IMLebanon

مانشيت:«إيجابية» بلا ترجمة… ومخاوف من الوصول إلى قانون «مرقّع»

واضح انّ لقاء الخبز والملح في عين التينة ليل أمس الاول، لم يتمكن من عبور حقل الألغام المزروعة في طريق القانون الانتخابي، خصوصاً انّ الرؤى ما زالت متباعدة، والنتيجة الاساس التي تمخّضت عن هذا اللقاء هي انّ النيّات في الوصول الى قانون جديد قائمة، لكنها ما زالت تحتاج الى جهد كبير لترجمتها بصيغة توافقية على أرض الواقع. ما يعني انّ الامور ليست مقفلة بالكامل، وهو ما تتقاطع حوله مواقف كل الاطراف، خصوصاً بالنسبة الى المشاركين في لقاء عين التينة الذين عكسوا ما مفاده أنّ الابحاث تناولت أموراً يمكن البناء عليها، ولكن من دون تحديد ماهية هذه الأمور.

التقييم العام لحركة الاتصالات القائمة وتظهيرها فقط لنيّات كلامية بلا ترجمة فعلية حقيقية، لا يعدو أكثر من ايجابية خجولة يحرص بعض أطراف لقاء عين التينة على إشاعتها، على رغم أنها بلا أيّ معنى في موازاة الضغط الهائل لعامل الوقت الفاصل عن نهاية ولاية المجلس النيابي في 20 حزيران.

وبالتالي تبقي سقف التوقعات عند حدوده الدنيا، ذلك انّ كل العصافير الانتخابية ما زالت على الشجرة، وليس في يد ايّ من الاطراف المعنية بالملف الانتخابي العصفور المناسب الذي يمكن إدخاله جدياً الى قفص التوافق ويخرج محاولات البحث عن قانون جديد من دائرة الابتزاز والمناورات السياسية.

مرجع سياسي

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «إنّ الاجواء لا تشجّع على التفاؤل، في ظل طاقم سياسي لا يشعر بضغط الوقت على البلد، ويعتقد البعض فيه انه يملك مساحة من هذا الوقت للمناورة والتكتيك، وما أخشاه هو ان تستمر هذه اللعبة حتى يشعر كل طرف مشترك فيها انها لن توصِل الى تحقيق ما يرغبه، وهذا يعني الاصطدام بلحظة حرجة تقود هؤلاء في النهاية الى «قانون مرقّع» أو قانون «كيفما كان».

وعلمت «الجمهورية» انّ حركة الاتصالات تواصلت بالأمس، ما بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». وفي هذا السياق يندرج اجتماع وزارة الخارجية في حضور الوزير جبران باسيل والنائبين جورج عدوان وابراهيم كنعان.

وما بين بعبدا وبيت الوسط، حيث تندرج زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى القصر الجمهوري ولقاؤه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن هناك عكس الحريري إيجابيات بقوله انّ الأمور قريبة من الوصول الى حل، مشيراً الى اجتماعات واتصالات تجري في هذا السياق.

وعلمت «الجمهورية» انّ الحريري وضع عون في تفاصيل لقاء عين التينة وما قطعته الإتصالات بشأن قانون الانتخاب والمواقف، مشيراً الى أنّ ورشة الإتصالات جارية الى النهايات الحتمية بوجود النية الصادقة لدى جميع الفرقاء للتوصّل الى قانون جديد من ضمن التفاهمات الجاري ترتيبها على أكثر من مستوى. واستعرض الحريري وعون جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء ولا سيما المواد المتصلة بالأمن الإجتماعي والإقتصادي والتجديد لحاكم مصرف لبنان الذي لم يُدرج بعد في جدول الأعمال.

كذلك تواصلت الاتصالات ما بين عين التينة و«حزب الله»، وما بين عين التينة والمختارة، حيث وضعت قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي والنائب وليد جنبلاط في صورة لقاء عين التينة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ حركة الاتصالات ما بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» لم تنقطع بل هي تسير على وتيرتها الطبيعية، انما بشكل بعيد من الاعلام. والبارز ما تردّد عن زيارة قام بها باسيل الى الحزب، تخللها تواصل هاتفي بينه وبين الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، فيما لم تؤكد المصادر الحزبية هذا الأمر أو تنفِه.

في هذا الوقت، أنهى رئيس مجلس النواب نبيه بري صلاحية طرحه الانتخابي القائم على النسبية وكذلك طرح مجلس الشيوخ، وأكد انّ ذلك لا يعني انّ الامور سلبية. وبحسب مصادر مواكبة فإنّ لقاء عين التينة، وخلافاً للأجواء السلبية التي أشيعت، فهو لم يكن كذلك، بل طرح فيه ما يمكن التأسيس عليه، المهم انّ هناك رغبة شديدة في مواصلة الاتصالات توصّلاً لقانون في ما تبقّى من وقت.

وبحسب أجواء عين التينة، فإنّ مشروع بري فقد صلاحيته ولم يعد قائماً، وصار بري في حالة انتظار ان يتفق الاطراف على شيء ما، ولم يعد لديه ما يطرحه. امّا لماذا أفقد طرحه صلاحيته، فلكي يفسح المجال للأطراف ان تطرح جديداً، خصوصاً انّ هناك عشرات الطروحات موجودة، فليبحثوا فيها او عن غيرها.

يأتي ذلك في وقت اكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ «التيار الوطني الحر» ما زال متمسّكاً بالمشروع التأهيلي (تأهيل مذهبي على أساس مرشحَين لكل مقعد في القضاء) من دون أيّ مشروع آخر.

وهو ما أكّد عليه مسؤول كبير أشار الى موقف رئيس الجمهورية الذي يعلن انّ الهدف الاساس هو تأكيد سلامة التمثيل وصحته عند المسيحيين، ومن هنا هو يقارب المشروع التأهيلي بوصفه المخرج الافضل بعد المشروع الارثوذكسي، مناقضاً القائلين إنّ التأهيلي مشروع طائفي خصوصاً انّ الانتخاب سيتم في النهاية على أساس النسبية.

يتقاطع ذلك مع كلام رئاسي قيل أمام وفد إعلامي موسّع في الساعات الأخيرة، وفيه ما مفاده أنه رغم الفترة الزمنية القصيرة الفاصلة عن نهاية ولاية المجلس النيابي، ما زال الوقت متاحاً للوصول الى قانون، والعمل كله يجب ان ينصبّ في هذا الاتجاه.

ولكن عندما طرح سؤال عما بعد نهاية ولاية المجلس بلا إقرار قانون او إجراء انتخابات جاء الجواب: «عندها لكل حادث حديث وليتحمّل كل مسؤوليته». وايضاً عندما طرح سؤال آخر عن العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، جاء الجواب بما مفاده «لا يوجد مشكل شخصي مع الرئيس بري هناك مشكل سياسي».

حاصباني

من جهته، أكّد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني لـ«الجمهورية» أنّ «قانون الإنتخاب يخطو خطوات مهمة نحو الإتفاق عليه»، لافتاً الى انّ «الأجواء إيجابية، والبحث بات الآن في التفاصيل الدقيقة».

وشدّد على انّ «كل الأفرقاء يبدون إيجابية في البحث والنقاش وكل الاحتمالات واردة»، نافياً أن «يكون «التيار الوطني الحرّ» هو من يعرقل الإتفاق بسبب تمسّكه بالنسبية»، مشيراً الى أنّ «الإتصالات مستمرة بين الجميع ونأمل أن يُبصر القانون العتيد النور قريباً».

وعن التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال حاصباني إنّ هذا البند ليس مدرجاً على جدول أعمال جلسة الغد، وإذا كان سيُطرح فهو سيطرح من خارج جدول الأعمال».

الثنائية المسيحية

الى ذلك، قالت مصادر الثنائية المسيحية لـ«الجمهورية»: تبيّن انّ طرح بري بإنشاء مجلس الشيوخ مناورة غير جدية، إذ بعدما أيّدها «التيار» و«القوات» عاد رئيس المجلس وتراجع عنها بذريعة انتهاء المهلة.

وأكدت المصادر «ان لا تراجع من «التيار» و«القوات» عن مجلس الشيوخ، الذي وافقا عليه للدخول في نقاش حول النسبية الكاملة باعتباره إحدى الضمانات المطلوبة لاحترام المناصفة وتأمين الميثاقية الدستورية.

الكتائب

واستبعدت مصادر كتائبية «أن تصل السلطة السياسية الى أيّ نتيجة إيجابية في ملف قانون الإنتخاب طالما بقيت على نَهجها المعروف في تجاوز الدستور واستبداله بصفقات ومحاصصات سياسية».

وقالت لـ«الجمهورية»: «إنّ ابتداع المهل الوهمية لا يحل مشكلة قانون الإنتخاب لأنّ المطلوب هو التخلّي عن سياسة كسب الوقت في محاولة لفرض أمر واقع لا يريده اللبنانيون ولا يقبلون به والإقرار بأنّ المخرج الصحيح يكون بقانون يسمح للناس بإحداث التغيير الذي يتطلّعون اليه بعد سنوات طويلة من مصادرة تمثيلهم».

«هجوم» على المركزي

وفي سياق حالة القلق التي أثارها انتشار فيروس إلكتروني يضرب أجهزة الكمبيوتر، ويركّز هجماته على المؤسسات الكبيرة حول العالم، وصل الخطر أمس الى لبنان، من خلال تعرّض مصرف لبنان المركزي لهجوم إلكتروني اضطرّه الى وقف كل عملياته والامتناع عن استقبال او إرسال الرسائل الالكترونية.

وكان الجانب السار في هذا الخبر المقلق، انّ الهجوم فشل من خلال الاجراءات التي اتخذها مصرف لبنان. ولم يُعرف بعد ما اذا كان المركزي سيستأنف نشاطه المعتاد اليوم، ام انّ فترة تجميد النشاط الالكتروني والعمليات المرتبطة به ستستمر لفترة أطول.

المؤتمر الإقليمي السابع

إلى ذلك، أطلق قائد الجيش العماد جوزف عون مواقف تطمينية خلال افتتاح المؤتمر الإقليمي السابع حول «تناقضات الصراع والتحوّل في العالم العربي»، والذي ينظمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش.

وقال عون: «آلينا على أنفسنا في الجيش اللبناني إعطاءَ الأولوية القصوى للحفاظ على الاستقرار الوطني، سواء من خلال جهوزية وحداتنا على الحدود الجنوبية استعداداً لمواجهة ما يخطط له العدو الإسرائيلي أو على الحدود الشرقية لمواجهة التنظيمات الإرهابية أو في الداخل لضبط الأمن ومنعِ الإخلال به».

وأكّد أنّ «الجيش مستمر في مواجهة الإرهاب بتنظيماته وشبكاته وذئابه المنفردة، ولن يسمح للإرهابيين بإيجاد أيّ ملاذٍ آمن لهم في أيّ منطقة من مناطق الوطن، مهما كلّف ذلك من أثمان وتضحيات»، مطمئناً اللبنانيين إلى أنّ «جهوزية الجيش، سلاحاً وعتاداً ومعنويات، هي اليوم أفضل من أيّ وقتٍ مضى، وأنه قادر على مجابهة ما قد يستجدّ من أخطار وتحدّيات».

من جهته، أشار وزير الدفاع الوطني يعقوب الصرّاف إلى «أنّ انعقاد هذا المؤتمر يأتي وسط الكثير من التحديات والتطلّعات. تحدّيات ناجمة عن استمرار التصعيد العسكري والسياسي في منطقة الشرق الأوسط، وما يرافق ذلك من تناقضات وإعادة خلطٍ للأوراق والتوازنات، وانعكاس ذلك كلّه على لبنان بشكلٍ أو بآخر. أمّا التطلعات، فهي تلك المدفوعة بإرادة صلبة من العهد الجديد».