IMLebanon

تسوية الترقيات وتفعيل الحكومة يواجهان اعتراض «الكتائب» وسليمان

 بيروت – محمد شقير

لم يعد أمام الأطراف اللبنانيين من خيار سوى البحث عن صيغة لتنظيم «المساكنة» على قاعدة تكريس الاختلاف داخل الحكومة بعد تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان وفي ضوء انسداد الأفق في وجه أي لقاء سعودي – إيراني يمكن أن يدفع في اتجاه إخراج ملف الشغور الرئاسي من ثلاجة الانتظار ومعاودة تحريكه.

ومع أن الهدف من تنظيم هذه «المساكنة» بين الأضداد في الحكومة يكمن في وقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء وإعادة فتح الأبواب أمام التشريع في البرلمان، على رغم أن موعد بدء الدورة العادية بات على الأبواب في أول ثلثاء بعد 15 تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، فإن الوزير وائل أبو فاعور واصل تحركه من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط وبمباركة من رئيس البرلمان نبيه بري ممثلاً بمعاونه السياسي الوزير علي خليل، وإن كان الأخير يتحرك في الظل ويشارك أبو فاعور في تواصله مع نادر الحريري مدير مكتب زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري.

وينطلق أبو فاعور في تحركه من عناوين رئيسة كان طرحها الرئيس بري في اللقاء السداسي الذي ترأسه فور انتهاء الجلسة الحوارية الثالثة ولم يدع إليه رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل ونائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل المنتمي الى اللقاء التشاوري برئاسة الرئيس ميشال سليمان.

وعلمت «الحياة» أن رئيس الحكومة تمام سلام أبلغ المشاركين في اللقاء أنه يؤيد كل ما يتم الإجماع عليه من دون أن يبدي رأيه بالتفصيل في هذه العناوين وما إذا كانت تأخذ من صلاحياته مع أن هناك من يؤيد التصويت على الترقيات بثلثي أعضاء الحكومة في مقابل إعطاء حق «الفيتو» في آلية إصدار القرارات عن مجلس الوزراء في حال أن مكونين في الحكومة اعترضا على أي بند من بنود جدول الأعمال.

اعاقةتسويق التسوية

إلا أن تحرك أبو فاعور في اتجاه الرئيس سليمان والنائب الجميل لم يؤد حتى الساعة الى تسويق هذه التسوية مع أن بعضهم يحاول أن يلقي مسؤولية إعاقة تسويقها الى رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة الذي يتواصل باستمرار مع الرئيس الحريري.

فالسنيورة أكد في اللقاء السداسي عدم الاعتراض على ترقية الضباط وطلب التشاور مع سليمان و «الكتائب» بسبب تحفظهما عنها، لكنه سأل عن الضمانة لتأمين تفعيل العمل الحكومي من خلال معاودة اجتماعات مجلس الوزراء، وما إذا كانت تتعارض مع النصوص الدستورية أو مع صلاحيات رئيس الحكومة، خصوصاً أن الدستور ينص على أن القرارات في مجلس الوزراء تتخذ بالتوافق وإذا تعذر فبالتصويت بالنصف زائداً واحداً على القرارات العادية وبالثلثين على القرارات الكبرى.

ومع أنه لم تعرف الأسباب الكامنة وراء رمي المشكلة على السنيورة، فإن تحرك أبو فاعور تزامن هذه المرة مع تبرع عدد من السفراء الأجانب والعرب المعتمدين لدى لبنان لإعادة تشغيل محركاتهم في اتجاه سليمان وحزب «الكتائب» الذي التقى رئيسه أمس السفير الأميركي الممدد له في لبنان ديفيد هيل.

ويتزعم هيل، كما في السابق، الجهود الرامية لإقناع سليمان والجميل (الذي التقى أمس العماد قهوجي في مكتبه في وزارة الدفاع في اليرزة) بسحب اعتراضهما على هذه التسوية بدءاً بترقية الضباط، بذريعة أن المجتمع الدولي ضد حصول أي فراغ جراء استقالة الحكومة لأن الفوضى قد تكون البديل في ظل استحالة انتخاب الرئيس، وبالتالي لا بد من استمرار عمل المؤسسات.

ويأتي تحرك هيل بهدف تمرير الوقت لأن لا أمل بلبننة الاستحقاق الرئاسي فيما لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن الضغط لملء الشغور في الرئاسة الأولى وإن كان سينتهز فرصة انعقاد الاجتماع الدولي من أجل لبنان في نيويورك على هامش انعقاد الدورة العادية للجمعية العمومية في الأمم المتحدة ليسمي مبعوثاً أممياً خاصاً لمواكبة الجهود الداعمة لانتخاب الرئيس العتيد.

كما أن «المستقبل»، وإن كان يدعم ترقية الضباط ويتبرأ من الاتهامات التي تحمّله مسؤولية إعاقة التسوية أو تأخيرها، يؤكد في المقابل – وفق مصادره – أن لديه تحفظات عن الشق المتعلق بتفعيل العمل الحكومي في حال اقترح بعضهم الثلثين حتى لو اعترض مكونان في الحكومة لتمرير الترقيات في مقابل إصراره على حقهما في «الفيتو» في مجلس الوزراء.

لذلك، فإن مهمة أبو فاعور لن تكون سهلة في إقناع سليمان و «الكتائب» بسحب تحفظهما عن ترقية الضباط، والأمر نفسه ينسحب على هيل وأحد السفراء العرب الذي يشارك في الاتصالات بعيداً من الأضواء لقطع الطريق على إقحام لبنان في جولة جديدة من التأزم السياسي.

الجيش والبازار السياسي

وفي هذا السياق قال الجميل لـ «الحياة» إن لا مشكلة شخصية لديه في موضوع ترقية الضباط. «لأن المشكلة تكمن في أننا نريد أن نقحم آخر مؤسسة أي الجيش في البازار السياسي ونضرب كل قواعد الترقية المعمول بها منذ تأسيسه، بغية إرضاء هذا الفريق أو ذاك».

وأكد الجميل: «نحن في الكتائب ما زلنا على موقفنا، لن نقحم أنفسنا في هذا البازار، وعندما نشعر أن هذه التسويات ستمر سيكون لنا الموقف المناسب حرصاً منا على الحفاظ على حد أدنى من المنطق الدستوري».

ولفت الى أن «الكتائب» على تشاور دائم مع الرئيس سليمان ووزراء «اللقاء التشاوري». وقال: «نحن وإياهم على موجة واحدة ولن نوافق على اللعب بالتراتبية العسكرية ولا بالهيكلية التنظيمية للجيش، خصوصاً أنه من غير الجائز أن نرقي الى رتبة لواء من يأتي ترتيبه العشرين في العمداء الموارنة وما بين 55 و50 في العمداء من كل الطوائف».

وسأل: «كيف نوافق على هذه الترقية ونسمح لعميد أقدم رتبة من زميله المطروحة ترقيته الى لواء بأن يؤدي التحية له ومن يضمن عدم حصول توتر في داخل المؤسسة العسكرية، وهل نطلب من الضباط الارتماء في أحضان الأحزاب لترقيتهم بعيداً من التراتبية والأقدمية في الرتب العسكرية؟». كما سأل عن الجدوى في زيادة عدد الضباط من رتبة لواء من 5 إلى 8 مع أن المجلس العسكري يتألف من 5 ضباط بهذه الرتبة ويرأسه قائد الجيش.

وشدد الجميل على أن «الكتائب» يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس وأن موافقته على أي شيء آخر تعني أننا انقلبنا على المبدأ الذي حددناه وعملنا من أجله فور شغور سدة الرئاسة، وقال: «نحن نتحفظ عن البحث في أي بند على طاولة الحوار خارج رئاسة الجمهورية، إضافة الى أن البرلمان يتحول فور انتهاء ولاية الرئيس الى هيئة ناخبة الى حين انتخاب من يخلفه». ورأى أن مجرد الدخول في هذه «التسوية» يعني أننا نوافق على من يقول إن البلد يستمر في إدارة شؤونه في غياب الرئيس. ودعا إلى الوقوف في وجه أي ابتزاز وإلا فالأفضل أن تتحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال.