IMLebanon

جنبلاط «قلق» على دروز السويداء… هل «تجاوزت» الرياض عون ؟

ابراهيم ناصرالدين

خرق الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حالة «الاستعصاء الداخلي» بخطاب شامل حمل رسائل «اطمئنان» على اكثر من صعيد، وضع «خريطة طريق» لكثير من الملفات، محددا «قواعد اللعبة» على الساحة الداخلية وفي المنطقة، في وقت تكثر فيه الاسئلة حول استثناء الرياض رئيس الجمهورية ميشال عون من الدعوة الى القمة الاميركية – العربية واقتصار الدعوة على الرئيس سعد الحريري، فيما برزت خلال الساعات القليلة الماضة «هواجس» مقلقة لدى النائب وليد جنبلاط ازاء ما يدبر لدروز السويداء…

اذا «رسائل» عديدة حملتها الذكرى الاولى لاستشهاد القائد مصطفى بدرالدين، اعلن خلالها السيد نصرالله سحب مقاتلي حزب الله من الحدود الشرقية بعد انجاز المهمة هناك، داعيا الدولة الى تحمل مسؤولياتها، وكشف للمرة الاولى عن مسعى جدي يقوم به حزب الله مع الدولة السورية لاعادة اللاجئين السوريين من «بوابة» عرسال، معلنا نهاية «جمهورية» عرسال داعيا المسلحين في جرود البلدة الى القبول بتسوية يضمنها الحزب مع النظام السوري، «غامزا» من قناة فريق لبناني يملك «المونة» على هؤلاء… وبحسب معلومات «الديار» فان ما طرحه السيد هو «الانذار الاخير» او «الفرصة الاخيرة» امام المسلحين لاقتناص الفرصة المتاحة قبل الذهاب الى حسم عسكري بات امره محسوما وخططه جاهزة، في ظل قرار باقفال ملف الحدود اللبنانية – السورية نهائيا…

وبعد ان طمأن اللبنانيين ان لا حرب مع اسرائيل المختبئة وراء الجدران، قارب ملف الانتخابات من خلال التأكيد على عدم بيع اللبنانيين اوهاما، وفي معلومات «الديار» فان هذا الحذر سببه عدم وجود اي معطيات حاسمة تؤشر الى الحصول على توافق في ظل عدم «خروج» التيار الوطني الحر من تمسكه بالقانون التأهيلي بعد، على الرغم من تقدم النقاش حول النسبية… ولهذا شدد السيد على ثلاث نقاط اساسية، استمرار الحوار، وتهدئة الخطاب السياسي، واستنفاذ كل المهل القانونية بما فيها فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، وهذه النقطة «رسالة» واضحة الى رئيس الجمهورية والحكومة بعدم «ابتزاز» رئيس المجلس نبيه بري بهذه المسألة.

السيد نصرالله الذي اكد على متانة التحالف مع روسيا في سوريا، اشار الى ان المسلحين يمرون في اسوأ احوالهم، مؤكدا تأييد اي اتفاق يحقن دماء السوريين، ووجه انتقادات حادة لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واتهمه بخوض حرب مذهبية مع ايران، كما عرج على القمة العربية – الاميركية المزمع عقدها في 21 الجاري في السعودية، وقلل من اهمية نتائجها واشار ان لا شيء مخيف في هذه القمة» اللي رايحين» يبحثون عن ما تبقى من اموال ونفط لينهبوه»…

 لماذا الحريري وليس عون؟

وفي هذا السياق، توقفت اوساط وزارية عند دعوة القائم بالاعمال السعودي في بيروت وليد البخاري لرئيس الحكومة سعد الحريري لحضور القمة العربية – الاميركية في الرياض في 21 الجاري، وعدم دعوة السعودية للرئيس ميشال عون مع العلم ان الدعوات الموجهة من قبل العاهل السعودي شملت رؤساء الدول وليس رؤساء الحكومات، وعلى سبيل المثال لا الحصر تمت دعوة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والرئيس العراقي فؤاد معصوم، مع العلم ان الصلاحيات التنفيذية في العراق بيد رئيس الحكومة حيدر العبادي، ودعي ايضا الملك الاردني والمغربي، وغيرهم من قادة دول عربية واسلامية… وبحسب المعلومات ثمة روايتان في هذا السياق، الاولى تتحدث عن تنسيق مسبق حصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تم الاتفاق خلالها على قيام الحريري بتمثيل لبنان في القمة، لاسباب متصلة برغبة عون عدم المشاركة في اجتماع له ابعاد وخلفيات غير واضحة المعالم قد تكون غير متناسبة مع مواقفه المبدئية من قضايا المنطقة، فكان الخيار «بمسك» العصا من «النصف»، وابلاغ الرياض بتوجيه الدعوة الى الرئيس الحريري… اما الرواية الثانية فتتحدث عن عدم وجود رغبة سعودية بدعوة رئيس الجمهورية الى القمة على خلفية مواقفه الاخيرة من سلاح حزب الله ودوره الداخلي والخارجي… ومن هنا جاء القرار السعودي – الاميركي بتوجيه الدعوة الى الرئيس الحريري… والى ان تتضح صدقية احدى الروايتين، فان علامات استفهام تبقى مطروحة ازاء الزام لبنان بقرارات هذه القمة التي تحمل عنوان مواجهة «الارهاب» ومحاصرة النفوذ الايراني، خصوصا ان رئيس الحكومة لا يمثل بحضوره رأي فريق وازن في حكومته وعلى الساحة اللبنانية… فهل ستطرح مسألة المشاركة من عدمها على طاولة مجلس الوزراء للمناقشة؟ هل سيلتزم لبنان بقرارات القمة، ام ستكون المشاركة اللبنانية مجرد «ديكور» ومناسبة لالتقاط الصور؟

 دروز السويداء

الحضور اللافت لامين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر في الذكرى الاولى لاستشهاد السيد ذوالفقار، لا يعبر فقط عمليا عن ارتياح النائب وليد جنبلاط للموقف الذي سلفه اياه السيد نصرالله في خطابه السابق عبر اعطائه حق «الفيتو» في القانون الانتخابي، لكنه يأتي ايضا في سياق ارتفاع منسوب «الهواجس» لدى المختارة حيال ما «يدبر» لدروز السويداء، وهو امر يفترض زيادة التنسيق مع حزب الله لان التطورات على الحدود الجنوبية جعلت من جنبلاط متوجسا من «مؤامرة» كبرى على الوجود الدرزي في تلك المنطقة.

ووفقا لمعلومات «الديار»، ما هو مطلوب او «مفروض» على الاردن عملية عسكرية تهدف «لتحجيم» الدور الإيراني في العراق وسوريا ولبنان، عبر تقطيع الطرق البرية ومنع التواصل الجغرافي بين أطراف محور «المقاومة»، هذا الامر لا يشكل مصدر القلق الحقيقي عند جنبلاط، وانما المخاوف من معلومات وصلته عن محاولات اردنية لابتزاز اهالي السويداء عبر اتهامهم بالقيام بعمليات تهريب في اتجاه شمال البادية الأردنية، واعتبار ذلك تهديدا للامن القومي الاردني… هذه الاتهامات تترافق مع محاولات لاستمالة الدروز في السويداء عبر العلاقات الوثيقة مع بدو شمال الأردن لإلحاقهم في المواجهة المفترضة عبر فتح ثغرات في محيط السويداء وجبل العرب، وهذا ما سيضع الدروز بين نيران «داعش» والقوات الحليفة للاردن، والجيش السوري، وفي هذا السياق تعمل المخابرات الاردنية على تفعيل خطة لتسليح الدروز باعتبارهم قاعدة دفاعية اولى ضد تنظيم «داعش». هذا السيناريو يقلق زعيم المختارة الذي لا يرغب بان يذهب الدروز «فرق عملة» في «لعبة الامم»… خصوصا ان ثمة من يغريهم لملء فراغ «داعش» المرجح حدوثه في الأشهر القليلة المقبلة على امتداد هذه المنطقة، والقيام بدور الاكراد في الشمال…

 «الكهرباء» وقانون الانتخاب

الاتفاق على «التهدئة» الاعلامية لم يؤد الى خرق نوعي في ملف القانون الانتخابي، ووفقا لاوساط عاملة على هذا الخط نجح حزب الله في تهدئة «النفوس» بعد تدخل مع مختلف الافرقاء، ولاقاه في «منتصف الطريق» رئيس الحكومة الذي لعب دورا في هذا السياق عبر مدير مكتبه نادر الحريري، لكن عمليا لم يحدث اي خرق نوعي في اطار البحث عن قانون جديد، وتدور النقاشات حاليا من خلال الدور الذي يلعبه نائب رئيس القوات اللبنانية جورج عدوان على طروحات نسبية متعددة وتفاصيل تتعلق بالدوائر والصوت التفضيلي، بعد تجاوز مختلف القوى «عمليا» مشروع القانون «التأهيلي»، الذي يتمسك به التيار الوطني الحر «للمساومة» عليه وتحقيق المزيد من المكاسب خلال عملية التفاوض…

وفيما دخل رئيس الجمهورية ميشال عون «مواربة» على ملف الخطة الكهربائية من خلال دعوة من يرمون التهم جزافا في قضايا الفساد الى تقديم الادلة او الملف عن تضليل الرأي العام، شهدت جلسة المال الموازنة نقاشا ساخنا انتهى بحسب معلومات «الديار» ببقاء كل من الافرقاء على موقفهم، على الرغم من ايحاء وزير الطاقة سيزار ابي خليل بأنه قدم ردوداً مقنعة خلال الجلسة… وفي هذا السياق انتقد اعضاء اللجنة وزير الطاقة لان دفتر الشروط يحد من المنافسة مع اصرار على اجراء دائرة المناقصات لفض العروض، وقد رفض وزير المال علي حسن خليل توفير اعتمادات مالية اذا ما بقيت الشروط على حالها، مؤكدا ان الحديث عن وفر على المواطنين يقابله زيادة في الاعباء على الخزينة… وهكذا لم ينتهِ السجال ولا الخلاف… وسيكون الحسم في مجلس الوزراء الذي يعود اليه المضي بالخطة او الغائها.