IMLebanon

 الحريري لعدم الرهان على تغيُّرات إقليمــية.. والإنتخابات البلدية تزداد حماوة

دخلت البلاد في عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، على وقع حماوة المعارك في حلب والهجمات الجوية التي يشنّها النظام السوري وحلفاؤه بهدف استعادة العاصمة التجارية والصناعية لسوريا من «داعش» وغيرها من الفصائل المسلحة. وفي الموازاة يستمر التأزّم في الساحة الداخلية مع غياب أيّ موعد واضح لانتخاب رئيس للجمهورية وسط استمرار بعض الكتل بمقاطعتها لجلسات الانتخاب وربط هذا الملف بالملفات الإقليمية. وفي هذه الأثناء استمرّت حماوة المعارك الانتخابية البلدية في الارتفاع، خصوصاً بعد فشلِ التوافق في مناطق عدة.

في موازاة إرجاء مفاوضات جنيف في شأن الحل السوري إلى أيار، خطفَت التطورات الميدانية في سوريا، وخصوصاً في حلب الأضواء، في ظل الحديث عن اتفاق أميركي ـ روسي على هدنة في سوريا تستثني حلب التي شهدت أمس معارك عنيفة وقصفاً متبادلاً بين النظام والمعارضة أدّى إلى سقوط ما يزيد عن 30 قتيلاً.

وأعلن الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إيرنست أنّ الولايات المتحدة وروسيا تعملان لإحياء اتّفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا على رغم القصف العنيف الذي تتعرّض له المدينة. وتزامن ذلك، مع تأكيد مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، أنّ تصاعد وتيرة العنف قد يؤدي إلى مستويات جديدة من الرعب.

الحريري وأردوغان

أمّا داخلياً، فقد بدأت عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، معطوفةً على إجازة سياسية فرضَت تراجعاً في الحراك والملفات، لم ينسحب على الانتخابات البلدية والاختيارية التي بقيَت جبهتها ناشطة، في وقت تشخص الأنظار إلى الثالث من أيار موعد انطلاق عمل اللجان النيابية المشتركة لمناقشة قوانين الانتخابات النيابية الـ17.

وفي هذه الأثناء، تستمر قوى «14 آذار» في تحميل «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» مسؤولية تعطيل الاستحقاق الرئاسي، فيما تُصرّ على مواجهة النفوذ الإيراني.

وقد خرقَ الجمودَ السياسي، الاجتماع الطويل الذي انعقد لمدة ساعة ونصف ساعة عصر أمس في قصر يلدز في اسطنبول، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس سعد الحريري، وتمّ خلاله عرض للأوضاع في لبنان من كل جوانبها، وتداعيات الأزمة السورية وآخر التطوّرات في المنطقة.

وأوضح الحريري أنه شرَح لأردوغان «مدى تأثير الفراغ الرئاسي على الوضع في لبنان، خصوصاً الحياة الاقتصادية والسياسية فيه». ولفتَ الى أنّ الحديث تناول الدور الإيراني في المنطقة، وقال: «نريد علاقات جيّدة مع إيران ولكنّ تدخّلاتها السلبية في دول المنطقة هي التي تؤدّي إلى عدم حصول هذا النوع من العلاقات الجيّدة معها».

وأكّد أنّه لم يزُر موسكو وتركيا لتسويق ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وقال: «لم يكن هناك أيّ تسويق لأشخاص، بل تركّز البحث على شرح ما يحصل في لبنان، فالجميع يعرف أنّ وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي بلغ مراحل خطيرة جداً».

ونفى الحريري أن يكون أحد قد تحدّث معه عن طرح انتخاب رئيس لمدة سنتين، وقال: «سمعتُ به عبر الإعلام»، مشدداً على أنّ «الدستور اللبناني واضح وهو ينصّ على أنّ مدة ولاية رئيس الجمهورية هي ستّ سنوات، وأيّ أمر آخر يحتاج إلى تعديل دستوري».

وأضاف: «علينا أن لا نلجأ إلى حلول جزئية، بل إلى حلول دائمة وتعالج مشكلات البلد. لبنان بلا رئيس منذ نحو سنتين وقد عانى ما عاناه خلال هذه الفترة، وإذا انتخَبنا رئيساً لمدة سنتين كأنّنا نعيد فتحَ المشكلة نفسها بعد سنتين».

ولفتَ الحريري الى أنّ البحث بينَه وبين أردوغان شمل أيضاً سبلَ معالجة ملف اللاجئين السوريين «واتّفقنا على التعاون لحضِّ المجتمع الدولي لكي يساعد أكثر في هذا المجال».

الجرّاح

وفي السياق، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجرّاح لـ«الجمهورية»، إنّ «الرئيس الحريري يقوم دائماً بنشاط اقليمي ودولي، ومصلحة لبنان هي الهدف الأساس في كل زياراته وعلاقاته الإقليمية والدولية.

وبالتأكيد تركيا دولة إقليمية مهمّة ومؤثّرة، خصوصاً في الوضع السوري الذي يَعنينا كثيراً نتيجة وجود اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية، وهي دولة إقليمية مؤثّرة في القرار الإقليمي ومجريات الأحداث الاقليمية».

ولفتَ إلى أنّ «الرئيس أردوغان الذي تربطه علاقة طيّبة بالرئيس الحريري، وبعد زيارته الى لبنان يهتمّ دائماً بالوضع اللبناني وبمساعدة لبنان، والهمّ المشترك بيننا وبينه هو موضوع اللاجئين السوريين»، معتبراً أنّ زيارة الحريري لتركيا «في هذا التوقيت واجتماعه مع المسؤولين الأتراك الكبار وعلى رأسهم الرئيس أردوغان تساعد الدول الاقليمية في تفهّم وضعِ لبنان ومعاناته من موضوع اللاجئين وضرورة حلّه».

لافتاً في هذا الإطار إلى «أنّ القمّة الأخيرة بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وأردوغان ونتائج القمّة الإسلامية في اسطنبول، فضلاً عن المواضيع التي تهمّنا كانت مدارَ بحث مع الرئيس التركي».

وعن طرح انتخاب رئيس جمهورية لسنتين، قال الجرّاح: «ليس له أحد ليتبنّاه لأنه طرحٌ غير واقعي ويحتاج الى تعديل دستوري، والتعديل يتطلّب حضورَ 86 نائباً، وإذا كنّا نستطيع جمعَ 86 نائباً فلننتخِب رئيس جمهورية لولاية ستّ سنوات».

رسالة إلى عون

وفي هذه الأجواء التي رافقَت الحراك الخاص بالاستحقاق الرئاسي والذي لم يؤدِّ إلى أيّ نتيجة ملموسة على رغم الخطوات التي تلاحقَت في الأيام الأخيرة ومنها تلك التي وسّعت من لائحة المرشّحين خارج الأقطاب الموارنة الأربعة، كشفَت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» عن مضمون رسالة هي الأخيرة التي أرسَلها الحريري إلى رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مطلعَ الأسبوع الجاري، قال فيها ما معناه «إنّ الرهان على المتغيّرات التي يُكثِر أصدقاؤه الحديثَ عنها، ليس في محلّه على الإطلاق.

فأياً كانت الظروف التي يمكن أن تؤدّي إليها التطورات في المنطقة، وفي سوريا تحديداً، لن تحمل أيّ تغيير في موقفه وموقف بعض حلفائه من انتخابه رئيساً للجمهورية.

وأنّ استمرار تكرارها إلى حين تحويلها وكأنّها من الثوابت التي لا نقاش فيها سيؤدّي حتماً إلى لحظة من الإحباط الذي عانت منه شخصيات وفئات قبل ذلك عندما بنَت خياراتها على فرضيّات مستحيلة».

وقد حَملت الرسالة التي نُقلت من الحريري مباشرةً وعبر وسيط نزيه إلى شخصية قريبة من عون، نصيحةً واضحة وبكلمات عدّة وصريحة تؤكّد «ضرورةَ وقف التبشير بهذه المتغيّرات في أسرع وقتٍ ممكن وإعادة النظر في الإستراتيجية المعتمدة، ودعوة إلى الالتقاء في منتصف الطريق للعبور إلى الاستحقاق لانتخاب رئيس يَجمع ولا يفرّق». (راجع ص 4)

أبي رميا

وسألت «الجمهورية» عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب سيمون أبي رميا: هل من مسعى للقاء بين عون والحريري في بيروت أو في باريس؟ فأجاب: «أستطيع القول إنّ عدداً من الوسطاء القريبين من الرئيس الحريري أو من النائب سليمان فرنجية يقترحون دائماً أفكاراً، لكن حتى الآن لا شيء جدّياً وملموساً».

وعن طرح انتخاب عون رئيساً لسنتين قال: «لم نتلقَّ حتى الآن أيّ طرح بهذا الموضوع، علماً أنّ الأمر يتطلب تعديلاً دستورياً، وكذلك يمسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية التي نحن في المبدأ لا نوافق عليها. لكنّ الأكيد أنّ الموضوع لا يزال حتى الآن من الباب الإعلامي لمعرفة ما إذا كانت الفكرة تسوّق أم لا، أو في الكواليس التي لم تصل حتى الآن إلى أبواب الرابية».

نقولا لـ«الجمهورية»

أمّا عن جلسة اللجان المشتركة لمناقشة قوانين الانتخاب، فقال النائب نبيل نقولا لـ»الجمهورية» إنّ «اجتماعات اللجان مضيَعة للوقت، لأنه إذا كانت هناك فعلاً نيّة لوضع قانون انتخاب فلنتّفِق أقلّه على الخطوط العريضة ومن ثمّ ندخل في التفاصيل، أمّا أن نبدأ بالتفاصيل فذلك معناه أن لا جدّية ولن نصل الى أيّ نتيجة».

وإذ توقّف نقولا عند ما كان أعلنَه الرئيس فؤاد السنيورة في جلسة الحوار لجهة أنّه لن يقبل بأيّ قانون انتخابي يؤمّن المساواة لأنه يريد قانون انتخاب يؤمّن لهم الأكثرية مقابل السلاح، تساءلَ: «أمام هذا الكلام، كيف يمكن القول إنّه يمكن الوصول الى قانون انتخابي؟».

وقال: «إذا قبلوا بقانون انتخابي يؤمّن المساواة والعيش الواحد حسَناً، نبدأ من هنا، فليَذهبوا إلى قانون النسبية الذي يؤمّن المساواة، يجيبونك نحن نرفض النسبية بوجود السلاح. فلماذا كان السلاح في التسعينات مقبولاً منهم والآن أصبح غير مقبول؟».

فارس لـ«الجمهورية»

من جهته، توقّعَ النائب مروان فارس أن تستغرق المناقشات النيابية شهراً أو شهرين على الأقل، وقال لـ»الجمهورية»: «نحن مع قانون انتخابات قدّمناه منذ عام 1997 يَعتبر لبنان دائرة انتخابية واحدة ويَعتمد مبدأ التمثيل النسبي، والرئيس نبيه بري وحركة «أمل» والأحزاب وافقوا مبدئياً على النسبية، وسنَطرح هذا الموضوع في اللجان النيابية المشتركة، ونحن متمسكون به وأعتقد أنّ هناك غالبية نيابية مع النسبية، فإذا استطعنا أقلّه تحقيق النسبية، هكذا يتمثّل كلّ الناس ونخرج من الطائفية والمذهبية».

عراجي

وكان عضو كتلة «المستقبل» النائب عاصم عراجي لفت الى أنّه على الرغم من تراجع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، فإنّ تيار «المستقبل» سيذهب الى جلسة اللجان المشتركة بروحية التمسّك بالقانون المختلط 60 نسبي و68 أكثري. وقال إنّ «اللجان النيابية المشتركة لن تصل الى اتّفاق على قانون موحّد للانتخابات لأنّ هناك خلافاً قوياً بين الأفرقاء ولا اتفاق على قانون واحد بحيث قد نصل الى وقت الانتخابات النيابية من دون إيجاد قانون انتخابي».

الإنترنت غير الشرعي

في مجال آخر، وفيما يحضر ملف الانترنت غير الشرعي مجدّداً على طاولة لجنة الإعلام والاتصالات قبل ظهر الخميس المقبل، غابَت التحرّكات القضائية أمس في شأن هذا الملف واستقرَّت الإجراءات المتّخذة على إقفال التحقيقات الجارية على أكثر من مسار إداري وأمني.

وقالت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» إنّ بعض المعنيين بالملف حملوا كمّيات كبيرة من أوراق التحقيق الى منازلهم في أيام العطلة لاستكمال القراءات الضرورية في ملف معقّد على كلّ المسارات التقنية والإدارية والفنية، خصوصاً أنّ الجهود التي ُبذلت للتثبت من الأدلّة في بعض الجوانب التقنية لم تؤتِ ثمارها بعد ما لم يفضِ الموظفون بما لديهم من معلومات ُتخفّف من آثار العبَث في مسرح المحطات التي تمّ تفكيكها بطريقة أنهَت كلّ أمل في الحصول على ما يؤكّد حقائق كثيرة يبحث عنها القضاء.

وفي انتظار الإذن الخاص من وزير الاتّصالات بطرس حرب الذي لم يرد بعد إلى القضاء المختص لملاحقة عدد من الموظفين في مؤسسة «أوجيرو»، قالت المصادر «إنّ البدائل موجودة في حال عدم توافُر الإذن بالملاحقة، وخصوصاً إذا ارتأى القضاء الحاجة إلى استكمال التحقيقات التي باشرَتها مديرية المخابرات وتَستكملها الجهات القضائية المختصّة، ولكلّ آنٍ أوانه».

مجلس وزراء

وفي هذه الأجواء، تترقّب الدوائر الحكومية الدعوةَ التي ستوجّهها الأمانة العامة لمجلس الوزراء اليوم إلى جلسة عادية تُعقد عصر الخميس المقبل، وسيتناول جدول أعمالها بعض البنود المرَحّلة من جدول جلسة الأربعاء الماضي، بالإضافة إلى بنود أخرى.

ولم تشَأ مصادر وزارية الإشارة إلى إمكان أن يكون ملفّ المديرية العامة لأمن الدولة مطروحاً على الجلسة في انتظار معرفة ما لدى رئيس الحكومة تمّام سلام من معطيات، بعدما كُلّف باقتراح الحلّ الممكن تطبيقه في مهلة تنتهي مبدئياً الخميس المقبل.