IMLebanon

 الحريري الى واشنطن.. و«السلسلة» تعوق الموازنة

بدا مِن المواقف أنّ الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» مستمرّ، وأنّ التصعيد في سِجالاتهما حول الأزمة اليمنية والموقفَين الإيراني والسعودي منها مستمرّ أيضاً، فيما يحاول راعي الحوار رئيس مجلس النواب نبيه برّي أن يوقفَ هذا السجال، أو على الأقل، أن يخفّف من حِدّته ونبرته على قاعدة «أضعَف الإيمان»، فيما يعتقد المراقبون أنّ التصعيد لن يتوقّف إلّا بعد صيرورة الأزمة اليمنية إلى حوار بين أطرافها، تبيّنَ أنّ برّي يبذلُ جهوداً كبيرة بعيداً من الأضواء لتحقيقه.

لم يُبدِ بري أمام زوّاره أمس قلقاً كبيراً من السجال الدائر بين «حزب الله» و«المستقبل» حول الأزمة اليمنية في ضوء ارتفاع منسوب التصعيد في هذا المواقف بينهما من الجلسة الحوارية الأخيرة، وقال: «في الحدّ الأدنى إنّ الطرفين المتحاورين ملتزمان الاستمرار في الحوار، وإنّ المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية متمسّكتان باستمرار هذا الحوار، وقد تبَلّغتُ منهما هذا الموقف».

الحريري إلى واشنطن

وفي هذه الأجواء، يواصل الرئيس سعد الحريري حراكه واتّصالاته الخارجية وجهودَه الدولية، فبَعد جولة له شَملت مصر وتركيا وقطر، يبدأ الاثنين المقبل زيارةً لواشنطن تدوم أسبوعاً.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ تحضير جدول أعمال هذه الزيارة مستمر. وسيَعقد الحريري عدداً من اللقاءات مع المسؤولين الاميركيين الكبار يجري خلالها جولة أفق عامّة تتناول الأوضاع في المنطقة في ضوء التطوّرات المتسارعة فيها، فضلاً عن الوضع في لبنان. كذلك سيلتقي أبناء الجالية اللبنانية.

خوري في الرابية

وكان مستشار الحريري النائب السابق غطاس خوري زار الرابية أمس واجتمع برئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وفي معلومات «الجمهورية» أنّ عون الذي يعارض بقوّة التمديدَ للقادة العسكريين والأمنيين ويُصرّ على إجراء التعيينات في هذا المجال، قد جعلَ من هذا الملف عنواناً لحركته في المرحلة الراهنة وسيَسير فيه حتى النهاية.

وقد شَكّلَ هذا الموضوع الطبَق الدسم على طاولة الاجتماع مع خوري، والذي جاء بعد التلويح العونيّ بأنّ قرار الاستقالة من الحكومة هذه المرّة قرارٌ جدّي، لأنّ الحكومة التي عيَّنت أعضاءَ لجنة الرقابة على المصارف والأمين العام لمجلس الوزراء قادرةٌ على تعيين القادة العسكريين والأمنيين، ولا عذرَ لها في عدم إجراء هذا التعيين. وقد سبقَ اجتماع عون ـ خوري لقاءٌ جمعَ وزير الخارجية جبران باسيل والسيّد نادر الحريري.

فنَيش

وسألت «الجمهورية» الوزير محمد فنيش عن موقف «حزب الله» من التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، فأكّد «أنّ الحزب يتّخذ موقفَه من القاعدة الأساسية وهي التوافق، ولن يخرج عن مبدأ التوافق العام عند طرحِ هذا الأمر».

نصر الله

إلى ذلك، توَقّعَت مصادر متابعة لـ»الجمهورية» أن يقدّم الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله في كلمته اليوم قراءتَه للأحداث وسياقات الحرب على اليمن، وسيجدّد التأكيد على أنّ موقف الحزب من اليمن هو موقف مبدئيّ قبل ان يكون موقفاً سياسياً، بمعنى أنّه انتصارٌ لشعب مظلوم ومستضعَف في وجهِ حربٍ تُشَنّ عليه بلا مبرّر، وهي حرب الأغنياء على الفقراء.

إلّا أنّ نصر الله سيُشدّد في الوقت نفسه على أنّ السبيل الوحيد للحلّ يكمن في العودة إلى طاولة الحوار. وسيُلقي الضوء على المبادرة الإيرانية ذات النقاط الأربع، والتي وافقَت عليها حركة «أنصار الله» في اليمن. وسيُركّز على مواقف كلّ مِن باكستان وتركيا الداعية الى اعتماد الحل السياسي للأزمة اليمنية.

أمّا داخليّاً فسيّجدّد الأمين العام تمسّكَ الحزب بالحوار مع تيار «المستقبل» وإبعاد لبنان عن النزاعات الدائرة في المنطقة ومنع انتقالها إلى ساحته.

وكانت كتلة «الوفاء للمقاومة» أكّدت بعد اجتماعها الأسبوعي أمس «أنّ الحلّ الوحيد لإنهاء الأزمة اليمنية يقتضي الوقف الفوريّ للعدوان، وإطلاق الحوار الوطني بين مكوّنات الشعب اليمني وأحزابه واتّجاهاته بمِلء حرّيتها واختيارها وصولاً إلى حلّ وفاقيّ شامل».

وعشيّة خطاب نصرالله، تواصَل السجال السياسي بين تيار «المستقبل» و«الحزب»، إلّا أنّ الطرفين شدّدا على التمسّك بالحوار الجاري بينهما.

وفي هذا الإطار، قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «عندما يتّهمونَنا بأنّنا مع إيران نقول لهم: اتّهمتم بالسَّعد، واتّهمتم بالأمر المشوّق بالنسبة إلينا، فلنا الفخر أن نكون مع إيران الحرّة القوية المقتدرة التي لا تخضع إلّا لله تعالى، وليس لنا أيّ فخر أن نكون زبانية أو أتباعاً، أو مِن الذين يعملون بحسب المعاشات الشهرية أو الموازنات التي تأتيهم». ولفتَ إلى أنّ هدف الحوار مع «المستقبل»واضح، «سقفُه تخفيف الاحتقان السياسي، وهذا يتمّ، وكِلا الطرفين مصمّمان على أن يتابعا هذه المنهجية.

أمّا الأصوات التي تتصرّف بقسوة أو تحاول أن تتّهمنا وأن تدينَنا بموقفِنا من العدوان السعودي على اليمن، فنحن نقدّر أنّ هذه الأصوات مضطرّة لأن تقفَ هذا الموقف بسبب الموازنات الشهرية وبسبب الانتماء والعلاقة الموجودة بينها وبين السعودية.

لكن، ليكنْ واضحاً، السعودية ترتكبُ جريمة إبادة بحقّ اليمن، ويجب أن نقول كلمة الحق، أأعجبَت أصحابَ العلاقة أم لم تعجبهم، والسعودية سيُمرَّغ أنفُها في التراب لأنّها ضدّ العُزَّل والمدنيّين وضدّ شعبٍ يمنيّ مقاتل، شرِس، وطنيّ، صاحب حقّ».

«المستقبل»

وكان الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري ردّ من عكّار بعنف على بيان حزب الله الأخير، فقال: «إنّ أجندة الحزب ناتجة من عاصفة الوهم الإيرانية، وهو يغرَق من رأسه الى أخمص قدميه في معركة الدفاع عن مشروع الهيمنة الايرانية».

وأكّد «أنّ عاصفة الحزم لن تكون مجرّد صحوةٍ تقف عند حدود اليمن، بل ستؤسّس لعواصف حزم تقول لإيران وغيرها إنّ جنوحَ العرب الى السِلم والحوار لم يكن ضعفاً، وإنّ زمنَ التغاضي قد ولّى إلى غير رجعة. وشدّد على أنّ «بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء ستبقى عواصم عربية غصباً عن أيّ احتلال».

وقال: «إنّ كلّ الشتائم في حقّ السعودية هي صراخ العاجز من وجع الحزم، وأمبراطورية الوهم لن تكون إلّا مجرّد أحلام تراود الصغارَ الذين باعوا هويتَهم العربية بأبخسِ الأثمان المذهبية وارتضوا أن يكونوا جنوداً في جيش ولاية الفقيه، وإنّنا لن نكون إلّا جنوداً في جيش لبنان».

دخول إيراني

وأمس دخلت السفارة الإيرانية في بيروت على خط السِجال، وردّت في بيان لها على وزير الداخلية نهاد المشنوق من دون أن تسمّيه، مؤكّدةً «أنّ تصريحات بعض المسؤولين لا علاقة لها بالمواقف الرسمية للدولة اللبنانية، وإنّما تعَبّر عن توَجّهاتهم الشخصية».

وقالت إنّ «السؤال الذي يطرح نفسَه هو أنّ هؤلاء المسؤولين المعنيين مباشرةً بالعدالة والأمن في بلادهم، ما هي آراؤهم وردّة فعلِهم حيال قتل نحو 3000 رَجل وامرأة وطفل في اليمن سقطوا جرّاء الهجَمات الظالمة التي شنّتها الطائرات العسكرية ضد المواطنين الأبرياء والعُزَّل، فهل مِن الجائز يا ترى أن نغمضَ أعينَنا عن هذا القتل والظلم والاعتداء لغايات وأهداف سياسية؟».

وأضافت: «إنطلاقاً مِن معرفة هؤلاء المسؤولين بـ«جبهة النصرة» و«داعش» وبجذور هذه التنظيمات الفكرية ومصادر تمويلها وجنسيات المنتمين إليها، كيف لهم أن يتجاهلوا الفظائع التي تُرتكب في العراق وسوريا وتتواصل اليوم في اليمن على أيدي الإرهاب الآثمة التي تتسَبَّب بقتل الأبرياء وذبحهم وحرقهم؟ وكيف لا يعترضون على المحرّضين الأساسيين من وراء ما يجري من السُنَّة والشيعة والمسيحيين والأيزيديين و…؟

مجلس الوزراء

وغابت المواضيع السياسية والأمنية الخلافية المحَلّية والإقليمية أمس عن جلسة مجلس الوزراء الذي خاضَ أوّل تجربة جَسّ نبضٍ في مناقشةِ مشروع الموازنة الذي كان بنداً وحيداً على جدول الأعمال.

وعرض وزير المال علي حسن خليل تقريراً حول المؤشّرات العامة للوضع الاقتصادي والمالي والتوجّه الذي تسلكه الوزارة في درس تكاليف سلسلة الرتب والرواتب والواردات والنفقات والضرائب، وقدّمَ نسخةً معدّلة لمشروع موازنة 2015 تلحَظ إنفاقَ سِلف الخزينة والاحتياط وبنوداً كثيرة تغيّرَت خلال 7 أشهر منذ تقديمه مشروع الموازنة في آب 2014.

وقدّم خليل مقارنةً حول اتّجاه الإيرادات والنفقات وطريقة توزيعها على أبواب خدمة الدين العام والنفقات الجارية، كالرواتب وكلفة الكهرباء والنفقات الاستثمارية.

وعندما وصلَ النقاش الى أرقام السلسلة قدّمَ خليل سيناريو موازنة يتضمّن تكاليفَها، فدار نقاش في هذا الأمر من كلّ الجوانب الماليّة وآثارها على النفقات والواردات. ولم يتحمّس وزراء حزبَي «الكتائب» والتقدّمي الاشتراكي والوزير بطرس حرب، في اعتبار أنّ السلسلة إذا تعرقلت سيؤدّي الأمر إلى عرقلة إقرار الموازنة، وسألوا عمّن يضمَن إقرارَ السلسلة في مجلس النواب.

وأوضَح أحد الوزراء أنّ طرح «الكتائب» شدّد على أهمّية بَتّ السلسلة وفقَ الآلية الدستورية في مجلس النواب. وقال: «وعَدنا الموظفين والأسلاك العسكرية والأمنية بالسلسلة، وشَكّلنا لجاناً فرعية درسَت مواردَها وحدّدت الممكنَ من الرسوم والضرائب والواردات لتأمين كِلفتها وأحيلَ الملف الى اللجان المشتركة ومِن ثمّ الى جلسة نيابية عامّة ولم تقَرّ بعد حتى الآن، فكيف يمكننا اليوم مناقشة إدراج كلفتِها ضمن مشروع الموازنة من دون وجودها؟ المطلوب وفقَ الأصول أن نبتّها أوّلاً لنناقش مواردها لاحقاً، وعندها لن يكون هناك أيّ تحَفّظ أو اعتراض».

هنا، طلبَ خليل إجراءَ اتّصالات ومشاورات مع الكتل السياسية لتسويق هذا السيناريو ومعرفة مدى استعدادها لقبوله، وقال إنّه سيُجيب على كلّ الأسئلة والملاحظات في جلسة الثلثاء المقبل التي تقرّرَت لاستكمال النقاش في مشروع الموازنة، عِلماً أنّ الجلسة العادية لمجلس الوزراء ستنعقِد الخميس المقبل.