والمعطيات المتداولة تشير الى ان الحريري عرض امام مضيفه التركي المشكلات التي يواجهها داخل تيار المستقبل اذ ان موافقته على ترشيح عون رئىسا للجمهورية يعني ان عليه ان يعتزل السياسة ويقيم على ضفاف البوسفور.

في كل الاحوال ما يتردد في اوساط المستقبل يشير الى ان قيادة التيار تعي حجم المخاطر التي تهدد لبنان كما تعي مدى ارتباط الوضع الداخلي بالخارج ودون ان يكون لدى الحريري شيء ليقوله. الفرنسيون نفضوا ايديهم من الملف حتى ان وزير الخارجية المصري سامح شكري عندما اتصل امس هاتفيا بنظيره الفرنسي جان – مارك ايرولت باحثه في جملة من القضايا الشرق اوسطية…

وهذا يعني ان لبنان فرنسيا ومصريا، ليس على اجندة البلدين اللذين يفتقدان على كل حال اي دور فاعل ومؤثر في المنطقة، الازمة اللبنانية المتعددة الابعاد والتي تهدد فعلا، باضمحلال الدولة تعالج هاتفيا وهامشيا بين القاهرة وباريس…

العاصمتان مقتنعتان وكما يقول مصدر مصري مطلع في القاهرة لـ« الديار» الا مجال لأي حلحلة في الازمة اللبنانية ليس لأن القوى السياسية موزعة على كل الجبهات في المنطقة وانما لغياب الديناميكية الديبلوماسية الدولية والاقليمية.

السعوديون في مكان اخر ولا كلمة عن لبنان، حتى ان السفير السعودي علي عواض عسيري بعيد عن الابصار، فيما يزدهر سوق الاشاعات حول العلاقات الحرجة بين بيت الوسط والرياض، الى حد ان رجل اعمال لبناني ينقل عن مسؤول سعودي على علاقة وثيقة بالبلاط تساؤله ما اذا كان الحريري هو الرجل المناسب في السرايا الحكومية.

الان الساحة متروكة لكل التكهنات ولكل الاستنتاجات اردوغان منهمك في مشكلاته الداخلية ومع ذلك يمكن ان يقوم بمسعى ما مع طهران وان توقف المراقبون امام بيان كتلة الوفاء للمقاومة في اجتماعها الاخير فهي ذكّرت بكلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله حول الانفتاح على الحريري فيما يتعلق برئاسة الحكومة.

ـ الخروج من وكر الدبابير ـ

في 8 آذار يقولون ان ثمة جهة خارجية هي التي تتولى وبالخيوط، ادارة الاتجاهات كما ادارة المواقف في تيار المستقبل. حتى الان لا موقف من الحريري لا بل انه ترك لبعض نواب وقياديي المستقبل ان يخرجوا من وكر الدبابير بعد انتظار نحو 24 ساعة على كلام السيد نصرالله ويدلوا بتصريحات تظهر بوضوح انها مبرمجة ومنسقة وتريد القول باستحالة اي صفقة او تسوية حول رئاسة الجمهورية او رئاسة الحكومة في الوقت الحاضر.

في هذه الحال على العماد ميشال عون ان يأخذ علما بأن الحصان الابيض لا يزال بعيدا من الباب.

السؤال الان هل يستطيع الجنرال ان يفتح ثغرة في جدار الازمة ام ان الضربات على الحائط تنعكس سلبا على التيار الحر كما على اللبنانيين بوجه عام؟

اوساط سياسية وتقول ان الكلام الذي صدر عن الوزير جبران باسيل ووزراء ونواب اخرين جعل عون ينتقل من الهالة الوطنية كمرشح وفاقي وعلى  مسافة واحدة من الجميع الى الهالة المسيحية.

ـ ما بين القصر والصومعة ـ

ومن مرجعية اسلامية هذا الكلام لـ «الديار» على الجنرال ان يعلم ان ثقافة القصر هي غير ثقافة الصومعة ومن يريد ان يكون رئىسا للبنان عليه ان يتخلى كليا عن ثقافة الطائفة او عن ثقافة الصومعة.

والمرجعية تسأل ما اذا كان عون يستطيع ان يصل الى قصر بعبدا من خلال الشعارات التي رفعها والتي لا شك انها عززت مواقف الرافضين لترشيحه، وجعلت فعاليات سنية تعود الى شكوكها القديمة، حتى ان احد مشايخ طرابلس لم يتردد في القول للمصلين «اننا نريد رئيساً للجمهورية لا بطريركاً للجمهورية».

وهنا يقول وزير مسيحي غير حزبي لـ«الديار» ان الكلمة الأخيرة ستكون للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي بعدما ظهر تباين في المواقف بين النائب البطريركي العام المطران بولس صياح ورئيس اساقفة بيروت المطران بولس مطر حول المسار الذي تأخذه تحركات التيار الوطني الحر.

صياح أيد المقاطعة، وشكك في ميثاقية اي جلسة لمجلس الوزراء تعقد دون تواجد القوى المسيحية الاساسية، ومطر قال انه ضد التعطيل وبالدرجة الاولى دون لغة الشارع.

الراعي يعود الاثنين. وموقفه سيكون حاسماً، وان كانت علاقة عون ببكركي ليست على ما يرام، وثمة من يؤكد بأن الصرح البطريركي الخائف على رئاسة الجمهورية خائف اكثر على الجمهورية، وعلى هذا الاساس لا مجال لأن يماشي القائلين بالسيناريو المتدحرج الذي ينتهي بسقوط الحكومة بقوة الشارع لا بقوة النص.

وكانت معلومات قد ترددت عن رغبة لدى الفاتيكان بأن يحاول الراعي الجمع بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. غير ان البطريرك يعلم جيداً ان «المعركة الحقيقية» ليست بين القطبين المارونيين بل في مكان آخر.

ـ ازالة شبح الجنرال ـ

مصدر وزاري قال لـ«الديار» ان ما يعني عون في الوقت الحاضر هو ازالة شبح الجنرال الاخر من طريقه، ليضيف ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح يشعر بالندم الشديد، ويعتبر ذلك «غلطة العمر» حين قبل بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في 25 آيار 2008، ويفترض بهذه «الغلطة» الا تتكرر في عام 2016، وقد تجاوز عون الثمانين، وبات يعد الأيام بالثواني.

وفي نظر المصدر الوزاري، ما في شخصية مارونية «استماتت» في السباق الى رئاسة الجمهورية الا وسقطت في منتصف الطريق. وهو يقول ان معظم الرؤساء إما انهم وصلوا الى قصر بعبدا تسللاً او انسيابياً او بصفقة او تسوية خارجية.

بالتالي، لا يمكن لعون ان يصل عبر الشارع، ولا عبر الشعارات ذات البعد الطائفي، وهو الذي طرح نفسه منذ عام على انه مرشح التوافق، فاذا به يصف الشريك بالاستئثار والهيمنة مع علمه بأن المؤسسات الدستورية شبه معطلة، وسلبيات المرحلة ترتد على الجميع.

حتى ان هناك جهات متعاطفة مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح تعتبر ان ما يفعله الان هو «انه يضرب رأسه بالحائط»، اذ ان الوقت الحالي ليس وقت انتخاب رئيس للجمهورية، لا بل ان الجمهورية كلها في الثلاجة ريثما يتبلور الوضع في سوريا، وريثما تستقر لعبة الخرائط عند افق أو عند تصور محدد.

ـ لا سقوط للحكومة ـ

حتماً لا سقوط للحكومة، العواصم الكبرى تدرك ان لبنان او بالأحرى الغابة اللبنانية لا تحتاج الى أكثر من عود ثقاب، وثمة جهات خارجية جاهزة لاضرام النيران في كل المناطق اللبنانية، وأوساط ديبلوماسية تعتبر أن ما حققه مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير المخابرات في الجيش العميد كميل ضاهر كان أكثر من استثنائي، وبما تعنيه الكلمة.

وتشير تلك الاوساط الى ان التقارير الاستخباراتية كانت تقدم صوراً مذهلة ومريعة حول الاوضاع في مخيم عين الحلوة، وبعدما ضبطت اتصالات بين مجموعات محددة وابي خالد العراقي ومساعديه في الرقة.

وكانت الاوامر باستقطاب اكبر عدد ممكن من المؤيدين من اجل استخدام المخيم درعاً بشرية لتنفيذ عمليات خطيرة جداً تطاول مدينة صيدا وكل الطرقات التي تفضي الى الجنوب…

وتقول الاوساط المذكورة يبدو ان ابراهيم وضاهر استخدما اساليب بارعة لايقاظ القيادات النائمة» او القيادات المتناحرة في المخيم، فكانت الاجراءات التي دفعت بهلال هلال، وبلال بدر، وأسامة الشهابي وغيرهم وغيرهم الى الانكفاء داخل مخابئهم.

ـ مقبل يوقع ـ

واذا كانت كل المؤشرات تؤكد انه ما من جلسة لمجلس الوزراء قبل آخر ايلول المقبل وتنتهي بتعيين قائد جديد للجيش، فان وزير الدفاع سمير مقبل لا يمكن، في حال من الاحوال، ان يترك موقع القائد خاوياً، وهو سيوقع قرار التمديد للعماد جان قهوجي لسنة واحدة ولمرة اخيرة.

وكان مستشارو عون يعتقدون لسبب ما أن شهر آب سيكون حاسماً بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، فيما تظهر التطورات الاقليمية ان المنطقة تعيش مفاجآت يومية، حتى ان النائب وليد جنبلاط الذي يوصف عادة بأنه زرقاء اليمامة اللبنانية يبدو مشدوهاً امام الايقاع الذي تأخذه التطورات، استخدم تعبيراً شاعرياً «التماوج»، وحيث لا أحد يعلم كيف تتقاطع مصالح السلاطين والقياصرة والرؤساء.

اللافت انه لم يقل «الملوك» ايضاً، ضمناً اقر بأن دول المنطقة عبارة عن حجارة على رقعة الشطرنج. والكل في حال الانتظار الى ان يتوصل اللاعبون الى صفقة «متدحرجة» تضرب الأزمات وتضرب الخرائط ايضاً.