IMLebanon

أصداء التأزم الإقليمي تتردَّد لبنانيا ً وبدء العدّ العكسي لأسبوع الحسم

طغى الوضع السوري على كل ما عداه من تطورات وأحداث، حيث إنّ الدخول الروسي أدّى إلى تدويل هذه الأزمة التي شَغلت العالم مجدداً في الأسابيع الأخيرة. وقد أثارت الغارات الروسية موجةً من ردود الفعل الغربية والعربية المندّدة بتوسيع رقعة هذه الغارات التي شملت مواقع للمعارضة السورية وليس فقط «داعش». ومن الصعوبة بمكان أن يبقى لبنان بمنأى عن هذا التصعيد السوري، خصوصاً أنّ محور الممانعة أعاد التقاط أنفاسه، ويعتبر أنّ ما يحصل يخدم أهدافه، وبالتالي أعاد رفعَ سقف شروطه ربطاً بالتطورات المستجدّة، علماً أنّ هذه التطورات ستؤدي، وفق ديبلوماسي عربي، إلى إطالة أمد الأزمة السورية، لا العكس. وفي موازاة التصعيد السوري التي انتقلت رياحه إلى لبنان، شكّلت حادثة الحجّاج في منى النقطة التي أفاضت الكأس بين الرياض وطهران، فارتفع منسوب التصعيد بينهما مجدداً. فما بين المشهد السوري، والمشهد السعودي-الإيراني، تعقّدت التسوية التي كان يُعمل عليها في لبنان، ولكن إذا كانت هذه التطورات قد أدّت إلى تجميد التسوية، فهذا لا يعني أنّ الاتصالات مجمّدة من أجل إعادة تحريكها وسط تصعيد في المواقف السياسية، كان من أبرزها ما قاله نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «نحن اليوم على أبواب انهيار الحكومة اللبنانية، لأنّ كلّ التسويات التي اقتُرحت من أجل معالجة عدم اجتماع الحكومة اللبنانية رفضَها فريق 14 آذار مرّةً مجتمعاً وأخرى متفرّقاً بتوزيع الأدوار».

التصعيد سيّد الموقف في المنطقة، والكل متّفق على أنّ سوريا دخلت في مرحلة جديدة، بمعزل عمّا ستؤول إليه هذه المرحلة، والتحدّي الأساس يكمن في إبقاء لبنان بمنأى عن التداعيات السورية القديمة-الجديدة.

وفي هذا السياق قال قياديّ بارز يعمل على خط التسوية الحكومية لـ«الجمهورية» إنّ «مِن مساوئ التوتر في لبنان اليوم أنّه يتقاطع مع تصعيد كبير خارجي، الأمر الذي يوفّر بيئة حاضنة لهذا التصعيد، ويعرّض الاستقرار اللبناني للخطر».

وأشار القيادي إلى أنّ الحلّ الوحيد لإبعاد نيران المنطقة هو في تحصين الوضع السياسي، وبالتالي لا مهرب من التسوية التي تعيد انتظام الحياة السياسية بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

تصعيد الشارع

وتخوّفت أوساط سياسية من أن يؤدي التصعيد والتعطيل السياسيين إلى عودة التظاهرات في الشارع من باب فشل السلطة في تنفيذ خطة النفايات، ودخولها في صراعات لا طائل منها، وقالت لـ«الجمهورية» إنّه بعد تأجيل جلسة مجلس الوزراء إلى أجل غير معروف، لا يفترَض استبعاد أن يعمد رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تأجيل الحوار المزمَع عقده في 6 و7 و8، لأنّ ظروف إنجاحه غير متوافرة، ومن هنا الساعات المقبلة مصيرية لتحديد الاتجاه الذي يمكن ان ترسو عليه الأمور.

أسبوع الحسم

وتوقّعت الأوساط أن يشكّل الأسبوع الطالع أسبوع الحسم، فإمّا أن تتحلحل الأمور، وإمّا أن تتعقّد ويدخل لبنان في مرحلة من التصعيد السياسي. فمعالم التسوية ستتظهّر الأسبوع المقبل إذا كان هناك من فرص جدّية لإنجاح هذه التسوية، وبالتالي الحكومة والحوار معلّقان على نتائج الاتصالات القائمة على قدم وساق.

وفي الوقت الذي دخلت على خط المعالجات أكثر من جهة ديبلوماسية حرصاً على الاستقرار، إلّا أنّ البارز تأكيد هذه الجهات أنّ حرصها على الاستقرار لا يعني إطلاقاً تغطية أيّ قرار أو تسوية تمسّ بالجيش اللبناني وهيبته ودوره، خصوصاً في ظل التعويل الكبير عليه دولياً وداخلياً لإبقاء الوضع اللبناني مستقراً.

نصيحة برّي لسلام

وفي ظل هذه الأجواء التي عاشتها الساحة اللبنانية، علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام تلقّى اتصالاً مطوّلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري هنّأه فيه بسلامة العودة من نيويورك وجرى نقاش مستفيض حول كلّ التطورات. وتداوَلا في نتائج الإتصالات التي أجراها بري مع القيادات السياسية التي هدفت الى تسوية ملف الترقيات وما آلت اليه الجهود التي بُذلت لفتح الطريق الى إحياء العمل الحكومي.

وتمنّى بري على سلام التريّث في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء في هذه الأجواء غير المستقرّة بانتظار المزيد من المساعي المبذولة على أكثر من مستوى.

ولم يحسم بري ردّاً على سؤال سلام ما يمكن ان تكون عليه الأجواء المحيطة بمصير دعوته السابقة الى سلسلة جلسات الحوار في السادس والسابع والثامن من الشهر الجاري في ساحة النجمة في ضوء مواقف رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الأخيرة، معتبراً أنّ المواقف النهائية منها لم تتوضّح بعد بانتظار المزيد من الإتصالات التي لن تتوقف حتى اللحظات الأخيرة الفاصلة عن الموعد المحدّد.

وفي جانب من اللقاء استعرض بري وسلام نتائج المساعي الجارية من أجل حلّ مسألة النفايات وتأمين انطلاق خطة العمل التي أقرّها مجلس الوزراء. وأبدى رئيس مجلس النواب استعداده لأيّ جهد في سبيل تسهيل انطلاق هذه الورشة بمرحلتَيها الأوّلية والمستدامة، وجدّد إبلاغه بموقفه الذي أطلع عليه وزير الزراعة اكرم شهيّب بأنّه «لن يكون هناك أيّ ملف، لا تعيينات ولا جلسة ولا عمل لمجلس الوزراء، قبل حلّ هذا الملف حلّاً كاملاً وجذرياً».

هيل

وفي غمرة الحديث عن الترقيات ورفض التسويات على حساب المؤسسة العسكرية، جدّدت واشنطن موقفها الداعم للجيش اللبناني. وقال السفير الاميركي دايفيد هيل إنّ بلاده «تؤمن بأنّ الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي لديها الشرعية والتفويض للدفاع عن البلد وشعبه، ومن أجل القيام بمهمته يجب أن تكون لديه المعدّات والتدريب اللازم».

وأعلن أنّ المبلغ الاساسي للمساعدات الاميركية العسكرية التي نقدّمها الى الجيش اللبناني سيكون أكثر من مضاعف هذا العام مقارنةً بالعام الماضي، لافتاً الى أنّ الولايات المتحدة تخصّص 150 مليون دولار من أموال المساعدات الاميركية للجيش للعام المقبل…. بالإضافة إلى 59 مليون دولار للمساعدات الأمنية الحدودية للجيش التي كانت قد أعلنت عنها الاسبوع الماضي».

إلّا أنّ هيل لفت الى أنّ الدعم والمساعدة الدوليين يمكن أن يتوصّلا فقط الى مكان محدود، وأن ليس هناك من بديل عن قيادة سياسية حقيقية من داخل لبنان». وأمل في «أن نرى إجراءات حازمة من زعماء لبنان لحلّ المأزق السياسي من خلال انتخاب رئيس من دون مزيد من التأخير، بحيث تتمكّن مؤسسات الحكم من الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتوفير خدمات فعّالة».

الحزب

وحمّلَ «حزب الله» فريق 14 آذار مسؤولية تعطيل الدولة ومنع الحلول في لبنان بدءًا برئاسة الجمهورية ومرورًا بمجلس النواب ثمّ بمجلس الوزراء». وقال نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «نحن اليوم على أبواب انهيار الحكومة اللبنانية، لأنّ كلّ التسويات التي اقتُرحت من أجل معالجة عدم اجتماع الحكومة اللبنانية رفضَها فريق 14 آذار مرّةً مجتمعًا وأخرى متفرّقًا بتوزيع الأدوار، فهل يبقى بلد بهذه الطريقة، عليكم أن تتجاوبوا مع التسويات التي شاركتم فيها من أجل أن تبقى الحكومة ونفكّر كيف نحيي مجلس النواب وكيف نحلّ مشكلة الرئاسة».

وحدّد طريقين للحل في لبنان: الأوّل إمّا أن يتفق الأطراف على معالجات جزئية تنقلنا من حال إلى حال أفضل، فنعالج مشكلة الحكومة لتبدأ بالاجتماعات، ثمّ نعالج مشكلة مجلس النواب ليعقد بعض الاجتماعات، ثمّ نناقش معًا مسألة رئاسة الجمهورية لنصل إلى اتفاقات حول الموضوع فنجزّئ المشاكل ونعالج ما نستطيع حتى نسيّر البلد.

والطريق الثاني: إنتاج السلطة من خلال انتخابات نيابية تغيّر كلّ الوجوه التي رأيناها ونراها، على أن يكون الانتخاب وفق قانون النسبية، بهذه الطريقة يختار الشعب الممثلين ويكون الاختيار صحيحًا، لأنّ الناس سيختارون بملء إرادتهم لا بواسطة المال والسيطرة وزعماء الطوائف ولا من خلال إلغاء أدوار كلّ الذين لا يملكون الأكثرية، وبهذا يأتي مجلس نيابي جديد وتكون الدورة قائمة من أجل الانتخابات للاختيارات المختلفة».

فتفت

واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت كلامَ قاسم بأنّه تهديد واضح، وقال لـ«الجمهورية»: «بصراحة، الحكومة هي في مرحلة تصريف اعمال، لا تفعل شيئاً، فبماذا يهدّد؟

ثمّ للأسف، إنّه يقول كلاماً يجافي الحقيقة كثيراً وكلاماً لا أساس له من الصحّة، لأنّ مَن يطيّر التوافقات هو مَن سرّب الى جريدة قريبة من الحزب، فبالتالي ليسألْ نفسَه أين المشكلة، بالإضافة إلى أنّه يقول الشيء ويرفضه، فعندما دخلنا إلى الحوار معه كان ذلك على أساس التحاور بموضوعين: تخفيف الاحتقان السنّي ـ الشيعي، ورئاسة الجمهورية، وإذ بنا نسمع النائب علي فياض يقول في مجلس النواب يوم الاربعاء: نحن مستعدّون لننتخب إذا وافق الجميع على مرشّحنا عون.

إنّ الحزب يحاول فرضَ ديكتاتورية، وهو لا يؤمن بالديموقراطية، يستقوي بالسلاح ويستعمله في عملياته السياسية كما استعمله في 7 أيار وفي سوريا، والآن يعتبر أنّ لديه فائضاً من القوة وغير مبالٍ. يعطّل مجلس النواب ويعطّل الحكومة. أصلاً بدعة تعطيل المؤسسات هو من اخترعها في كانون الاوّل 2006 عندما أقفلَ مجلسَ النواب أمام أكثرية نيابية.

واستبعد فتفت ان تبصر التسوية المتعلقة بالترقيات العسكرية النور، واتّهم«حزب الله» بأنه هو من خرّبها لأنّه يعتبر نفسَه أنّه لم يعُد معنياً بها وأنه يرى الامور في سوريا تذهب لمصلحته بشكل أو بآخر، وينتظر التطورات بعد الدخول الروسي، فأرسَل الى إحدى الصحف الموالية له الصيغة لنسفِها، ثمّ إنّ الرئيس فؤاد السنيورة أوضَح أنّ بند مدير عام قوى الامن الداخلي غير موجود في التسوية، فلماذا يتّهمون «المستقبل» بتطييرها؟

وأكد فتفت انّ «المستقبل» ملتزم بأيّ تسوية تؤمّن الاستقرار وتعيد تفعيل عمل المؤسسات، وتحديداً مجلس الوزراء، وفق الاصول الدستورية، مشدّداً على انّ موقف تيار «المستقبل» واحد، والجميع ملتزم بما يقرّره الرئيس سعد الحريري، صحيح أنّ هناك آراء عدّة لكن في النهاية الموقف سيكون موحّداً».

وهل برأيه أنّ تلويح عون بوَقف المشاركة في الحوار سينسحب ايضاً على وقف المشاركة في جلسات مجلس الوزراء؟ أجاب فتفت: جلسات الحكومة معطّلة، والناس يريدون أن تكون الحكومة فاعلة وتأخذ قرارات، لأنّها غير واثقة من هذا الحوار، وترى كأنّه شراء وقت.

ما يَعنينا هو أن تكون الحكومة فاعلة، فلا يهدّدنا أحد بتطييرها كونها حكومة توافقية، ومَن يعتقد انّ تطييرها سيشكّل خسارةً لنا فهو مخطئ كثيراً، ونحن نعتبر أنّ الحكومة مهمة لاستقرار البلد، لكن إذا كانت ستؤدّي إلى ابتزاز البلد فنحن غير معنيين بها.

النفايات

وترأسَ سلام اجتماعاً حضرَه وزيرا الزراعة أكرم شهيب والداخلية نهاد المشنوق ورئيس مجلس الإنماء والإعمار ومجموعة من الإستشاريين والقانونيين والخبراء ومتعهّدي العمل على المواقع.

وبعد الاجتماع قال شهيّب إنّ الاجتماعات ستبقى مفتوحة، وإنّ سلام طلب اعتماد كلّ الإجراءات الفنّية والقانونية والإدارية السريعة التي لها علاقة بتنفيذ الخطة فوراً.

وأكد بأنّه من «واجباتنا إنشاء المطامر الصحية مكان المكبّات العشوائية الموجودة الآن. فهذا قرار نهائي وهو واجب على الحكومة اللبنانية، وأنا أتوجّه بكلامي إلى أهلنا في عكار والبقاع، إنّ هذا الأمر سيتمّ لصالح احتياجاتهم، علماً بأنّ المطامر الصحية هي نموذج إنمائي تحتاجه كلّ منطقة مكان المكبّات العشوائية. وكلّ هذه الخطوات ودقائق تنفيذ هذه الخطة تمّت وستتمّ بالتشاور مع الشركاء في وضع الخطة والفعاليات والأهالي».

المعركة مستمرّة

وفي سياق متصل، أكد الحراك المدني أنّ المعركة مستمرة لتنفيذ المطالب، ودعا جميع اللبنانيين الى التجمّع عند الساعة السادسة مساء الخميس في الثامن من الشهر الحالي في ساحة الشهداء، مطالباً بـ«إيجاد حلّ طارئ ومستدام لأزمة النفايات».

وطالبَ الحراك في بيانه بـ»تحويل أموال البلديات المستحقة فوراً ومن دون أيّ اقتطاع، ووقفِ جميع عقود شركة «سوكلين» واستخدام القدرات التقنية والبشرية للشركة لضمان استمرارية المرفق العام حتى إيجاد البديل من خلال إعلان فوري لمناقصات شفّافة، واعتماد سياسات الفرز من المصدر، والتخفيف والاسترداد من اليوم الأول، وإن كان تطبيقها تدريجياً، وتشغيل معامل الفرز فوراً، والتخلّي عن سياسات الطمر واعتماد خطة متكاملة تلحظ بوضوح أنّ الطمر هو آخر الحلول».