IMLebanon

مانشيت:مشهد الشارع يعود وكباش «السلسلة» أيضاً

يتوزّع الاهتمام السياسي في البلاد هذا الأسبوع بين سلسلة الرتب والرواتب التي يُبَتُّ مصير قانونها وقانون الإيرادات الضريبية لتمويلها في اللقاء الحواري في قصر بعبدا اليوم، والسلسلة الشرقية حيث ينتظر تنفيذ اتّفاق ترحيل مسلّحي «سرايا أهل الشام» من جرود عرسال إلى القلمون الشرقي، إلى الجلسة التشريعية بعد غدٍ الأربعاء، في وقتٍ جهدَ رئيس الحكومة سعد الحريري في التخفيف من تداعيات «خلية العبدلي» التي تتّهم الكويت «حزب الله» بالتورّط فيها، فيما أعلن أمينُه العام السيّد حسن نصرالله أنّ بدءَ توقيتِ المعركة ضد «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك هو في يد الجيش اللبناني، مؤكّداً «أنّ النصر سيكون حليفه».

بدعوةٍ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ينعقد اليوم في بعبدا اللقاء الحواري حول قانون سلسلة الرتب والرواتب والضرائب الملحقة به، في ظلّ علامة استفهام حول ما يمكن ان يصل اليه هذا الحوار وموجبات الدعوة اليه في الاساس.

فالمشهد المطلبي الذي بدا أنّه انتهى مع إقرار السلسلة وضرائبِها، يتكرّر اليوم، بعدما شعرَ المستفيدون من السلسلة بأنّ خطر ردِّها أصبح وارداً بقوّة، حيث ستنزل هيئة التنسيق النقابية إلى الشارع، وتستهدف بتظاهراتها واعتصاماتها خصوصاً القطاع المصرفي الذي تعتبره «رأسَ حربة» في الاعتراض على السلسلة من بوّابة الاعتراض على الضرائب.

وأعلنَت الهيئة الإضرابَ الشامل والعام اليوم الإثنين في كلّ الإدارات والمؤسسات العامة. لكنّ التركيز على القطاع المصرفي يَطرح علامات استفهام حول إذا ما كانت هناك أطراف سياسية تُحرّك هيئة التنسيق في هذا الاتّجاه، خصوصاً أنّ التصويب على المصارف، يؤذي الاقتصاد الوطني، وهو بمثابة جَلدِ الذات، لأنّ أيّ ضررٍ يصيب هذا القطاع، ستطاوِل شظاياه كلّ الناس بلا استثناء.

ولوّحت «هيئة التنسيق» بتعطيل السنة الدراسية، وقالت أنْ «لا بداية للسنة الدراسية، في المدارس الخاصة والرسمية، بما في ذلك مدارس النازحين، ما لم يقَرّ قانون السلسلة وينشَر في الجريدة الرسمية». واعترضَت على عدم دعوتها إلى المشاركة في الحوار، واقتصار الدعوة على أحد مكوّنيها، نقابة معلّمي التعليم الخاص.

الضبّاط المتعاقدون

وقبل ساعات على هذا اللقاء الاقتصادي، علمت «الجمهورية» أنّ الضبّاط المتقاعدين تداعوا إلى التلاقي عند الخامسة فجر اليوم في ساحة الشهداء بدعوة من الهيئة الوطنية لقدامى القوات المسلحة، للانتقال عند السادسة صباحاً الى محيط مصرف لبنان في الحمراء لسدِّ أبوابه ومنعِ وصولِ الموظفين إليه احتجاجاً على الظلم اللاحق بـ»المتقاعدين العسكريين وعسكريي الخدمة الفعلية جرّاء سلسلة الرتب والرواتب».

وكان المعتصمون قد ناقشوا في اجتماعٍ عَقدوه قبل يومين الخياراتِ المتاحة أمامهم، فانقسموا بين الدعوة الى التجمّع على طريق القصر الجمهوري قبل اللقاء الاقتصادي للتذكير بمطالبهم، أو التجمّع أمام مصرف لبنان، ونتيجة التصويت ربحَ دعاة الخيار الثاني.

عون

وفي المعلومات أنّه ستكون لعون كلمة في بداية اللقاء الحواري يَشرح فيها الظروف التي أملَت عليه هذه الخطوةَ وما أراده منها. فهي بالنسبة إليه خطوة غير مسبوقة وإنّ جميع المدعوّين إليها سبقَ لهم أن زاروه في بعبدا وقدّموا مذكّرات شرحوا فيها آراءَهم ومطالبَهم، فكان لا بدّ من هذا اللقاء ليؤدي وظيفةً حوارية هادفة.

وسيقدّم عون في نهاية كلمته بعضَ الأفكار والمقترحات التي توصّل إليها، ليس بهدف إملائها على المجتمعين بمقدار ما هي لتصويب الحوار وتنظيمه ليأتي بالنتائج المرجوّة منه ولئلّا يتحوّل «حفلة زجل»، في اعتبار أنّ على الجميع التراجع عن مواقفهم المتصلبة للوصول الى النتائج الإيجابية التي ترضيهم وتُوائم بين مصلحة الماليّة العامة وحقوق المستفيدين من السلسلة من المدنيّين والعسكريين.

وعليه، فإنّ ما سيؤول إليه الحوار سيُملي على رئيس الجمهورية المخارجَ الممكنة في شأن القانونين المتّصلين بالضرائب والسلسلة معاً.

وتحقيقاً لهذه الغاية، خُصّصت قاعة مجلس الوزراء لاستضافة الحوار وتوزّعت حولها، إضافة الى كرسي رئيس الجمهورية، 34 كرسيّاً، قياساً على عدد المدعوين، إضافةً الى عدد من الكراسي الجانبية لفريق العمل المكلّف جمعَ الملاحظاتِ وترتيبَ محاضرِ الجلسة، ليشكّلوا ما يمكن تسميته «الأمانة العامة» لهذا اللقاء. ولن تعمّم دوائر القصر أيَّ وثيقة محددة، فجميعُ المدعوّين لديهم نصّ القانونين ولكلّ منهم ورقتُه وملاحظاته الخاصة.

برّي

في غضون ذلك وفي الوقت الذي أكّدت مصادر وزارية «مستقبلية» أنّ الحريري «يؤيّد السلسلة ومصادر تمويلها»، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنه ليس متشائماً في ما يتعلق بقانون السلسلة، «خصوصاً أنّ هذه السلسلة حقّ مطالَب به منذ سنوات، فضلاً عن أنّني لا أرى أنّ مِن المعقول أن يردّ رئيس الجمهورية هذا القانون إلى المجلس».

وإذ أشار بري إلى «أنّ هناك ضغوطاً يمارسها البعض من هيئات اقتصادية ومصرفية وما إلى ذلك» لتعطيل قانون السلسلة، قال: «لكي لا تتحمّل السلسلة وِزر ما يقول به البعض من رفعِ أسعارٍ وأقساطٍ وغير ذلك نسأل كم من المرّات أقدَمت بعض المدارس على زيادة الأقساط قبل إقرار قانون السلسلة، فهل كانت هناك سلسلة؟ إنّهم الآن يتذرّعون بالسلسلة ويزيدون الأقساط ويجعلونها غطاءً لكسبِ مزيدٍ من المال على حساب الناس».

وأضاف بري: «أنا مع السير في السلسلة، وإذا ما وجِد هناك أيّ خَللٍ فيها فيمكن أن يناقَش ويعدَّل لاحقاً أسوةً بما هي الحال راهناً في موضوع قانون الانتخاب، حيث تنعقد اجتماعات حالياً لمحاولةِ درسِ بعضِ الأمور التي من شأنها أن تسهّلَ تطبيق هذا القانون، خصوصاً بعدما لوحظ أنّ هناك بعض الالتباسات تعتري بعضَ الأمور فيه وينبغي توضيحها وفهمها أكثر».

وعشيّة اللقاء الحواري، ناشَد وزير المال علي حسن خليل رئيسَ الجمهورية توقيعَ قانون السلسلة، مبدِياً الاستعداد بعد ذلك لمناقشة أيّ تعديل تفرضُه الوقائع والمعطيات العلمية.

خلية «العبدلي»

وفي هذه الأجواء، حرصَ لبنان الرسمي على توضيح موقفِه من قضية «خلية العبدلي» التي اتّهمت الكويت «حزب الله» بالتورّطِ فيها وأكّدت «أنّ لديها اعترافاً في شأن ارتباطه بها».

فحضرَت قضية هذه الخلية، إضافةً إلى العلاقات الثنائية والتطوّرات في المنطقة والوساطة الكويتية لحلّ الأزمة الخليجية مع قطر، في لقاء الحريري أمس مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح ومسؤولين كويتيين آخرين.

وقال الحريري إنّه لمسَ استياءً كويتياً من موضوع «خلية العبدلي»، مشدّداً على وجوب معالجتِه، وأكّد «حرصَ لبنان على العلاقات الثنائية مع الكويت، ورفضَه أيَّ عملٍ من شأنه أن يهدّد أمنَها»، وقال «إنّ أمن الكويت من أمن لبنان».

ولفتَ الى «أنّ القضاء الكويتي واضح وصريح في شأن «خلية العبدلي» وسيكون هناك تعاونٌ بين الدولتين بنحو واسع». وأضاف: «تمَّ الاتفاق، خلال الزيارة على إيجاد الحلول الكفيلة بالحفاظ على العلاقات الثنائية».

وتزامنَت محادثات الحريري والمسؤولين الكويتيين الكبار مع إعلان وزارة الداخلية الكويتية القبضَ على مصطفى عبد النبي خان، أحد محكومي «خلية العبدلي» إنفاذاً لحكمِ محكمة التمييز الصادر في القضية الرقم (55/2015)، بعدما كانت أعلنَت السبت القبض على 12 شخصاً من المحكومين نهائياً في هذه القضية.

وزير الخارجية

وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ردّاً على نفي «حزب الله» الاتّهامات الموجّهة إليه عن ارتباطه بالخلية: «لدينا اعترافات، والاعتراف هو سيّد الأدلّة، وننتظر من إخواننا في لبنان بعدما صَدرت حيثيّات الحكم وارتباط «حزب الله» بهذه الخلية ونوعية المساعدة التي قدّمها أفراد من «حزب الله» للخلية أن يقدّموا الحجّة مقابل الحجّة، وأن يطّلعوا على ما لدينا من أدلة».

ولفتَ إلى تأكيد أمير الكويت ورئيس وزرائها «أنّ العلاقات لن تتأثّر بهذه الأمور، ولكن من حقّنا على الأشقّاء في لبنان أن نعمل معاً على تعزيز أمن البلدين ونموّ العلاقات من كلّ جوانبها، ونحن في الكويت مستمرّون في دعمِ أشقّائنا في لبنان». وقال: «نحن على ثقة في أنّ أشقّاءنا في لبنان سيتّخذون الإجراءات المطلوبة، ونتطلّع إلى أن نتلقّى جواباً على المذكّرة التي أرسَلتها الكويت».

نصرالله

وقد غابت قضية «خلية العبدلي» عن كلمة السيّد نصرالله أمس في مهرجان «زمن النصر» الذي أقامه «الحزب» في الذكرى الـ 11 للانتصار في حرب تموز 2006. وأكّد «أنّ زمن التهديد الإسرائيلي انتهى».

وقال: «إذا دخَل الإسرائيلي إلى أرضنا سيَلحق به ما هو أشدّ مِن العام 2006، والمقاومة جدّية في لبنان ولا تعرف المزاح، بل تخطّط وتُواكب المستجدّات وتعيد النظر في هياكلها، وهي باتت تمتلك أفضلَ الأسلحة، وهذا حقّها».

وأعلنَ أنّ توقيت بدءِ معركة الجيش ضدّ تنظيم «داعش» هو في يد الجيش اللبناني، متمنّياً «أن لا يضع أحد مدىً زمنياً لهذه المعركة وأن لا يجري أحد أيَّ مقارنات مع أيّ معركة».

وفيما أعلنَ أنّه «خلال أيام سيخرج بقيّة المسلحين من جرود عرسال إلى سوريا بعد التسهيلات التي قدّمتها الدولة السورية»، جدّد التأكيد أنّه «بمجرّد أن يدخلَ الجيش ويتسلّم المواقع نحن سنُخليها».

ولفتَ إلى «أنّنا نواجه حفلة تهويل أميركية على الشعب اللبناني»، متمنّياً «أن لا يكون بعض اللبنانيين تحت الطاولة شركاءَ في هذا التهويل خلال الزيارات الدولية والديبلوماسية».

ونصَح نصرالله بالانفتاح على سوريا، ودعا بعضَ السياسيين إلى «وضع حساباتهم الشخصية والنكايات جانباً، لأنّ سوريا هي جارتُنا الوحيدة».

وقال: «بحُكمِ الجغرافيا والتاريخ فإنّ مصالح لبنان مع سوريا أكبرُ بكثير من مصالح سوريا مع لبنان، وفي غالبية الملفّات لبنان محتاج للحديث مع سوريا».

وأضاف: «مصلحة لبنان أن تكون الحدود مع سوريا مفتوحة وأن يتفاهم لبنان مع سوريا في المشاريع الزراعية، وكذلك ستُفتح الحدود مع العراق والأردن، وهناك صادرات لإخراجها عبر سوريا»، وشدَّد على «أنّنا في الموضوع الأمني، نحن محتاجون للحديث مع سوريا وكذلك حول معامل الكهرباء في الشمال».