IMLebanon

«القانون الجديد» سيعيد انتاج «مجلس الدوحة»

ميشال نصر

طرحت مطالب رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط من خلال رفضه قانون النسبية، إشكالية كبرى، فرضت ايقاعها على حركة «المولدات» السياسية، التي قننت من تصاريحها وخففت من سقفها العالي، اقله لغويا، املا بتوفير قوة دفع كافية لاحداث خرق في جدار ريبة الاطراف مما يحاك ضدها مستهدفا زعامتها ودورها في زمن التحولات الاقليمية غير الواضحة المعالم حتى الساعة، خلافا لكل المتداول، في ظل خارطة دولية يعيد الرئيس الاميركي الجديد رسمها.

فقانون الانتخاب الذي احتل صدارة المشهد السياسي، على وقع انطلاق العد العكسي لدعوة الهيئات الناخبة وفقا لقانون الستين، الذي لا ينفك وزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكد أنه ملزم تطبيقه حتى الاتفاق على قانون جديد، «خلف» مواجهة بالواسطة بين «المستقبل» و«التيار الوطني»، الذي اشارت مصادره الى ابلاغه بيت الوسط ان اي تمييع في مسألة قانون الانتخابات سيكون له مفاعيل سلبية على البلد.

في هذا الاطار تتحدث اوساط سياسية عن «اسلحة دستورية» قد يلجأ اليها رئيس الجمهورية، ابرزها عدم التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة باعتبار ان المرسوم «الاجرائي» لا يلزم رئيس الجمهورية باي مهلة زمنية قبل اعتباره نافذا، وفي حال قرر رئيس الحكومة الالتزام حرفيا بالنص وادراج الموضوع على جدول الاعمال لاصداره بمرسوم لالزام رئيس الجمهورية بالتوقيع خلال مهلة الخمسة عشر يوما، فان رئيس الجمهورية سيعمد حينها الى ممارسة صلاحياته، لافتة الى ان الامور لن تصل الى هذه الدرجة لان الجميع يعي جيدا مسؤولياته والعماد عون لن يسمح بالفراغ التشريعي.

وتتابع المصادر، صحيح كما يتردد ان القانون النافذ حاليا هو «لمرة واحدة» واستثنائية، الا ان ذلك ووفق الاعراف والقوانين في حال تعذر اقرار قانون جديد فان الانتخابات يجب ان تحصل وفقا للقانون المرعي الاجراء قبيل اجازة الاستثناء، مستدركة ان اجتماع «المالية» امس والذي ناقش خلاله كل طرف مطالبه المستندة الى دوائر وارقام وحسابات اعدتها ماكينته الانتخابية، بحث لاول مرة تفاصيل «دقيقة وحساسة» يمكن للتوصل لاتفاق حولها ان يضيق رقعة الخلاف بين الاطراف المختلفة ويوصل الى خاتمة سعيدة وفقا لقاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم» تعيد انتاج «مجلس الدوحة» وفقا لشكل قانون جديد، بات واضحا.

فاذا كان الثنائي المسيحي رفع سقف المواجهة على جبهة قانون الانتخاب العتيد، فان الثنائي الشيعي، من جهته،

الراغب بقانون نسبي، يبدي حرصاً كبيراً على مراعاة هواجس النائب وليد جنبلاط الذي نجحت الاتصالات معه وفقا لما نقل عن مصادر مقربة منه الى اقناع حارة حريك له بـ «نصف نسبية» شرط اعادة النظر بالتقسيمات بما يحفظ له حصته الوازنة، حيث الخلاف حول 3 نواب في التوزيعة بين المنتخب على اساس نسبي وعلى الاساس الاكثري، بعدما وافق «المسيحيون» على ضم عاليه والشوف في دائرة انتخابية واحدة.

بغضّ النظر عن طبيعة «التسوية» التي أفضت الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وما اذا كانت لبنانية داخلية 100% أم اقليمية سعودية – ايرانية ، فان اختيارها العماد ميشال عون لم يأت من فراغ، هو الذي يدرك جيدا «شد الحبال» القائم في المنطقة وما يتولد عنه من واقع اقليمي غير مريح، يدفعه الى اعتماد الواقعية في ادارة عهده، حيث التغييرات الجذرية متعذرة في الوقت الراهن، واولها لجهة قانون انتخابات جديد قد يحتاج الى اتضاح الصورة الاقليمية وطبيعة توازناتها الجديدة بالنسبة للمحاور المتصارعة.

من هنا ترى المصادر ان اتفاق «الجنتلمن» بين طهران والرياض يظلل الانتخابات النيابية ،وهو ما انعكس بوضوح في «شبه» التوافق الذي «تمخضت» عنه جلسة الحوار الاخيرة بين حزب الله و«المستقبل»، وفق ما تقول مصادر سياسية،  قوامه المحافظة على الستاتيكو القائم تشريعيا وتنفيذيا، وهو ما تراقبه المملكة بدقة بوصفه «اختبارا» للقوى الداعمة لعودتها الى لعب دور اقليمي من جديد، واجهته «حكومة حريرية» مدعومة من حزب الله.

توازن اقليمي يبدو ان الفاتيكان لم يغب عنه، بحسب مصادر متابعة، سواء بايعاز داخلي او لحسابات خارجية، حيث يتبين ان ثمة بداية لـ «تعارض ما» بين المرجعيتين السياسة والروحية المسيحية، تولد من انعكاس الخوف الدرزي انقساما وصل الى روما، بعدما اقر المطران الياس نصار مواربة بان سبب القرار البابوي بحقه موقفه من اقتراع المسيحيين لجنبلاط، حيث تبين ان المطران الذي بحقه عدد  من الشكاوى لاكثر من سنتين لم يصدر بحقه اي قرار، الا ان الاتفاق العوني-القواتي واتخاذ نفسه كساتر لاطلاقهم النار على بيك المختارة، رغم المهادنة في العلن لكليمنصو، قد اطاحت به.

في هذا المجال تكشف مصادر كنسية ان بكركي، ومع انتخاب الرئيس المسيحي القوي، تنحت جانبا عن الملفات السياسية التي اضطرت الى امساكها في الفترة الماضية بسبب غياب الرئيس ، «متفضية» للامور الوطنية، كاشفة ان «اختلافات» في وجهات النظر بدأت تظهر في اكثر من ملف من بينها خيارات التعيين. كما ان الصرح، والكلام للمصدر، لا يرغب بكسر الزعامة الجنبلاطية التي ستنتج لاحقا خللا في التوازنات في الجبل، وهو ما يصر عليه الفاتيكان، خصوصا في ظل رغبة سورية بكسره، مما سينعكس سلبا في فترة لاحقة على الوضع المسيحي.

فهل كل الضخ الاعلامي في شأن وضع الجميع امام امر «الستين» الواقع، مجرد تهويل متعمّد ومنسّق عن سابق تصور وتصميم للتشويش على حقيقة ما يدور في كواليس الاجتماعات التي احرزت نقلة نوعية يمكن البناء عليها؟ وماذا يعني موقف الحكيم التهديدي ازاء عدم اقرار قانون انتخابي جديد وذهابه الى التلويح بخطوات سياسية سلبية؟  هل اشتم رئيس القوات رائحة نضوج طبخة «صفقة الستين» ليرفع سقف مواقفه الى الحد الاقصى ام انه يقطع الطريق في هذا الاتجاه لعدم رمي كرة نار «الستين» في ملعب التحالف المسيحي على رغم وقوفه رأس حربة في المواجهة؟فهل هي اعادة توزيع للتوازنات داخل القوى المسيحية؟ ام اسقاط لبيضة القبان الدرزية؟هل ان بلوغ التحالف المسيحي مرحلة «التهديد» نابع من معطيات جدية ازاء الابقاء على الستين، ام هو ابعد من ذلك؟

اسئلة لن تجد اجاباتها قبل ان يتصاعد الدخان الابيض من اجتماعات «الرباعي الجدي» المستند الى اتفاق «الثنائي الاسلامي» الكفيل بانتظام الجميع في الصف، ليبقى اللبناني «وحده مش فاهم خبرية كل يوم صيغة»،التي عليها قد لا تحتاج القيادات للدعوة الى مقاطعة قد تكون دواءه الاخير.