IMLebanon

واشنطن تستخدم «العصا والجزرة» مع لبنان !

واشنطن تستخدم «العصا والجزرة» مع لبنان !

عون : من واجه كل أنواع الضغوط لا يخشى شيئا

عماد مرمل

تبدو الولايات المتحدة وكأنها تستخدم سياسة «العصا والجزرة» في التعاطي مع لبنان، انعكاسا للعبة المعايير المزدوجة التي تحترفها، إذ هي تلوّح من جهة بشن حرب مالية- اقتصادية على بعض مكوناته، وتحرص من جهة اخرى على مواصلة دعم الجيش في الحرب على الارهاب.

وعلى وقع هذه المعادلة، فان واشنطن التي تستعد لاقرار رزمة جديدة من العقوبات بحق حزب الله وشرائح لبنانية واسعة تدعمه مع ما سيرتبه ذلك من تداعيات، كانت هي ذاتها تستقبل في مطلع ايار الحالي قائد الجيش العماد جوزف عون الذي التقى خلال زيارته الى الولايات المتحدة عددا من المسؤولين السياسيين والعسكريين وبعض الاعضاء البارزين في الكونغرس.

وليس مفهوما كيف توفق واشنطن بين سعيها الى إقرار عقوبات قاسية من شانها ان تزعزع مقومات صمود لبنان في مواجهة المخاطر التي يتصدرها الارهاب، وبين حرصها على مواصلة دعم الجيش ومده بالاسلحة في اطار تحسين شروط معركته ضد الجماعات التكفيرية!

بهذا المعنى، تبدو السياسة الاميركية مفتقرة الى الانسجام ووحدة القياس، في مقاربتها للوضع اللبناني الدقيق الذي لا يحتمل بالتأكيد مغامرات صقور الكونغرس وتهور ادارة دونالد ترامب.

وإذا كانت الولايات المتحدة تفترض انها تضغط على ايران من خلال شد الخناق على حزب الله والبيئات المتعاطفة معه، فان ما تتجاهله هو ان الحزب جزء حيوي من منظومة الدولة اللبنانية، ويشكل احد مكونات الحكومة ومجلس النواب وتربطه تحالفات واسعة مع فئات داخلية، الامر الذي يعني ان استهدافه سيصيب تلقائيا شبكة واسعة من المصالح الحيوية اللبنانية، على المستويات كافة.

وفيما اوردت بعض التقارير الصحافية الاميركية ان اسم رئيس الجمهورية ميشال عون قد يتاثر بالعقوبات، نقل زوار عون عنه تأكيده ان ضميره مرتاح وان من واجه خطر الموت مرات عدة خلال مسيرته العسكرية ومن سبق له ان تحمل كل انواع الضغوط لا يخاف شيئا..

وفي انتظار ما ستفضي اليه الزيارتان اللتان يقوم بهما حاليا الوفدان النيابي والمصرفي الى واشنطن لاحتواء مشروع العقوبات المحتملة والتخفيف من وطأته، عاد العماد جوزف عون من الولايات المتحدة مرتاحا الى نتائج رحلته الاميركية، وهي الاولى له بعد استلامه قيادة الجيش.

ووفق المعلومات، أكد المسؤولون الاميركيون لعون ان واشنطن ستتابع تقديم المساعدات المفيدة الى الجيش، كمّا ونوعا، بحيث ان جدولها لن يتاثر بما سبق ان أعلنه ترامب حول نيته في تخفيض المساعدات الخارجية.

وفي اطار الوعد بمنح الجيش اسلحة نوعية، تبلغ عون من مضيفيه انه سيجري تسليم المؤسسة العسكرية مصفحات متطورة من نوع «برادلي»، بدءا من حزيران المقبل، وطائرات «سوبرتوكانو» بدءا من ايلول المقبل، إضافة الى تعزيز الدورات التدريبية والاستمرار في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بخطر الارهاب.

وخلال النقاشات، سمع عون من المسؤولين الاميركيين إشادة بآداء المؤسسة العسكرية في مواجهة التحديات التي تخوضها، بل هو سمع اكثر من ذلك عندما قيل له ان التقويم الذي أجرته الدوائر المختصة في البنتاغون أظهر ان الجيش اللبناني هو من بين افضل الجيوش في المنطقة، قياسا الى الانجازات التي حققها والظروف المحيطة بعمله الميداني.

ويعتبر الاميركون ان الجيش اللبناني يكاد يكون الوحيد الذي تمكن من خوض معارك ناجحة ضد الارهاب ووجه ضربات قوية له، على امتداد الحدود الشرقية وفي الداخل، من دون الاستعانة بأي دعم عسكري مباشر من قوات أجنبية، سواء كانت أميركية ام غيرها، خلافا لما يحصل على سبيل المثال مع العراقيين او مع الاكراد الذين يحظون بدعم جوي واحيانا بري، من قوات التحالف الدولي، في عملياتهم القتالية ضد «داعش».

ويشيد الاميركيون بالعمليات الاستباقية والوقائية التي ينفذها الجيش، مشددين على انه يشكل شريكا حيويا للولايات المتحدة في الحرب على الارهاب.

وفي حين أكد الاميركيون لضيفهم أهمية المحافظة على الاستقرار في لبنان، عُلم ان البحث لم يتطرق الى مسألة العقوبات المقترحة باعتبار ان المؤسسة العسكرية ليست الجهة الصالحة للخوض فيها، لكن عون شدد من جهته على موقف مبدئي يتمثل في وجوب ألا تؤثر الاجراءات المحتملة على الوضع الداخلي وحصانته.

وتجدر الاشارة الى انه من ضمن اللقاءات التي عقدها العماد عون خلال وجوده في واشنطن، واحد مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس السيناتور بوب كوركر، وآخر مع  رئيس اركان الجيش الاميركي الجنرال جوزف دانفورد.

واكدت مصادر عسكرية رسمية  ان اجتماع عون مع كوركر انطوى على أهمية بالغة بالنظر الى حساسية موقعه في الكونغرس وقدرته على التأثير في تحديد مستويات الدعم للجيش اللبناني. وقد سبق لكوركر- الذي زار لبنان مؤخرا- ان تفقد جبهة عرسال والتقى عون قبيل اسبوع تقريبا من تعيينه قائدا للجيش، حيث ابدى اعجابه بما شاهده على الارض، ما دفعه عند عودته الى العمل في اتجاه تثبيت المساعدات الاميركية للجيش والحؤول دون اي تخفيض لها.

 وأوضحت المصادر ان اللقاء بين عون ورئيس اركان الجيش الاميركي كان اساسيا كذلك، وجرى خلاله البحث في سبل تفعيل التنسيق والتعاون تحت سقف مكافحة الارهاب.

الى ذلك، أفادت المصادر العسكرية ان قوى الجيش اللبناني استلمت قرابة خمسة مواقع استراتيجية، كان حزب الله قد اخلاها في مرتفعات السلسلة الشرقية، على ان يُستكمل تسلم المواقع الاخرى لاحقا، بعد إتمام التحضيرات اللوجستية لذلك.

وكشفت المصادر عن ان الانتشار الجديد للجيش في مساحات اضافية عند الحدود الشرقية يرتب المزيد من المسؤوليات والاعباء على المؤسسة العسكرية، لاسيما ان بعض المراكز يقع على ارتفاع 2000 متر وما يزيد، الامر الذي يستوجب تأمين مستلزمات ضرورية للبقاء فيها، سواء على صعيد العديد ام العدة.

وتلفت المصادر الانتباه الى ان اهتمام الجيش لا ينحصر فقط في التصدي لتحديي الارهاب التكفيري والتهديد الاسرائيلي، بل ان جزءا اساسيا من جهده يتركز ايضا على حماية السلم الاهلي الذي يمثل هاجسا للقيادة في اليرزة، مشيرة الى ضرورة منع اي تاثير سلبي للتجاذبات الداخلية المحتدمة في هذه المرحلة على الاستقرار الداخلي، وهذا ما يتحسب له الجيش باستمرار، انطلاقا من قناعته بان المحافظة على الانصهار الوطني هي واحدة من متطلبات تحصين القدرات وتحسين شروط المعركة في مواجهة العدوين التكفيري والاسرائيلي اللذين سيستفيدان من كل فرصة او خاصرة رخوة للعبث بالواقع اللبناني.

وتدعو المصادر المعنيين في الدولة الى الاسراع في تأمين الاعتمادات المالية اللازمة لتطويع ما بين اربعة وخمسة آلاف عسكري في صفوف الجيش، حتى يتمكن من التصدي للأعباء المتزايدة.