IMLebanon

لقاء البابا وشيخ الأزهر في الفاتيكان: ترميم الحوار لمواجهة التطرّف والعنف

  روما – عرفان رشيد

اعتبر محللون ومختصون بشؤون الفاتيكان وعلاقاته مع الأديان، اللقاء الذي جمع في الفاتيكان أمس البابا فرنسيس والإمام الأكبر للأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيّب بمثابة لقاء لـ «رأب الصدع والعودة إلى الحوار»، وربّما للعمل المشترك لمواجهة تأثيرات الحركات الأصولية وتيارات العنف والإرهاب. وجاء اللقاء بعد تجميد فعلي للعلاقات استمر خمس سنوات بين الأزهر والفاتيكان، منذ المحاضرة التي ألقاها البابا السابق بنيديكتوس السادس عشر في جامعة راتسبون الألمانية، واعتُبِر ما ورد فيها من إشارات إلى الإسلام «مسيئاً».

ولم يكن متوقّعاً أن يُبقي البابا فرنسيس بما عُرف عنه من التصاق بقضايا السلم والحوار بين الأديان، أواصر الكنيسة مع العالم الإسلامي خارج إطار «رغبته في إحداث تغييرات» عبر الحوار. لذا، وبينما كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يجتاز بوابة الفاتيكان ليلتقي البابا بعد سنين من الانقطاع، كانت ديبلوماسية الفاتيكان، بإدارة الكاردينال جان لوي توران، رئيس «وزارة» الحوار بين الأديان، بدأت التحرّك صوب الأزهر الشريف. وحمل توران المونسنيور ميغيل آنخيل غيكسوت في شباط (فبراير) الماضي رسالة إلى الطيب تتضمّن دعوته، واستعداد الأول لمرافقته خلال اللقاء مع البابا. وعمل الطرفان للإعداد لهذه الزيارة بتأنٍّ، بعيداً من الإعلام، والامتناع عن التعليق على تداعيات مقتل الباحث الأكاديمي الإيطالي الشاب جوليو ريجيني في القاهرة قبل شهور.

وكان وكيل الأزهر الشريف عباس شومان أكّد أن ليس هناك «ما يمنع استئناف الحوار، ولكن لنتفق أولاً علامَ نتحاور، وإلامَ نود أن نصل. الحوار نرحب به ونسعى إليه مع الفاتيكان وغيره، ولكن يجب أن نقف على أرضية ننطلق منها لتوحيد المواقف». وأعرب عن اعتقاده بأن «مواقف البابا فرنسيس أفضل بكثير من مواقف البابا السابق، ما يشجّع على عودة الحوار وليس لدينا أي شرط، ولكن يجب الإعداد الجيد له بحيث نصل إلى نتائج، تتعدّى مجرد لقاءات بروتوكولية. نتمنى أن يخرج اللقاء بإعلان مواقف محددة من القضايا التي تهم الناس كلها، مثل القضية الفلسطينية والعنف والإرهاب».

وكما كان مُتوقعاً، لم ينتهِ اللقاء بين البابا وشيخ الأزهر بإعلان ما يتجاوز الإعراب عن وجود نية للعمل المشترك لوقف العنف والغلو. لكن الأكيد هو أن اللقاء الذي وصفه الناطق باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي بأنه «ودي جداً» و «كان في غاية الأهمية»، سيطلق جهوداً لتشكيل لجان عمل مشتركة تعدّ مقترحات لمواجهة قضايا «عاجلة». وأضاف الناطق أن «الحبر الأعظم وشيخ الأزهر إنما أرادا بلقائهما تأكيد أهمية الحوار بين الكنيسة والإسلام».

وقال البابا للصحافيين أن الرسالة من هذا الاجتماع الذي شهد معانقة بينه وبين الطيّب، والذي استمر نصف ساعة تقريباً، هي «لقاؤنا» بحد ذاته. وأفاد ناطق فاتيكاني بأن البابا وشيخ الأزهر بحثا في «السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب ووضع المسيحيين في إطار النزاعات والتوتر في الشرق الأوسط وكذلك حمايتهم». وعقد اللقاء في مكتبة الفاتيكان وقدم البابا فرنسيس لضيفه نسخة عن رسالته العامة حول البيئة وكذلك ميدالية السلام.

يُذكر أن شيخ الأزهر كان ندّد بما تعرّضت له باريس وبروكسيل من تفجيرات وعمليات إرهابية، وأرسل البابا فرنسيس برقية تعزية إلى الرئيس عبدالفتاح السّيسي إثر تحطّم الطائرة المصرية قبل أيام.