IMLebanon

سلام يصطدم بـ «التصلّب»… وهولاند لزيارة لبنان… وفابيوس في طهران اليوم

 

على رغم التناقضات التي شابَت تصريحات الوزراء الذين توالوا على زيارة السراي الحكومي بعد تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقرّرة أمس، إلى غدٍ الخميس، بدا واضحاً أنّ رئيس الحكومة تمّام سلام ارتأى هذا التأجيل طامعاً في أن توفّر عودة رئيس مجلس النواب نبيه برّي من الخارج مساء أمس مناخاً يفضي إلى جلسةٍ ناجحة على مستوى معالجة الملفّات الضاغطة والتي يتصدّرها ملفّ النفايات الذي بدأ يَدفع المتحرّكين والمحتجّين في الشارع إلى المطالبة بسقوط النظام.

علمَت «الجمهورية» أنّ الاتصالات تكثّفَت ليل أمس الأوّل مع سلام، وكان محورها برّي ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط اللذين تمنّيَا عليه تأجيل جلسة مجلس الوزراء 48 ساعة علَّ الاتصالات والمشاورات تعطي نتيجةً في ضوء الحلحلة التي شهدَها ملف النفايات. إلّا أنّ الاتصالات التي جرَت أمس لم تظهِر تغييراً في المواقف من موضوع التعيينات وآليّة العمل الحكومي.

وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» إنّ كلّ ما بُذل من جهود حتى أمس قد اصطدَم بجدارٍ من المواقف المتصلّبة التي لم تنتِج حلّاً أو مخرجاً لأيّ ملف من الملفات المطروحة أمام الحكومة، لا على مستوى النهاية المطلوبة لملفّ النفايات، ولا على مستوى آليّة العمل الحكومي.

وأبدَت هذه المصادر قلقَها مِن استمرار إقفال الطرُق المؤدّية إلى المخارج والحلول السياسية لقضية النفايات، خصوصاً أنّ مواقف البعض دلّت إلى مزاريب الهدرِ المالي المفتوحة في قنوات شتّى طوال السنوات الماضية وحتى الآن. وعزَت أسبابَ القلق إلى أنّ استمرار الاهتمام بملفّ النفايات من دون معالجته سيقفِل الطريقَ مرّة أخرى أمام جلسة غدٍ التي تهدّدها الطروحات المتناقضة.

وفي المعلومات أنّ سلام تلقّى، إلى الدعم السعودي، دعماً أميركياً عبر السفير ديفيد هيل، وكذلك من الأمين العام لجامعة الدوَل العربية نبيل العربي ومسؤولين دوليّين آخرين. وكانت المنسّقة الخاصة للأمم المتّحدة في لبنان سيغريد كاغ التي زارت السراي الحكومي أمس الاوّل نَقلت الى سلام تمنّي الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون عليه أن يستمرّ في تحَمّل المسؤولية. وقالت مصادر سياسية إنّ كلّ هذه الاتصالات والأجواء الأخيرة دفعَت سلام إلى أن يضعَ جانباً فكرة استقالته.

وعلى الرغم من أنّ الوزراء الذين توافدوا إلى السراي الحكومي راوَحوا بين قائل باحتمال إقدام سلام على الاستقالة أو الاعتكاف، وآخر قائل باعتمادِه خيارَ الصمود، فإنّ المعطيات تشير الى أنّ أحداً من الأفرقاء السياسيين ومِن الجهات الإقليمية لا يحَبّذ استقالة الحكومة، وربّما تكون زيارة السفير السعودي علي عواض العسيري لسلام أمس مؤشّراً إلى نَقلِه رسالةً ما مِن القيادة السعودية التي عبّرت مراراً ولا تزال عن حِرصها على الاستقراراللبناني، وهو حرصٌ يُضاف الى القرار الإقليمي والدولي الداعم لهذا الاستقرار والمشَدّد على وجوب الحفاظ عليه.

عسيري لـ«الجمهورية»

وأوضَح السفير عسيري لـ«الجمهورية» قبَيل مغادرته لبنان عصر أمس إلى الرياض أنّه نَقل إلى سلام رسالةً تضمّنَت معايدةً بعِيد الفطر «وأكّدنا حِرص المملكة على استمرار المؤسسات الحكومية في عملها، وفي مقدّمها رئاسة مجلس الوزراء». وقال: «نأمل في أن تتعاون جميع القوى السياسية اللبنانية على معالجة الأمور بحكمة وهدوء، وأن نرى نتائج إيجابية تخدم مصلحة لبنان واستقراره».

وأكّد ثباتَ سلام في تحَمّلِ مسؤولياته لِما فيه مصلحة لبنان واستقراره، وأضاف: «إنّ القيادة السعودية حريصة على أن يبقى لبنان آمناً ومستقرّاً، وإنّنا نتمنّى تكاتفَ القوى السياسية للاستمرار في جهودها لتحصين لبنان ضدّ أيّ إفرازات قد تؤذيه».

وكان عسيري قال في بيان وزّعَته السفارة في بيروت «إنّ المملكة العربية السعودية حريصة كلّ الحِرص على أمن لبنان واستقراره ومؤسّساته الدستورية، وفي مقدّمها الحكومة التي تثِق بحكمة رئيسِها ووطنيته وحِرصه على المصلحة الوطنية العليا، وتَعتبر أنّ الحكومة هي صمّام الأمان، وتعريضُها للضغطِ في هذه المرحلة الدقيقة قد يَنطوي على عواقبَ ليست في مصلحة لبنان، كما أنّها تشجّع كافّة القوى السياسية اللبنانية في كلّ مناسبة على إبعاد لبنان عن التشنّجات،

وتهدئة الساحة الداخلية وتفعيل عمل الحكومة لتتمكّن بتضافر جهود وزرائها من إيجاد حلول للأزمة الحالية وتسيير شؤون المواطنين وتسليم الأمانة الى رئيس جديد للجمهورية وفقَ الأصول الدستورية». وأشار إلى أنّ زيارته لسلام «هي لتقديم التهنئة بعِيد الفطر المبارك وللتشاور مع دولته في الأوضاع الراهنة وللتعبير له عن دعم المملكة لحكومته ولأجهزة الدولة كافّة».

هولاند

وتحت جِنح هذه التطوّرات برَز أمس موقف لافت للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي أعلنَ أنّه سيزور لبنان « خلال الأشهر المقبلة ليبثّ الأملَ في أنّ «انتخابات رئاسية يمكن أن تحصل أخيراً» فيه.

واعتبَر هولاند أنّ زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لإيران اليوم ستكون اختباراً لطهران بَعد توقيع الاتّفاق التاريخي حول البرنامج النووي الإيراني.

وشَدّد هولاند على الدور الذي يجب أن تلعبَه إيران في إقامة السلام في الشرق الأوسط والشرق الأدنى. وقال: «نتوقّع مِن الرئيس (الإيراني حسن) روحاني أن يثبتَ أنّ إيران حاليّاً في إمكانها تسهيل إيجاد تسويات لأزمات خطيرة تدمي المنطقة، وخصوصاً سوريا». وأكّد أنّه «يتوجّب على إيران أن تكون بلداً يقدّم حلولاً، ومِن بين الحلول التي يجب إيجادها هناك المسألة اللبنانية، إضافةً إلى سوريا واليمن والبحرين».

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ فابيوس يحمل معه إلى طهران ملفّ لبنان، وفي مقدّمِه الانتخابات الرئاسية، وسيؤكّد للمسؤولين الإيرانيين أنّ معيار التجاوب الإيراني مع فرنسا هو المساعدة على تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية.

الراعي

وفي هذا السياق، أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ «أزمة لبنان السياسية كبيرة، ومرتبطة بأزمات الشرق الأوسط، لأنّ هناك نزاعاً دموياً بين البلدان السنّية والشيعية، وبين المعتدلين والمتشَدّدين، وهذا يؤثّر علينا لأنّ لبنان فيه سنّة وشيعة».

وشدّد الراعي على أنّ «الأزمة السياسية أوصلتنا إلى عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ عام وأربعة أشهر، وعلينا أن نصبرَ ونعمل مع سفراء دوَل المنطقة، وخصوصاً مع سفيرَي السعودية وإيران وسفَراء الدول العظمى مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، ونَعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لنصِل الى انتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أنّ «الأزمة السياسية وَلَّدت أزمة إقتصادية، فالفَقر يزيد في لبنان وهناك هجرة كبيرة، إذ يتخرّج سنَوياً مئات الطلّاب من دون فرَص للعمل. بينما يمكن للّبنانيين في الانتشار مساعدة لبنان لكي لا يهاجرَ أبناؤه، ويجب أن يقولوا للّبنانيين أن يبقوا في أرضهم».

التعيينات

وفي هذه الأجواء المأزومة واصَل وزير الدفاع سمير مقبل أمس جولاته على القيادات السياسية والحزبية، والتقى سلام وأطلعَه على حصيلة جولتِه على الرابية وبكفيا وكليمنصو قبل أن يزور الصيفي ومعراب أمس، على أن يستكمل جولتَه في الساعات المقبلة بلقاء مع الرئيس فؤاد السنيورة وقيادات سياسية وحزبية أخرى.

واستغربَ قريبون من مقبل بعضَ السيناريوهات التي سيقَت عن شكل ومضمون جولته وتوقيتِها. وقالوا لـ«الجمهورية» إنّه قرّر هذه الجولة منذ فترةٍ طويلة، وهي شبيهة بالجولة التي أعقبَت تأجيلَ تسريح الضبّاط العامَ الماضي عندما رغبَ وضع الجميع في الأجواء التي تتحكّم بقراراته وتَعني مؤسّسةً بهذا الحجم والدور المناطَين بها، وخصوصاً سَعيه إلى الإجماع على التعيين عند التوافق على أسماء جديدة أو تأجيل التسريح لمنعِ وقوعِ الفراغ في هذه المرحلة، لأنّه أمر مستهجَن ومرفوض أيّاً كانت الكِلفة، فالرهان على المؤسسات العسكرية هو رهان اللبنانيّين جميعاً، وأيّ مسّ بهذه المؤسسات يمسّهم جميعاً».

وأوضَح هؤلاء أنّ مقبل لم يتناول في لقاءاته أيّ اسمٍ على مستوى الضبّاط في المواقع الأربعة التي سيستحقّ أوان التعيين فيها تباعاً مِن 7 آب إلى الأسبوع الأخير من أيلول المقبلين. وأكّدوا أن ليس هناك أيّ ربطٍ بين أيّ موقع في المؤسسة العسكرية وآخر، فلِكلّ منها خصوصيتُه، والبحث فيها سيكون بالمفَرّق، و»كلّ أوانٍ لا يَستحي من أوانه».

عون لـ«الجمهورية»

وقال عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ»الجمهورية»: «إنّ موقفَنا من التعيينات لا يزال منسجماً مع نفسه، فنحن مع أن تحصل هذه التعيينات في كلّ المواقع، وكلُّ مبادرة أو مسعى يؤدّي إلى إجرائها نحن نؤيّده، مِن قيادة الجيش إلى المجلس العسكري مروراً برئيس الأركان». وأضاف: «نحن مع منطق التعيينات وليس مع منطق التمديد في المراكز الشاغرة».

ولفتَ عون إلى «أنّنا لا نستطيع الحديثَ حتى الساعة عن حصول حَلحلة سياسية، مشيراً إلى «أنّ استقالة الرئيس سلام قرار عائد له، لكنّنا لسنا دعاةَ تعطيل الحكومة أو تفجيرها أو استقالتها أو إقالتها، بل نحن من دعاة تفعيل عملِها، ونقطةُ الخلاف الجوهرية اليوم هي حول التعيينات الأمنية، ونأمل في ان تقوم الحكومة بواجباتها، وأعتقد أنّه إذا تحقّقَ ذلك نعود إلى الحالة التي كنّا فيها قبل هذه الأزمة، أي إلى المنطق الذي ساد قبل الآلية المعتمَدة سابقاً، لا يحصل شيء إلّا بالتفاهم والتوافق».

أزمة النفايات

إلى ذلك بدت أزمة النفايات أمس، وكأنّها تسير على خطّين: خط رسمي يَعمل على استنباط الحلول، وخط شعبي يَرفض التسويات المطروحة، ويُعبّر عن غضبِه في الشارع. ورغم المناخ الإيجابي الذي خرجَ به اجتماع اللجنة الوزارية مساء أمس الأوّل، وأوحى بحَلحلةٍ في ملف النفايات، بدا الشارع أمس في حال غَليان ورفضٍ لكلّ البنود المطروحة، خصوصاً أنّها لم تحدّد أماكن المطامر المُستحدَثة.

وعلى خطّ المعالجات، ترَأّسَ سلام أمس اجتماعاً للجنة غرفة العمليات المتفرّغة في مجلس الإنماء والإعمار لمتابعة الخطوات التنفيذية لمعالجة موضوع النفايات، بحضور وزير البيئة محمد المشنوق. ثمّ ترَأّسَ سلام اجتماعاً في السراي للّجنة الوزارية المختصة، ولم يصدر عن المجتمعين أيّ موقف جديد، على أن يجتمعوا مجدّداً بعد ظهر اليوم.

التحرّك الميداني

في موازاة المساعي للمعالجة، نفَّذ ناشطون في حملة «طِلعت ريحتكم» صباحاً اعتصاماً تخَلّله إقفالُ طرُق في وسط بيروت، وبدأ بتجمّعِ عددٍ مِن الناشطين أمام ساحة رياض الصلح قبالةَ السراي الحكومي وقربَ مجلس النواب. ودعا الناشطون الى الثورة واستقالةِ رئيس الحكومة ووزير البيئة، ورفَعوا لافتات، منها: «ريحة صفقاتكم أبشَع مِن ريحة الزبالة» و»قَرَّفتونا طِلعت ريحتكم».

ثمّ توجَّه المعتصمون بمسيرةٍ مِن رياض الصلح في اتّجاه أسواق بيروت، مروراً بشارع المصارف، حيث افترشوا الأرض قاطعين الطرق أمام السيارات.

ورشقَ بعضُهم البَيض في اتّجاه السراي الحكومي. فيما اعتدى آخرون على سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي تقدّمَ بدعوى قضائية ضد أحد المعتصمين، وتمّ توقيفه لاحقاً للتحقيق معه. وإلى ذلك، أقفلَ أهالي منطقة عين دارة طريقَ ضهر البيدر عند مفترَق حمّانا، إحتجاجاً على نقلِ النفايات إلى المنطقة.

بدء إزالة النفايات

وكانت شركة «سوكلين» بَكّرَت صباح أمس في إزالة النفايات من شوارع بيروت، تطبيقاً للاتفاق الوزاري. وشوهِدَت شاحناتها تَجمع النفايات، خصوصاً من مناطق كركول الدروز، الحمرا، الطريق الجديدة، سليم سلام، الأوزاعي وغيرها.

وفي ملفّ سوكلين قضائياً، تابَع النائب العام المالي القاضي الدكتور علي ابراهيم، درسَ ما توصّلت إليه التحقيقات الأوّلية في ملف شركتَي «سوكلين» و»سوكومي» والأموال المستوفاة من الصندوق البلدي المستقلّ.

وأصدرَ قراراً تمهيدياً قضى بتعيين لجنة فنّية يبَلّغها القيام بمهمّات حُدّدت في نص القرار، على أن ينظر في ضوء ما تتوصّل إليه بالمقتضى القانوني. وتعليقاً على قرار ابراهيم، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق: «إنّ سوكلين جعَلت من بيروت أنظفَ مِن سويسرا الشرق، وإذا تحرّكَ القضاء بناءً على موقف سياسي يكون مسيَّساً».

في المواقف

وفي سياقٍ متّصل، وبعدما كثرَ الحديث عن إعطاء حوافز ماليّة للبلديات التي تقبَل استقبالَ النفايات في أراضيها، أعلنَ وزير المال علي حسن خليل أنّه لن يدفعَ أيّ مبلغ ماليّ إلّا بقرار يتّخذه مجلس الوزراء «وإذا كنتُ سأدفع، فوِفقَ الأصول».

من جهتِه، قال الوزير جبران باسيل بعد اجتماع تكتّل «التغيير والإصلاح»: «أُقصِينا في موضوع النفايات عن القرار منذ العام 2010 ولم يتمّ الأخذُ برأيِنا عندما تحَدّثنا عن هدر المال العام، والشراكة لا تكون انتقائية». واعتبَر أنّه «لا يمكن الحكومةَ أن تفرضَ على الناس طمرَ النفايات في نطاق بلديّاتهم».

إلى ذلك، حصلَ نقاشٌ حادّ خلال اجتماع تكتّل «التغيير والإصلاح» بين نوّاب التكتّل ووزرائه على خلفية استحداث مطمر في منطقة المتن الشمالي، فقال أحدُهم: «إذا أقيمَ المطمر، سيقال غداً إنّ «التيار الوطني الحرّ» أتى بالنفايات إلى المتن»، لذلك، فضَّل التكتّل عدمَ الدخول في هذا الملف.