IMLebanon

غموض يلفّ جلسة الأربعاء… ومعركة رئاسة «التيار الحر» انطلقت

 

فيما تشير توقّعات مصلحة الأرصاد الجوّية إلى أنّ حرارة الطقس المرتفعة في آب اللهّاب ستبدأ بالانحسار في وقتٍ لاحق من هذا الأسبوع، فإنّ حرارة الطقس السياسي المرتفعة ماضيةٌ إلى مزيد من الارتفاع، ويرجَّح أن تبلغَ ذروتَها في جلسة مجلس الوزراء بعد غدٍ، والتي تنعقد في ظلّ دلائل على أنّ أيّ تقدّم في معالجة الملفّات الساخنة لم يسَجّل بعد، فأزمة النفايات ما تزال عالقة، وآليّة اتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء أيضاً، والحوار منعدِمٌ في ملفّ التعيينات العسكرية والأمنية، الأمر الذي يوَلّد انطباعاً بأنّ الأزمة ستبقى هذا الأسبوع مكانَك راوِح.

خطوط حُمر

في هذا الوقت، علمَت «الجمهورية» أنّ لبنان تلقّى نصيحة أميركية تحدّثَت عن 3 خطوط حُمر دولية، على اللبنانيين عدم تجاوزِها في المدى المنظور أو خلال الفترة الانتقالية في المنطقة:

ـ الخط الأوّل، الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار. وضمن هذا الهدف الإصرار على عدم السماح بحصول فراغ داخل المؤسسات الأمنية.

ـ الخط الثاني، ممنوع المسّ بالليرة اللبنانية لضمان عدم المسّ بالأمن الاجتماعي والاقتصادي اللبناني. وضمن هذه الجزئية هناك إشادة دولية بالوضع المالي اللبناني، حيث يبلغ احتياطي المصارف اللبنانية – غير احتياط الذهب في مصرف لبنان المركزي – 160 مليار دولار، وهو حجم احتياط يقارب ما تملكه أقوى دوَل المنطقة. وهذا يُفسّر أنّ المشكلة الاجتماعية في لبنان ليست نتاجَ وهَنِه المالي بل فساده السياسي.

ـ الخط الثالث يُحَذّر من المسّ ببَقاء حكومة سلام طالما إنّ مقام الرئاسة الأولى لا يزال شاغراً.

وتجزم المصادر الناقلة لأجواء خطوط واشنطن الحُمر الثلاثة في لبنان، بأنّ هذه الرسالة وصلت إلى جميع الأطراف اللبنانية، وليس في نيّة أيّ منها تحدّيها.

هيل

وفي سياق متّصل، علمَت «الجمهورية» أنّ السفير الأميركي ديفيد هيل غادرَ بيروت أمس الاوّل عائداً إلى واشنطن في مهمّة تستمرّ عشرة أيام يُطلِع خلالها الإدارة الأميركية على الأجواء التي تعيشها البلاد والتشاور في مختلف التطورات السياسية والعسكرية في ضوء التطوّرات في المنطقة عقبَ الاتفاق النووي الإيراني.

وتردّدَت معلومات مفادُها أنّ هيل لاقى وزيرَ الخارجية الأميركي جون كيري الى القاهرة التي وصَل اليها أمس ويمكن أن يرافقه الى الاجتماع الذي سيعقده في الدوحة اليوم مع نظرائه وزراء دوَل مجلس التعاون الخليجي. إلّا أنّ أيّ مصدر مسؤول لم يؤكّد هذه المعلومات.

جلسة واستحقاقات

داخلياً، تشخص الأنظار هذا الأسبوع إلى جلسة مجلس الوزراء التي تُعقَد العاشرة صباح بعدِ غدٍ الأربعاء «لمتابعةِ البحث في المواضيع المثارة»، حسبَ نصّ الدعوة التي عمَّمتها الأمانة العامة للمجلس على الوزراء أمس الأوّل.

وقالت مصادر حكومية إنّ الجلسة تتزامن في توقيتها وشكلها ومضمونها وسلسلةً مِن الإستحقاقات السياسية والإدارية والحكومية، وأبرزُها ثلاثة:

– عشيّة إحالة رئيس الأركان في الجيش اللواء وليد سلمان الى التقاعد ابتداءً مِن ليل الخميس – الجمعة (ليل 6 – 7 آب ) بعد انتهاء فترة التمديد له عبر تأجيل تسريحه.

– قبل يومين على الموعد المحدّد لفَضّ المناقصة الخاصة بكنسِ النفايات وجمعِها ومعالجتها في بيروت الإدارية وضاحيتَيها الجنوبية والشرقية في 7 آب الجاري.

– عشية توَجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمّام سلام الى القاهرة الخميس المقبل تلبيةً لدعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمشاركة في افتتاح القناة الجديدة الموازية لقناة السويس الأساسية بطول 70 كيلومتراً، حيث سيقام احتفال ضخم بحضور عشرات من رؤساء الدوَل العربية والأجنبية ووفود رفيعة المستوى من مختلف دوَل العالم.

وأوضحَت مصادر حكومية لـ«الجمهورية» أنّ دعوة سلام إلى هذه الجلسة لا ترتبط بأيّ تطوّر إيجابي يتصل بما سُمّي آلية العمل الحكومي. فالبلاد التي انشغَلت بملف النفايات لم تعطِ ملفّ الآلية أكثر ممّا شهدته جلسة الخميس الماضي من مناقشات عقيمة وجدل بيزنطي قد لا ينتهي، من دون أن تؤدّي الاتصالات الجارية في حدّها الأدنى إلى أيّ تصَوّر لوقف الجدل حول هذا الموضوع وسط فقدان أيّ مبادرة جدّية.

قزّي

في غضون ذلك، استغربَ الوزير سجعان قزي أن يروّجَ البعض لإجازة حكومية مثلما يحصل في بعض الدوَل الأوروبية، وقال لـ»الجمهورية»: «لو كان الوضع في لبنان يشبِه الوضع الأمني والسياسي والأخلاقي والاقتصادي في أوروبا لَما كنّا بحاجة أساساً إلى حكومات، أمّا وأنّ الوضع مترَدٍّ والإرهابَ يطرق أبوابنا، والنفايات تتكوّم في شوارعنا، ففضيحةٌ أن تأخذ الحكومة إجازة قبل حلّ آفةِ النفايات.

وفي هذا الإطار، إنّنا وزراء حزب الكتائب لنعجَب كيف أنّ اللجنة الوزارية المعنية بموضوع النفايات لم تصِل بعد الى اتفاق، في حين أنّ هناك مروحة واسعة من الحلول لموضوع النفايات».

وأضاف: «مع أنّنا موجودون في الحكومة وداعمون لرئيسها تمّام سلام، فإننا غير معنيين بهذا التقصيرلأننا كحزب قدّمنا كلّ الأفكار الضرورية لحلّ موضوع النفايات، فاستمعوا إلينا، سمعونا ولم يأخذوا بهذه الأفكار ولم يقدّموا حلولاً أخرى. من هنا نَعتبر أنفسَنا في موضوع النفايات جزءاً من الشعب أكثر ممّا نحن جزءٌ من الحكومة».

حرب

وشَكّك الوزير بطرس حرب في أن تكون جلسة بعد غد الأربعاء آخِر جلسة يَعقدها مجلس الوزراء، وقال لـ»الجمهورية»: «إنّ الوصول إلى مخارج هو أمر دائم، لأنّ الجميع يتحسّسون ويدركون خطورةَ الوضع ويَعلمون أنّ لبنان بلا حكومة معناه أنّه فقَد كلّ مؤسساته».

وتوقّعَ حرب أن تشهد جلسة الاربعاء «نقاشاً وجدلاً وردّات فعل، لكن لا أرى أنّ الحكومة ستَطير، صحيح أنّ الرئيس سلام فكّرَ في فترة معيّنة بأن يستقيل لكنّ العالم سارعَ ونبَّه من خطورة الاستقالة وانعكاسها على البلد، لذلك يأمل رئيس الحكومة في إمكان إيجاد حلول للحَؤول دون الوصول الى مرحلة الاستقالة».

وأكّد حرب «أن لا جديد في موضوع التعيينات العسكرية والأمنية، حتى إنّ حواراً في شأنها لا يحصل بكلّ أسَف»، وأشار إلى أنّ «موضوع رئاسة أركان الجيش يُفترض أن يُطرح في جلسة الأربعاء، لكن لا تغيير طرأ بعد على موقف وزراء «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، ومِن المؤكّد أنّ مجلس الوزراء لن يسير تحت ضغطِهم، وسَنرى ما نستطيع فِعله».

وأوضَح حرب «أنّ التمديد لرئيس الأركان لا يعود إلى مجلس الوزراء، بل إلى وزير الدفاع، فدورُ المجلس التعيين إذا حصَل تفاهم على تعيين بديل، لكن لا تفاهم حتى الآن».

ووصف حرب «التصرّفَ العوني» بأنّه «إبتزاز سياسيّ في غير محَلّه». وقال: «إنّهم بأسلوبهم هذا يقضون على أفضل ضابط في الجيش اللبناني إسمُه شامل روكز ويَحرمونه فرصةَ تعيينه قائداً للجيش».

موقف «حزب الله»

في الموازاة، قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: «نحن أصحاب شعار التوافق في هذا البلد، لكنّ التوافق الوطني يحصل في كلّ فترة على مرحلة، لا نفهَم أن يحصل توافق على كلّ قرار في مجلس الوزراء، فالبعض يريد توافقات خارج سقف القانون ويتذرّعون بالتوافق، والتوافق المطلوب في الأمور الجارية وفي القرارات التي تسَيّر حياة الناس يومياً هو توافق تحت سقف القانون وليس فوق سقف القانون، والذي يَمنع كثيراً من القرارات هو أنّ البعض يريد أن يلبّيَ أطماعه ومصالحَه على حساب مصالح جميع الآخرين خارج القانون ولا يقيم وزناً لا لهذا الإتجاه ولا لهذا الخيار لأنّه مستفيد».

من جهته، شدّدَ عضو الكتلة النائب علي فيّاض على «ضرورة التمسك بالآلية القائمة في إدارة مجلس الوزراء والذهاب إلى التعيينات في 7 آب لأن لا شيء يمنع من حصولها»، وأكّد أنّ «ثمَّة حاجة ماسّة للحفاظ على الحد الأدنى في إدارة الدولة، وإلّا فإنّ المسار الانحداري الذي تسير فيه المؤسسات سيَدفع البلاد إلى واقع جديد خارج الحسبان». وطالبَ بعقدِ «جلسة تشريعية تتناول القضايا الأساسية في التشريع، سَواء كانت مالية أو غير مالية».

الراعي

إلى ذلك، واصَل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي زياراته الدورية واهتمامَه الخاص بمسيحيّي البقاع، حيث اختتم زيارته الرعوية إلى بلدة دير الأحمر وسيّدة بشوات، بزيارة منزل المغدورَين صبحي ونديمة الفخري في بلدة بتدعي، وأكّد أنّ «الذين يغَطّون سياسياً المجرمين ستَرتدّ الجريمة عليهم، ومَن يلعب بالنار يحترق». وشدّد على «أنّنا مصِرّون على أن نطالب بعدالة الدولة».

وقال: «ظنّوا أنّ في استطاعتهم أن يقيموا حروبَهم ويصنعوا ما يريدون في سوريا واليمن والعراق، ها هي ترتدّ عليهم، وأقول للسياسيين إذا كان ذلك من أجل حفنةٍ من الأصوات تريدون تأمينَها في منطقتكم هنا أو هناك في تغطية مجرمين، أقول لكم إنّ الإجرام سيَصل إلى منازلكم، وكلّ مَن يغطّي المجرمَ مجرمٌ».

وكان الراعي دعا مِن إهدن إلى «وقفة ضمير أمام مكوِّنات هويتِنا ووجداننا التاريخي». مشيراً إلى أنّه «لم يعُد مقبولاً واقع مؤسّساتنا الدستورية، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية المحكوم عليها بالفراغ منذ سنة وشهرَين، وبالتالي واقع المجلس النيابي المعطَّل، ومجلس الوزراء المتعثِّر والمهدَّد بالتعطيل، وفي واقع المؤسسات العامّة، وواقع الفلتان والفوضى على كلّ صعيد».

معركة رئاسة «التيار»

على صعيد آخر، بدا أمس أنّ معركة انتخابات رئاسة «التيار الوطني الحر» قد انطلقَت باكراً قبل موعدها المحدّد في 20 أيلول المقبل، عِلماً أنّ موعد فتح باب الترشيح لها هو 20 آب الجاري.

باسيل

وفي هذا الإطار، زار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمس الأوّل دار بعشتار وأميون في قضاء الكورة. وأكّد «أنّنا مع الشراكة، ونحن مشاركون ولكنّنا مِن المؤسسين، وقد تشارَكنا في هذا التأسيس مع غيرنا.

نحن نطالب بالشراكة ضمن الأصول التي ينصّ عليها الدستور وتقوم على الأحجام وضرورة تمثيل هذه الأحجام في الاستحقاقات الدستورية «. واعتبَر أنّ «الفرصة لا تزال سانحة للعودة عن الخطأ وبيَدِهم أن يعطّلوا عملَ الحكومة وأيضاً بيَدهم أن يصَحّحوا بالعودة إلى الحكومة وإلى إنتاجيتها».

آلان عون

مِن جهته، جالَ عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون أمس على قريتَي دِبل ورميش الحدوديتين في الجنوب، حيث التقى أهالي المنطقة وفاعلياتها.

وأكّد عون لـ«الجمهورية»، ردّاً على سؤال، «أنّ معركة انتخابات التيار بدأت، ونتمنّى أن تكون معركة ديموقراطية وأن تجري بكلّ روح تنافسية ورياضية، هذه تمنّياتنا، ولكن سنرى الوقائعَ كيف ستكون».

وأوضح أنّ جولته «لا ترتبط فقط بالانتخابات الحزبية، على الرغم من حصول لقاءات مع الحزبيين، إنّما النيّة للقيام بها وبجولات مناطقية كانت موجودة في الأساس وستَفتح الباب أمام جولات عدّة في كلّ المناطق، وكانت مناسبة لتأكيد اهتمام «التكتّل» بالمنطقة، وهو اهتمام ليس قائماً على مصلحة انتخابية، بل الاهتمام بناسِها وأهلِها، و«التكتّل» معنيّ بجميع المسيحيين في مناطق انتشارهم في لبنان. فالتيّار رسالتُه وطنية وليست مناطقية محدودة».

نعيم عون

بدَوره، جالَ القيادي في «التيار الوطني الحر» نعيم عون، أحد أبرز المطالبين بتطبيق «نظام ديموقراطي» في التيار، على مدى يومين، على قرى عكّارية عدّة، شارحاً خلالَ جولته أسبابَ الخلاف على النظام الداخلي بين نهجٍ يريد مِن رئيس التيار أن يكون مطلقَ الصلاحيات، وبين نهج يريد تطبيقَ أبسطِ قواعد الديموقراطية، ألَا وهي مشاركة المكتب السياسي في القرارات عبرَ التصويت».

وتَجدر الإشارة إلى أنّ نعيم عون الذي يَجول والنائب ألان عون الأسبوع المقبل على منطقة بعلبك ـ الهرمل يَدعم بشدّة التوَجّه المناوئ لسياسة باسيل في التيار.