IMLebanon

جنبلاط لـ «الديار»: أرفض «المختلط»… وأطالب بمحافظة جديدة

جنبلاط لـ «الديار»: أرفض «المختلط»… وأطالب بمحافظة جديدة

رسالة تحذيرية من «القوات»: لا تلومَنّ سمير جعجع إذا..

عماد مرمل

عُرف النائب وليد جنبلاط خلال السنوات الاخيرة ببراغماتيته السياسية التي قادته الى تقديم التنازلات في أحيان عديدة، إما لحماية الطائفة الدرزية، وإما لتجنب المواجهة مع أطراف داخلية.

وعلى هذه القاعدة، بدا جنبلاط حريصا على تنظيم علاقته مع «حزب الله» وتحييدها عن الخلاف حول الازمة السورية، كما أظهر مرونة واضحة في مقاربة الاستحقاق الرئاسي ولم يجد حرجا في دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية ثم العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، برغم انتمائهما الى المحور الحليف لسوريا.

وانسحبت هذه الليونة ايضا على مسألة تشكيل الحكومة، فلم يطرح جنبلاط خلال المفاوضات شروطا صعبة، ولم يتجاوز في مطالبه سقف الممكن، فكان ان حصل على حقيبة التربية، إضافة الى وزارة دولة لشوؤن حقوق الانسان، وهي تسمية لم تنج من سخرية جنبلاط نفسه.

لكن، عندما وصل الامر الى مشارف الحسم في ملف قانون الانتخاب، وتقلصت هوامش المناورة حتى الحد الأدنى… «استشرس» جنبلاط في مواقفه، وانتقل «فطريا» الى الهجوم، باعتباره افضل وسيلة للدفاع. هنا، لا مجال للمسايرة والمجاملة في حسابات رئيس «اللقاء الديموقراطي» الذي يعتبر انه بصدد «معركة وجودية» تتصل بمصير الموحدين الدروز في لبنان، وبالتالي فهي لا تحتمل التراجع الى خطوط خلفية او التساهل في المواجهة، كما حصل في محطات أخرى.

والهجوم المضاد للمختارة لم يأخذ في طريقه فقط مبدأ النسبية الكاملة، بل أصاب أيضا «المشروع المختلط» الذي  تنصل منه جنبلاط، بعدما كان قد تم التوافق عليه بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، على اساس  68(أكثري) – 60 (نسبي).

وقد طلب «اللقاء الديموقراطي» خلال الساعات الماضية مواعيد للقاء الكتل النيابية، كما طلب موعدا لمقابلة رئيس الجمهورية ميشال عون، لكنه لم يتحدد بعد.

ـ جنبلاط: هذا مطلبي ـ\

ويقول النائب وليد جنبلاط لـ «الديار» ان النسبية، سواء كانت كاملة ام جزئية، مرفوضة من قبله، موضحا انه متمسك أكثر من اي وقت مضى بالنظام الاكثري، ولم يعد موافقا على المشروع المختلط الذي كان قد جرى التفاهم عليه سابقا مع «المستقبل» و«القوات».

ويضيف بنبرة حازمة: بصراحة، لقد تغيرت الظروف بين الامس والحاضر، وبالتالي فان المشروع المختلط الذي يمزج النظامين الاكثري والنسبي في وعاء واحد، لم يعد مقبولا من جهتي.

ويلفت جنبلاط الانتباه الى ان اتفاق الطائف لم يتضمن أي إشارة الى النسبية، ولم يلحظها لا من قريب ولا من بعيد، وأنا أطالب بالعودة الى «الطائف» الذي توافقنا عليه جميعا، والكف عن الاختراعات التي ليست لها علاقة بهذا الاتفاق.

ويشير جنبلاط الى ان «الطائف» ينص على تحديد التقسيمات الانتخابية بعد إعادة النظر في عدد المحافظات، «وانطلاقا من هذا المبدأ، أنا أدعو الى تقسيم اداري جديد لجبل لبنان، بحيث تصبح منطقة الشوف وعاليه محافظة جديدة قائمة بحد ذاتها، ولا مانع في انشاء محافظات أخرى ضمن جبل لبنان، إذا تطلب الامر.

ويعتبر جنبلاط ان الاصداء الأولية على موقفه من قانون الانتخاب مقبولة، موضحا ان «اللقاء الديموقراطي» طلب مواعيد للقاء الاطراف السياسية الداخلية وشرح وجهة نظرنا، ونحن في انتظار تحديد المواعيد.

وفي سياق متصل، يؤكد مصدر قيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «الديار» ان الظروف والشروط الموضوعية لتطبيق النظام النسبي، غير متوافرة حاليا في لبنان، إذ لا توجد برامج وطنية او أحزاب عابرة للطوائف والمذاهب، وليس هناك من يمين ويسار، ولم تُلغ الطائفية السياسية، ولم يتخفض سن الاقتراع الى 18 سنة.

ويضيف المصدر: إذا كان تعيين دركي او حاجب لا يمكن ان يتم إلا وفق قواعد اللعبة الطائفية، فعن اي نسبية يتكلمون؟

 ويؤكد المصدر ان المطلوب اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، من دون اي تأجيل، إنما على اساس النظام الاكثري حصرا، لافتا الانتباه الى ان «المختلط»، بما فيه مشروع «المستقبل» و«القوات»، لا ينتج التمثيل الصحيح ولا يحقق الديموقراطية الحقيقية.

ويعتبر المصدر ان «معظم الذين يتولون التنظّير حول أهمية النسبية الشاملة او «المختلط» لا يعرفون عنهما شيئا».

ويشدد المصدر القيادي في «التقدمي» على ان النظام الاكثري، كما يطرحه جنبلاط، ليس منطلقا من منطق الغائي او اقصائي، بل يرمي الى تحقيق الشركة والمشاركة، «والدليل على ذلك يكمن في اللوائح التوافقية التي شكّلها جنبلاط في عاليه والشوف خلال الانتخابات السابقة، إذ انها اتسعت لـ«القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«الاحرار»، الى جانب الامير طلال ارسلان، ما يؤكد حرص جنبلاط على حماية الوحدة الوطنية وعدم اختزال الجبل بلون واحد».

ويرى المصدر ان معظم القوى الداخلية تنادي علنا بالنسبية، إلا انها تسعى ضمنا الى «الستين»، في حين ان جنبلاط صريح وواضح، وهذا ما يميزه عن البعض.

ـ «التيار» و«القوات» ـ

في المقابل، يخوض «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» اختبار اثبات المصداقية والقدرة، في مواجهة قانون الستين، الذي يُلحق الغبن بالتمثيل المسيحي أساسا، كونه يعطي مكونات أخرى «امتياز» بسط نفوذها على مقاعد نيابية مسيحية، تقع تحت سطوة «الاكثرية» المنتمية الى الوان طائفية مغايرة.

وليس خافيا، ان عهد الرئيس ميشال عون سيكون المتضرر الاول والاكبر من إحياء «الستين» الذي سيغدو كسكين مغروز في ظهر طموحات «التغيير والاصلاح»، باعتبار انه سيعيد انتاج الطبقة السياسية الحالية التي تتعارض في «جيناتها» مع ضرورات تطوير الدولة وضخ دم جديد في عروقها.

وإذا كان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع قد أطلق قبل ايام تغريدة تضامنية مع جنبلاط، مؤكدا انه لا يمكن القبول بقانون انتخاب لا يحظى بموافقته، إلا ان أوساطا مسيحية مقربة من معراب أبلغت «الديار» ان لدى جعجع في الوقت ذاته ثابتة أخرى، وهي عدم التساهل او التهاون في مبدأ تأمين التمثيل الحقيقي للمسيحيين، موضحة انه يلتقي مع الرئيس عون في هذا الطرح.

وفي رسالة حاسمة لمن يعنيه الامر، تضيف الاوساط: لا تلومّن سمير جعجع على الموقف الذي قد يتخذه، إذا تم الخروج من المشروع المختلط الذي يجمع بين الاكثري والنسبي.

وتؤكد الاوساط ان جعجع لن يقبل عدم تصحيح الخلل في تمثيل المسيحيين وتحقيق العدالة لهم، مشيرة الى انه كما لا يقبل ان تتعرض اي طائفة للظلم، يرفض ايضا ان يظل المكوّن المسيحي مظلوما، منبهة الى ان جنبلاط سيتحمل المسؤولية عن التداعيات التي قد يرتبها تمسكه بالاعتراض على كل نماذج النسبية، بما فيها تلك الجزئية الواردة في المشروع المختلط.

وماذا لو أصبح قانون الستين أمرا واقعا في نهاية المطاف، برغم اعتراض جعجع عليه؟ تجيب الاوساط المقربة من «القوات:» عندئذ، مكره أخوك لا بطل..