IMLebanon

خليل لـ«الديار»: اقتحمنا المحرّمات ولا تداعيات… والتهويل مُفتعل

خليل لـ«الديار»: اقتحمنا المحرّمات ولا تداعيات… والتهويل مُفتعل

قائد الجيش تفقد جرود عرسال ــ بعلبك ومصادر عسكريّة: ممنوع دخول المسلّحين

عماد مرمل

بمعزل عن الاجتهادات المتباينة في مقاربة الصيغة النهائية لسلسلة الرتب والرواتب، فان الاكيد هو ان العديد من الضرائب التي تضمنتها تنطوي على دلالات بنيوية عميقة، هي ابعد من الجانب المالي المحض والحسابات التقنية المباشرة، حتى أصبحت فلسفة موارد «السلسلة» أهم من تفاصيلها وارقامها.

 بهذا المعنى، فان بعض مصادر التمويل المستحدثة تشكل تحولا جوهريا في «الثقافة الضريبية» الرسمية التي كانت تستند طوال عقود الى مجموعة «اخطاء شائعة» و«محرمات وهمية»، لطالما شكلت حماية وحصانة للجهات المقتدرة والمليئة، برغم انها قادرة على رفد الخزينة بقليل من فائض ارباحها.

وعليه، يُسجل للسلسلة المولودة انها نجحت في ترويض ما بات يُعرف بـ«حيتان المال» التي سبق لها ان التهمت الكثير من السمك الصغير، على امتداد سنوات من «الدلال» والامتيازات، الامر الذي يمثل بداية مقبولة، ولو متواضعة، نحو تحقيق «العدالة الضريبية» المنشودة.

صحيح، ان هناك جوانب في «السلسلة» تصيب شرائح من المواطنين بـ«القنص الضريبي»، لاسيما في ما يتعلق بزيادة الـ1 بالمئة على ضريبة القيمة المضافة  الى جانب رفع منسوب بعض الرسوم التي تطال مجالات هي على تماس مع الناس، وصحيح انه كان من الافضل تجنب اي «تسلل» الى جيوب الفقراء ومتوسطي الحال… لكن ذلك لا ينفي في الوقت ذاته أهمية الانعطافة الضريبية التي حصلت في اتجاه إلزام القطاع العقاري والشركات والمصارف بتأدية بعض واجباتها «المتأخرة» حيال الخزينة، برغم ان عددا من النواب حاولوا جاهدين خلال الجلسة النيابية تخفيض الفاتورة المستحقة على «الابراج العاجية» و«المربعات المخملية».

وليس خافيا ان «الكارتيل» او «اللوبي» المكون من تحالف مواقع نافذة، مصرفيا وسياسيا، سعى بكل ثقله وضغوطه منذ اعوام وحتى الجلسة التشريعية امس، الى منع اقرار ضرائب «ثورية» تصيب مكتسباته، الامر الذي يضفي على ما تحقق بُعدا إضافيا.

كما ان اقرار الغرامات على التعديات القائمة فوق الاملاك البحرية العامة يشكل اختراقا مهما في منظومة شبكة «المصالح العميقة»، بعد عجز الدولة خلال «سلسلة» طويلة من السنوات الماضية عن تحصيل حقوقها المستباحة، علما ان المحك يبقى في التنفيذ.

ويختصر خبير اقتصادي بارز المعادلة التي افرزتها فلسفة الضرائب المعتمدة لتمويل «السلسلة»، بالقول: لقد انتقل الاقتصاد من سقف الريع الى سقف الانتاج. ويؤكد الخبير لـ«الديار» ان فرض ضرائب على مطارح جديدة يمثل تحولا كبيرا ونقلة نوعية تطغى بايجابياتها على السلبيات الناتجة عن بعض البنود التي تشمل ابناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

ولا يتوقع الخبير الاقتصادي اي انعكاسات سيئة للسلسلة على الوضعين الاقتصادي والمالي، مستبعدا حصول تضخم كما يخشى القلقون، ولافتا الانتباه الى ان الزيادات التي ستُمنح للعاملين في القطاع العام هي من النوع الذي يُضخ في عروق السوق والاقتصاد، ويُصرف في الانتاج المحلي.

وإذا كان يُفترض بخلطة الضرائب والرسوم، بما لها وعليها، ان تغطي كلفة سلسلة الرتب والرواتب، فان هذه الرافعة المالية يجب ألا تعفي أهل السلطة من تحمل مسؤولياتهم في تقليص الهدر المزمن، والناتج عن الفساد المتراكم والترهل المستفحل.

وحتى لا تتبخر الزيادات الممنوحة للعاملين في القطاع العام، فان المطلوب بالحاح منع مقتنصي الفرص وتجارها من استغلال «السلسلة» والتلطي خلفها لرفع الاسعار في الاسواق التجارية، ما يتطلب من وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك التشدد في المراقبة وفي معاقبة المخالفين، حتى لا يفلت الملق… والنق.

 خليل… والتهويل

وقال وزير المال علي حسن خليل لـ«الديار» ان 90 بالمئة من الضرائب المستحدثة تطال الشركات الكبرى وشركات الاموال والمصارف والربح العقاري، وهذا انجاز مهم ونوعي، مشيرا الى ان الاستثناء الابرز لهذه القاعدة يكمن في زيادة 1 بالمئة على ضريبة القيمة المضافة التي تشمل كل الشرائح، لكنه لفت الانتباه الى ان ما يخفف من وطأة هذه الزيادة على الطبقة الفقيرة هو ان هذه الضريبة تستثني أصلا الامور الحيوية التي تتعلق بالناس كالطعام والشرب والطبابة والتعليم.

ويشدد خليل على انه تم تصحيح الوعاء الضريبي بطريقة متوازنة، موضحا ان الضرائب الجديدة تصيب وللمرة الاولى منذ الستينات مطارح ومساحات كانت مُحرّمة او محمية، الامر الذي ينطوي على نقلة مهمة في اتجاه بلوغ العدالة الاجتماعية.

ويشير الى ان من بين الانجازات التي تحققت ايضا اقرار الغرامات على مخالفات الاملاك العامة البحرية، بعدما كان هذا الملف يخضع الى المماطلة والتأجيل منذ عام 1996، مؤكدا ان هذا البند الذي اقره مجلس النواب امس سيُنفذ، وبالتالي فان الغرامات ستستوفى حتما من المخالفين، ومتوقعا ان يكون مردودها الاجمالي مرتفعا بعدما يجري تحصيلها على مدى اكثر من سنة.

ويؤكد خليل انه لا تسوية حول الاملاك البحرية، وما تقرر هو فرض غرامة على الإشغال غير القانوني للمساحات المستثمرة العائدة للدولة، مشيرا الى ان الذين استفادوا لسنوات طويلة من هذا الامر الواقع، بات يتوجب عليهم الآن ان يدفعوا الغرامات التي رتبتها التعديات على الاملاك البحرية.

ويشدد خليل على ان «السلسلة» كما جرى اقرارها، بكلفتها ومواردها، لا ترتب مفاعيل سلبية او تداعيات على الاقتصاد الوطني، معتبرا ان التهويل الذي يعتمده البعض غير مبرر وبلا طعمة، ويندرج في اطار سيناريو يتكرر من حين الى آخر.

ويضيف: إذا وضعنا المزايدات الشعبوية جانبا، فان ما حصل عمليا هو اننا ثبتنا من جهة حقوق الناس وأعدنا الانتظام الى مسالة غلاء المعيشة، وراعينا من جهة أخرى التوازن المالي المطلوب عبر اقرار مجموعة من الضرائب التي لا تمس في معظمها الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

وعن مصير قطع الحساب وانعكاسه على الموازنة، يؤكد خليل ان العمل جار من أجل إيجاد مخرج لهذه الاشكالية، موضحا ان قطع الحساب لن يكون سببا معطلا للموازنة.

 عون… والحدود

على صعيد آخر، وبالتزامن مع التوقعات بقرب انطلاق معركة تحرير جرود عرسال من المجموعات الارهابية التي لم تتجاوب بعد مع عروض الانسحاب، تفقد قائد الجيش العماد جوزيف عون امس القوى العسكرية المنتشرة على جانب من الحدود الشرقية في منطقة طفيل ومحيطها في جرود بعلبك.

وشدد عون خلال جولته على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الميدانية لحماية البلدات والقرى الحدودية من اي خرق ارهابي، مؤكدا قدرة الجيش واصراره على مواجهة المصاعب التي ستعترضه  في اطار جهوده الآيلة الى دحر التنظيمات الارهابية، وهو لن يصغي الى ضجيج بعض الاصوات المغرضة.

وقالت مصادر عسكرية لـ«الديار» ان زيارة عون لجانب من الخطوط الامامية على الحدود الشرقية تندرج في اطار مواكبة التحضيرات للتعاطي مع التطورات الميدانية المحتملة، مشيرة الى ان جهوزية الجيش كاملة لملاقاة اي وضع ميداني مستجد ولا توجد ثغرات في استعداداته.

وتؤكد المصادر ان توجيهات العماد عون للوحدات العسكرية المنتشرة على تخوم الجرود واضحة وقاطعة وفحواها عدم السماح لاي مسلح بالعبور في اتجاه الاراضي اللبنانية، لافتة الانتباه الى انه عاد من جولته مرتاحا للواقع العملاني ولاستعدادات الجيش.

وتشدد المصادر العسكرية على العماد عون حازم في ضرورة منع هروب أي من المسلحين نحو مخيمات عرسال او محيطها، إذا اندلعت المواجهة في الجرود.