IMLebanon

مانشيت:«السلسلة» مجدداً: إنفراج أم انفجار… والجيش متأهّب

إنتهى الأسبوع الحالي مثلما بدأ، وبقيت السلطة الحاكمة بريئة من تهمة الانتاجية والفعالية والمقاربة الجدية للملفات المصنّفة حيوية، ولم تقدّم حتى الآن ولو دليلاً لإدانتها بهذه التهمة. واللافت في سياق آخر، انّ حرارة الصيف الحارقة للأجواء اللبنانية، قد لا تقاس مع الحرقة التي تجتاح ذوي العسكريين المخطوفين منذ قرابة الثلاث سنوات لدى «داعش»، من دون ان يتلمّسوا ولَو خبراً يبرّد قلوبهم، أو يميط اللثام عن خفايا هذه القضية، وعن سر جمود المواكبة والمتابعة المطلوبة لقضية وطنية إنسانية بهذا الحجم، ما دفعهم الى رفع الصوت مجدداً أمس، والتلويح بتصعيد في الأيام المقبلة.

يفتح الاسبوع المقبل على استحقاقات حساسة تحمل في طيّاتها ارتدادات محتملة على الداخل، ولا سيما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والامني، والتي كانت مساء أمس محلّ بحث في عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري في حضور وزير المال علي حسن خليل، إضافة الى ملف النازحين والملفات الاخرى المرتبطة بالعمل الحكومي.

ويأتي في مقدمة أجندة الاسبوع المقبل استحقاق سلسلة الرتب والرواتب المطروح كبند أول في الجلسة التشريعية الثلثاء المقبل. فحتى الآن توحي المجريات المتصلة بالسلسلة والسابقة للجلسة أنها بند ثابت قابل للإقرار، خلافاً لِما أشيع أخيراً عن نية حكومية بسحبها من الجلسة.

وهذا الأمر دفع ببرّي، الذي بَدا أنه أكثر المتحمّسين لإقرارها بوصفها حقاً لمستحقّيها الى التلويح، في حال طلبت الحكومة سحبها، بإمكان تبنّيها من قبل بعض النواب او بعض الكتل باقتراح قانون معجل مكرر، وبالتالي إقرارها.

هذا التثبيت أكدت عليه القوى الاساسية من حركة «أمل» و«حزب الله» وتيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» خلال اجتماعها أمس في وزارة المالية، وتستعدّ لاجتماع ثان ومماثِل الاثنين المقبل، لتعبيد الطريق أمام السلسلة.

ومن الطروحات التي تدرس بتعمّق وَضع المتقاعدين العسكريين عبر لَحظهم بزيادات تلبّي حقوقهم على أن تقَسّط، في حال تمّ التوافق عليها، على 3 سنوات. فيما أكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ هذا الامر من الطبيعي أن يسري ايضاً على المتقاعدين المدنيين، الذين بَدوا مَغبونين في صيغة السلسلة كما هي واردة في المشروع.

في سياق آخر، علمت «الجمهورية» انّ اللجنة المكلّفة من وزارة المال التدقيق بقطع الحساب أنجزت تقريراً مفصّلاً حول حسابات المالية العامة من العام 1991 حتى العام 2010، وهو يقع في مجلد مؤلف من 36 ألف صفحة فولسكاب مدمجة على قرص، سيرفعه قريباً وزير المال الى الحكومة.

لعنة أو نعمة؟!

إلّا انّ التنظير الكلامي في ما خَصّ السلسلة شيء، والنتيجة والتداعيات شيء آخر. من هنا يبرز السؤال كيف ستخرج هذه السلسلة؟ وكيف ستُغطّى وكيف ستُحتوى ارتداداتها بما لا يجعلها عبئاً على الخزينة، وعصا غليظة تطيح آمال المستفيدين منها؟

بحيث ان جاءت غير مدروسة بدقة يمكن أن تصبح نقمة ولعنة بدل أن تكون نعمة. وبَدل أن تفتح باب الانفراج تفتح باب الانفجار الاجتماعي والتضخّم الذي يطيح كل شيء حتى رواتب الموظفين الحالية.

وتبقى صرخات الهيئات الاقتصادية تحذيراً من إقرار السلسلة كونها سَترتّب أزمة كبرى على الاقتصاد، وتلتقي مع تحذيرات خبراء اقتصاديين يُشكّكون بالتوجّه نحو إقرارها.

وبحسب هؤلاء إنّ «مَكيجتها» تبقى فاشلة اذا كانت غير مبنية على دراسة موضوعية للجدوى منها والأكلاف والأعباء. وإن لم تتوفّر لها التغطية المطلوبة التي لا ترتد بآثارها سلباً على مالية الدولة، مع الإشارة الى انّ كل كلام عن تغطية للسلسلة بلا آثار هو كلام خاطىء، ذلك ان لا مجال لتغطية السلسلة الّا عبر الضرائب التي حتماً ستصيب الفئات البسيطة والمتوسطة.

معركة الجرود

في الجانب الأمني، يتزايد الحديث في الاوساط السياسية عن انّ الاسبوع المقبل قد يكون حاسماً على صعيد ما يُحكى عن عملية عسكرية ضد المجموعات الارهابية في جرود عرسال، ولـ«حزب الله» دور أساس في هذه المعركة من الجانب اللبناني.

وقالت مصادر أمنية رفيعة لـ«الجمهورية» انّ «حزب الله» دفع بعناصره في اتجاه تلك المنطقة، وأكمل استعداداته لخوض هذه المعركة التي أكّد الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله أنها المعركة الفاصلة، ولن يبقى إرهابيون في الجرود.

وأشارت المصادر المواكبة للتحضيرات الجارية الى «انّ منطقة الحدود باتت أمام ايام حاسمة، والجهوزية باتت مكتملة للشروع في هذه المهمة». لافتة الى «تحضيرات واستعدادات شديدة الاهمية تجري من الجانب السوري إستعداداً للمعركة، والساعة الصفر تحدّدت وإطلاق العمليات ينتظر الاشارة».

وقالت المصادر: «انّ كل تلك التحضيرات والاجراءات على الحدود تقترن بترقّب داخلي شديد يتواكب مع تدابير أمنية في الداخل كما على الحدود، لمَنع الإرهابيين من التَسلّل الى الداخل اللبناني خلال المعركة، وللجيش اللبناني الدور الأساس في منع تسلل الإرهابيين وتَغلغلهم الى الداخل، اي انّ الجيش سيكون بالمرصاد للإرهابيين المتسللين».

وشددت المصادر على «انّ الوضع الأمني أكثر من مَمسوك، ونلاحظ جليّاً انّ هناك انهيارات في صفوف المجموعات الارهابية والاجراءات والضغوط التي تطبّقها المؤسسة العسكرية مع سائر الاجهزة ساهمت في تضييق الخناق على تلك المجموعات واستطاعت الحد من فعاليتها، وزرع الإرباك فيها». وقالت: «الجيش والأجهزة الامنية متحسّبة أكثر من اي وقت، وتضع أمامها كل الاحتمالات».

وأضافت المصادر: «خلافاً للأصوات التي تبكي على المدنيّين، فالمعركة ليست ضدهم، ولن تكون كذلك. وبالتالي، الارهابيون يضعون الناس أكياس رمل لهم، والاساس في الموضوع هو إخراج البلدات اللبنانية من تحت رحمة الارهابيين، علماً انّ عرسال من أكثر القرى التي باتت تنادي بمَدّ سلطة الدولة اليها وإراحتها من الثقل الذي يشكّله الارهابيون عليها وعلى المنافسة الحقيقية بعدما أصبح عدد النازحين أكثر من ضعفَي عدد سكانها وأكثر. فضلاً عن انّ البلدة شبه منهارة اجتماعياً بعد الشلل الذي أصابها في حركتها التجارية ومورد رزقها وعلاقتها بالجوار كما بالداخل اللبناني».

ولفتت المصادر الانتباه الى «انّ هناك مفاوضات تجري لترحيل المسلحين عن تلك المنطقة او تسليم أنفسهم، والّا فإنّ المعركة الحاسمة ستكون العلاج الشافي من هذا الورم الإرهابي».

بري

وفي هذا السياق لفتَ موقف بري الذي قال أمام زوّاره: «هناك جو جدّي بأنّ عملية ما ستحصل قريباً في الجرود، ومن جهتي لست قلقاً، المقاومة تقوم بواجباتها والجيش اللبناني يقوم بواجباته على أكمل وجه».

وأكد بري «انّ العملية واجبة، خصوصاً انّ البلد مُحتلّ والحرامي في قلب البيت. لذلك يجب أن يتمّ إبعاد هذا الحرامي، وطالما انّ البلد مُحتل، والحرامي على الباب والإرهاب يهدده، فمن الطبيعي أن تقوم المقاومة بالتحرير، ومن الطبيعي أكثر ان يقوم الجيش بهذه المهمة ولا يجوز ان يُمنع عليه ذلك. هذا واجب الجيش وهذا من صلب مهمته والجميع معه ومُلتفّ حوله في هذه المسألة.

الجيش هو صاحب الامر ولا يجوز ان يكون مقيّداً بأيّ إجراء ولا يحتاج في ما يقوم به في الحرب على الارهاب إذناً من أحد، ولا يحتاج الى إذن الّا من الله، ولا يوقفه عن تنفيذ مهمته الّا الله».

ورفض بري الحملة على الجيش ملاحِظاً انّ كل الذين تهجّموا في الآونة الاخيرة عليه تراجعوا عن ذلك، لافتاً الى انّ لبنان سيتأثر إيجاباً من نتائج العملية العسكرية ضد الارهابيين في الجرود. وقال: «سيكون لِفَقء هذه الدملة مردود ايجابي جداً، ومن شأن الانتهاء من هذا الفصل ان يدخل لبنان في مرحلة جديدة يرتاح فيها من هذا العبء وهذا التهديد، وننتقل من حال الى حال. طبعاً في المسارين الايجابي والأمني».

النازحون

في هذا الجو، بقي ملف النازحين عنواناً خلافياً داخلياً، والجديد فيه اشتعال اشتباك لبناني ـ سوري حيال هذا الملف، عَبّر عنه الموقف الرسمي اللبناني الداعي الى معالجة هذا الملف بما يَتطلّبه في اتجاه إعادة النازحين الى بلادهم، وإنما بالتنسيق مع الأمم المتحدة وليس مع النظام السوري، فيما برزت في الآونة الأخيرة حركة ملحوظة للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، الذي استنكر التنسيق مع الأمم المتحدة في هذا العنوان، طارحاً مجدداً الشروع بتنسيق لبناني مع النظام السوري، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة برئاسة الحريري الذي أوضح خلال اجتماع اللجنة التوجيهية العليا للنازحين في السراي الحكومي أنه يدعم العودة السريعة والآمنة للنازحين.

وقال: «مع ذلك، فإننا لن نُجبر، تحت أيّ ظرف، النازحين السوريين على العودة إلى سوريا». ولفت الى أنه سيتناول هذه المسألة فقط بالتنسيق الوثيق والتخطيط المشترك مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وقال: «سنتأكد من أنّ شروط عودتهم تَمّت تلبيتها بشكل صحيح ووفقاً للقانون الدولي».