IMLebanon

 تحرك مصري يستهدف التوفيق رئاسـياً… وملف النفط على نار حامية

توزّع الاهتمام الدولي والاقليمي والمحلي بين متابعة سَير المعارك في سوريا خصوصاً في حلب من جهة، ورصد آفاق الحراك الروسي ـ التركي ـ الإيراني في ضوء صدى هذه المعارك ومحاولة إيجاد حلّ للأزمة السورية من جهة ثانية. امّا في الداخل، فظلّ الجمود سِمة المرحلة وسط التوقعات بتمديد مفاعيله مع دخول البلاد عطلة عيد انتقال السيدة العذراء بعد غد الاثنين، ليعود بعدها الهمّ السياسي والاقتصادي الاجتماعي والمطالب المعيشية الى الواجهة مجدداً. وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ «حركة اتصالات ناشطة قد بدأت بعيداً من الاضواء، إنطلاقاً من عين التينة، في محاولة وُصِفت بالجدية جداً، لتَجنّب الفراغ الخطير الذي يمكن ان يدخل فيه البلد، إن لم نتدارك الأمر بالوصول الى تسوية انتخابية».

حضر ملف الأزمة السورية بقوة في زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لأنقرة أمس ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، متحدثاً عن رؤية تركية ـ ايرانية مشتركة لمكافحة الارهاب، ومؤكداً أنّ حلّ المشكلات التي تواجهها المنطقة يتطلّب تعزيز التعاون والحوار بين إيران وروسيا وتركيا كلاعبين مؤثرين.

وفي وقت رحّب ظريف بالتقارب بين تركيا وروسيا، أكدت انقرة التعاون اكثر مع طهران في الفترة المقبلة بشأن الأزمة السورية، وتحدّث جاويش اوغلو عن تطابق موقف بلاده مع ايران حول وحدة أراضي سوريا، لافتاً الى استمرار الحوار بين البلدين حول سوريا على رغم الاختلاف في الرأي، وقال: «نؤمن بقدرة ايران على أداء دور ايجابي لإرساء وقف اطلاق نار مُستدام في هذا البلد».

في هذا الوقت، كشفت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية، نقلاً عن مصادر في البرلمان في موسكو، انّ روسيا طلبت من تركيا إغلاق حدودها مع سوريا. وأوضحت انه تمّ طرح هذا الطلب خلال محادثات جرت أخيراً بين ديبلوماسيين وعسكريين أتراك وروس. وبحسب الصحيفة، فإنّ تركيا قد تقبل الطلب الروسي.

مرجع أمني لـ«الجمهورية»

وفي موازاة ضجيج المعارك في سوريا، أعرب مرجع أمني كبير عن ارتياحه الى الوضع الامني في لبنان عموماً. وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ الجيش حقّق إنجازات مهمة في الآونة الاخيرة، تمثّلت في القبض على مجموعة من الرؤوس الكبيرة من المجموعات الارهابية».

واشار الى «انّ التحقيقات مع الموقوفين أظهرت اعترافات خطيرة حول تحضيرات كانت تعدّها المجموعات الارهابية لتنفيذ عمليات أمنية وتفجيرات في بعض المناطق. وقد اتخذ الجيش إجراءات احترازية ووقائية في عدد من المناطق، ترافقت مع أعمال دهم أوقِف خلالها إرهابيون على صِلة بتلك التحضيرات».

التمديد لقهوجي

من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» من مصادر واسعة الاطلاع انّ ملف التعيينات العسكرية قد وضع على نار حامية، وأنّ البارز فيها موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي ينتظر مبادرة وزير الدفاع سمير مقبل في هذا الشأن، خصوصاً أنّ هناك بعض الصيَغ التي يتمَ تداولها لإخراج هذا الامر.

ولفتت المصادر الى انّ اعتراض «التيار الوطني الحر» على التمديد لقائد الجيش قد لا يكون عائقاً أمام قرار التمديد، في ظل شبه إجماع القوى السياسية عليه تَجنّباً للفراغ في رأس المؤسسة العسكرية، خصوصاً مع استحالة تعيين قائد جديد للجيش في غياب رئيس الجمهورية.

بري لـ«الجمهورية»

وبرز في هذا السياق موقف لافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري أشاد فيه بالدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية في مواجهة الارهاب ولترسيخ الامن والاستقرار الداخلي.

واكد بري لـ«الجمهورية» على تحصين الجيش والنأي به عن التجاذبات السياسية، رافضاً في الوقت نفسه «ان يقع الفراغ في المؤسسة العسكرية ولَو لدقيقة، فهذه المؤسسة تشكّل صمّام الامان للبلد، وممنوع المَسّ بها وتعريضها للاهتزاز لأيّ سبب كان».

إتصالات سياسية

سياسياً، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» إنّ موعد 5 ايلول الذي حَدّده بري ليتَسلّم من القوى السياسية أسماء ممثليها للجنة إنشاء مجلس الشيوخ قد لا يشكل الاولوية المُلحّة، أمام الاولوية الجديدة ـ القديمة بإنتاج قانون انتخابي جديد.

ولفتت الى انّ بري يقود هذه الاتصالات، «على قاعدة انّ انتخاب رئيس الجمهورية وحده ليس هو الحل، بل هو جزء منه. كما يقودها من خلفية وَضع حدّ للمراوحة السلبية التي تقود: إمّا الى المؤتمر التأسيسي وامّا الى الحرب، ومن باب لَفت انتباه القوى السياسية ايضاً الى دخول البلد في سباق محموم مع الوقت، والمُتبقّي من الزمن لم يعد طويلاً، اذ انّ مهلة الوصول الى ايجابيات لا تتعدى تشرين الثاني المقبل، واستمرار السلبية على حالها من المراوحة سيقود حتماً الى الفراغ الخطير».

وأوضحت المصادر انّ اتصالات بري ستشمل مختلف القوى السياسية، وأشارت الى انه قد حَدّد سقفاً زمنياً لحركته هذه بدءاً من الآن وحتى الخامس من ايلول، لعله يتمكن خلالها من إحداث ما سمّاه ثغرة في الجدار الانتخابي، قد يتمّ النفاذ منها الى الاتفاق على صيغة انتخابية جديدة، تنقل الوضع من القانون الانتخابي الحالي بصِفته «أبو المشكلات» كلها التي يعانيها البلد، الى القانون الانتخابي الجدي بصفته «أبو الحلول».

النفط

وفي الشأن النفطي، علمت «الجمهورية» انّ هذا الملف قد وضع مجدداً على نار حامية، وينتظر خلال الايام القليلة المقبلة ان تبدأ المقاربة الحكومية الجدية له، عبر إحالة الامر الى اللجنة الوزارية المعنية بملف النفط، تمهيداً لإحالته الى مجلس الوزراء وإقرار المراسيم التطبيقية المرتبطة به.

وامل بري في ان يَسلك هذا الملف طريقه بلا ايّ عوائق او عراقيل، خصوصاً ان لا شيء يوجِب وضع العراقيل او اضاعة مزيد من الوقت. وقال لـ«الجمهورية»: «أفترضُ انّ الامور جيدة، ولا ارى مبرراً لإعاقة بَت هذا الموضوع سريعاً واتخاذ الاجراءات الحكومية اللازمة في شأنه، ونحن مستعدون لمواكبة هذا الامر بما يتطلّبه».

وأوضح انه لا يرى عقدة داخلية فـ»الأمور ماشية حتى الآن»، مؤكداً انه ما زال على قلقه من الخارج (الاميركي والاسرائيلي)، لكنه على رغم ذلك شَدّد على وجوب «ان نحفظ حقّنا ونؤكّده، وهذا يوجِب طَرح كل البلوكات النفطية للاستثمار بما فيها أولاً بلوكات الجنوب، وليقم لبنان بما عليه في هذا المجال، من دون النظر الى ايّ تحفظات او عراقيل يمكن ان تطرأ من الخارج».

مبادرة مصرية

ومع ازدياد تعقيدات الملف الرئاسي، أعلن السفير المصري محمد بدر الدين زايد، بعد زيارته وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل انّ وزير خارجية بلاده سامح شكري سيزور بيروت الثلثاء المقبل، وانّ الزيارة تأتي في توقيت مهم للغاية إقليمياً ولبنانياً، وستؤكد على معاني عدة وتوجهات محددة أهمها ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي وتأكيد العلاقات الخاصة التي تربط مصر بكلّ مكونات لبنان».

واوضح رداً على سؤال هل تحمل الزيارة ايّ مبادرة جديدة للبنان؟ «انها ستحمل أفكاراً جديدة في ما يتعلق بطريقة التفاعل مع الشأن اللبناني، وستكون بداية أو تحريكاً للموقف إن شاء لله».

واكد «انّ لبنان هو في حاجة اليوم الى رئيس أكثر من ايّ مرحلة سابقة، والمشهد الاقليمي اثبت انه لا يمكن الانتظار أكثر من هذا الوقت، وبالتالي نحن سنبدأ هذه العملية ونأمل في أن تُسفر عن النتيجة المطلوبة».

لا مبادرة

في الموازاة، استبعدت مصادر سياسية وحزبية وضعت في أجواء التحضيرات لزيارة شكري للبنان، أن تكون هناك مبادرة مصرية محددة العناوين، وقالت انّ «كل ما تبلّغَت به هو انّ رئيس الديبلوماسية المصرية يرغب في أن تكون بيروت محطّة في إطار جولة يقوم بها على عواصم دول الجوار السوري للوقوف على رأي المسؤولين اللبنانيين في مجمل التطورات المحلية والإقليمية والدولية».

وكشف قيادي مسيحي بارز لـ«الجمهورية» انه استقبل السفير المصري قبل فترة، في إطار التحضير لهذه الزيارة، وأبلغ اليه رغبته بعقد سلسلة من اللقاءات مع الأقطاب اللبنانيين الى جانب القيادات الرسمية وربما أضاف اليها لقاءات مع مرجعيات روحية، بهدف شرح المواقف المصرية من الوضع في لبنان والمنطقة.

ونقل عن السفير المصري قوله انّ بلاده «تضع كل قدراتها السياسية والديبلوماسية بتصرّف اللبنانيين، وإذا كان هناك من مبادرة يمكن القيام بها للتوفيق بينهم، فهي على استعداد لهذه الخطوة ايّاً كانت الكلفة.

فمصر حريصة على أمن لبنان، وهي تتابع عن كثب مجريات التطورات، وتسعى الى الحفاظ على الحد الأدنى من الأمن والاستقرار فيه، ولم توفّر جهداً إلّا وبَذلته لتطويق ايّ حادث يمكن ان يؤدي الى فتنة مذهبية على خلفية ما يجري في سوريا والعراق واليمن.

سفير مصري جديد

على صعيد آخر، علمت «الجمهورية» انّ السفير المصري يستعد لمغادرة لبنان نهاية الشهر الجاري على ان يَتسلّم السفير الجديد مهمّاته في الأول من ايلول. واختير لهذه المهمة السفير محمد بخاري الذي أمضى سنوات من خدمته الديبلوماسية في بيروت ويعرف كثيراً في تفاصيل الأزمة اللبنانية ويتابعها عن كثب منذ اختياره للمهمة في المستقبل.