IMLebanon

هولاند يقلّد الحريري وسام جوقة الشرف

  باريس – رندة تقي الدين

قلد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، في احتفال في باريس، رئيس حكومة لبنان سعد الحريري وسام جوقة الشرف برتبة قائد كومندور. وأجرى الطرفان جولة محادثات دامت نصف ساعة حول المستجدات في لبنان والمنطقة ومسألة زيادة المساعدات الدولية للبنان لتحمّل أعباء النازحين السوريين. وحضر الاجتماع عن الجانب اللبناني نادر الحريري والمستشارون باسيل يارد وكرمى وهاني حمود. وعن الجانب الفرنسي: مستشارو هولاند جاك أوديبير ودافيد سفاخ ومدير دائرة الشرق الاوسط في الخارجية جيروم بونافون وكلودين ريبير.

وخلال حفلة تقليد الوسام التي حضرتها عائلة الحريري والوزيران نهاد المشنوق وغطاس خوري، وقال هولاند للحريري: «تستمر في حمل شعلة والدك الذي وقع ضحية اغتيال في 14 شباط 2005، وهو كان يمثل الاعتدال وعرف كيف يخرج لبنان من الحرب الأهلية من خلال الحوار والتسوية والمصالحة بين اللبنانيين، وهو رئيس مؤسسة ورجل أعمال أتى من عائلة متواضعة وساهم كثيراً في نجاح لبنان ومستقبله». وذكر أن الرئيس رفيق الحريري «سمح للبنان بالتحرر من الاحتلال السوري الذي استمر ما يقارب الـ30 عاماً». ولفت إلى أن «اختفاءه واغتياله شكلا صدمة كبيرة لعائلتكم وللبنان وعرفتم كيف تستمرون قدماً وتقودون تيار المستقبل في النضال للحصول على استقلال لبنان وسيادته».

وسأل: «كم من مرة جئتم إلى الإليزيه لنتحاور حول الوضع في لبنان ولتعرب عن استعدادك للبحث عن حلول لجمع كل الأطراف اللبنانية، ولم تكن لديكم أي نظرية محددة بل كنتم مستعدون للوقوف مع وحدة لبنان كما فعلتم دائماً». وقال: «حالياً أنتم رئيس لحكومة أطلقتم عليها اسم استعادة الثقة لأنه هذا ما كان تجب إعادته في لبنان، الثقة».

وأضاف:» تباحثنا في التجارب التي يمر بها لبنان مع حصول الحرب السورية على أبوابه واستضافته مليون ونصف مليون نازح سوري يشكلون ضغطاً عليه ويجب إيجاد حل». وأكد أن «كل ذلك يستلزم ويدعو إلى تضامن المجتمع الدولي مع لبنان وتضامن فرنسا بشكل خاص، إزاء العملية التي تبلسم جراح اللبنانيين مع تسليم المساعدة الإنسانية كما تقوم به فرنسا وأن نتمكن من إقناع المستثمرين بالمجيء إلى لبنان، ووجودكم على رأس الحكومة يساهم في ذلك»، مشيراً إلى «أنكم (الحريري) بذلتم كل ما باستطاعتكم بحثاً عن الحقيقة في ما يتعلق باغتيال والدكم بالطريقة نفسها التي تدافعون بها بشكل دائم عن احترام لبنان التزاماته الدولية وأيضاً تطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن».

وقال: «يجب أن يدرك لبنان أنه سيجد فرنسا صديقة وفية دائماً وسنقف دائما إلى جانبكم بمناسبات الفرح كما اليوم، وأيضاً خلال التجارب التي عرفتموها ويمكن أن تعرفوها». وأكد أن «فرنسا تبقى ملتزمة ضمن قوات «يونيفيل»، مذكراً بـ «وجود 850 جندياً فرنسياً في الجنوب، ومنذ شهر تقريباً زار وزير الدفاع لبنان لتطبيق خطة المساعدة للجيش اللبناني».

ورد الحريري قائلاً: «إنه لشرف كبير لي أن أتسلم من أيديكم هذا الوسام وهذا شرف لي ولعائلتيّ الصغيرة والكبيرة وجميع اللبنانيين، الذين يحملون تعلقاً كبيراً بفرنسا».

وأشار الى أن «الروابط بيننا قوية جداً وقديمة، ولكن الصداقة التي أعربتم عنها دوماً تجاه لبنان وشخصي لا تنسى». وقال: «طوال فترة رئاستكم لفرنسا كنت أجد منكم أذناً صاغية ودعماً كبيراً سياسياً للبنان وللدفاع عن القيم التي يمثلها، وهي التعايش والحوار والاعتدال والعدالة، وهي جميعها في خطر بسبب هؤلاء المتطرفين في هذه المنطقة من البحر المتوسط. وكونوا متأكدين من اننا سنتابع سوية نضالنا ضد التطرف لكي تحيا دولتانا ومواطنونا في عالم أفضل». وختم: «أفكر الآن بأن والدي كان ليشعر بفخر كبير إزاء هذا الحدث».

وكان الحريري قدم إلى نظيره الفرنسي برنار كازنوف خلال لقائهما في قصر ماتينيون صباحاً، رؤية حكومته لتثبيت الاستقرار الاقتصادي والتنمية لمواجهة اللجوء السوري في لبنان والتي تتطلب هبات وقروضاً ميسرة تبلغ ١٢ بليون دولار على سبع سنوات، وهي مقاربة مختلفة عن مقاربة الأردن وتركيا اللتين تطلبان مساعدات إنسانية.

وشدد الحريري على «أن الاستثمار في لبنان من شأنه أن يشكل منصة انطلاق للشركات الطامحة للمشاركة في إعادة إعمار سورية في الوقت المناسب»، فيما أشاد كازنوف بـ «المقاربة الصحيحة في هذا الشأن». وأشار إلى أنه «سيطلب من وزير خارجيته المشارك في مؤتمر بروكسيل دعم مطلب الرئيس الحريري خلال المؤتمر».

وأقيم للحريري استقبال رسمي في مقر رئاسة الحكومة ثم عقد اجتماع حضره عن الجانب اللبناني نادر الحريري والقائم بالأعمال اللبناني في باريس غدي خوري والمستشارة الأولى في السفارة رلى نور الدين ويارد، وحضر عن الجانب الفرنسي بونافون والمستشار الديبلوماسي لرئيس الحكومة غوتييه لوكنس وعدد من كبار المسؤولين والمستشارين. وقال الحريري بعد اللقاء: «أبلغته أننا سنحضر مؤتمر بروكسيل ونتمنى أن يكون لفرنسا دور كبير تلعبه، فالعلاقة بيننا وبين فرنسا أخوية وصادقة، وهي ساعدت لبنان في مراحل عدة، ونحض كل الدول على مساعدة لبنان، خصوصاً في ما يتعلق بأزمة النازحين الذين نتفهم وجودهم في لبنان ووضعهم الإنساني، ولكن يجب على المجتمع الدولي أن ينظر إلى الموضوع بشكل مختلف. لبنان لا يمكنه أن يتحمل عن المجتمع الدولي مليوناً ونصف مليون نازح سوري، وعلى المجتمع الدولي أن يستثمر في لبنان ويعطيه كل الإمكانات ليتمكن من المتابعة، فما يحصل في سورية لم ينته».

وعن مدى تفاؤله بمؤتمر بروكسيل في ضوء تجربة مؤتمر لندن، قال: «هناك حكومة ورئيس جمهورية، وباستطاعتنا أن نعمل أكثر وأسرع. ربما في السابق لم يكن هناك توافق داخل الحكومة على هذا الملف، اليوم هناك توافق كبير حوله».

وعن الأخطار في حال لم تعالج أزمة النازحين، أوضح الحريري «أننا في لبنان كنا نعمل دوماً على اقتصاد لعدد سكان يبلغ 4.5 مليون نسمة، اليوم نعمل على اقتصاد لأكثر بقليل من ستة ملايين. وحين يكون النمو 1 في المئة أو أقل أو أكثر بقليل، لا يكفي لتوفير فرص عمل للبنانيين ومن ثم للسوريين. هذا الوضع كان يفترض أن يكون موقتاً وسيبقى موقتاً بالنسبة إلينا، إذ يجب على السوريين في نهاية المطاف حين ينتهي الصراع في سورية أن يعودوا إلى بلدهم، وعلينا أن نكون واعين. أنتم تعرفون أنني دائما أفكر في المستقبل، وخصوصاً في موضوع الفراغ الرئاسي الذي حصل وكم كنت متخوفاً من هذا الموضوع. فالترهل الذي حصل بسبب هذا الفراغ نلملمه بأسرع وقت مع فخامة الرئيس. ولكن وبسبب وجود مليون ونصف مليون نازح سوري، فإن الجهد الذي نقوم به يجب أن يكون أكبر بكثير. لذلك ما يدعوني للخوف أن المجتمع الدولي لا يعي بالشكل الذي نعيه نحن، لمدى تأثير ذلك على لبنان».

وعن زيارته الرياض وما إذا شملت الحديث عن المساعدات التي كانت ستقدمها المملكة العربية السعودية للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، قال: «تحدثنا في كل شيء واتفقنا على إنشاء لجنة عليا بين الرياض وبيروت خلال مدة شهر، ومن ثم نعود إلى المملكة بوجود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ونوقع على اتفاقيات عدة، وكما كل اللجان المشتركة، كمصر مثلاً، ستكون هناك لجان اقتصادية وصناعية وأمنية وعسكرية ورحلات متبادلة بين الدولتين، وهو أمر لم يحصل في السابق، ونريد أن نجسد هذه العلاقة ضمن إطار المؤسسات في لبنان والسعودية».

وأشار إلى أن «نسبة البطالة بين اللبنانيين بلغت 20 و30 في المئة بين الشباب اللبناني، وهذه النسبة وصلت إلى 50 في المئة بين النازحين السوريين، وكل ذلك يتسبب بضغط هائل على الاقتصاد اللبناني من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية. لا نريد أن يستغل أحد هذا الوضع ويدفع الشبان من النازحين السوريين أو من اللبنانيين إلى التطرف. علينا محاربة الإرهاب بكل الطرق وليس فقط بالقوة. علينا أن نستثمر لكي نحارب الإرهاب، وذلك بواسطة التعليم وإعطاء الناس الأمل، فإن لم يشعر الناس بالأمل سيقومون بأمور يائسة. وأنا علي أن أحمي اللبنانيين أولاً وأن أحرص على ألا تتحول مشكلة النازحين السوريين إلى مشكلة أكبر لنا في لبنان وللمجتمع الدولي».