IMLebanon

حراك وراء الكواليس والحريري لإحالة ســماحة الى العدلي

تراجع الاهتمام بالملفات الداخلية وأبرزها الملف الرئاسي العالق، أمام إعلان المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا موعد مؤتمر جنيف 3 في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، حيث ستبدأ المفاوضات بين وفدَي النظام والمعارضة السورية، والذي ستسبقه محطة بارزة تتمثل في لقاء الرئيس الايراني حسن روحاني قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس اليوم في الفاتيكان، قبل القمة الفرنسية ـ الايرانية المرتقبة بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الايراني غداً، والتي ستنعقد على وَقع رهانات لبنانية مقرونة بآمال البعض في أن تتمكن هذه القمة من تذليل العقبات من أمام الاستحقاق الرئاسي اللبناني.

فيما بدأت التحضيرات لجلسة الحوار الوطني المقررة غداً في عين التينة بين قادة الكتل النيابية، والتي ستواصل البحث في تفعيل عمل مجلس الوزراء الذي سيجتمع في اليوم التالي والذي سيتصدر جدول اعماله ملف إطلاق الوزير السابق ميشال سماحة، علمت «الجمهورية» أنّ قرار إحالة قضية سماحة الى المجلس العدلي بناء على طلب وزير العدل أشرف ريفي قد تبنّاه تيار «المستقبل» والرئيس سعد الحريري، وهناك اتصالات تجري داخل

«المستقبل» لاتخاذ موقف موحّد في جلسة مجلس الوزراء بعد غد والإصرار على هذا المطلب «لأنّ إطلاق سماحة هو قضية تمسّ العدالة وتهدد السلم الاهلي، ومن غير المسموح أن تبقى في يد المحكمة العسكرية خصوصاً بعد الاضطرابات التي أعقبت إطلاق سماحة في الشارع»، وفق مصادر 14 آذار.

الى ذلك، انعقدت مساء أمس جلسة الحوار الـ 23 بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» في مقر الرئاسة الثانية وحضرها المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة، صدر بيان مقتضب تضمّن الآتي: «تمّ بحث في النقاط الخلافية بين الاطراف وسبل معالجتها في اطار النقاش السياسي الهادئ والمسؤول، بما يحفظ ويعزّز السلم الاهلي. كذلك تمّ التفاهم على تفعيل عمل الحكومة وإعطاء الفرصة لمعالجة قضايا الناس».

سجال بري ـ جعجع

وكان سبق هذه الجلسة الحوارية سجال بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على خلفية سؤال بري الأخير: «ماذا يريدون من حزب الله؟ هل يريدونه ان يضع مسدساً او بندقية او صاروخاً في رأس سعد الحريري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية ونبيه بري، لينتخبوا مرشحاً بعينه؟ القصة ليست هكذا… والعلاقة بيننا كحلفاء ليست على هذا النحو». فردّ جعجع عليه قائلاً عبر «تويتر»: «إذاً، على أيّ أساس ميشال عون هو مرشّح 8 آذار؟».

ولم يتأخر ردّ بري على جعجع فأجابه سريعاً: «على ذات أسس ترشيحك من 14 آذار». فردّ جعجع عليه مجدداً، وقال: «ولكن يا دولة الرئيس أنا انسحبتُ لمصلحة العماد ميشال عون».

حراك وراء الكواليس

وفي ظل الحديث المتنامي عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 8 شباط شهدت عطلة نهاية الأسبوع حراكاً واسعاً بعيداً من الأضواء لم يكشف منه سوى القليل.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الحراك الذي يقوده الحريري لم يقتصر على اتصاله بفرنجية فحسب عقب اتصال تلقّاه من عون، بل انّ موفديه جالوا على عدد من القيادات السياسية والحزبية والنيابية، وأبرز ما بقي طي الكتمان يقف عند زيارة مستشاره النائب السابق غطاس خوري لبكفيا حيث عقد لقاء مطوّل مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل تركّز البحث خلاله على الاستحقاق الرئاسي والمواقف من الترشيحات الأخيرة.

«الكتائب» عند «الاحرار»

وكان الجميّل قال بعد زيارته رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون في السوديكو: «انّ جلسة 8 شباط امتحان كبير لكل الاحزاب، وعلى المرشحين ان يبرهنوا انهم يستحقون قيادة البلاد، فالناس في حاجة الى طَي صفحة التعطيل». وكرّر القول: «لا يمكن إلزامنا السير بأيّ مرشح لا نعرف اهدافه والى أين يريد أخذنا ولبنان، لذا نطلب توضيحات لكي نتخذ قرارنا بناء على ذلك».

مطر

وفي وقت يواصِل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته للفاتيكان، أكّد راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر لـ«الجمهوريّة» أنّ «لقاءات الراعي في الكرسي الرسولي كانت إيجابية جداً وغلبَ عليها طابع الارتياح».

ولفتَ الى أنّ «الفاتيكان يعتبر أنّ لقاء المصالحة المسيحية في معراب يساعد على إتمام الإستحقاق الرئاسي، إذ إنّ هاتين الخطوتين تكملان بعضهما بعضاً، خصوصاً أنّ الفاتيكان كان الداعم الأول لأيّ مصالحة بين المسيحيين ولكل مصالحة تحصل بين اللبنانيين جميعاً».

وقال مطر: «إنّ الموقف الفرنسي أيضاً يدعم المصالحة المسيحية التي حصلت بفِعل عوامل داخلية، والفرنسيون يعملون مع الفاتيكان على انتخاب رئيس ويتابعون هذا الأمر مع الإيرانيين خلال زيارة روحاني الى باريس». (راجع صفحة 8)

حوري

والى ذلك عَزا عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري لـ»الجمهورية» صمت «حزب الله» المستمرّ الى «رفضه إنجاز الاستحقاق الرئاسي، لأنه قرار إيراني يريد ان يستثمره إقليمياً لا ان يستثمره في الداخل، وعندما تسمح ايران بإجراء انتخابات رئاسية في لبنان لن تبيع هذا القرار الى أطراف لبنانية، بل ستبيعه الى أطراف إقليمية». وإذ أكد «انّ الجميع مطالبون بالمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس في 8 شباط»، رأى «انّ الأفق الرئاسي مسدود وفق المعطيات الراهنة».

سعيد

من جهته قال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ»الجمهورية»: «يتبيّن يوماً بعد يوم ان لا ترشيح النائب سليمان فرنجية ولا ترشيح العماد ميشال عون نجحا في نقل «حزب الله» من موقع معطّل للإستحقاق الرئاسي الى موقع المسهّل له، بل تصَرّفَ وكأنّ هذين الترشيحين لا يعنيانه، وبذلك يؤكد يوماً بعد يوم بأنه يعمل على ساعة سياسية إقليمية وليس على ساعة وطنية».

وأضاف سعيد: «انّ للحزب تراثاً في تعطيل كل الاستحقاقات منذ سنة 2005 وحتى اليوم، فقد عطّل إجراء الانتخابات النيابية في 2005 ولم يفرج عنها الّا بعد تسوية مع فريق 14 آذار، وعطّل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عندما طالبت بتوسيع صلاحيات لجنة التحقيق الدولية إثر اغتيال الشهيد جبران تويني، وعطّل حكومة السنيورة حتى 7 ايار 2009، كذلك عطّل الشأن اللبناني عبر اجتياحه بيروت وعطّل نتائج اتفاق الدوحة بعد انتخابات 2009، وهو الذي أسقط حكومة الرئيس سعد الحريري من بيروت ويعطّل اليوم ايضاً رئاسة الجمهورية.

وبالتالي، فإنّ «حزب الله» يعتبر انّ هذا النهج التعطيلي هو من ضمن خياره في التعاطي مع الدولة اللبنانية. امّا صمته فهو ناتج من انه وضعَ في جيبه اليمنى ترشيح فرنجية، وفي جيبه اليسرى ترشيح عون. وبالتالي، ليس مستعجلاً للإفراج عن استحقاق رئاسة الجمهورية».

هل تجمّد السعودية والإمارات الوديعتين؟!

ومن جهة ثانية، وفي ظل النقاش الدائر حول موقف لبنان الذي عبّر عنه وزير الخارجية جبران باسيل من الإعتداء الإيراني على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، كشفت مصادر سياسية وديبلوماسية لـ»الجمهورية» عن ترقّب لبناني لعقوبات سعودية وإماراتية قد يتعرّض لها لبنان في الأيام القليلة المقبلة.

وفي المعلومات المتداولة على نطاق ضيق انّ رَدّ الفعل السعودي لن يقف عند تجميد هِبة المليار السعودي الرابع الذي خصّص لتعزيز قدرات الأجهزة العسكرية والقوى الأمنية في مواجهة الإرهاب، وربما أعلنت في الساعات المقبلة عن تدابير أكثر تشدداً.

وتحدثت المعلومات عن لوائح إسمية بدأت هذه الدول بتجهيزها لإبلاغ أصحابها بترك مقار عملهم بعد اعتبارهم غير مرغوب بهم. ولم تستبعد المعلومات أن تطاول القرارات تجميد الوديعتين الموضوعتين لدى مصرف لبنان منذ عقد.

باسيل

في هذا الوقت، أكّد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، على هامش مشاركته في الاجتماع التشاوري لمجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، الذي عقد في ابو ظبي «وجود تفهّم عربي كبير لموقف نَأي لبنان بنفسه عن أحداث المنطقة.

إنما التحريض الحاصل الذي له مَنشأ لبناني لاتخاذ إجراءات ضدّ اللبنانيين، يخلق جواً إعلامياً ورأياً عاماً يغيّر الموقف اللبناني عن حقيقته»، معتبراً «أنّ لبنان لم يعترض إنما نأى بنفسه.

لم يوافق ولم يعترض ولم يأخذ جهة، إنما التزم السياسة الرسمية الحكومية وحاول حماية نفسه وجَمع العرب، لا أن يزيد من انقسامهم. إنّ هذا التفهّم كان واضحاً، ويبدو لنا اليوم في وضوح أنّ هناك عملاً تخريبياً من أجل إزالته وترك آثار انتقامية أو أفعال على موقف فُسِّر بطريقة خاطئة».

ولفتَ باسيل الى أنّ موقف لبنان في منظمة التعاون الاسلامي «اتُخِذ حسب الأصول، وأتى كامتداد طبيعي ومتناسق مع ما حصل في الجامعة العربية. وبالتالي، لا يختلف الموقف عمّا حصل في الجامعة العربية، وهو التزام سياسة الحكومة اللبنانية في السياق نفسه والفعل نفسه تجاه القضية ذاتها، أيْ الاعتداء على السفارة السعودية في إيران، ما استوجَب الموقف ذاته، أيْ النأي بالنفس».

إلغاء زيارة واشنطن

على صعيد آخر، وضعت العاصفة الثلجية التي تضرب الولايات المتحدة الاميركية حداً للآمال التي كانت معلّقة على زيارة وفد جمعية مصارف لبنان الى نيويورك وواشنطن، واضطر أعضاء الوفد للعودة الى بيروت، بسبب تعذّر وصولهم عبر مطارات اوروبا الى أميركا.

وكانت الزيارة تهدف الى تقوية العلاقات مع المصارف المراسلة للمصارف اللبنانية والبحث في قرار الكونغرس الأخير القاضي بفَرض عقوبات على المصارف والمؤسسات المالية المتعاملة مع «حزب الله».

وفي هذا السياق، اكدت مصادر متابعة في جمعية المصارف لـ«الجمهورية» انّ الزيارة، مع ما كانت تتضمنه من لقاءات واجتماعات، أُلغيت راهناً، وأنه لن يكون من السهل تحديد المواعيد مجدداً للقاء المسؤولين الاميركيين. لذا، لا يمكن القول انّ الزيارة أرجئت الى الاسبوع المقبل مثلاً او الى وقت قريب، نظراً للصعوبة في إعادة تحديد مواعيد جامعة مع كل المسؤولين.

وكان الوفد اللبناني يعتزم عقد لقاءات عدة مع المسؤولين والمديرين الماليين الكبار هناك، في البيت الابيض ووزارة الخزانة الاميركية ووزارة الخارجية المعنيّين بالشأن المصرفي والمالي، بالإضافة إلى أعضاء بارزين من لجنتي الخدمات المالية والمصارف في الكونغرس الأميركي، ومسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي ومع المديرين التنفيذيّين في المصارف الأميركية المراسلة: بنك أوف نيويورك، سيتي بنك، جي.بي.مورغن، ستاندرد تشارترد بنك وHSBC.