IMLebanon

«المختلط» معبر وحيد لإجراء الانتخابات و «النسبي» يتهاوى مع تبدل موقف باسيل

  بيروت – محمد شقير

لم يحضر تفاؤل رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بحصول اقتراحه في شأن قانون انتخاب جديد على تأييد كل الأطراف، على طاولة اجتماع مكتب هيئة المجلس النيابي برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، الذي نقل عنه النواب قوله إن «البحث في القانون لم يتوقف، لكن لا اتفاق حتى الآن، لأن مشاريع تأتي وأخرى تذهب، وهذا ما يدعونا إلى التحسب لكل الاحتمالات لئلا نقع في فراغ في حال تعذر إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في الربيع المقبل على أساس قانون جديد».

انطباع بري، عكسه نواب «اللقاء الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط في اجتماعهم أمس مع باسيل، في سياق جولتهم على الأطراف لتبيان وجهة نظرهم حيال القانون الجديد. ولعل أهم ما حمله هذا اللقاء أنه أدى إلى «كسر الجليد» بين «اللقاء الديموقراطي» و«تكتل التغيير»، وفتح الباب أمام تزخيم التواصل بينهما، مع أن باسيل أكد أنه في حاجة إلى أيام عدة لإنضاج مجموعة من الأفكار تشكل، من وجهة نظره، الأساس لقانون جديد ينطلق من المختلط ويجمع بين النظامين النسبي والأكثري ويعتمد على وحدة المعايير ولا يستهدف أي طرف، يرضي الجميع. ويقول عدد من نواب يواكبون اللقاءات الثنائية بين أعضاء اللجنة الرباعية والفريق التقني الذي انبثق منها، إن من غير الجائز الحكم على النيات، وإن هناك ضرورة لمنح باسيل فرصة لترجمة ما ينقل عنه إلى خطوات ملموسة تدفع نحو ولادة قانون انتخاب جديد، على رغم أن الإرباك ما زال يسود المشاورات في داخل اللجنة الفرعية وفريقها التقني.

ويعود الإرباك إلى كثرة المشاريع التي يطرحها باسيل قبل أن يبدي استعداده لعرض أفكار تقوم على المختلط، والتي يتهاوى واحدها تلو الآخر، في مقابل الحرص الذي يبديه «تيار المستقبل» على الانفتاح على كل الأفكار التي تطرح عليه، مبدياً مرونة لعلها تؤدي إلى تفادي ما فيها من ثغرات للوصول إلى التفاهم على قانون جديد.

ويؤكد النواب أنفسهم أن ما ينسبه بعضهم إلى رئيس الحكومة سعد الحريري عن موافقته على قانون تبني النسبية الكاملة وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة، ليس في محله، وأن ممثل «المستقبل» في اللجنة الرباعية مدير مكتبه نادر الحريري لا يقفل الباب في وجه أي نقاش لتبيان الخلل في هذا الاقتراح أو ذاك، لئلا يقال إنه وراء تعطيل إجراء الانتخابات في موعدها.

ويرى هؤلاء أن البحث في النسبية الكاملة لا يعني تخلي الرئيس الحريري عن المختلط بمقدار ما أن المرونة التي يبديها مدير مكتبه تسمح بتظهير الثغرات في هذا الاقتراح أو في غيره، رافضاً الدخول في سجال داخل اللجنة الرباعية بعد أن علقت اجتماعاتها الموسعة واستعيض عنها بلقاءات ثنائية. ويقولون إن «المختلط» لا يزال المعبر الوحيد لإجراء الانتخابات النيابية بعد تأجيلها لأسباب تقنية من الربيع المقبل إلى الخريف، ويؤكدون أن لا مشكلة في إدخال تعديلات عليه، شرط أن تكون واقعية ولا يراد منها إضاعة الوقت لفرض قانون بديل أمراً واقعاً.

ويؤكد النواب أن ممثل «أمل» في اللجنة الرباعية الوزير علي حسن خليل يصر على عدم كشف أوراقه الانتخابية، ويأخذ وقته في اللقاءات الثنائية في استيضاح بعض الأفكار مع أنه يتناغم مع حليفه «حزب الله» الذي يطالب بالنسبية الكاملة، سواء أكان لبنان دائرة انتخابية واحدة أم جرى تقسيمه إلى دوائر موسعة، من دون أن يتعرض سلباً إلى المختلط، باعتبار أن الرئيس بري كان تقدم بمشروع في هذا الشأن.

رفض مسيحي للنسبية

ويستبعد النواب احتمال اعتماد النسبية الكاملة، في ظل ميل مسيحي إلى رفضها، مع أن رئيس الجمهورية ميشال عون يطالب بها.

وينطلق فريق واسع من المسيحيين، وفي طليعتهم «القوات اللبنانية»، في رفضه النسبية الكاملة، من أنها تؤدي إلى تذويبهم انتخابياً وشل قدرتهم على التأثير في المسار الانتخابي، وأن «الستين» بما فيه من سيئات يبقى أفضل منها، خصوصاً أن التدقيق في لوائح الشطب لا يشجعهم على إقحام أنفسهم في مغامرة انتخابية معروفة نتائجها سلفاً.

لكن باسيل، وفق هؤلاء النواب، يحرص من حين إلى آخر على طرحها، لأمرين: الأول حرصه على الانسجام مع الرئيس عون وعدم الظهور كأنه على تناقض معه، والثاني تفاديه الدخول في نزاع سياسي حول قانون الانتخاب يسبب له إشكالاً مع حليفه «حزب الله»، وإن كان لا يحبذ تأهيل المرشحين في الدائرة الانتخابية ممن يحصلون على 10 في المئة من أصوات الناخبين، لخوض الانتخابات في الدوائر الموسعة أو في لبنان دائرة واحدة. عليه، فإن الأسبوع المقبل، قد يكون على موعد مع الأفكار الانتخابية الجديدة لباسيل، وإن كان هناك من يؤكد، بصرف النظر عن ردود الفعل عليها، أن الانتخابات ستجرى حتماً العام الحالي وعلى أساس قانون جديد، مع تأخير موعدها لسبب تقني.

وإلى حين خروج المشاورات حول قانون الانتخاب من المراوحة لأن الوقت لم يعد يسمح بتمديد الانتظار من دون أن تلوح في الأفق بوادر إيجابية بإنجاز القانون، فإن الرئيس بري وإن كان يقف إلى جانب الرئيس عون في حضه الأطراف على الإسراع في التوافق على القانون، يدعو في المقابل إلى التحسب منذ الآن لكل الاحتمالات.

تحفيز الأطراف على الاتفاق

وعلمت «الحياة» أن بري صارح النواب في هيئة مكتب المجلس بقوله إن هناك من أساء فهم دعوته في الحوار الموسع إلى التفاهم على سلة كاملة تبدأ بانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة ووضع قانون انتخاب جديد.

ولفت بري – وفق النواب – إلى أن هناك من اعترض على اقتراحه لأن الأولوية تبقى لانتخاب الرئيس، مع أن هذا البند أُدرج بنداً أول في السلة، وقال إن «رفض البعض هذا الاقتراح أوصلنا إلى ما كنا نحذر منه». وأكد -كما نقل عنه النواب- أنه لم يترك مناسبة إلا وتحدث عن ضرورة استعجال وضع قانون جديد، مبدياً رأيه في المشاريع المطروحة «والآن ننتظر الخطوات التي ستقوم بها الحكومة وبعدها سنرى، مع أن هناك مشاريع انتخابية عدة، فلتطرح في جلسة نيابية تخصص لمناقشتها، ومن ثم نعرضها على التصويت، ومن يحظى بتأييد الأكثرية شرطَ عدم المس بالميثاقية، نسير فيه».

ورأى بري أن «هناك ضرورة لنتحسب لكل الاحتمالات لئلا نقع في الفراغ». وإن كلامه ليس موجهاً ضد أحد وبالتالي لا يريد أن يصدر الأحكام على النيات، لكن التحسب وواجب لمواجهة احتمال انقضاء الوقت من دون إقرار القانون قبل منتصف الشهر المقبل، لأنه يحق لرئيس الجمهورية، استناداً إلى المادة 59 من الدستور، تأجيل انعقاد البرلمان إلى أمد لا يتجاوز شهراً واحداً، وليس له أن يفعل ذلك مرتين في العقد العادي.

وطرح بري مثل هذا الاحتمال من باب التنبيه لحض الحكومة على وضع مشروع قانون جديد. وهذا الكلام ليس غمزاً من قناة رئيس الجمهورية، وإنما لتحفيز المعنيين على قطع الطريق أمام إقحام البلد في الفراغ، خصوصاً إذا انتهى العقد العادي للبرلمان في آخر أيار (مايو) المقبل وتعذر فتح دورة استثنائية، ما يؤدي إلى تعليق التشريع إلى حين بدء العقد العادي في أول ثلثاء بعد الخامس عشر من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وهذا ما يؤدي إلى تمديد الفراغ.

لذلك، فإن تحذير بري يتناغم على موجة واحدة مع الرئيس عون في حض من يعنيهم الأمر على إنجاز القانون، خصوصاً أن الحكومة كانت تعهدت في بيانها الوزاري وضْعَه مقدمة لإجراء الانتخابات على هذا الأساس. فالمسؤولية تقضي بإنجاز القانون، لأن تبادل الاتهامات في محاولة كل طرف تحميل الآخر مسؤولية إعاقة إنجاز القانون يضع الجميع في موضع الاتهام إلى أن يثبت العكس.