IMLebanon

الجيش لن يسمح بالثأر والفتنة… وبكركي تتمسّك بولاية رئاسية كاملة

يدخل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية عامه الثالث اليوم بلا أيّ بصيص أمل في المدى المنظور. وباتت كرسي الرئاسة اللبنانية رهينة النزاع الإقليمي الدموي وخصوصاً في سوريا. ولم يعد الاحتكام الى صندوقة الاقتراع في مجلس النواب خريطة طريق انتخاب رئيس عتيد للبنان، وإنما بات الاحتكام الى صناديق الصواريخ هو المدخل الى ولوج باب الرئاسة المقفل في بعبدا. سنتان مرّتا على الفراغ في سدة الرئاسة ولم يرفّ جفن لمعطّلي هذا الاستحقاق تحت شعارات واهية، في وقت يتعرّض لبنان لأقسى التحديات، من مواجهة الارهاب الى مشاريع التوطين المشبوهة، مروراً بانهيار منظومة انتظام العمل العام، وعجز مجلس الوزراء وشلّ مجلس النواب، وتراجع الاقتصاد والاستثمار وتهجير السيّاح، وغرق البلاد في نفايات هنا وفضائح وفساد هناك.

مع دخول الشغور عامه الثالث، تستكمل بكركي سعيها مع فرنسا والفاتيكان والدول المؤثرة لإنتخاب رئيس للجمهورية. وفي السياق، أكد راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون لـ«الجمهورية» أنّ «مسألة انتخاب الرئيس أساسية للموارنة وكل لبنان، ونتمنى انتخابه اليوم قبل الغد لأنه لا يمكن استمرار الوطن بلا رأس، من هنا ندعو القوى السياسيّة الى القيام بواجبها سريعاً».

وأشار عون الى أنّ «بكركي نَفت سعيها الى انتخاب رئيس لمدة سنتين» وقال: «نحن نتمسّك بانتخاب الرئيس لولاية كاملة أي 6 سنوات»، مشدّداً على أنّ «القول إنّ الفراغ الذي يدخل عامه الثالث سيؤدي الى خسارة الموارنة الرئاسة هو كلام كبير، فهناك ضمانات إقليمية ودولية تحافظ على حق الموارنة في تَولّي الرئاسة، كذلك فإنّ الداخل متمسّك بهذا الأمر الذي يكفله الدستور».

وأكد عون أخيراً أنّ «الرئاسة ستبقى مع الموارنة، والجميع مع الحفاظ على العيش المشترك، فلبنان يبقى ويستمرّ بحفظ حقوق جميع مكوّناته».

جونز ومبادرة بري

الى ذلك، حظيت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخيرة باهتمام اميركي، واعتبر القائم بالأعمال الاميركي في لبنان السفير ريشارد جونز، بعد زيارته الرئيس سعد الحريري: «انّ الاقتراح الذي قدّمه رئيس البرلمان مثير للاهتمام، ويجب على الجميع أن يأخذوه جدياً في الاعتبار، واعتقد أنّ الرئيس الحريري يفعل ذلك».

وحَضّ جونز اللبنانيين على القيام بكل ما باستطاعتهم لملء الشغور الرئاسي، وقال: «إنّ ترهّل المؤسسات يشكل خطراً كبيراً على لبنان، ومن الضروري أن يجد اللبنانيون حلاً لانتخاب الرئيس، وقد تفتح مبادرة رئيس البرلمان الباب أمام ذلك».

لقاء برّي – الحريري

وفي السّياق، حضرت المبادرة في عين التينة مساء أمس في لقاء جمع برّي مع الرئيس سعد الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري في حضور الوزير علي حسن خليل، وتناول الحديث خلال اللقاء الذي تخلله عشاء الأوضاع والتطورات الراهنة والملفات والاستحقاقات السياسية.

وتنطلق مبادرة برّي من قانون انتخاب جديد تَجري وفقه الانتخابات بعد تقصير ولاية المجلس، وإذا لم يتمّ الاتفاق على القانون تَجري الانتخابات وفق قانون الستين، وتنعقد بعدها جلسة لإنتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتب المجلس، ثم جلسة لانتخابات رئاسيّة بعد تعهّد من الجميع بالحضور واتفاق على الحكومة.

أمن عرسال

وفي هذه الاجواء، عاد الوضع الامني الى الواجهة مجدداً من بوابة عرسال التي شهدت تطوراً خطيراً حرَّك المخاوف من فتنة مذهبية ومن انطلاق أعمال ثأر متبادلة.

وتَمثّل هذا التطور بثأر معروف حمية لابنه العسكري الشهيد محمد حمية الذي أُعدم رمياً بالرصاص على يد «جبهة النصرة» في أيلول 2014، فقتل ابن شقيق مصطفى الحجيري الملقّب بـ«ابو طاقية»، حسين محمد الحجيري، رامياً جثته على قبر ابنه في جبّانة طاريا، رافضاً تسليم نفسه ومتوعّداً بالوصول الى «ابو طاقية».

وعلى الأثر، شهدت بلدة عرسال انتشاراً مسلحاً، واتخذ الجيش تدابير أمنية مشدّدة في بعلبك، وأقام حواجز ثابتة ومتحرّكة في بلدتي طليا وطاريا، وسَيّر دوريات في المنطقة ونفّذ مداهمات عدّة.

مصدر عسكري

وأكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «الجيش تحرّك بسرعة من أجل تطويق ذيول الفتنة في منطقة بعلبك وعدم الإنجرار الى فتنة سنية – شيعية»، مشيراً الى أنّ «قيادة الجيش أجرت سلسلة اتصالات مع الفاعليات في عرسال وبعلبك من أجل تهدئة النفوس، وتجاوبَ الجميع حيث مرّ وقت من دون ردّات فِعل».

ولفت المصدر الى أنّ «الجيش يلاحق والد حمية، وقد دهم منزله وسيستمرّ في ملاحقته، ولن يسمح بتكرار حوادث كهذه او ازدياد عمليات الثأر»، مشدداً على أنّ «الوضع في عرسال مضبوط، وليس هناك تحرّك مسلّح»، مؤكداً أنّ «الجيش على جهوزية لمنع انفلات الوضع».

قهوجي

وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي جدّد في «أمر اليوم» الى العسكريين لمناسبة «عيد المقاومة والتحرير»، التزام الجيش «العمل بكلّ الوسائل لكشف مصير رفاقكم المخطوفين لدى التنظيمات الإرهابية، والعمل على تحريرهم أسوة برفاقهم المحررين».

عراجي لـ«الجمهورية»

وفي المواقف، تخوّف النائب عاصم عراجي من أن تسلك الأمور في البقاع منحى خطيراً مع بدء عمليات الثأر المتبادل، وقال لـ«الجمهورية»: «أولاً، من المؤسف جداً أن يُقتل الشهيد محمد حمية بالشكل الذي قتل فيه، خصوصاً أنه كان يؤدّي واجبه. وثانياً، ما جرى أيضاً مؤسف لأنّ هذا يعني أنّ الدولة غائبة وكل طرف يأخذ حقه بيده.

وكان على الدولة أن تُحصّل حقوق الناس وتَقتصّ من الذين ذبحوا حمية، لا أن تترك الأمور على غاربها، خصوصاً في منطقة كالبقاع وتحديداً البقاع الشمالي، حيث أنّ أخذ الثأر والثأر المقابل يُثير مخاوف ويفتح أبواباً مغلقة بشكل خطير جداً، ويجب على الدولة التصرّف بحزم وفاعلية، وأن تكون صارمة في إجراءاتها لمنع حصول ردّات فِعل».

ودعا عراجي «جميع العقلاء في عائلتي حمية والحجيري الى التعقّل وعدم إيقاظ الفتنة»، وطالبَ المرجعيات السياسية في بيروت بـ»التدخل لوضع حدٍّ لهذا المسلسل».

فارس لـ«الجمهورية»

في المقابل، طمأن النائب مروان فارس الى أنّ الوضع في عرسال لن يخرج عن السيطرة، وقال لـ»الجمهورية»: «من قُتل اليوم لا ذنب له، حتى ولَو كان ابن شقيق «ابو طاقية». فهو غير معنيّ بالجريمة المرتكبة في حق حمية. إنها عادات ثأرية في المنطقة، ونحن ندينها ونستنكرها، والحقوق لا تُستردّ عبر قتل الأبرياء.

لقد سمعت تصريح والد حمية الذي توعّد «ابو طاقية»، اي أنّ منطق الثأر مستمر في المنطقة، وهذا أمر يدينه الجميع ولا أحد يقبل بجريمة من هذا النوع». وأضاف: «ما جرى عمل فردي لا علاقة له بأهل عرسال. انه عمل محدود، خصوصاً أنّ الجيش ضبط الوضع مباشرة في البلدة، وبالتالي لا خوف على أمن عرسال».

«8 آذار»

وتعليقاً على ما جرى في عرسال، قالت مصادر بقاعية في «8 آذار» لـ«الجمهورية»:

اولاًـ إنّ اللجوء الى منطق الثأر أمر مرفوض.

ثانياًـ على الدولة والقوى والهيئات والجمعيات اللجوء في الوقت الحاضر الى تدابير لمنع أي عمليات ثأر وثأر مضاد وانتقام وخلق فتنة مناطقية او طائفية بين اللبنانيين لا يستفيد منها غير التكفيريين والعدو الإسرائيلي.

ثالثاًـ إنّ الانتقام للعسكريين الشهداء يكون في ميدان المعركة ضد التكفيريين، وليس بقتل مدنيين لبنانيين». وأضافت المصادر: «نحن والدولة حريصون على الإمساك بالوضع الامني، وعدم تدهور الاوضاع او حصول أيّ فتنة او عمليات انتقام وثأر متبادل بين القرى والطوائف في البقاع».

وأكدت ضرورة «المحافظة على السلم الاهلي والعيش المشترك». وشدّدت على «أنّ الانتقام للعسكريين الشهداء او المخطوفين، يكون بتضافر جهود المقاومة والجيش اللبناني ومقاتلة التكفيريين في ساحتهم».

نصر الله

وفيما يتحدّث الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عصر اليوم في «عيد المقاومة والتحرير» في بلدة النبي شيت، علمت «الجمهورية» أنّ خطابه سيكون خطاب مقاومة تحديداً، إذ سيتحدث عن أهمية التحرير وإنجازاته وعن قدرات المقاومة وإمكاناتها الراهنة وتأكيد الاستمرار في الدفاع عن لبنان واللبنانيين. وسيأتي الخطاب استكمالاً لموقفه في خطابه الاخير حول موضوع حماية لبنان واللبنانيين.

إضافة الى ذلك، سيتطرق نصرالله الى الوضع في سوريا، وسيؤكّد أنّ معركة الحزب فيها هي جزء من معركة حماية المقاومة والدفاع عنها، وأنّ التضحيات والشهداء الذين يقدمهم في سوريا هم للدفاع عن لبنان والمقاومة. وسيتطرق الى موضوع الارهاب والتفجيرات التي حصلت في الآونة الاخيرة في سوريا، ولا سيما في طرطوس وجبلة.

وسيتناول الامين العام موضوع الانتخابات البلدية ليشكر الناخبين وتجاوبهم والتزامهم بالمقاومة، وسيشدّد على مسؤولية البلديات الفائزة في خدمة مجتمع المقاومة.

وفيما علمت «الجمهورية» أن لا مبادرة سيطرحها الامين العام في خطابه اليوم، استبعدت مصادر مطّلعة على موقف الحزب أن يتناول الملف الرئاسي، في اعتبار أن لا جديد سُجّل على هذا الصعيد، مُشيرة الى انّ «كل ما يقال منذ ايام في شأن إنجاز الاستحقاق في الاشهر المقبلة هو مجرد كلام ليس إلّا، ولا شيء جدّياً».

ولدى سؤالها هل سيسبق الاحتفال بـ«عيد التحرير» أيّ عمل انتقامي لاغتيال مصطفى بدر الدين ليشكّل مفاجأة ما؟ اجابت المصادر: «أولاً المقاومة لا تتعامل بمنطق الثأر، ثانياً إنّ الانتقام للشهيد بدر الدين هو بتحقيق الانجازات والاهداف التي كان يريدها في سوريا، وقد تحقّق جزء منها بالفعل مثلما حصل في الغوطة، وسيتحقّق جزء آخر منها قريباً عبر توسيع نطاق المعركة في أكثر من منطقة».

حشود إيرانية

وفي السياق، نقلت وكالة «آكي» الإيطالية، عن مصدر قريب من «حزب الله»، قوله «إنّ الحشود الإيرانية على الأرض في سوريا بلغت نحو 80 ألف مقاتل، بينها فرقة عسكرية تابعة لـ»الحرس الثوري الإيراني» تُرابِط بالقرب من مدينة حلب شمال سوريا، وكذلك هناك مقاتلون من «حزب الله» وميليشيات عراقية وأفغانية في أكثر من منطقة سورية».

وأشار المصدر الى «أن هذه القوات تمتلك أسلحة تُمكّنها من الثبات في الكثير من المناطق»، و»لدى غالبية هذه القوات أسلحة جيدة، والقوات الإيرانية وقوات «حزب الله» مدرّبة بشكل جيد أيضاً، والبقية تفتقِد للمهارات القتالية، وهذه الأخيرة توضَع على الصفوف الأولى للجبهات».

وأوضح المصدر أنّ إيران «تسعى لتثبيت خريطة توازن القوى المرحلية في سوريا، وتسابِق الزمن مع روسيا في تنافس غير مُعلن للسيطرة على أكبر رقعة جغرافية».

وأكد أنّ طهران «تسعى للتنسيق مع الأكراد الذين يحاصرون مدينة الرقة في شمال سوريا»، لافتاً إلى أنّ المدينة التي تُعتبر معقلاً رئيسياً لتنظيم الدولة، «لها أهمية استراتيجية ـ عسكرية ـ دينية بالنسبة للإيرانيين».