IMLebanon

مانشيت:قانون الإنتخاب على نار حامية… واستنفار لتلافي المحظور

بدا في الساعات الماضية أنّ قانون الانتخاب الجديد وضِع على نار حامية وتسارَعت الاتصالات وتكثَّفت المشاورات واللقاءات في شأنه، وكان أبرزها لقاء بعبدا أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي استتبَعه مساءً باجتماع للّجنة الوزارية المكلّفة درس مشروع قانون الانتخاب في السراي الحكومي، وجاء استتباعاً لاجتماع عقِد أمس الأول في وزارة المال ضمَّ الوزير علي حسن خليل والنائب «القوّاتي»جورج عدوان، وتحوَّل ثلاثياً ليضمَّهما إلى مدير مكتب رئيس الحكومة السيّد نادر الحريري.

إجتمعت في السراي الحكومي اللجنة الوزارية المكلّفة دراسة مشروع قانون الانتخاب برئاسة الحريري وفي حضور الوزراء: يوسف فنيانوس، غطاس خوري، طلال أرسلان، أيمن شقير، علي حسن خليل، أفيديس كيدانيان، حسين الحاج حسن، جبران باسيل وبيار بو عاصي والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.

وهذا الاجتماع الذي كان الثاني للّجنة، لم ينتهِ الى نتائج ملموسة، ولكن الحريري أراد منه، بحسب ما أشارت مصادر وزارية، إظهارَ ديناميكية في مناقشة قانون الانتخاب بعد الجمود الذي أصابه، وقد طلب من الوزراء في بداية الاجتماع إرساءَ اجواء التهدئة وإشاعة مناخ إيجابي يواكب المناقاشات التي يفترض ان تتوسّع وتتكثّف في قابل الأيام.

كذلك شدّد الحريري أمام الوزراء على المبادئ الاساسية التي باتت كلّ القوى السياسية تجمِع عليها، وهي رفضُ التمديد وقانون الستين والفراغ، ما يؤكّد نيّة كلّ المكوّنات التوصّل الى قانون انتخابي، وإنّ موعد 15 أيار لم يعُد هو التاريخ الفاصل واستبدِل بـ19 حزيران وهو الموعد النهائي.

واستمرّ الاجتماع ساعةً ولم تناقَش فيه أيّ صيغة قانون انتخابي محدّدة، واقتصَرالأمر على عرض المواقف السياسية.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الاتجاه هو لتأجيل جلسة 15 أيار لصعوبة بروز مؤشرات الى اتفاق على قانون انتخابي جديد قبل هذا التاريخ.

بوعاصي

وقال بوعاصي لـ«الجمهورية»: «إنّ هدف الاجتماع هو حلقة الوصلِ بين اللجان المصغّرة ومجلس الوزراء، وأضاء على اهمّية إنتاج قانون جديد حتى لا نصل الى الفراغ أو التمديد أو نعود الى الستين. ولتفادي هذه الخيارات السيئة الثلاثة يجب التوصل الى قانون جديد. وكانت أجواء الاجتماع إيجابية وتوافقية. وإنّ تاريخ 15 أيار ليس آخرَ المطاف، والمهم أن نصل الى تفاهم قبل 19 حزيران».

لقاء وزارة المال

وكانت حركة الاتصالات سجّلت حماوةً ملحوظة في الساعات الـ 48 الأخيرة تمثّلت بلقاء انعقَد في وزارة المال بين خليل وعدوان، تلاه لقاء جمعَهما مع نادر الحريري.

وعلمت «الجمهورية» أنّ نقطة البحث الجوهرية تتمحور حول مبدأ واحد هو اعتماد النسبية في قانون الانتخاب العتيد، وهو ما بات محسوماً وفق مصادر المجتمعين، مع التركيز على البحث مقدّماً في موضوع مجلس الشيوخ، حيث أكّدت المعلومات لـ«الجمهورية» أنّ الصيغة التي اقترَحها رئيس مجلس النواب نبيه بري هي اساس البحث كما هي، مع الإشارة الى تمسّك بري بالصيغة التي اقترَحها حرفياً بلا زيادة أو نقصان، خصوصاً لجهة انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ في الدوائر الست (المحافظات الخمس التاريخية مضافاً إليها دائرة الشوف وعاليه).

وقالت المصادر نفسُها إنّ ما هو قابلٌ للبحث في موضوع مجلس الشيوخ هو عدد أعضائه وبعض التقنيات المتصلة بعمله، لكنّ هناك مسألتين اساسيتين: الاولى تتعلق بصلاحيات هذا المجلس وضرورة عدم تعارضِها أو افتئاتها على صلاحيات مجلس النواب وفق ما جاء في بعض الطروحات الأخيرة، ولا سيّما منها طروحات الوزير جبران باسيل التي اعتُبِرت وكأنّها تبني مجلساً نيابياً تحت مسمّى «مجلس الشيوخ» إلى جانب المجلس النيابي القائم.

أمّا النقطة الثانية فهي مرتبطة بضرورة التثبيت النهائي لطائفة رئيس مجلس الشيوخ، حيث إنّ هذه النقطة ما تزال خلافية جوهرية بين فريق رئيس الجمهورية الذي يرى أنّها يجب ان تُعطى للمسيحيين (الروم الأرثوذكس)، فيما يصِرّ النائب وليد جنبلاط على «درزية» هذا الرئيس، بالاستناد إلى المداولات في اجتماعات الطائف وما بعدها.

بري

أمّا في ما يتعلق بقانون الانتخاب، فعلى ما يبدو أنّ القوى السياسية جميعاً بَلغت الحائط المسدود وباتت، على ما قال أحد المراجع، «تشعر بالسخن». ولذلك كانت الساعات الأخيرة حافلةً بمشاورات واتصالات غير معلَنة بحثاً عن مخرج من الأزمة الانتخابية خشية الوقوع في المحظور الذي دخَل البلد في مداره وبَلغ ربع الساعة الأخير.

ومن هنا أشارت المصادر الى أنّ مبدأ اعتماد النظام النسبي قد حسِم، ويجري البحث انطلاقاً من اقتراح بري الذي بدأ يتعرّض لـ«ليونة» بعض القوى السياسية في مقاربته، بعدما كانت هذه القوى متحفّظة عنه، ولا سيّما منها تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، مع الإشارة الى أنّ «الشعور بالسخن» عكسَ بعضَ الإشارات الخجولة لـ«التيار الوطني الحر» التي يمكن اعتبارها إيجابية تنتظر ترجمتها، علماً أنّه بَرز تطوُّر في موقف حزب الكتائب الذي لطالما نادى بانتخابات على اساس الدائرة الفردية، وتمثّلَ ذلك بمشروع جديد أعدَّه واعتبَره مخرجاً للأزمة، وهو يعتمد النظام النسبي، وقد سلّمه الرئيس أمين الجميّل إلى بري.

وقال بري أمام زوّاره امس، ردّاً على سؤال: «الجميع باتوا يشعرون بالحاجة الملِحّة الى قانون انتخاب، كونُنا أصبحنا في المنطقة الحرجة ووصَلنا إلى ربع الساعة الأخير».

وعمّا إذا كانت جلسة 15 أيار النيابية ما تزال في موعدها، قال بري: «إذا لم يتمّ توافق على قانون انتخاب فإنّني لن أعقد جلسة 15 أيار حتى لا يُمرَّر التمديد أو أن يسجَّل عليّ أنّني مع التمديد».

عون: ضوابط للنسبية

وإلى ذلك، عدَّد الرئيس عون ثلاثة أسباب حالت دون اعتماد أحد المشاريع الانتخابية المطروحة، وهي: أنّ كلّ من هيمنَ على طائفته لا يريد للأقلّية فيها أن تتمثّل ولا أن تكون هناك كتلة معارضة شعبية مكشوفة. البعض يخاف من تغيير موازين القوى.

كلّ طرف يريد تناتشَ بضعةِ نوّاب من عند جارِه». وقال: «يريدون اليوم قانوناً على أساس النسبية لكن بلا ضوابط، نحن نطالب بإيجادها، ومنها التأهيل لوصول الأكفياء الذين يمثّلون طوائفَهم، ومنفتحون على أيّ طرح يحقّق فعلاً هذه الأهداف».

الحريري

وكان الحريري قد زار بعبدا، ونَقل عن عون أن لا مانعَ لديه لتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، وأنه لا يريد الفراغ، بل الوصول إلى حلول في البلد. وقال الحريري: «إنّ الأجواء السلبية السائدة اليوم لا تبني قانوناً انتخابياً، بل الإيجابية هي التي تُمكّن من وضعِه». واعتبر «أنّ عرض العضلاتِ أو محاولة حشرِ فريقٍ سياسي معيّن، لا تفيد، وجميعُنا يعلم أنّنا سنصل في مكانٍ ما إلى حلول قريبة من بعضها».

وتمنّى على الجميع «وضعَ كلِّ ما هو سلبي جانباً، وإدراك أنّنا متّجهون الى مكان ايجابي، أرى أنّنا قادرون على الوصول اليه». وقال «إنّ الحكومة ستُعتبر فاشلةً إذا لم تتمكّن من وضع قانون انتخاب».

وأعلن أنّه سيخوض الانتخابات «وفقاً لأيّ قانون كان». واعتبَر «أنّ مبدأ التصويت معروف، وموجود في مجلس الوزراء، وهو من المفروض أن يحصل. ولكن في موضوع مِثل موضوع قانون الانتخاب، نحن نعمل حتى الدقيقة الأخيرة لتحقيق التوافق حوله».

وقال ردّاً على سؤال حول موضوع التصويت على قانون الانتخاب في مجلس الوزراء: «أؤكّد لكم، وفخامة الرئيس أيضاً، أنّنا لا نريد الذهاب الى التصويت من باب التحدّي، ولكن لأنّنا نرى أنّ التوافق اليوم موجود على 95% من الأمور، والجو السلبي الذي يحاول البعض نَقله لا يجب أن يكون سائداً».

المطارنة الموارنة

إلى ذلك، يَعقد مجلس المطارنة الموارنة اجتماعَه الشهري اليوم في بكركي برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. وعلمت «الجمهورية» أنه «سيناقش كلّ المواضيع على الساحة، لكنّه سيركّز بمقدار كبير على أزمة قانون الانتخاب».

وأكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الأطراف السياسية لم يعُد أمامها خيار إلّا الاتفاق على قانون انتخاب جديد، لأنّنا بدأنا ندخل في المحظور».

ورحّبت المصادر بالتقدّم الحاصل في اتجاه الاتفاق على قانون. وأضافت: «عندما قال الراعي ما قاله في المطار قبل مغادرته إلى الفاتيكان عن قانون الثلاث عشرة دائرة على أساس نسبي الذي أقرَّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تعرّضَ لأشرس هجوم من البعض، وعندما عاد رأى أنّ الجميع يتقدّم نحو الاتّفاق على هذا المشروع أو مشروع بكركي القائم على الـ15 دائرة مع النسبية».

وشدَّدت المصادر على أنّ «المهم من كلّ هذه الأجواء الإيجابية التي تُشاع، الوصول الى نتيجة، لأنّ كلّ الإيجابيات السابقة ذهبَت أدراج الرياح»، وأشارت الى أنّ «الشقّ التقني هو من عمل مجلس النواب، وبكركي لا تتدخّل فيه، بل تُركّز على مبادئ القانون وترفض الفراغ والتمديد».