IMLebanon

معركة الرئاسة اللبنانية على عدد الأصوات

اعتبر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن انتخاب رئيس للجمهورية في 31 الجاري «ضروري، لكنه غير كاف، لأن بعده هناك الجهاد الأكبر المتعلق بالاستحقاقات الكبرى، خصوصاً قانون انتخاب يقوم على العدالة للمرأة، ويكون قائماً على النسبية لنصل إلى مستوى حضاري معيّن ونخطو خطوات تخفّف من الطائفية».

وإذ أوضح بري «أننا على بعد خطوات من انتخاب رئيس للجمهورية» بما يؤكد أن موعد الجلسة قائم، يسعى معارضو انتخاب عون الذي بات فوزه بالرئاسة محتوماً كما تؤكد مصادر «التيار الحر»، إلى تأمين نسبة مقبولة من الأصوات لمنافسه رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي جدد التأكيد أنه مستمر في ترشحه ضد «الجنرال» في حديث تلفزيوني أول من أمس، بينما واصل موفدو عون جولاتهم على الكتل النيابية الصغيرة، فالتقوا أمس نائبي حزب «البعث» اللذين ربطا موقفهما النهائي بالتشاور مع الرئيس بري. ويؤشر سعي معارضي عون إلى رفع عدد الأصوات المناوئة له، إما بالورقة البيضاء أو بالتصويت لفرنجية، إلى السعي لزيادة حجم المعارضة للعهد مع انطلاقه، فيما يراهن تيار عون على رفع عدد الأصوات التي سيفوز بها، لتتجاوز أكثرية النصف +1 (65 نائباً)، لعلها تلامس أكثرية الثلثين (86)، فتشكل رافعة قوية في وجه معارضيه. واعتبر أحد نواب تكتل عون أن الاتصالات التي يجريها موفدوه «تؤدي تباعاً إلى ارتفاع عدد النواب الذين يؤيدون التسوية لمصلحته، بعدما كانوا عارضوها»، وأن العمل سيستمر على إقناع المزيد من النواب المترددين والمعارضين.

ولاح في الأفق تباين على طريقة احتساب أصوات الفوز التي يعتبر بري أنها يجب أن تكون 86 صوتاً في الدورة الأولى للاقتراع و65 صوتاً في الدورة الثانية، فيما رأى «تكتل التغيير والإصلاح» بعد اجتماعه برئاسة عون أمس، أن الدورة الأولى حصلت في جلسة البرلمان في شهر نيسان (أبريل) عام 2014 حين كانت المنازلة بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ولم ينل أي منهما أكثرية الثلثين فانسحب نواب عون و»حزب الله» وحلفاؤهما، في الدورة الثانية لتعطيل نصاب الثلثين. إلا أن بري يعتبر أن تلك الجلسة أقفل محضرها في حينه، وأن البرلمان أمام جلسة جديدة الاثنين المقبل، ولا يعقل اعتبار الجلسة الأولى مفتوحة لسنتين ونصف السنة، وبالتالي تجب العودة إلى صيغة الدورتين مع انقضاء هذه المدة. لكن مصدراً في تكتل عون قال لـ «الحياة» إن «اعتقادنا أننا نذهب في الجلسة المقبلة إلى الدورة الثانية من الاقتراع لا يعني أننا سنفتعل مشكلة إذا كان الرئيس بري يرى غير ذلك».

إلا أن بدء التداول في الأوساط السياسية اللبنانية في مرحلة ما بعد انتخاب عون، لجهة تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق سعد الحريري، والحصص الوزارية فيها وما إذا كان بري سينضم إليها أو يبقى خارجها، زاد من الأسئلة حول بيانها الوزاري والسياسة التي تنوي اعتمادها.

وعادت الأوساط السياسية اللبنانية إلى ترقب الموقف الخارجي من التسوية السياسية التي رجحت حظوظ عون، خصوصاً أن بيروت شهدت أمس وقبله حركة ديبلوماسية ناشطة بتحرك سفراء عدد من الدول الأجنبية والعربية المهتمة بالرئاسة، باتجاه القادة الرسميين والسياسيين للاستفسار عما بعد انتخاب زعيم «التيار الحر» ولطرح أسئلة حول بعض الهواجس. وقالت مصادر سياسية لـ «الحياة» إن أسئلة السفراء ركزت على «المخاطرة» و «الخيار الصعب» الذي أدت إليه هذه التسوية، والنهج الذي سيتبعه عون، وانعكاساته على الصراع السياسي الداخلي، والعلاقات مع الخارج في ظل التحالف بين الأخير و «حزب الله». ومن الأسئلة تلك المتعلقة بالحقائب الأمنية التي تتعاون معها الدول في مسألة مكافحة الإرهاب وتمكين الجيش. ولفتت المصادر إياها إلى أن بعض العواصم قد يربط استمرار مساعداته للبنان باطمئنانه إلى أن العهد الجديد قادر على حفظ الاستقرار السياسي وعلى احتمال وجود معارضة، وعدم خضوعه لسياسات «حزب الله» وانتقاله إلى محور إيران- سورية. وأوضح أحد نواب تكتل العماد عون لـ «الحياة» أن الأخير أكد أكثر من مرة لنوابه أن لا عامل خارجياً في الاستحقاق، وتجب الإفادة من حيادية الدول من أجل تسريع ملء الفراغ. وأضاف النائب نفسه: «الدول قالت إنها لن تتدخل، وقد تكون هناك دول غير مغرمة بالعماد عون، لكن لا مانع لديها من التسوية التي حصلت كي يتبوأ المركز».

وترأس رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط مساء أمس اجتماعاً لمجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي والنواب الستة المنتمين إليه في كتلته النيابية، لدرس الموقف قبل الاجتماع الثاني للكتلة آخر الأسبوع، لحسم القرار في شأن اقتراع النواب الـ11 الأعضاء. وعلمت «الحياة» من مصادر نيابية أن جعجع أجرى اتصالاً هاتفياً أمس بأحد أعضاء «اللقاء الديموقراطي» أبلغه فيه أن «القوات» لا توافق على تصريحات بعض رموز «التيار الوطني الحر» التي أوحت بإمكان التعاون مع جهات أخرى في الطائفة الدرزية، وأن «القوات» حريصة على العلاقة مع جنبلاط لأنه هو من قاد المصالحة في الجبل مع المسيحيين منذ عام 2001 وتتمسك بها.