IMLebanon

أبو فاعور عاد من الرياض بلا موقف واجتماع سري في عوكر لسفراء واشنطن وبريطانيا وفرنسا

أبو فاعور عاد من الرياض بلا موقف واجتماع سري في عوكر لسفراء واشنطن وبريطانيا وفرنسا

زيارة نوعية للواء عباس ابراهيم أظهرت الفيحاء واحدة ومسالمة

التطور الابرز في الملف الرئاسي كان الاجتماع السري الذي عقد في السفارة الأميركية في عوكر، وبعيداً عن الاضواء، بين سفراء واشنطن وبريطانيا وفرنسا، وجرى البحث في الملف الرئاسي وتفاصيله ونتائج الاتصالات الداخلية وذكر ان السفير الروسي الكسندر زاسبكين قد ينضم الى الاجتماع المقبل لبحث التطورات الرئاسية.

وهذه الحركة الديبلوماسية هي الابرز في الاتصالات على الصعيد الرئاسي. واذا كان الوزير وائل أبو فاعور عاد من الرياض من دون اي موقف وابلغ ان السعودية لن تتدخل في الملف الرئاسي، فان اجتماع السفراء الاميركي والبريطاني والفرنسي والذي قد ينضم اليه السفير الروسي هو الذي سيحسم الملف الرئاسي واسم الرئيس وليس سلة الرئيس نبيه بري او زيارة ابو فاعور.

وفي ظل تعقيدات الملف الرئاسي، تكونت في ذهن الرئيس سعد الحريري فكرة القبول بتأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وهذا القبول لم يصل بعد الى حد القرار، لكن التداول الجدي بوصوله بدأ على الساحة اللبنانية، وبالتالي من ينفِ ويستخف بالمعلومات حول وصول عون يقع في الخطأ، ومن يؤكد حسم وصول عون لبعبدا يقع في الخطأ ايضاً، لكن طبخة انتخاب رئيس الجمهورية بدأت والبحث يطال دور لبنان اذا ما تم انتخاب عون، وماذا سيفعل؟ وكيف سيتصرف ازاء سوريا؟ وهل يزور الرئيس بشار الأسد بعد انتخابه كما فعل معظم رؤساء الجمهورية السابقين؟ وماذا سيكون موقف الحكومة ورئيسها سعد الحريري؟ وهل سيبقى على عدائه للنظام ووصفه بالمجرم؟ وكيف سيرد العماد عون على هذه المواقف في ظل علاقته الجيدة مع سوريا وحلفه مع حزب الله الذي يقاتل في سوريا الى جانب الرئيس الأسد؟

هذا في الجانب السوري، وماذا عن العلاقة مع السعودية وكيف سيتصرف عون حيالها في ظل الموقف السعودي السلبي تجاهه؟ وكيف سيوازن موقف لبنان بين الرياض وطهران في ظل العداء بينهما، علماً ان ايران تريد انتخابات رئاسية للتفاوض مع أميركا لأنها تستنزف في سوريا، وعلى هذا الاساس تريد رئيساً كمادة دسمة للتشاور مع الاميركيين حول الملف الرئاسي؟ وبالتالي كيف  سيتصرف عون اذا وصل «ترامب» وعاد التوتر الى العلاقات الايرانية – الاميركية؟

هذا في الجانبين العربي والدولي وماذا عن الاطراف اللبنانية الداخلية؟ وكيف سيتصرف معها عون الذي ما برح يجاهر بعدائه للطبقة السياسية وفضائحها «الابراء المستحيل» و«مروحة عداواته» الواسعة مع كل السياسيين الذين لا تفارقهم «النقزة» من الجنرال عون الذي لا يثق الا بحزب الله وامينه العام السيد حسن نصرالله، رغم انه تمكن منذ سنة تقريباً من صياغة تفاهمات مع جعجع وجنبلاط بقيت دون سقف تفاهم «مار مخايل». اما مع الرئيس نبيه بري فـ«دبي واعصري» وكل يوم «مشروع مشكل» رغم النظرة الاستراتيجية الواحدة لتطورات المنطقة، بالاضافة الى أسئلة عديدة تطرح عن موقف عون من نواب 14 اذار، والمستقلين والوزير بطرس حرب، وآل سكاف، والمردة بعد ان «انفخت الدف» مع الوزير فرنجية.

واذا كان حزب الله قادراً على «ترميم» علاقة عون بحلفائه، من قوى 8 اذار، فان تصحيح العلاقة مع الرئيس بري يحتاج الى جهد مضاعف في ظل شروط بري و«سلته المتكاملة» ليس على رئاستي المجلس والحكومة فقط، بل على الوزراء وتوزيع الحقائب السيادية، والنفط وغيرها من المشاريع العديدة بالاضافة الى دور المجلس النيابي واحترام مبدأ فصل السلطات والالتزام بالطائف. كلها عناوين بحاجة الى اجوبة يطلبها الرئيس بري من العماد ميشال عون، وكل موضوع مادة خلافية بين الرجلين رغم التفاهم النفطي الاخير بين الرئيس بري والوزير جبران باسيل. هذا عن الرئيس بري اما العلاقة مع حزب الله فستكون ثابتة واستراتيجية ولا تشوبها شائبة.

وبالنسبة للعلاقة مع الرئيس سعد الحريري وحسب المعلومات، فان اللقاءات بين الوزير باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري قطعت شوطاً كبيراً وتضمنت تفاهمات على كل القضايا والتركيبة الحكومية والوزراء والحقائب السيادية والنفط، حتى ان البحث طال أدق التفاصيل وهذا ما أدى الى «نقزة» لدى حلفاء ومعارضي العماد عون والحريري عن «صفقة» بينهما وصفها البعض بالثنائية وتحديدا «مسيحية – سنية».

واذا كانت العلاقة «حسمت» بين عون والحريري، فماذا عن موقف جنبلاط وهواجسه من الرئيس الماروني القوي القادم من جبل لبنان والآتي من «العسكر» وماذا عن موقف عون من «مجلس الشيوخ» برئاسة درزي بالاضافة الى اوضاع الجبل ودور التيار الوطني في المنطقة، وهل ستتم «زكزكة» جنبلاط مع كل خلاف سياسي كما حصل مع الرئيس السابق اميل لحود؟ هذه اسئلة بحاجة الى أجوبة ايضا وضمانات من عون لجنبلاط.

وايضا وايضا ماذا عن العلاقة مع الدكتور سمير جعجع وتفاهم معراب، وهل سيلتزم به العماد عون لجهة اقرار قانون الانتخابات ومراعاة جعجع انتخابياً، وكيف سيتم التعامل مع القوات وحصتها الوزارية وحضورها في جبل لبنان؟ كذلك ماذا عن موقف العماد عون من نواب 14 اذار وكيف سيتعاطى الوزير باسيل مع الوزير بطرس حرب وجمهوره ودوره؟ وما ينطبق على الوزير حرب قد ينطبق على آل سكاف في زحلة وكيف ستكون العلاقة مع النائب ميشال المر القوي وصاحب الحضور الواسع في المتن بلدياً وشعبياً؟

كل هذه العناوين والاسئلة تحتاج الى اجوبة من العماد ميشال عون، وعليه تقديم الضمانات للقوى السياسية كي تشعر بالاطمئنان، لأن «الصفقة الثنائية» مع الحريري لا تنتج رئيساً لوحدها. ومن هنا فان على عون الجواب على هذه «السلة» من الاسئلة، التي توافق سلة الرئيس بري قبل الاقدام على اي خطوة.

هذه الصعوبات يدركها العماد عون، وهو بدأ ايضاً مروحة من الاتصالات قد تتوج بزيارة عين التينة والمختارة ومعراب وبيت الوسط وغيرها من «البيوتات السياسية» التي تعرف موقف عون منها، وبالتالي فان «الحراك» ستتبعه حركة «تفاوضية» لأن اي شخص في السياسة لا يمكن ان يؤىد الآخر «لوجه الله»، وكل شيء له ثمن.

ـ الاتصالات واللقاءات ـ

ورغم عجقة الاتصالات والاجواء الاخيرة التي «حركت» الملف الرئاسي مع عودة الحريري، لكن الجلسة الرئاسية اليوم ستكون كسابقاتها وترفع الى موعد اخر بسبب عدم اكتمال النصاب.

ووفقا للمعلومات فان الرئيس الحريري سيواصل اتصالاته للتفتيش عن حل رئاسي لان الحسم يعيده الى السراي في ظل ازمة مالية خانقة تعصف به وأدت الى ابلاغ العشرات من الزملاء في صحيفة المستقبل وتلفزيون المستقبل واذاعة الشرق بالفصل من العمل على ان يتقاضوا تعويضاتهم فور تأمين الاموال، رغم ان هؤلاء الزملاء لا يتقاضون رواتبهم منذ 10 أشهر. كما تم ابلاغ العشرات من الموظفين في مؤسسات الحريري بالفصل من العمل، وبالتالي فان عودة الحريري الى السراي تعالج كل مشاكله وتؤمن له «مروحة» من الخدمات والتوظيفات، خصوصاً ان المعلومات تؤشر الى التحضير لسلسلة تحركات وتظاهرات على الارض في الشمال وبيروت والبقاع في حال اعلن الحريري تأييده لعون، كما ان العديد من نواب المستقبل لن يمشوا بخيار عون. وذكر ان اللقاء بين الرئيس الحريري والرئيس فؤاد السنيورة لم يكن ودياً وان الاخير ابلغ الحريري رفضه السير بخيار عون. وبالتالي فان وجود الحريري بالسراي وموقعه كرئيس للحكومة يخففان الكثير من هذه «الاوجاع» بالمسكنات الحكومية.

علماً ان الرئيس الحريري ابلغ النائب فرنجية انه بعد لقاءاته في بيروت سيطلع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على تفاصيلها وانه طلب موعداً للقائه.

ـ أبو فاعور وزيارة السعودية ـ

مصدر موثوق كشف لـ«الديار» ان النائب وليد جنبلاط أوفد الوزير وائل أبو فاعور الى «الرياض» لاستطلاع موقف السعودية من الشأن اللبناني وتحديداً الرئاسي. وحسب المصدر الموثوق فان أبو فاعور أبلغ جنبلاط وبري وسلام انه ليس هناك من رأي سعودي حول الملف اللبناني، وعندها سأل أبو فاعور عن تحرك الرئيس الحريري الأخير وما اذا كان هناك من تغطية سعودية لتحرك الحريري ودوره وكان الجواب السعودي بـ«النفي» مع القول «الحريري في لبنان مواطن لبناني ويتصرف كأي قيادي لبناني».

وابلغ أبو فاعور حسب المصدر الموثوق «انه ليس هناك اي موقف رسمي سعودي من الملف الرئاسي، وان السعودية لا تريد تكرار تجربة دعم النائب سليمان فرنجية، وانهم اتعظوا من هذه التجربة، ولن يكرروا الخطأ نفسه ولن يتعاطوا بعد الآن.

ـ بري: موقفي معروف ـ

اما الرئيس نبيه بري الذي هنأ الحريري بعودته واتفقا على لقاء اكتفى بالقول «انه تابع ويتابع ما يسمعه ويقرأه في وسائل الاعلام ويفضل عدم التعليق حول ما قيل ويقال عن موقفه المعروف والواضح و«لا حاجة لتكراره».

ـ جولة اللواء ابراهيم في باب التبانة ـ

وفي موازاة عجقة الاتصالات السياسية، شكلت الزيارة النوعية لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الى الشمال وتحديداً الى باب التبانة، حدثاً بارزاً في ظل «الخواء السياسي» في البلد، وتركت ارتياحاً ليس في الشمال فحسب بل في كل لبنان، وشكلت «دفرسواراً» في التعامل مع الاحياء الفقيرة والشعبية التي لم تلق من الدولة سوى التجاهل والحرمان. وجاءت زيارة اللواء ابراهيم لتشكل انقلاباً على هذا الواقع، حيث جال في شوارع التبانة الشعبية بين جموع الاهالي الذين نثروا الارز واطلقوا الزغاريد وشرحوا معاناتهم الكبيرة.

باب التبانة التي تعامل معها الاعلام بأنها بؤرة تطرف وارهاب وقادة محاور خارجون عن طاعة الدولة مع تعداد جولات العنف التي تجاوزت العشرين، نزعت امس كل هذه الصور عبر زيارة اللواء ابراهيم والاستقبال الحاشد وكشفت عن عمق اصالة هؤلاء الناس ووقوفهم ضد التطرف والفكر الارهابي، حتى ان قادة المحاور الذين تصدرت اسماؤهم وسائل الاعلام كانوا في مقدمة المستقبلين مرحبين بالدولة بشخص اللواء ابراهيم، معلنين الولاء لطرابلس ولبنان، طالبين فقط من الدولة الرعاية والنظر الى اهل التبانة والشمال بعين العطف والرعاية.

كما شكلت زيارة اللواء ابراهيم الى الشمال وباب التبانة اكبر صفعة للارهابيين والمتضررين والمتطرفين واعطت «جرعة أمل» لكل أهل طرابلس والشمال بأن الدولة الى جانبهم وبأن مسؤولاً أمنياً بمستوى اللواء ابراهيم جال في شوارعهم، وقدم صورة جديدة عن أهل التبانة بأنهم اهل محبة وسلام وليسوا دعاة تطرف وحقد.

اللواء ابراهيم تجاوز كل المحاذير الأمنية ونزل بين الفقراء الذين ليس على صدورهم قميص، شارباً القهوة العربية معهم، متفقداً احوالهم، مسجلاً كل الشكاوى وملتقطاً معهم الصور التذكارية.

الدولة قدمت أمس عبر اللواء ابراهيم صورة مغايرة نقية صادقة مع شعبها، بعكس الصورة المرسومة في اذهان اللبنانيين عن دولتهم ومساوئها.