IMLebanon

مانشيت:«مختلط جديد» قيد البحث… وإستعداد مصري لدعم الجيش

تحلّ اليوم الذكرى الثانية عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واللبنانيون منذ ذلك الاثنين المشؤوم في 14 شباط من العام 2005، ما يزالون ينتظرون ان ينبلج فجر الحقيقة وتتحقق العدالة بكشف الجناة المجرمين لينالوا القصاص العادل. وستحضر هذه الذكرى بعد ظهر اليوم في الاحتفال المركزي الذي يقام في «البيال» حيث سيلقي الرئيس سعد الحريري خطاباً وُصِف بالمهم، يحدد فيه موقفه من الملفات الداخلية وما يحيط بلبنان من تطورات وأزمات. وقد مهّد له أمس بالتأكيد على انّ «خلافاتنا أحيانا تؤثر فينا، ولكنني اليوم من موقعي لن أسمح للانقسام بأن يعود الى البلد».

اليوم تحلّ ذكرى الشهيد الكبير، ولبنان الذي أراده الشهيد الكبير، كبيراً، عالق في الدوامة؛ أزمات متتالية في شتى المفاصل والمناحي ولا يكاد يخرج من أزمة معقدة إلّا ليدخل في ثانية اكثر تعقيداً، وها هو اليوم غارق يتخبّط في اكثر أزماته حساسية وتعقيداً، والمتمثلة بالقانون الانتخابي الذي بات أشبه بحائط سميك عصيّ على الاختراق، وكل طرف يغنّي على ليلاه وما يناسبه من صيغ وأفكار وتقسيمات.

وبالتالي، فإنّ المحاولات الجارية لتحقيق خرق ولَو طفيف في هذا الحائط، تبدو وكأنها مطروحة على حلبة مصارعة وتجاذب وانقسام لا منفذ لها، أو منها، لا الى ولادة طبيعية لحلول وسطى بصيَغ وتقسيمات انتخابية عادلة، ولا حتى الى ولادة قيصرية تفرض قانوناً بالاكراه.

عون ـ السيسي

في هذه الاجواء، برزت زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى القاهرة ولقاؤه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولقد بحثا في ملفات المنطقة وأبرزها الازمة السورية وازمة النازحين ومكافحة الارهاب إضافة الى العلاقات الثنائية بين البلدين.

وفيما اكد عون «اننا سنحافظ على أمن لبنان واستقراره وعلى كامل فئات شعبه، وسنبنيه معاً»، اعتبر السيسي «انّ لبنان الحر، القوي، المستقر يُعدّ عامل قوة للأمة العربية». مؤكداً انّ مصر ستواصل تقديم كل الدعم للبنان، ومُبدياً استعدادها «لدعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف اجهزته الامنية للوقوف ضد مخاطر الارهاب».

مكانك راوح

امّا في السياسة الداخلية، فلا جديد نوعياً يمكن ان يسحب لبنان عن طريق الجلجلة التي يسلكها، بل هناك مراوحة ضاربة حتى أعماق الحياة السياسية، وكل شيء مؤجّل الى ما بعد إعادة بناء الهيكل التشريعي عبر الانتخابات النيابية المفترض ان تجري قانوناً أواخر الربيع المقبل، والتي يأمل اللبنانيون ان تحمل معها ربيعاً لبنانياً تنتظم فيه الحياة السياسية وكل المؤسسات.

على انّ الرهان يبقى دائماً على ان تكون ارادة البناء جدية ومجدية وعادلة ومشتركة ومنصفة لكل المكونات. لكنّ نظرة على ارض النقاشات حول القانون الانتخابي، تبيّن انّ الصورة ما زالت معتمة.

وبالتالي، فإنّ أصدق ترسيم لحدود ما بلغته هذه النقاشات، هو أنها ما زالت عند نقطة الصفر، وهو ما حَدا برئيس مجلس النواب نبيه بري الى التأكيد مجدداً على انّ المخرج الوحيد للانسداد الانتخابي الحالي هو الذهاب الى تطبيق الدستور، الذي ينصّ على مجلس شيوخ ومجلس نيابي خارج القيد الطائفي.

ولاحظَ بري امام زّواره ان لا خيارات كثيرة، والاقتراحات والصيغ الانتخابية التي تطرح تتهاوى تباعاً، وبعضها ينازع، لذلك لم يعد أمامنا سوى الوصول الى حلول.

وكرّر بري ان «لا مهرب من الانتخابات النيابية، والتمديد مستحيل، ولذلك صار علينا ان نجرّب الوصول الى صيغ جديدة كالنسبية، لأنّ الافضل للبنان هو ان نتمكن من الوصول الى خيارات تؤمّن الاستقرار الدائم له ولكل الاجيال، وإن لم نَصل الى مثل هذه الخيارات فكأننا نكون شركاء في الحكم على لبنان بأن يبقى في حال التخبّط والإرباك حتى لا أقول الهريان».

جنبلاط

وكان لافتاً أمس، اللقاء بين بري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في عين التينة، وهو اللقاء الاول لرئيس المجلس بعدما استأنف نشاطه السياسي بعد العملية الجراحية التي أجراها قبل ايام.

وأوضح جنبلاط انه سلّم بري «بعض الأفكار القابلة للنقاش في شأن قانون الانتخاب»، نافياً أن يكون لديه أو لدى أهل الجبل «هواجس» كما يقول من سَمّاهم «المعقبّين»، ومُستشهداً ببيت الشعر القائل: «أنام ملء جفوني عن شواردها… ويسهر الخلق جرّاها ويختصم». واطمأنّ جنبلاط إلى موقف السيّد نصرالله بشأن قانون الانتخاب، قائلاً: «نحن في الخط نفسه».

وأوضحت مصادر قريبة من جنبلاط انّ زيارته لبري تأتي من باب التأكيد على الثقة الدائمة به، وما أعلنه بعد اللقاء شديد الوضوح، والغاية الاساسية منه هو إعلام من يجب بأننا لسنا في المكان الذي يعطّل الوصول الى حلّ انتخابي بل نحن في طليعة السّاعين الى قانون عادل، وأكثر من ذلك للتأكيد بأنّ احداً لا يستطيع ان يقرّر عنّا، ولا ان يرمي مسؤولية تعطيل الحل الانتخابي علينا، دُلّونا من هو المتّفق مع من، حتى من يقولون إنهم في صف الحلفاء».

وقال النائب اكرم شهيّب لـ«الجمهورية» انّ كلام جنبلاط «واضح لا لبس فيه، حَدّد الموقف كما هو. وبالتالي، الفرصة مؤاتية للوصول الى تسوية انتخابية لا تلغي احداً، بل تسوية تُنصف الجميع وتحميهم، وليس تسويات تفَصّل على مقاسات».

أضاف: «نثق بالرئيس بري الى أبعد الحدود، فهو صمّام امان وطني وصمّام امان التشريع، وهو الباحث الدائم عن حلول وعن قوانين انتخابية، والساعي دائماً للتواصل بين الجميع. ووليد جنبلاط كان المسهّل الدائم لكل الامور سواء في رئاسة الجمهورية او في الحكومة، فكيف بالحري حول قانون انتخابي عادل ومنصف».

وعكست مصادر سياسية معلومات تفيد بأنّ جنبلاط اكّد في عين التينة موقفه، رافضاً ايّ شكل من أشكال النسبية سواء اكانت جزئية او كلية، مُبدياً في الوقت ذاته استعداده للنقاش في مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي – على رغم انّ هذا المشروع قد تهاوى – ولكن شرط اعتماد تقسيماته على أساس اكثري وليس على اساس نسبي».

واشارت الى انّ مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي الجديد سيلتئم غداً في اوّل اجتماع له بعد انتخابه، للبحث في الملف الانتخابي، وذلك بالتوازي مع تحضير التقدمي لندوة خاصة في وقت قريب حول اتفاق الطائف وكيفيه تناول الطائف لقانون الانتخابات النيابية.

صيغة جديدة

وفي وقت ما زالت تدور فيه النقاشات الانتخابية في دائرة الفشل، تحدثت معلومات عن وجود صيغة جديدة باتت جاهزة للطرح على مائدة البحث.

وعلمت «الجمهورية» انّ الاتصالات واللقاءات ستتكثّف اعتباراً من منتصف الاسبوع الجاري وتشمل مختلف الاطراف من دون استثناء، وذلك لبدء البحث في «صيغة ثلاثية» جديدة بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وهي صيغة مطوّرة عن مشروع المختلط الذي قدّمه الوزير جبران باسيل، تعتمد معياراً وحيداً في كل الدوائر. وسيتولى النائب جورج عدوان تسويق هذه الصيغة مع القوى السياسية.

وكان معنيّون بالملف الانتخابي قالوا لـ«الجمهورية» انّ النقاشات الانتخابية «حتى الأمس القريب، حَكَمها خُبث متبادل، وصيغ وأفكار تطرح لتُرفض، وفي الخلاصة لا اتفاق على شيء بعد، فكل طرف برأي، وكلٌّ يغنّي لمصلحته، فلا توجّه واحداً، ولا اجتماع واحداً. طرف يفصّل لنفسه وعلى مقاسه، وطرفان يفصّلان ما يناسبهما ويحاولان فرضه على الآخرين، هناك دوران مستمر في الفراغ».

وبحسب هؤلاء «فإنّ الأوان آن للخروج من هذه الحالة، والنقاش ربما يكون أجدى في مكان آخر، فها هي الحكومة موجودة وها هو المجلس النيابي موجود فتفضّلوا وناقشوا».

ولفتوا الى أنهم «تارة يقبلون بالنظام الاكثري وتارة يرفضونه. وهكذا لا موقف ثابتاً، وكل طرف يتحدث عن النسبية «على قَدّه وحده» شأنها شأن القوانين المختلطة.

وأساساً هم لا يدركون الى اين هم ذاهبون «صارت النسبيّة متل الغِنيّة». حتى اذا تابعنا ما يقوله الخبراء نجد انّ كل خبير برأي، وكل واحد منهم يفسّر الامر كما يحلو له».

«القوات»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «رهانها على التوافق على قانون جديد للانتخابات لم يسقط، خصوصاً أنّ المساعي ما زالت مستمرة من أجل الوصول إلى هذا القانون، حيث يتم العمل على صيغة مختلط جديدة تأخذ في الاعتبار الملاحظات التي سجّلت على الصيَغ التي كانت قد قدّمت.

وأكدت انّ «القوات» لن توفّر وسيلة من أجل تحقيق التوافق حول القانون العتيد، ولكن في حال تعذّر التوافق لاعتبارات مختلفة مقصودة أم غير مقصودة، فإنّ الجميع سيكون أمام خيار من خيارين: الأول، التصويت في مجلس النواب على القوانين والمشاريع والاقتراحات الانتخابية، والسير بالقانون الذي يحظى بالأكثرية النيابية، وهذا الخيار يشكل تطبيقاً للدستور والمسار الطبيعي والمؤسساتي الذي يجب أن تسلكه الأمور، أي اللجوء إلى التصويت في حال تعذّر التوافق، وبالتالي للمزايدين بالعودة إلى الدستور، فالعودة تكون بالخضوع لشروط اللعبة الديموقراطية فقط.

ـ الخيار الثاني، الدخول في الفراغ في انتظار التوافق على القانون العتيد، والتلويح بالفراغ ليس من باب التهديد فقط، إنما خطوة في غاية الجدية، لأنه ما النفع من انتخابات دورية لا تعكس صحة التمثيل، ولا تجسّد البعد الميثاقي للبنان.

وأضافت: «مخطئ من يراهن على خيار ثالث أكان الستين أو التمديد». وحمّلت المصادر «حزب الله» مسؤولية «إطاحة الصيغة المختلطة التي قدمها الوزير جبران باسيل، خصوصاً بعدما لَمس الحزب احتمال التوافق حولها»، وعَزَت السبب إلى «رفض الحزب أيّ صيغة تُعيد الاعتبار للتمثيل الوطني المسيحي، وتحديداً القواتي، لأنّ الحزب الذي حُشِر رئاسياً وحكومياً يريد تجنّب الحشرة النيابية التي تعيد الاعتبار للوزن الوطني المسيحي، الكفيل بتعزيز مشروع الدولة وتحصينه». ورأت «أنّ سياسة الحزب تدفع البلاد نحو أزمة وطنية يتحمّل منفرداً تداعياتها».

«14 آذار»

وقال قيادي بارز من مستقلّي ١٤ آذار لـ«الجمهورية»: «صحيح انّ الاولوية الزمنية هي للانتخابات النيابية والقانون الذي ستجري على أساسه، ولكن هذا لا يعني جواز تناسي او تغييب الاولوية السياسية والوطنية المتمثلة بالملف السيادي، لا سيما لناحية سلاح «حزب الله».

واشار الى انّ الانتخابات النيابية المقبلة «من شأنها ان تشكّل إعادة إحياء للتوازنات الوطنية في حال حالت نتائجها دون تمكّن الحزب من وَضع يده بنحو كامل على المؤسسات الدستورية، كما من شأنها توجيه ضربة قاسية الى مفهوم الديموقراطية والسيادة الوطنية في حال استكمل الحزب في الانتخابات النيابية ما سبق أن بَدأه في الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة».

واستغرب القيادي «كيف انّ كل التركيز ظلّ على المحاصصات في قانون الانتخاب في حين غابت المواقف الرافضة لوَضع لبنان في مواجهة مع الشرعية الدولية من خلال المواقف التي تغطّي سلاح الحزب خلافاً لقرارات مجلس الأمن الدولي».