IMLebanon

اجتماع دولي يستعجل الرئيس.. واستئناف محاكمة سماحة

فيما الشغور الرئاسي مستمرّ على غاربه، لم يسجَّل أمس أيّ تطوّر سياسي إيجابي يَشي باقتراب الأزمة الرئاسية من الحلّ عبر انتخاب الرئيس العتيد في الجلسة المقرّرة الاثنين المقبل والتي أخّرَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي موعدَها إلى الأولى بعد الظهر بدلاً مِن الثانية عشرة، بسَبب بدء زمن الصوم عند الطوائف المسيحية التي تَعتمد التقويم الغربي، في وقتٍ دعا سفراء الدوَل الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن بعد اجتماعهم مساء أمس في بكركي «إلى حضور جميع أعضاء مجلس النواب جلسةً نيابية بنحوٍ عاجل والمضيّ قدُماً في انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقتٍ ممكن».

حضَر الملف الرئاسي بقوّة في اجتماع عَقده البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مساء أمس في بكركي مع سفراء فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وإيطاليا والاتّحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية وممثّلين لبريطانيا والصين والسفير البابوي المونسنيور غابريل كاتشا، بالإضافة إلى المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، وتَركّز البحث على «الوضع السياسي في لبنان مع تركيزٍ خاص على الفراغ في سدّة الرئاسة».

وعرضَ الراعي لأبرز النقاط التي سيتمّ إلقاء الضوء عليها في خلال الاجتماع والتي تتركّز حول الفراغ الرئاسي في لبنان منذ 18 شهراً وما نتجَ عنه من تداعيات عطّلت عملَ الحكومة والمؤسسات. وكانت مداخلات لعددٍ من السفراء شدّدوا فيها على حِرص بلادهم على استقرار لبنان وأمنِه، مشدّدين على ضرورة عودة الحياة الطبيعية للمؤسسات الدستورية في لبنان.

وبعد الاجتماع، عبّرَت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ باسمِ المجتمعين عن «قلقِهم البالغ حول استمرار الشغور الرئاسي، ومشاركتِهم غبطة البطريرك قلقَه بالنسبة إلى تآكلِ مؤسسات الدولة في غياب رئيس للجمهورية، داعين جميعَ أعضاء مجلس النواب إلى حضور جلسة نيابية بشكلٍ عاجل، والمضيّ قدُماً في انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقتٍ ممكن.

وكرّروا التزامَهم بدعمٍ دوليّ قوي ومنسّق للبنان من أجل تعزيز استقراره، مشدّدين على ضرورة حماية الذين هم الأكثر ضعفاً في لبنان، بما في ذلك كلّ اللاجئين».

صيّاح

وفي هذا الإطار، أوضَح النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح الذي شاركَ في الاجتماع أنّ «الأجواء كانت إيجابيّة، ونأمل خيراً من هذا الحراك».

وقال لـ«الجمهوريّة» إنّ «البطريرك الراعي دعا السفراء إلى بكركي لأنّ الظروف التي يمرّ بها لبنان دقيقة وتتطلّب تضافرَ الجهود الداخلية والخارجيّة من أجل حلّ الأزمة وانتخاب رئيس للجمهوريّة».

وأوضَح أنّ «الراعي يستغلّ ظروف المصالحات الداخليّة والمبادرات الرئاسية التي طرِحت أخيراً ليستكمل مشاوراته مع جميع الأطراف، والسفراءُ الذين اجتمع بهم وعَدوا بمساعدتنا، والبيان الذي صَدر عنهم لخّص ما دارَ من مناقشات وعبَّر عن موقفِهم».

وعن غياب السفير الإيراني محمد فتحعلي عن الاجتماع، لفتَ صيّاح إلى أنّ الدعوة وُجّهت إلى سفراء الدول الخمسة زائداً واحداً، والسفراء الأوروبّيين الفاعلين في الملف اللبناني، وسفير جامعة الدول العربية، وليس هناك من سبب لعدم دعوة السفير الإيراني، لأنّ اللقاء اقتصَر على سفراء الدول الكبرى في مجلس الأمن وأوروبا».

المطارنة

وكان مجلس المطارنة الموارنة أعلنَ تشجيعَه للحوار الداخلي بين الأفرقاء، داعياً إلى «متابعته ليشملَ الأفرقاء كافّة»، مثنِياً على «كلّ مبادرة من شأنها أن تؤول إلى انتخاب رئيس للجمهورية».

وأكّد «أنّ لبنان لا يُحكَم بالاصطفافات، بل بالتعاون والتعاضد بين جميع أبنائه، ونتطلّع إلى اللحظة التي يَنتقل فيها الحراك السياسي إلى داخل المؤسسات الدستورية، إذ مهما صَفت النيات وأثمَرت الحوارات، فلن تكونَ فعّالة إلّا تحت قبّة المجلس النيابي»، مطالباً الكتلَ النيابية بـ»المثول إلى المجلس النيابي لإطلاق المسار الديموقراطي بحسَب ما يقتضيه الدستور».

وأثنى المجلس على «استعادة العمل الحكومي أمام الكمِّ الهائل من الملفّات الحيوية العالقة»، مناشداً رجالَ السياسية «تحييدَ الحكومة عن تجاذباتهم السياسية، حتى تنصرفَ إلى عملها كسلطة تنفيذية تُعنى بمصالح المواطنين وخيرهم العام».

ودعا المجلس المسؤولين إلى «التنبّه من مغبَّة المسّ بموجبات الصيغة الوطنية في وظائف الدولة والمؤسسات العامة، وبروح الميثاق والدستور، ولا سيّما المادة 95، اللّذَين يرسمان مسارَ التدرّج من الحال الطائفية إلى الحال الوطنية، مع الحفاظ على مشاركة الطوائف في الوظيفة العامة مشاركةً متوازنة، من أجل ضمان استقرار الحكم وثباتِه، في مجتمع متعدّد. وذلك على أساسٍ من الكفاءة والأخلاق العالية، والنزاهة ونظافة الكفّ، والجرأة في محاربة الفساد الذي أصبحَ مستشريًا في معظم الدوائر».

برّي

في هذا الوقت، دعا بري في «لقاء الأربعاء» النيابي إلى الإفادة من اللحظة القائمة لمواجهة كلّ الاستحقاقات، وأوّلها انتخاب رئيس الجمهورية، وقال «إنّ لبنان ثمرة ناضجة، وقطافُها الآن أفضل، قبل أن تسقط في المستقبل».

ونَقل النواب عن بري ارتياحَه إلى قرار مجلس الوزراء بتأمين الاعتمادات اللازمة لإجراء الانتخابات البلدية، وأكّد «أنّنا كنّا أوّل المؤيّدين لإجرائها في موعدها». وكشفَ أنّ حركة «أمل» و»حزب الله» قطَعا شوطاً في التحضير لهذا الاستحقاق». وشدّد على «أنّ عودة الحكومة إلى عَقد جلساتها بشكل طبيعي تستوجب استئناف جلسات مجلس النواب لمواكبة هذا المسار والقيام بواجبه ومسؤولياته التشريعية».

جنبلاط

وإلى ذلك، قال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عبر «تويتر»: «يبدو أنّ رئيسنا المستقبلي سيأتي على سجادة إيرانية».

وتوقّع جنبلاط في حديث إلى قناة «سكاي نيوز – عربية»، «عودةَ الهيمنة السورية مباشرةً إلى لبنان، من دون أن تشمل عودة للقوات السورية»، ورأى أنّ «المطلوب هو تطويع لبنان».

وقال «إنّ لبنان قد يصبح محافظةً جديدة في «سوريا المفيدة» التي يسعى المحور السوري ـ الإيراني الى إقامتها، والتي تمتدّ من درعا إلى طرطوس واللاذقية، وتَشمل لبنان أيضا».

وأضاف: «تحسّن إيران وسوريا موقعهما على الأرض من خلال توسيع السيطرة الميدانية من درعا إلى طرطوس مروراً بحمص وجبال التركمان. وللأسف، أعطى التدخّل الروسي دفعاً لهذا التوسّع للنظام السوري على حساب طموحات الشعب السوري. وكلّما تحسّنت أوضاعهم على الأرض، ازدادت الشروط السياسية والأمنية وربّما الاقتصادية على لبنان».

جولة سعَيد

وفي هذه الأجواء، لفتَت الجولة التي قام بها منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد على قيادات في 14 آذار للبحث معهم في تطوّرات الساعة، وقد بدأها بزيارة النائب مروان حمادة، ثمّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، فالنائب دوري شمعون، على أن يَستكمل جولته في الأيام المقبلة وستَشمل رئيسَ كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ووزير الاتّصالات بطرس حرب وآخرين، على أن يتوّجها بلقاء مع الرئيس سعد الحريري.

وشدّد سعيد بعد زيارته الجميّل على أنّ «البلد لا يتحمّل أن ينَصّبَ أحدٌ نفسَه مرشداً للجمهورية فيه فوق القانون اللبناني وفوق الاستحقاقات الدستورية، فيقرّر مَن سيكون رئيساً للجمهورية ومَن لا يكون، ويقرّر ما إذا كانت هناك انتخابات بلدية أو لا، أو يعطي حقوقاً لمتطوّعي الدفاع المدني أم لا، هذا الاستعلاء الذي يحاول البعض أن يفرضه علينا كلبنانيين يَجعلنا نؤكّد ما هي هواجسنا، فنحن وسامي الجميّل وبيار الجميّل وكثير من المناضلين ساهَمنا في إخراج الوصاية السورية من لبنان، لا ليحلّ مكانَها وصاية من طبيعة أخرى أخطر من الوصاية الأولى التي تحاول أن تفرض وجهة نظرها علينا كلبنانيين».

وأضاف سعيد: «مثلما واجَهنا بديموقراطية وصِدق الوصاية الأولى، ومثلما نسَجنا علاقات مع جميع الوطنيين لنشكّل مكانةً لبنانية ومساحة وطنية مشترَكة لمواجهة الوصاية التي خرجَت من لبنان في 2005، نحن سنستمرّ في مواجهة سياسة التزلّف والتزلّم والركوع أمام مَن يدّعي بأنه يمسِك بمفاتيح السلطة في لبنان، فنحن لسنا من هذه الطينة».

الرابطة المارونية

وترجمةً للتوافق الحاصل في الساحة المسيحية، علمَت «الجمهورية» أنّ التوافق تمَّ على تزكية ترشيح المحامي أنطوان قليموس رئيساً للرابطة المارونية، بعدما انسحبَ لمصلحته رئيسُ جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه على خلفية أنّهما من أقوى المرشّحين لهذا الموقع.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ لقاءً جَمع ظهر أمس كلّاً مِن طربيه وقليموس والنائب نعمة الله أبي نصر في مكتب الأوّل انتهى إلى وقفِ طربيه معركتَه الانتخابية لمصلحة قليموس نتيجة الاتّصالات والمشاورات التي شاركَت فيها قيادات مارونية عدّة بغية تجنيب الرابطة معركةً كان يمكن أن تكون حادّة.

وعُلم أنّ قليموس ردّ على هذا التوافق بتحيّة إيجابية مماثلة فجمّد الإعلان عن لائحته، وهو ما كان مقرّراً غداً الجمعة، إلى وقت لاحق، بغية إفساح المجال أمام مزيد من الاتّصالات لتشكيل لائحة توافقية لا تتجاهل أيّاً مِن مكوّنات الرابطة، ما سيتيح للرابطة الجديدة ممارسةَ مهمّاتها في ولايتها الجديدة بفريق عملٍ توافقي ومتجانس لمواجهة الاستحقاقات المقبلة على أكثر من مستوى وطني وسياسي واقتصادي واجتماعي.

المواجهة مع الإرهاب

في غضون ذلك، قفز الوضع الأمني إلى الواجهة مجدّداً مِن بوّابة البقاع، حيث أحبَط الجيش فجر أمس مخططاً إرهابياً «داعشياً»، لمهاجمة مراكزه وخطفِ مواطنين في منطقة عرسال، فقبضَ على مجموعة إرهابية تنتمي إلى هذا التنظيم بعدما هاجمَ مقرّها في محلّة وادي الأرانب ـ عرسال، في عملية نوعية وخاطفة، وقضى على 6 إرهابيين مسلّحين، عرِف منهم القيادي الإرهابي أنس خالد زعرور، وصادرَ كمّيات من الأسلحة والقنابل اليدوية والذخائر والأحزمة الناسفة وأجهزة كواتم للصوت وآليتَين». كذلك أوقَف 16 إرهابياً خلال مداهمته مستشفى ميدانياً تَستخدمه «داعش» في المنطقة نفسِها، بينهم الإرهابي الخطير أحمد نون.

قضية سماحة

أشارَت أوساط مطّلعة لـ«الجمهورية» إلى أنّ الجلسة التي ستعقدها محكمة التمييز العسكرية اليوم لاستئناف محاكمة ميشال سماحة قد تكون حاسمة لجهة احتمال إصدار حُكم في القضية، يَستبق الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء التي مِن المقرّر أن تبتّ بموضوع نقلِ ملف الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي.

وأوضَحت هذه الأوساط أنّ احتمال إصدار الحكم سيَعني قطعَ الطريق على الحكومة لبَتّ الملفّ في اعتبار أنّه لا يُمكن نقله إلى المجلس العدلي طالما صَدر حُكم مبرَم لا يَقبل التمييز.

وتساءلت الأوساط عن سبب تأجيل البحث في هذه القضية في مجلس الوزراء لجلستين متتاليتين، وعن ارتباطه بصدور الحكم، مشيرةً إلى أنَّ حُكم محكمة التمييز سيُبنى عليه في ضوء ماهيّته، سواءٌ أكّد حُكم المحكمة العسكرية أم نقضَه.

مؤتمر المانحين

على صعيد آخر، يُلقي رئيس الحكومة تمّام سلام اليوم كلمة لبنان في مؤتمر المانحين في لندن، وهو التقى في مقر إقامته هناك أميرَ دولة الكويت صباح الأحمد جابر الصباح، بحضور وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح ووزير التربية اللبناني الياس بوصعب، كذلك التقى وكيلَ الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ ستيفان اودريون.

وعشية المؤتمر، قال بوصعب «إنّ لبنان سيَطلب من المانحين الدوليّين مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة للتعاملِ مع الزلزال المستمر الناجم من أزمة اللاجئين السوريين».