IMLebanon

3 ثوابت سعودية… والحوار اليوم للرئاسة وتفعيل الحكومة

إنشغلَ العالم أمس بالتوتّر الروسي ـ التركي الناجم من إسقاط تركيا طائرة «سوخوي ـ 24» روسيّة قرب حدودها فوق الأراضي السورية وتحذير موسكو أنقرة من التداعيات الوخيمة لهذا الحادث. وفي انتظار تبلوُر طبيعة الرد الروسي على هذا التطوّر العسكري، والتي قد تُدخل المنطقة ولبنان معه في مرحلة جديدة، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ «الجمهورية» أنّ موسكو نشرَت بحراً وبرّاً منظومات صواريخ «إس ـ 300 « للتصدّي لأيّ طيران حربي يمكن أن يخترق الأجواء السوريّة، في الوقت الذي يُنتظر أن تتصاعد الغارات الجوّية الروسية على حدود سوريا الشمالية مستهدفةً مواقع مختلف فصائل المعارضة المسلّحة في محاولةٍ لإقفال هذه الحدود والسيطرة عليها نهائياً.

ظلّ «اللقاء الباريسي» غير المعلن بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في مقدّمة الاهتمامات السياسية، وشغلَ الحلفاء والخصوم معاً لمعرفة ما انتهى إليه في ظلّ فيض من التحليلات والتكهّنات حول أبعاده وأهدافه والخلفيات. كشف ديبلوماسي رفيع لـ«الجمهورية» أنّ المملكة العربية السعودية «لم تكن على عِلم باللقاء الذي حصَل بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية».

وأكّد «أنّ الرياض حريصة على الوضع المسيحي في لبنان، ولن توافق على أيّ تسمية تخالف رأيَ القوى الأساسية داخل البيئة المسيحية، وخصوصاً الدكتور سمير جعجع، وذلك في استعادة لممارسات النظام السوري الذي كان يعمل على قهر المسيحيّين».

وقال هذا الديبلوماسي: «إنّ الرياض لا تحَبّذ التدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ولكنّها تحرص على ثلاث ثوابت أساسية تنقلها إلى كلّ مَن يتشاور معها:

ـ الثابتة الأولى: الحفاظ على الاستقرار في لبنان، شرط أن لا يكون ثمن هذا الاستقرار التخلّي عن السيادة، إنّما التفاهم على تنظيم الخلاف ضمن المؤسسات الدستورية.

ـ الثابتة الثانية: الحفاظ على الستاتيكو في لبنان في انتظار معرفة ما ستؤول إليه تطوّرات الأزمة السورية، وبالتالي عدم الإقدام على أيّ خطوة من شأنها تعويم محور الممانعة على حساب القوى السيادية.

الثابتة الثالثة: الحفاظ على الوضع المسيحي وتقويته، ليس فقط كعامل توازن بين السنّة والشيعة، أو عنصر تلاقي مسيحي – إسلامي، بل لأنّ المكوّن المسيحي هو الأحرَص على البعد السيادي».

وانطلاقاً ممّا تقدّم، قال الديبلوماسي «إنّ الرياض تنصَح بانتخاب شخصية توافقية لرئاسة الجمهورية تستطيع مواكبة المرحلة الانتقالية في سوريا، فيما انتخاب أيّ شخصية من 8 و14 آذار قد يهدّد بانهيار الثوابت الثلاث المشار إليها أعلاه».

الحريري إلى الرياض

في غضون ذلك، انتقلَ الحريري من باريس إلى الرياض بعدما كان اجتمعَ فيها برئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، وتمّ التوافق خلال اللقاء «على أهمّية تعزيز مناخات الحوار الوطني، وتركيز كلّ جهد ممكن لإنهاء الشغور في موقع الرئاسة الأولى وانتظام العمل في المؤسسات الدستورية»، على حدّ بيان أصدرَه المكتب الإعلامي للحريري.

الحوار الوطني

وفي انتظار جلاء المشهد، تنعقد هيئة الحوار الوطني بين قادة الكتل النيابية في جلسة جديدة لها في عين التينة ظهر اليوم برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وبإدارته.

وسيشارك في الجلسة، إلى جانب بقيّة المتحاورين، رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط العائد من لقائه مع الحريري. فيما سيغيب الجميّل للمرّة الثالثة على التوالي «لأنّ لا شيء تغيّر على مستوى العمل الحكومي أو على أيّ مستوى آخر»، على حدّ قول مصادر كتائبية لـ«الجمهورية»، موضحةً أنّ الجميّل الذي ترَأس أمس اجتماعاً استثنائياً للمكتب السياسي الكتائبي فضّلَ عدمَ البحث خلاله في نتائج لقائه والحريري «مفضّلاً التكتّم حالياً في انتظار الوقت المناسب للكشف عمّا يدور في اللقاءات الباريسية». وأكّدت أن «لا كلام اليوم وكِل شي بوَقتو حلو».

برّي

وفي غضون ذلك قال بري أمام زوّاره أمس إنّ لقاء باريس بين الحريري وفرنجية «لم أكن على عِلم مسبَق به، وقد علمت به من الإعلام».

وتلقّى بري اتّصالاً من ابو فاعور الذي حضَر اللقاء في باريس بين الحريري وجنبلاط، وأبلغَ إليه أنّ الأخير سيزوره لإطلاعه على أجواء اللقاءات التي تشهدها العاصمة الفرنسية.

وعن علاقته باللقاء بين فرنجية والحريري، خصوصاً أنّ صديقه جيلبير شاغوري هو من هندسَه، قال بري: «جيلبير شاغوري صديقي وهو صديق فرنجية وعون، وهو مهتمّ بالاستحقاق الرئاسي، ولكنّني لم أعلم مسبَقاً بما حصَل».

وردّاً على سؤال حول طاولة الحوار التي ستنعقد في جلسة جديدة اليوم، قال برّي: «البند الأوّل من جدول أعمال الحوار لا يزال نفسه وهو رئاسة الجمهورية، لكنّني سأحاول التشديد على تفعيل الحكومة. وإنّ طاولة الحوار مستمرّة في عملها كالمعتاد».

الحوار الثنائي

ومع عودة وزير الداخلية نهاد المشنوق من دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي انتظار عودة السيّد نادر الحريري من الخارج، يُنتظر أن يتحدّد في الساعات المقبلة موعد جولة الحوار الـ 21 بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» في عين التينة.

الجسر

وسألت «الجمهورية» عضو «المستقبل» النائب سمير الجسر هل إنّ تيار«المستقبل» تبنّى رسمياً ترشيحَ فرنجية للرئاسة؟ فأجاب: «لم يعرض هذا الأمر علينا، فما جرى حتى الساعة ليس إلّا عبارة عن اتصالات جرت مع تيار «المردة» وهي ليست بجديدة أو خافية على أحد، وإنْ لم تكن هذه الاتصالات معمّقة، ولكنّها كانت قائمة من قبل، شأنها شأن الاتصالات التي يجريها «المستقبل» مع جميع الأطراف ومنهم «التيار الوطني الحر»، إنّما حتى الساعة لا شيء حاسماً بعد في هذا الإطار».

وعن ردّة الفعل الرافضة لفرنجية في بعض أوساط 14 آذار واتّهام هذا البعض «المستقبل» بـ«بَيع دماء» 14 آذار، قال الجسر: «على مهلُن شوَي علينا»، أعتقد أنّ أوراق التفاهم تجاوزَت كلّ الأمور وهي توضَع مع الجميع، ولا أعتبر ما يجري سلبياً، بل إنّه إيجابي، فلماذا مسموح لأحد أفرقاء 14 آذار وضعُ ورقة تفاهُم والقيام باتصالات، ويَمنع على غيره من إقامة تفاهم؟». وأضاف: «الموضوع يتطلّب بعض الهدوء، في الإجمال لم نقدِم على أيّ خطوة من دون أن نضع حلفاءَنا في الأجواء.

وهنا لا أتحدّث في موضوع محدّد، ثمّ أليست «القوات اللبنانية» مَن أقامَ ورقة تفاهم مع «التيار الوطني الحر» وتُحضّر لتفاهم مع الكتائب و«المردة»؟ لسنا حزينين لذلك، ولم يأخذ على خاطرنا، على العكس، نحن نشجّع حصول انفتاح بين كلّ الأطراف. وبدورنا نحن نضع حلفاءَنا في جو كلّ خطواتنا».

وهل سينتهي الشغور الرئاسي قريباً أم أنّ التسوية المَحكي عنها دونها عقبات؟ أجاب الجسر: «من الضرورة أن ينتهي الشغور ويصبح لنا رئيس. الجميع يدرك أنّ هذا الشغور مقتَل للبلد إذا ظلّ الوضع مستمرّاً على ما هو عليه، وفي نظرةٍ هادئة نرى أنّ الوضع متآكل سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ومهدّد مالياً. فهل ننتظر أن تهبط الخيمة على رؤوسنا؟». وقال: «جميعنا كنّا متحاربين ودخَلنا في السِلم الأهلي لنطوي الصفحة، يمكن أن أخسر قليلاً في مكان، لكن إذا ربحنا البلد هذا أفضل».

كتلة «المستقبل»

وكانت كتلة «المستقبل» النيابية عرضَت في اجتماعها الأسبوعي أمس «ما يقوم به الرئيس سعد الحريري من اتصالات مع أكثر من جهة سياسية لبنانية، وذلك في ضوء ما يجري في المنطقة من تطورات وتحوّلات ومواجهات خطيرة بعيدة الأثر، وكذلك بسبب الظروف العصيبة التي يمرّ بها لبنان على أكثر من صعيد سياسي وأمني ومعيشي، إضافةً إلى ما أدّى إليه تعطيل واحد وثلاثين جلسة من جلسات انتخاب رئيس الجمهورية لجهة عدم اكتمال النصاب وبالتالي عدم تمكُّن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية».

ورأت الكتلة «أنّ مجمل هذه التطوّرات تستدعي المبادرة لاتّخاذ خطوات إنقاذية، من أجل التوصّل إلى تسوية وطنية جامعة تحفَظ الميثاق الوطني وتحترم الدستور وتكرّس مرجعية اتّفاق الطائف وتعالج بدايةً أزمة الشغور الرئاسي بانتخاب رئيسٍ جديدٍ، يَحمي الدستور ويكون رمزَ وحدة الوطن، كما وتطلق هذه التسوية الوطنية الجامعة عملَ المؤسسات الدستورية، وتفعِّلُ عمل مجلس الوزراء والمجلس النيابي والمؤسسات الدستورية، وتضع حدّاً لتداعي الإدارات والمؤسسات العامّة، وتستعيد حصرية سلطة الدولة وهيبتها والسلاح الشرعي على كلّ الأراضي اللبنانية، وتؤمّن المظلّة السياسية والأمنية لحماية لبنان والنهوض باقتصاده الوطني وتوجِدُ حلولاً للأزمات المتعدّدة والمتراكمة».