IMLebanon

 سلام يدعو إلى جلسة قرارات الخميس… والمبادرات مُجمّدة

 

فيما يغرَق لبنان بأزماته، بدءاً بالأزمة الرئاسية المستمرّة، مروراً بالأزمة التشريعية، وصولاً آخراً وليس أخيراً إلى أزمة النفايات العصيّة على الحلّ حتى الآن على رغم تردّداتها البيئية والصحّية، إضافةً إلى أزمة الرواتب والقروض والهِبات التي تلوح في الأفق جرّاء عدم انعقاد مجلس الوزراء، ظلَّ المأزَق الحكوميّ على حاله، في انتظار مساعٍ توافقية لم تنطلِق بعد. ولكنْ في ظلّ انعدام المبادرات والحلول للأزمات الماثلة طرَأ جديدٌ أمس، تَمثَّلَ في أنّ رئيس الحكومة تمّام سلام سيَدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل تُتَّخَذ فيها قرارات تتوخّى حَلحلةً في هذه الأزمات. فيما بدأ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يتلقّى مناشدات ومطالبات بإطلاق مبادرات لإخراج البلاد من المأزق القائم. لكنْ فُهِم مِن أوساطه أنّه لا يَنوي إطلاقَ أيّ مبادرة، أقلّه حاليّاً، وفي حال أراد المبادرة فإنّه لن يفعلَ إلّا إذا أيقنَ أنّها ستُحقّق الأهداف المرجوّة منها.

كرّرَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام زوّاره ليلَ أمس أنْ «لا أحدَ ضدّ لبنان أكثر من اللبنانيين المقيمين فيه». مشيراً إلى أنّه صارَحَ وفداً اغترابياً زارَه، بأنّهم هُم الأكثر محبّةً للبلد وحِرصاً عليه، لأنّه بمثابة دِينٍ بالنسبة إليهم، مع العِلم أنّ في إمكانهم أن يبنوا قصوراً بعيداً عنه، لكنّهم لا يفعلون لأنّهم متعلّقون به، ومرجعُهم دوماً إليه.

وذكر برّي أنّ السفير الفرنسي الجديد إيمانويل بون نقلَ إليه دعوةً رسمية لزيارة فرنسا، فأكّد له أنّه يلبّيها إذا وجَد أنّ الزيارة ستكون منتِجة لمصلحة حلّ الأزمة التي يمرّ بها لبنان.

مصادر ديبلوماسية

وقالت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية»: «إنّ الاتّكال أو الرهان على أيّ تحرّك إقليمي أو دولي يتّصل بالوضع في لبنان ليس أوانه، خصوصاً عندما يتّصل بالإستحقاقات الداخلية الرئاسية أو القضايا التي تدور حولها الخلافات اللبنانية».

ولفتت المصادر إلى أنّ الطريق نحو تزخيم الحوارات الإقليمية مقفَل حتى الآن، خصوصاً على خط الرياض ـ طهران، وأنّ الاتصالات الهادفة الى لملَملة الوضع وإحياء الحوار بينهما لم تتناوَل الوضع في لبنان إلّا مِن باب حمايته من أيّ ضربات أمنية أو عسكرية خارجية، أو السعي الى نقلِ الفتنة السورية إليه، وأنّ كلّ ما يتّصل بتركيبة السلطة السياسية والحكومية والمؤسسات كان ولا يزال على عاتق اللبنانيين».

وعليه، أكّدَت المصادر «أنّ الملف السوري ما زال في صدارة الاهتمامات، وهو ما يشغل جانباً مهمّاً من الاتصالات الجارية على أكثر من مستوى منذ الاتفاق حول الملفّ النووي الإيراني، وإنْ جَنى لبنان من هذه الاتصالات أيّ إنجاز فقد يكون متّصِلاً بقضية اللاجئين السوريين، عِلماً أنّ هناك نقصاً هائلاً في الأموال المخصّصة لمساعدتهم، كما أنّ المجتمعات اللبنانية المضيفة ستُظهر مفاعيله السلبية في وقتٍ قريب، وهو أمرٌ باتَ المعنيون في لبنان يعرفونه بأدقّ التفاصيل».

«8 آذار»

بدورها، أكّدَت مصادر سياسية مطّلعة في فريق 8 آذار لـ«الجمهورية» أنّ «زمن الحلول السياسية للأزمة اللبنانية لا يزال بعيداً». وقالت: «إنّ عودة الحديث عن تفعيل الحكومة وإعادة فتح أبواب المجلس النيابي هي انعكاس لِما تلقّاه بعض المسؤولين الكبار أخيراً من معلومات تفيد أنّ الواقع الإقليمي لا يزال في مرحلة صِدام وليس في مرحلة إنتاج الحلول».

وفي موازاة هذه الأجواء التي كشفَها عدد من الديبلوماسيين الذين جالوا على المسؤولين اللبنانيين في الأيام الماضية، لم تَظهر أيّ إشارات لمبادرة قابلة للحياة، سواءٌ تلك التي أطلقَها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، أو تلك التي يعمل عليها وسَطاء محَلّيون يتمتّعون بصفة «سُعاة الخير»، وإنّ الأجواء لا توحي بتغييرات جذرية على الساحة الداخلية.

وإلى السراي الحكومي الذي بلغَته هذه الأجواء أكّدَت أوساطه لـ«الجمهورية» أن «لا جديد على الإطلاق، وأنّ حركة المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة تمام سلام ما تزال تدور على نفسها، فلقاؤه مع وزير المال علي حسن خليل أمس تناولَ التطورات والاستحقاقات المالية التي سيواجهها لبنان في الأسابيع المقبلة من دون أيّ أفق يوحي بمخرجٍ ما قابلٍ للتطبيق،

كذلك بالنسبة إلى الحديث عن جلسات تشريعية لمجلس النواب الذي سيَدخل في أوّل يوم ثلثاء بعد 15 تشرين الأوّل المقبل الدورة العادية، وسط خِلاف على تفسيرها بين قائل إنّها الدورة العادية التي تُفتتح في النصف الثاني منه ولا تفسير تشريعياً لها، في اعتبار أنّ هناك مَن يقول إنّ المجلس هيئة ناخبة دائمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ حصول الشغور الرئاسي في 25 أيار العام الماضي، وأنّ الحديث عن دورة عادية أو استثنائية لا معنى دستورياً له.

ولفتَت المصادر إلى أنّ لقاءَ سلام مع وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس تناولَ الوضعَ الأمني في البلاد والجرائمَ المرتكَبة والمساعيَ الجارية لمواجهة أزمة النفايات التي تفاقمَت نتيجة تأجيل فضّ العروض الماليّة المتصلة بمناقصة النفايات لبيروت وضواحيها، ما أوحى بتدخّلات يمكن أن تحسمَ المناقصة لمصلحة هذه الشركة دون تلك، جرّاء «التقويم الملغوم»، على حدّ قول أحد أعضاء اللجنة الوزارية الذي لم يفهم أن يُرتكبَ خطأ التقويم في هذا التوقيت بالذات، آمِلاً في أن لا تكونَ الخلافات بين الشَركات الإستشارية صدىً لتدخّلات سياسية داخلية ولا معنى إداريّاً أو مالياً لها.

وعليه، توقّعَت المصادر أن تظهرَ موجة الآثار السلبية للنفايات في مهلةٍ أقصاها نهاية الأسبوع الجاري، لتعودَ النفايات وتغمرَ الشوارع في موعد يسبق فضّ العروض المؤجّل إلى الثلثاء المقبل بأيام.

درباس

في هذا الوقت، توَقّعَ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الجمهورية» أن تُعقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل وأن تبحث في حال انعقادها في أربعة ملفّات: الرواتب، النفايات، الهبات والقروض.

وعن إعلان تكتّل «التغيير والإصلاح» في بيانه الأخير أنّه لن يمرّ عملٌ أو قرار قبل العودة إلى إرساء قواعد «التشاركية الكاملة والفعلية»، قال درباس: «هذا معناه أنّنا سنقول: لا رواتب ولا هبات ولا قروض ولا حلّ للنفايات، وهذا يعني أنّنا أمام طريق مسدود».

وأضاف: «إنّ موقف رئيس الحكومة يعَبّر عن أمرَين: الأوّل أنّه جاهز للتجاوب عندما يجد تجاوباً، وفي الوقت نفسِه امتناعه عن دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد حتى اليوم يُعَدّ نوعاً من الاحتجاج الصامت على التعقيدات الحاصلة، وهو أحد الإجراءات التي لديه. أمّا الأمر الثاني فهو تحديد جلسة إذا استطعنا تمريرَ هذه القضايا، وإلّا فيمكن أن يذهب إلى مصارحة الرأي العام بحقيقة الأمور كما هي».

أبوفاعور

وفي المواقف، اعتبَر وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور «أنّ الأمور لم تعُد تتحمّل المراوحة، وقد تجاوزنا الخط الأحمر وبتنا في دائرة الخطر على كلّ الصُعد المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. لذلك آنَ الأوان لحسمِِ ما، وأعتقد أنّ رئيس الحكومة تمام سلام يتّجه إلى أمرٍ كهذا، لا أعرف ما هو القرار الذي يمكن أن يتّخذه، ولكن أيّ قرار سيتّخذه سيلاقي كلّ الدعم من اللقاء الديموقراطي».

وعمّا إذا كان الاتجاه لعقدِ جلسات فورَ اكتمال نصاب الثلثين وبغَضّ النظر عمّن هو الغائب، قال أبو فاعور: «إذا كان لدى الرئيس سلام هذا التوَجّه، ونتمنّى أن يكون لديه، فهو سيَلقى من النائب وليد جنبلاط كلّ الدعم، لأنّ حال المراوحة الحاليّة والتعطيل والشَلل الذي لم يعُد شًللاً سياسياً ومؤسساتياً فحسب، بل أصبح يطاول حياة اللبنانيين، هذه الحال لا يمكن أن تستمر، نحن نحتاج الى حسمٍ ما ليس على قاعدة التحدّي والاستفزاز، إمَّا هناك حكومة تتحمّل مسؤولياتها وتتولّى أعباءَها أمام اللبنانيين وإمّا ليس هناك حكومة».

«الوفاء للمقاومة»

في هذا الوقت، جدّدَت كتلة «الوفاء للمقاومة» دعوتَها تيار»المستقبل» إلى الكفّ عن الهروب من التواصل والحوار مع «التيار الوطني الحر»، وأعلنَت تشجيعَها ودعمَها «كلّ مسعى وطني يَحظى بتوافقِ مختلف المكوّنات لتأمين استمرارية عمل الحكومة والمجلس النيابي ولتنشيط مناخ الحوار المسؤول وصولاً إلى ملء الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية».

التسليح الفرنسي

من جهة ثانية علمَت «الجمهورية» أنّ وفداً فرنسياً يَزور لبنان حالياً ويَعقد سلسلة اجتماعات بعيداً من الأضواء مع المعنيين لمتابعة موضوع تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة المنصوص عنها ضمن الهِبة السعودية.

وكان السفير الفرنسي ايمانويل بون أعلنَ إثر لقائه وزيرَ الخارجية جبران باسيل أمس أنّ لدى بلاده «برنامجاً واعداً وذا أسُس لتجهيز الجيش اللبناني، ما يَسمح له بإنجاز كلّ مهمّاته في كلّ المجالات»، وأكّد «أنّ هذا البرنامج مستمر في ظلّ أفضل الظروف، كما تمَّ الاتفاق بين السلطات السعودية والفرنسية واللبنانية معاً، وإنّ هذا التزامٌ قويّ مِن الدوَل الثلاث لتطبيق البرنامج كاملاً».

وقالت مصادر عسكرية لـ«الجمهورية» إنّ الأمور تسير بسَلاسة، وإنّ الجيش اللبناني وبَعد إكمال صفقةِ الـ 3 مليارات دولار، سيؤمّن تجديداً لأسلحته بنحوٍ يَكفيه لعقود، وهذا الأمر شبيه بصفقة الأسلحة الأميركية التي حصل عليها في الثمانينات وأمَّنَت له تجديداً لعديده، لا يزال سارياً حتى الآن».

وكان السفير الفرنسي الذي زار برّي منذ ثلاثة أيام، ورئيسَ الحكومة ووزيرَ الخارجية جبران باسيل أمس، أشاد بجهود سلام «من أجل تحريك عمل الحكومة ومؤسسات الدولة».

وأكّد مجدّداً التزامَ بلاده الثابت والدائم من أجل وحدة لبنان وأمنِه واستقراره وازدهاره، والذي يترجَم من خلال ثلاث أولويات: القيام بدور محرّك على المستوى الدولي لتسهيل حلٍّ للأزمة السياسية في لبنان وتعطيل المؤسسات، مع الاحترام الكامل لسيادة لبنان، ودعم أمن لبنان والمؤسسات العسكرية والأمنية، كذلك دعم لبنان في مواجهة تداعيات الأزمة السورية، لا سيّما مسألة اللاجئين السوريين».

الأسير

وعلى صعيد التحقيق مع الموقوف أحمد الأسير، قالت مصادر قضائية لـ»الجمهورية» إنّ هذا التحقيق يَجري بإشراف القضاء، وكشفَت أنّ الأسير أصَرَّ خلاله على التأكيد أنّه لم يُصدر أيّ توجيهات لأنصاره لاستهداف الجيش، إنّما أوعزَ فقط لمواجهة «سرايا المقاومة».

ونفَت المصادر عِلمَها بتعرّض الأسير لأيّ تعذيب، وأكّدَت «أنّ أيّ توقيفات محتملة ستكون محصورة بأحداث عبرا وبحنين، وذلك بعيداً عن أيّ ملاحقات لا علاقة لها بهذه الملفّات».

وكشفَت «أنّ التحقيق مع الأسير يتمحور حول معرفة هوية المموّلين الذين هُم على الأرجح أفراد، لا جماعات، وكانوا يموّلونهم لتنظيمِ حركته، ولم يَعلم بعد ما إذا كانت هناك جهات خارجية موَّلَته».