IMLebanon

التيّار الحرّ : الطائف نحر الديموقراطيّة… بري : قواعد جديدة للحوار

الستاتيكو العسكري في سوريا، والستاتيكو السياسي في لبنان. مثلما تتكاثر الايدي والبنادق، على الارض السورية، تتكاثر الأيدي والخيوط على الارض اللبنانية.

هل يعني هذا ان من يريد ان يلعب، لبنانياً، سيظل يلعب في قاع الزجاجة؟ هنا في قاع الجمهورية، عشية عيد الاضحى، وحيث الضحايا على امتداد المنطقة هم من البشر، لم تكن الاضواء في قصر بعبدا وحدها المطفأة. كل اهل القصور (السياسية) في حيرة من امرهم…

لا مجال البتة لزحزحة الجنرال. اوساط التيار الوطني الحر تقول «ليس التقدم الى الامام هو الانتحار بل التراجع الى الوراء هو الانتحار». العماد ميشال عون لن يتراجع. خذوا علماً بذلك. وهدية رئيس التيار الوطني الحر الى اللبنانيين بمناسبة العيد اليوم برنامج التحرك في المرحلة المقبلة.

وتقول الاوساط اياها ان كل الخطوات والتحركات التي سيعلن عنها تمت دراستها في العمق كيلا تكون هناك «دعسة ناقصة» لا صدام مع القوى العسكرية والامنية، لكن المؤكد ان التيار سيبتعد عن المفاهيم الكلاسيكية للتحرك. ما هي مفاجآت وزير الخارجية جبران باسيل؟

البعض بدأ يصف باسيل بـ«الميني ـ جنرال». في جلسة الحوار طرح قضية الميثاقية بلهجة المحارب، وحين تصدى له النائب سلميان فرنجية آثر العودة خطوة الى الوراء كيلا «تضيع القضية في اشتباكات جانبية ولعلها مبرمجة».

كل فراغ وانتم بخير. الاتصالات مستمرة، لكنها تأخذ شكلاً دائرياً. حتى الآن لا شيء يشير الى انه بالامكان احداث ثغرة في الجدار السميك والذي قد توجد فيه شياطين كثيرة…

هذه المرة، الأزمة اكثر تعقيداً من اي وقت آخر، ودخلت فيها عوامل كثيرة. لا رئىس للجمهورية في لبنان على علاقة ببشار الأسد اذا ما بقي بشار الأسد.

ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية كانت الغاية منه ابعاده عن «خطه التاريخي». المسألة تكتيكية او اصبحت كذلك. لن ينتخب رئىس للجمهورية في لبنان الا اذا كانت الوثيقة الانتخابية تحمل توقيع خادم الحرمين الشريفين.

مصادر خليجية تقول ان المملكة التي ازعجها كثيراً التوافق الاميركي ـ الروسي حول الخطوة الاولى في رحلة الألف ميل في سوريا لن تفرج عن الرئىس اللبناني قبل ان يتبلور مصير الرئيس السوري.

وبحسب تلك المصادر، هناك «غضب سعودي حقيقي» من كل الـEstablishment في الولايات المتحدة اذ لطالما «ضحت» الرياض في الكثير من قيمها والتزاماتها خدمة للاستراتيجية الاميركية، وعلى امتداد العقود السبعين المنصرمة لتفاجأ بالكونغرس يستنّ ذلك التشريع الذي يتيح لأهالي ضحايا احداث 11 أيلول 2001 مقاضاة المملكة.

والمسؤولون السعوديون لا ينظرون الى هذه المسألة، على خطورتها، كونها منفصلة عن مسائل اخرى، والى حد اتهام واشنطن بأنها تلعب مع طهران (ضدها) من وراء الستار، ومن صنعاء الى دمشق مروراً ببغداد بطبيعة الحال.

هؤلاء المسؤولون يعتبرون ان ثمة ازمة خطرة في العلاقات الاميركية ـ السعودية، وهو الأمر الذي لم يحصل منذ ان انتج اللقاء بين الرئيس فرنكلين روزفلت والملك عبد العزيز آل سعود في شباط 1945 ذلك التحالف الذي كان الاساس في قواعد اللعبة في المنطقة العربية.

والمسؤولون السعوديون يرون ان القانون الذي اقره الكونغرس يمس البنية العقائدية والسياسية للمملكة في العمق، كونه يعتبر ان الايديولوجيا التي تنتهجها المملكة هي المسؤولة عن انتاج الارهاب.

ما صدم الرياض هو موقف الكونغرس، بعدما كانت قد راهنت على تغير دراماتيكي في السياسة، كما في الاستراتيجية ـ الاميركية، بعد ان يغادر باراك اوباما المكتب البيضاوي في البيت الابيض.

ما حدث ان التصويت كان كاسحاً واقترن بالتصفيق والابتهاج، ما يؤسس او بالأحرى ما يكرس رؤية اميركية محددة تجاه المملكة التي، تلقائياً، لم تعد الحليف الاساسي للولايات المتحدة في المنطقة.

ـ نصائح الى المملكة ـ

واذا كانت الرياض التي راهنت على احلال «جبهة النصرة» كقوة صدم على المسرح السوري، لا تقارع النظام فحسب بل وتشكل قوة ضاربة تفرض نفسها في اي عملية تفاوضية يخوضها ما يسمى بـ«فريق الرياض» في جنيف، قد ارغمت على القبول بالاتفاق الاميركي ـ الروسي، فان لديها اوراقاً كثيرة يمكن ان تلعبها…

هذا ليس رأي عواصم خليجية وعربية خليجية تنصح المملكة بعدم الذهاب بعيداً في ادارة الظهر للولايات المتحدة لأن العواقب ستكون كارثية. وفي هذا السياق، لوحظ ان معلقين مقربين من البلاط دأبوا، في الآونة الاخيرة، على الشكوى من الوحدة العضوية لتحالف ايران والقوى التي تقف او تقاتل الى جانبها، في حين ان التشتت هو الذي يحكم حلف الرياض…

الكلام بات يقال علناً، وهذا يعكس دقة بل وخطورة الازمة التي تواجهها المملكة على الجبهات السورية واليمنية والعراقية.

مصادر ديبلوماسية وعربية تشير الى انه حين تضعف الورقة السعودية في سوريا، لا بد ان تضعف الورقة السعودية في لبنان. في هذه الحال كيف تمكن ترجمة ذلك على مسار الاستحقاق الرئاسي؟

ـ تبني الاتجاهات المتشددة؟ ـ

هنا تبدو خشية افرقاء لبنانيين من ان تتجه الرياض الى تبني الاتجاهات المتشددة داخل الطائفة السنية على حساب الاتجاهات المعتدلة، لا سيما الرئيس سعد الحريري.

هذا الكلام قيد التداول في محيط بيت الوسط وفي داخله، حتى اذا ما صدق ذلك، فإن الازمة اللبنانية ستزداد تعقيداً وان كانت هناك جهات سياسية لبنانية ترى ان الضبابية التي تحكم العلاقات، حاليا، بين واشنطن والرياض، يمكن ان تحمل هذه الاخيرة على الحد من إحكام قبضتها على الملف الرئاسي اللبناني.

لا احد يمكنه التكهن بالكيفية التي تمضي فيها الامور في الوقت الحاضر والى اين تصل. غير ان الثابت وجود ارتباك ما في السياسة السعودية، ولعل هذا هو السبب في التصعيد الايراني مع حلول الذكرى الاولى لكارثة الحج في منى.

بمعنى اخر ان طهران التي مدت يدها، لمرات عدة في اتجاه الرياض، قد تستغل الثغرة (هل هي مجرد ثغرة؟) في العلاقات الاميركية – السعودية من اجل اختراق المشهد في اكثر من زاوية حساسة، ويمكن ان تؤثر في السياق الذي تأخذه ملفات عديدة، ومحورية، في المنطقة.

ـ عين التينة تنتظر ـ

في ظل كل هذا، يبدو الوضع اللبناني شديد الالتباس بعدما سقطت او اسقطت خيمة الحوار، وبعدما باتت الحكومة على كف عفريت، حتى ان عين التينة التي تحترف صناعة الخيارات تبدو الآن وكأنها تنتظر ما يقرره الآخرون العاجزون عن القيام بأي خطوة وفي اي اتجاه.

عون لا يتكلم. يترك لباسيل الكلام، وكذلك لنواب ووزراء التيار. وزير الخارجية يفجر القنبلة اليوم، والنائب ابراهيم كنعان يصرح بأن «جوهر المشكلة ضرب الميثاق والشراكة».

ولفت الى «ان كل الاحتمالات واردة من اجل تصحيح الخلل» ليضيف «اننا نشهد للحق وقناعتنا ألا نُخضع ذلك لحسابات الربح والخسارة».

وشدد على ان «لا حوار فوق الدستور والميثاق» وعلى «عدم التفاوض على حضورنا» ولا «نفرض على سوانا ولا نقبل أن يفرض سوانا علينا شيئا، وسنقوم بكل الخطوات الاعتراضية التي يكفلها الدستور وتحت سقف القانون».

وقال كنعان «سنذهب حتى النهاية دون ان نكون طلاب سلبية، واذا ما فرض علينا التعبير بقوة فلن نعود الى الوراء، والتمديد الكامل للأزمات لن يمر ونتمنى الا يجربونا».

واشار الى «ان هناك 28 نائبا من اصل 64 جرى انتخابهم بالصوت المسيحي، وهذا الخلل يجب الا يستمر للحفاظ على الوحدة والعيش المشترك».

ـ دحرجة الحجر ـ

وأكد الاصرار على «دحرجة الحجر عن قبر لبنان من خلال تكريس المصالحة المسيحية لمصالحة وطنية»، وقد مددنا اليد بتفاهماتنا الى كل الشركاء في الوطن».

وفي موقف لافت من وثيقة الوفاق الوطني، رأى كنعان «ان من فرض الطائف وشارك في نحر الديموقراطية هو من يتحمل مسؤولية ما يعاني منه اللبنانيون لا من اعترض عليه ودفع الثمن».

وزير المال اعتبر «ان لبنان يعيش اليوم واحدة من اصعب المراحل السياسية التي مر بها على امتداد تاريخه الحديث، وهي مرحلة تستدعي الانتباه من القوى السياسية على اختلافها وعدم الاسهام في حفر حفرة سقوط الوطن».

وتابع «نعرف ان من اطلق النار على الحوار ربما كان يريد تعطيل الحكومة، واليوم المسؤولية الكبرى هي ان تستمر هذه المؤسسة الدستورية في العمل لأن قضايا الناس لا تنتظر».

وأقر بأن الحكومة «عاجزة وتعاني من مشاكل بنيوية، وهي مأزومة بحكم وجودها بعد الفراغ في سدة الرئاسة. ولكن بين الفراغ الشامل وبين عمل محدود لحكومة علينا ان نعي انه ليس خياراً لنا ان نسقط عمل هذه المؤسسة الدستورية».

وشدد خليل على ضرورة انعقاد جلسات المجلس النيابي «لأن هناك استحقاقات تتعلق بصدقية لبنان والتزاماته ومسؤولياته تجاه الناس والمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية».

ـ بري وقواعد جديدة للحوار ـ

وأوضح مستشار رئىس المجلس النيابي علي حمدان ان بري «مستعد دائما للحوار بين اللبنانيين، وتعليقه الحوار ليس للابتعاد عنه»، نافيا وجود توتر بين عين التينة والتيار الوطني الحر».

ولوحظ «ان هناك مشكلة في الحكومة، وبري «يضع قواعد جديدة للحوار عندما يدعو لجلسة جديدة، وطموحه ليس ادارة الازمة بل حل الازمة، وان يصل المركب بالركاب جميعا الى بر الأمان».

واكد موقف بري لجهة التمسك بالحكومة وتفعيلها، وعمل المؤسسات وإنهاء الفراغ.

وفي موقف يكرس دعم «حزب الله» لمطالب عون، رأى النائب علي فياض «ان ثمة حساسية مسيحية محكومة بكثير من الهواجس والمخاوف، وبخاصة في هذه المرحلة، وبالتالي يجب ان ننصت لها وان نتفهمها جيدا كيلا تتحول الى مأساة مسيحية تقوم على خصوصية طائفية».

اضاف «ايضا ثمة قضية وطنية تتجاوز هذا الفريق او ذاك وتستدعي الحؤول دون الاستئثار بالدولة او ضرب التوازنات الداخلية او الاستهتار بمقتضيات الشراكة والعيش المشترك».

الى ذلك، لوحظ موقف مفاجىء لوزير العدل المستقيل اشرف ريفي اعلن فيه انه قد يشارك استثنائىا (دون ان يوضح ما المقصود بكلمة… استثنائىا) في مجلس الوزراء عندما يوضع «قرار» حل الحزب العربي الديموقراطي وحركة التوحيد الاسلامي – فرع هاشم منقارة على جدول الاعمال.

ريفي اتصل بوزير الداخلية نهاد المشنوق يشكره على احالة قرار حل الحزب والحركة على مجلس الوزراء.

الى ذلك، صرح النائب جمال الجراح بأن الحريري سيعود الى لبنان بعد العيد، مضيفا «اننا طرحنا كل ما لدينا وحضرنا الى المجلس النيابي الا اننا اصطدمنا بالقرار الايراني بالتعطيل».